بسم اهلل الرمحن الرحيم والصالة
والسالم ىلع رسول اهلل
بمناسبة صدور العدد األول من
»الفاتح« جملة هيئة ابلحوث اتلابعة
ملعهد الشيخ احلاج مالك يس لدلراسات
اإلسالمية وابلحوث العلمية، نود وبكل
اعزتاز أن نقرر غري مبالغني وال جماورين
حلدود املوضوعية بأنه انطالقا من األحباث
والوثائق العلمية، واألرشيفات الوطنية
واألجنبية، فضال عما ورد يف كتابات
العلماء، ودواوين الشعراء واألدباء، جاء
وصف مدينة »تواوون« بالعلم وانلور،
والطيور امليامني، واجلامعة اإلسالمية
العربية الشعبية اليت تعج بكرثة علمائها،
وطلبة العلم، وتروج أنواع املعارف
رحابها؛ كما جاء الوصف بعاصمة الطريقة
اتلجانية، متداوال يف لغة الصحافة
واإلعالم، ألنها اكنت تمتاز بتدريس
العلوم وتلقني األوراد معا. وأخريا وليس
آخرا ، شاعت ىلع األلسن » تواوون » خري
القرى واملدائن .
ّنها اتلاريخ
هذه أيها القراء األعزاء دو
يف روائع سجالته ، ونواصع صفحاته ، من
أجماد هذه املدينة، حمددة بذلك معالم هوية
املدرسة اتلواوونية؛ واليت ظلت وال تزال
األجيال املتعاقبة تنهض بها منذ ما يقرب
من قرن وعقدين من الزمن ؛ ابتداء من
عهد املؤسس املبارك، وتالمذته ومقدميه
املتفوقني يف لك فن وفضل، ومرورا بالفرتة
اذلهبية، اليت توىل اخلالفة فيها تبااع أبناؤه
اخللفاء الربرة الكبار، وهم: الشيخ اخلليفة
أبوبكر يس، 1885م 1957م والشيخ حممد
املنصور يس، 1900م 1957م والشيخ احلاج
عبد العزيز يس، 1904م 1997م رضوان
اهلل تعاىل عليهم أمجعني. وتنضاف إىل هذا
جهود رموز العلم واألدب والفقه والربانية
اذلين خترجوا يف هذه املدرسة ومن بينهم
األسباط واألحفاد فامتد فضلهم وتسلسل
عطاؤهم العليم والرتبوي والرويح
واألخاليق، من أقىص ابلالد إىل أدناها،
بل وإىل ادلول املجاورة؛ اغمبيا، وساحل
العاج، والغابون ىلع سبيل املثال ال احلرص .
تلك يه أيها القراء األماجد بصفة
أعم، وأحباب الزاوية املالكية اتلجانية
بصفة أخص، مناقب حضارة، بناها آباء
ورجال سلف، والبد أن نستبقيها شاخمة،
تتحدى الزمن وذلك أضعف اإليمان هلذا
ِف .
َ
ل
َ
اجليل ، إذا أراد أن يكتسب سمة اخل
ً منا ىلع أال تطوى هذه
وحرصا
الصفحات املرشقة يط النسيان واإلهمال،
أو تنفرط بأيدينا سلسلة هذه احللقات
اذلهبية ، وأداء ملا جيب حنو تراثنا من ابلحث
واتلحقيق ، والنرش واتلقديم ، يأيت ضمن
أعمال هيئة ابلحوث اليت يرشف عليها
معهد الشيخ احلاج مالك يس لدلراسات
اإلسالمية وابلحوث العلمية إصدار
هذه املجلة العلمية اهلادفة إىل اتلعريف
ً بسري
باملدرسة املالكية اتلجانية ، احتفاء
ً إلنتاجها
علمائها العاملني ، واستقراء
ً ملنهجها يف الرتبية واتلعليم
الفكري وإبرازا
وادلعوة واإلصالح ، متوخني بذلك تقديم
الكنوز اليت ظلت ولفرتة دفينة، إىل
اجليل املعارص ىلع الوجه األعم وإىل اجليل
الصاعد بالوجه األخص ؛ يتعرف ىلع تراثه
ً رائعة من
اثلمني اذلي حيمل يف طياته صورا
احللول األمثل للك مشالك احلياة وأزماتها
املستعصية .
هذا وقد سعينا جاهدين أن تكون
املقاالت املنشورة ، مزتودة ، بل ومتشبعة
َّها
ُها ، عل
بروح األصالة واملعارصة أقالم
ان احلرضة
َّ ِ
بهذه املواصفات تقوم بدور حس
املالكية أحسن قيام ، تلمثل عالوة ىلع
ً ، يربط ماضينا األصيل الغين
ً ذلك جرسا
بادلروس والعرب ، بالواقع املعاش ربطا
ً ملستقبل مرشق باتلقدم
،ً بناء
حمكما
العليم والفكري ، املحفوف باالستقرار
والرفاهية واالزدهار .
وىلع اهلل قصد السبيل ، فنسأهل
اتلوفيق واتليسري ، وآخر دعوانا أن احلمد
هلل رب العاملني .
الشيخ عبد العزيز يس األمني
انلاطق الرسيم باسم األرسة اتلجانية
املالكية
مجلة علمية دينية
يصدرها معهد الشيخ الحاج مالك سي للدراسات
اإلسالمية والبحوث العلمية بتواوون .
السنة األولى ـ العدد 01
المشرف العام :
الشيخ عبد العزيز سي األمني
نائب المشرف العام :
الشيخ أبوبكر سي عبد العزيز الدباغ
رئيس التحرير :
خليفة لو
مدير التحرير :
مصطفى سي املدير
سكرتير التحرير :
عبد العزيز باه
هيئة التحرير :
الدكتور بشير انغوم ـ الحاج مالك فال ـ عبد
العزيز صار ـ امبي درامي ـ عبد العزيز كيبي ـ
شيخ تجان فال ـ أستاذ بامر انجاي ـ بابا مختار
كيبي -السيد أحمد سي عبد العزيز سي – الحاج
مالك محمد المنصور سي – محمد الحبيب سي
سرين عبد – السيد مور نيانغ
المخرج الفني:
أبو سيراندو
776543837
المراسالت:
TIVAOUANE 8 : P . B
339552020(+221)/ 339552655(+221) :TEL
775767594(+221)
املقر الرئيسي:
معهد الشيخ احلاج مالك يس لدلراسات
اإلسالمية وابلحوث العلمية، يح »بام« شمال
املدرسة اثلانوية احلكومية يف تواوون.
1
بسم اهلل الرمحن الرحيم
احلمد هلل رافع درجات العلماء القائل
يف حمكم تزنيله : يرفع اهلل اذلين آمنوا
))) .
منكم واذلين أوتوا العلم درجات«
ً : »هل يستوي اذلين
والقائل أيضا
))) .
ّ يعلمون واذلين ال يعلمون«
ّ ِ األيم
ِ
والصالة والسالم ىلع انليب
َّها واذلي قال اهلل
َّة لك
َّم البرشي
اذلي عل
ّه: وإن تطيعوه تهتدوا انلور : 54 .
ِ يف حق
وآهل وأصحابه وخلفائه اذلين آووه وآزروه
واتبعوا انلور اذلي أنزل معه وأوئلك هم
املفلحون .
وريض اهلل عن إمام املقربني وتاج
العارفني موالنا وشيخنا احلاج مالك يس
وآهل وخلفائه ومقدميه ووسائله وعن
اكفة أويلاء اهلل الكرام رضوان اهلل عليهم
أمجعني .
أصبحت احلاجة ماسة يف الكتابة عن
حياة وأعمال علمائنا األجالء وزعمائنا
األعزاء اذلين بفضل جهادهم املستمر،
وكفاحهم املستميت ، انزاحت احلجب
ّدة يف األجواء ، وحصحص
ِ
والغيوم املتلب
َّضح أن احلق مهما كرث الصخب
احلق وات
وعلت الضوضاء يف اآلفاق فإنه سيعلو .
يقول اهلل سبحانه وتعاىل : »إن األرض
هلل يورثها من يشاء من عباده والعاقبة
))) .
للمتقني«
وهذا انلرص املبني اذلي مازال يلوح
يف اآلفاق يرجع إىل مواقف وقفها رجال
1)المجادلة11:
2)الزمر9:
3)الأعراف: 128
عظماء وعلماء أجالء ما زال اتلاريخ
ّل أسمائهم بمداد
ِ القديم واحلديث يسج
من اذلهب يف أنصع صفحاته. فكيف
ال؟ وهم بما قدموا من جالئل األعمال
الصاحلة ومن تضحيات يف مجيع املجاالت
ُ يشء ويصغر أمام همتهم
ّ
يهون أمامهم لك
اخلادلة، وعزيمتهم
املضاءة لكما
سوى اهلل
سبحانه
وتعاىل.
و قد يما
قيل: إن حياة
الرجال العظماء تقاس وتوزن بقد ر
تزودهم وتسلحهم بسالح اإليمان باهلل،
ومدى استعدادهم للتضحية والفداء
وخوض املعارك واحلروب، ومواجهة
الصعاب واملحن تلحقيق احلق، وإقامة
َّة،
العدل، ونرش السالم ، وحمو اجلهل واألمي
وإزاحة اجلور واملنكر والرزيلة، وإعطاء
احلياة معناها احلقييق حىت يستتب األمن
واالستقرار والطمأنينة والسكينة يف
القلوب وانلفوس واألرواح .
نعم: إن أمثال هؤالء الرجال هم أعمدة
ابلناء احلضاري والرصح العمراين اذلي
مازال اإلنسان يتلمس الطريقة إلقامته يف
لك عرص من العصور ويف لك مرحلة من
مراحل تاريخ احلياة اإلنسانية ىلع سطح
هذا الكوكب األريض .
يقول اهلل سبحانه وتعاىل: »من
املؤمنني رجال صدقوا ما اعهدوا اهلل عليه
فمنهم من قىض حنبه ومنهم من ينتظر وما
.
)))
َّ لوا تبديال«
بد
والواقع يفرض علينا رسد سرية
هؤالء الرجال اذلاتية ملا تتضمن من
عرب ودروس لألجيال احلارضة
والصاعدة اليت تعيش أمام
موجات من األفاكر
واآلراء املتناقضة مع
جذور تارخيها وتراثها
اإلسالميني.
هذا ومن خالل
رسد حياتهم يتعلم
اجليل املسلم
ويعرف كيف
يعيش ويتعامل
مع احلمالت
َّة
والروافد الفكري
اهلادفة إىل القضاء
ىلع روح اإلسالم يف
نفوس أبناء املسلمني.
فحىت الرسول
سيدنا حممد األسوة
احلسنة واملثل األىلع
ّ والكمال
ّ ِ الرويح
ِ
يف السمو
ّ اكن اهلل يأمره باالقتداء
ِ
اإلنساين
بمن سبقه من األنبياء واملرسلني عليهم
الصالة والسالم كما اكن اهلل يقص عليه
قصصهم يلصرب كما صربوا يقول اهلل
سبحانه وتعاىل: »فاصرب كما صرب أولوا
))) األحقاف : .35 وقال
العزم من الرسل«
ًّ نقص عليك من أنباء الرسل
ً : »وكال
أيضا
ما نثبت به فؤادك وجاءك يف هذه احلق
.
)))
وموعظة وذكرى للمؤمنني«
وىلع هذا فإنه يسعدين اغية السعادة
أن أبدي تأثري ابلالغ وأنا أقرأ بنهم
وشغف الرسالة اليت استلمتها من إدارة
معهد الشيخ احلاج مالك يس لدلراسات
4)الأحزاب23:
5)الأحقاف: 35
6)هود120:(
2
ّفت
اإلسالمية وابلحوث العلمية واليت لكِ
فيها بكتابة مقال حتت عنوان : ملحة
عن حياة وأعمال الشيخ احلاج مالك يس
املصلح املجدد.
وأول ما انطبع يف قليب بعد قراءة
الرسالة هو ختصيص اثلناء وادلاعء اخلالص
أليخ وحبييب الشيخ املحرتم السيد عبد
ّ باسم
ِ
العزيز يس األمني انلاطق الرسيم
اخلليفة العام للطريقة اتلجانية الشيخ
املحرتم السيد الشيخ أمحد اتلجاين يس
حفظهما اهلل وراعهما واكفة إخوتهما
الكرام ملا يقومون به من جهود جبارة
لرتسيخ داعئم املدارس القرآنية وراكئز
املعاهد اإلسالمية يف ربوع هذه ابلالد .
فجزاهم اهلل عن اإلسالم والوطن
جزاء موفورا حبق : »واذلين جاهدوا فينا
))).
نلهدينهم سبلنا وإن اهلل ملع املحسنني«
وحبق قوهل سبحانه : »إنا ال نضيع أجر من
))) .
«
ً
أحسن عمال
وليس من باب الصدقة أن يكون
ّ
ٍ
موضوع حبيث ومقايل حول حياة اعلم صويف
ُ يف قليب ماكنة عظيمة
ّ
ّد حيتل
ً ِ ومصلح جمد
ً ورشفا
ألنين قد سميت به فاكن ذلك نورا
يل ، وألنين بعد تتبع مشوار حياته العلمية
َّة وأسلوبه الفريد يف
وادلينية وسريته اذلاتي
مواكبة احلياة اخلاصة والعامة عرفت أنين
أمام رجل عظيم وداعية كبري أفىن عمره
الغايل يف اتلفكري املثمر واإلنتاج العليم
،ً وأمام
ً وإرشادا
ً ووعظا
ً وشعرا
املستمر نرثا
ً يف جمال
َّاال
ً فع
مصلح جمدد أسهم إسهاما
ادلعوة إىل اهلل بالعلم واتلعليم والزتكية
واتلهذيب ، ونرش رسالة اإلسالم اخلادلة
إىل اكفة أحناء املعمورة .
من هو الشيخ الحاج مالك سي رضي
اهلل عنه؟
إنه ابلدر اذلي ازدانت بوالدته قرية
»اكيه« ابلعيدة عن مدينة » دااكنا » ببضعة
األميال بمنطقة » والو » .
ودل سنة 1854 م من أب اعلم ورع
زاهد وهو الشيخ عثمان يس ومن وادلة
اعبدة ورعة فانية يف حب العلم وأهله
ّ ول .
ويه السيدة فاطمة ود
وترىب وترعرع يف جو مشبع بالفضل
والصالح وتفتحت براعمه يف ظالل دوحة
علمية باسقة ، فجال يف خمتلف أحناء
َّة فدرس
ابلالد إلشباع رغباته العلمي
1)العنكبوت69:(
2)الكهف: 30(
وتفقه وتضلع يف كثري من فنون العلم
واملعرفة وأجزي من طرف شيوخه حني
أنسوا فيه انلبوغ واتلفوق واذلاكء .
َّ واعتمر ورجع
ويف اعم 1889 م حج
إىل بالده بعد أن اجتمع بكثري من العلماء
اذلين ناقشوه يف شىت ميادين العلم فعلموا
أنه ابن جبدتها وفارس حلبتها .وانتصب
للتدريس واتلكوين واتلأيلف واتلوعية
ودعوة انلاس إىل اهلل وإرشادهم إىل لك ما
فيه سعادتهم ادلنيوية واألخروية .
َّة
ولقد اكن منهجه يف ذلك لكه الوسطي
واالعتدال واالتزان ضمن مقاصد الرشيعة
وأهدافها العامة القائمة ىلع ادلعوة
باحلكمة واملوعظة احلسنة ومرااعة
َّة
الظروف واملالبسات اليت تتم فيها عملي
ادلعوة .
ً منه أنه من ورثة
نعم: فهو إدرااك
الرسول اذلين رشفهم اهلل بنور العلم
واملعرفة فهم أن رساتله يف هذه احلياة يه
َّة اإلنسان والعمل
الرتكزي ىلع حتقيق إنساني
َّة
ىلع إبراز القيم املثىل والصور الروحي
الفضىل اليت بها تتحقق احلياة الفاضلة
السعيدة ىلع سطح هذا الكوكب األريض
ً عل
وإال انقلبت احلقائق واملوازين رأسا
عقب .
نعم: لقد عظم ارتيايح وأنا أمام
َّها يف حتصيل العلم
َّس حياته لك
رجل كر
َّة ألنه الحظ
َّة واالجتماعي
َّة ادليني
واتلوعي
َّة
أن أخطر داء ينخر كيان األمة اإلسالمي
َّاتها هو داء
ويمزق أوصاهلا ويضعف معنوي
َّة .
اجلهل واألمي
َّم يف بالد
إذا ما اجلهل خي
رأيت أسودها مسخت قرودا
واكن لزاما ىلع العلماء واألعالم
العاملني يف جمال ادلعوة واإلرشاد أن
يركزوا جهودهم ىلع حماربة هذا ادلاء
َّاك واستئصاهل وذلك بإرشاد داعئم
الفت
الرتبية الرصينة للفرد ، وإرهاف مشاعره
َّة
وأحاسيسه وصقل مواهبه الفكري
َّة، وحتفزي ضمريه اإلنساين وتفعيل
والعقلي
َّة حىت
َّة والكسبي
َّة الوهبي
طاقاته الروحي
يكون فردا قادرا ىلع اتلفاعل الالزم مع
َّة و العطاءات
معطيات احلياة احلضاري
َّة من أجل
َّة واتلطلعات اإلنساني
ّ الكوني
ٍ
إقامة بناء ورصح حضاري مناسب وجو
ّ
َّ ِ ة إىل لك
فكري موات تلبليغ الرسالة اإلهلي
أحناء املعمورة .
وهذا ما ملسناه فعال يف كتابات هذا
املصلح املجدد اذلي هل باع طويل يف جمال
توعية العقول اتلائهة احلائرة وجتديد رسوم
َّة وتزكية انلفوس
ادلين ومعامله احلضاري
الغافلة عن ذكر موالها إىل نفوس زكية
َّة .
َّة مرضي
راضي
ولعل هذه األبيات اليت جادت بها
قرحية ابنه ومريده الشيخ احلاج حممد
ّد ما أرشت
ّه ما يؤكِ
ِ اهلادي توري يف حق
َّة اذلي
إيله من عظمة هذا العالم ادلاعي
ٌقطار وابلدلان .
شاع صيته يف األ
أتيت وادلين يشكو وهو مغرتب
إهانة و صدودات وعدوانا
فقمت جمتهدا يف ذاك منفردا
باهلل مستنجدا هلل موالنا
َّ علم اكن مندرسا
مدرسا لك
بني املدارس بيضانا وسودانا
فاكن يرى أن خطورة الوضع وتأزمه
وانتشار العادات السيئة، وتغلب الشهوات
َّة،
وقساوة القلوب ، وضعف احلياة الروحي
تفرض عليه أن ينفذ حياته إىل قلوب
َّة يلغرس فيها شجرة اإليمان
أبناء األم
َّ الدلود
َّ العدو
َّ فإن
يانعة ومثمرة ، وإال
واقف باملرصاد .
َّة قائال :
ومن هنا أعلن رصخته املدوي
أال يا بين هذا الزمان دعوتكم
إلحياء دين بالعلوم أجيبوا
دعوتكم هلل ال غري مطليب
فعون هلإ العاملني حسيب
ونستنتج من هذا أن داعئم مدرسته
ودعوته إىل اهلل قائمة ىلع اتلعليم وحتصيل
النشء، فاكن يدرس ويدرس ويعظ ويوجه
ّيها إىل
ّ األرواح وانلفوس ويرقِ
ويرشد ويريِّبِ
مقامات اتلحقق ، واتلخلق خبصال احلبيب
املصطىف حممد.
َّ معالم ادلين يف هذا
واكن يرى أن
ّ املسلم تكاد تكون
ِ
القطر اإلفرييق
ّم نلا
ِ مندرسة ومنطمسة فقام يلقد
إصالحات هادفة إىل إحياء هذه املعالم
وجتديدها وإصالحها .
واكن مفهوم اتلجديد عنده هو جتديد
حال املسلمني، وإيقاظ هممهم، ولكنه
لم يكن يف وقت من األوقات من داعة
ّ يشء
أو اإلتيان برشع جديد أو طمس اهلوية ِ اتلجديد اذلين يريدون هدم لك
َّة للفرد املسلم باسم اتلجديد.
اذلاتي
واتلجديد كما عرب عنه ادلكتور
3
الشيخ يوسف القرضاوي مبدأ مرشوع يف
ُ ادلين، ويف ذلك يقول : ))اتلجديد احلقييق
ّ
ّ يشء، يف
املاديات واملعنويات يف ادلنيا وادلين حىت ِ مرشوع بل مطلوب يف لك
وإن اإليمان يلحتاج إىل جتديد ، وادلين
حيتاج إىل جتديد(( .
ويف احلديث اذلي رواه عبد اهلل بن
َّ اإليمان يلخلق يف
عمرو مرفواع: ))إن
جوف أحدكم كما خيلق اثلوب اخللق
َّ فاسألوا اهلل أن جيدد اإليمان يف قلوبكم((.
ويف حديث آخر عن أيب هريرة : )) إن
ّ مئة سنة
َّ ِ ة ىلع رأس لك
اهلل يبعث هلذه األم
ّد هلا دينها (( رواه أبو داود يف سننه
ِ من جيد
واحلاكم يف مستدركه .
َّة
َّة العقدي
واكن يرى أن أحوال األم
َّة تتدهور من يوم
َّة واالجتماعي
ّ واإليماني
ِ إىل يوم نظرا لالبتعاد عن جوهر ادلين ولب
الرشيعة السمحة .
فاخلرافات واألباطيل واألوهام
اكنت سائدة، واآليات القرآنية تقرأ قراءة
َّة تسلخها عن سياقها
َّة انتقائي
سطحي
ّ ورؤيتها الشاملة تلغطية لك
ِ
احلقييق
ّ .
ِ
حراكت الوجود اإلنساين
َّة اذلي
َّه لم يكن ادلاعي
وبما أن
َّة أو
َّ ٍ ة اإلسالمي
يتخاذل عن أحوال األم
ينطوي ىلع نفسه أو يزنوي يف ركنه ،
ّا
َّما الحظ انتهااك حلرمات ادلين أي
اكن لك
َّ وأرسع يف اتلنديد بذلك
اكن مصدره إال
َّال إسهاما
إما بيده أو لسانه أو قلمه السي
ّ وإاعدة
ِ
ّ واثلقايف
ِ
منه يف حتقيق الويع ادليين
بناء األفاكر والعقليات العامة ، وإيقاف
ّ اذلي
ّ ِ واملد االستعماري
ِ الزحف اتلنصريي
اكن خييم ىلع ابلالد .
لقد استفاد من جتارب من سبقوه
من أعالم هذه ابلالد وعرف أن جناحه
يف تبليغ رسالة اإلسالم اخلادلة مرتبط
َّة
َّ االرتباط بتقدير الظروف اتلارخيي
لك
واملالبسات اليت تمر بها ابلالد آنذاك من
ّ والركون إىل هذه
ِ
حيث الضعف اإليماين
الفانية ، وانتشار عبادة الطاغوت فرأى
أن جهاده جيب أن ينصب ىلع حترير انلاس
ّ الزاحف
ِ
ّ واملعريف
ِ من هذا الغزو احلضاري
وإيقافه قبل فوات األوان .
ولقد فطن أن انلجاح يف هذا امليدان
َّة بقدر
الوعر ال يكون باملواجهة ادلموي
َّة وتزويد انلاس بسالح
ما يكون باتلوعي
اإليمان باهلل املتوطد يف أعماق انلفس
َّة .
َّة اذلاتي
وحتقيق اهلوي
وهكذا فتح مدارسه املنترشة يف طول
ابلالد وعرضها يلؤم إيلها انلاس من لك
حدب وصوب فأصبحت حصونا وقالاع
وزوايا يوفد إيلها انلاي أبنائهم للتعلم
والزتيك واتلدرب ىلع الصرب واثلبات وطاعة
اهلل واالستقامة واالبتعاد عن أماكن
اللهو واللعب والفسوق والعصيان.
َّة
َّة ودعوي
ولقد قام حبملة تعليمي
ً ىلع
ً وقادرة
َّن بها أجياال واعية
َّفة كو
مكث
مواجهة مجيع اتلحديات اليت اكنت سائدة
آنذاك، ولم يكن يف يوم من األيام يملك
َّة غري إيمانه ومصحفه
سالحا وال بندقي
وسبحته ومكتبته العلمية الزاخرة
بمختلف املراجع واملصادر اليت اكن
يقتنيها من اتلجار املغاربة أو يستوردها
َّة .
من ابلدلان اإلسالمي
ُها القراء الكرام عشاق
ّ
وتعالوا أي
ُق حالوة هذه
ّ
َّاد املعرفة إىل تذو
العلم ورو
القصيدة اليت صور نلا فيها الشيخ صورة
واضحة لألوضاع احلرجة اليت اكن انلاس
يعيشونها :
أال إن أبناء الزمان تسابقوا
إىل زينة ادلنيا ونيل عالء
لقينا زمانا ال يبالون صفوة
َّ طوال بناء
وما همهم إال
زمان طموح العني دون قناعة
َّ احتياز ثراء
وما دينهم إال
َّة حرفة
وقد جعلوا روم اهلدي
تهادوا بها رس عظيم غناء
ومزيان داع للهدى رفع همة
عن اخللق يك جيين مجيل ثناء
وما اكن عيبا صار حسنا توافقا
َّ بالء
لقد جلبوا لدلين لك
ترى مسلما يف بيع مخر حمله
وبائع دين يف اختالط نساء
ورافعة صوتا وأصوات حليها
حرام سماع مثل شمس ضحاء
وآكل أموال ايلتاىم وتاراك
لوادله يف فتنة وعناء
وتارك أوقات خلدمة شيخه
كعابد أصنام بغري مراء
ّنا
ِ
هل الشيخ أىلع رتبة نلبي
فجاهد صالة اخلوف غري خفاء
كىف زاجرا يلقون غيا وواعظا
تلأخري أوقات وترك أداء
وضامن جنات من املكر آمنا
وخرسان ذي أمن شديد جالء
ومن يديع مهدية الغرتاره
ومحق وجهل حابلا لشقاء
وما لك سودا تمرة عند ذوقها
ٌّ بيضا شحمة بإخاء
وال لك
أال لك ذا قلب احلقائق فاعلموا
ىلع مفتدى اهلادي لزوم إساء
أال نبهوا األتباع يك ال تؤاخذوا
بما أحدثوا يف ادلين دون سواء
ىلع لك متبوع داللة تابع
ملا هو أجدى ال جللب عطاء
فتعليمهم فرض ولو بإجارة
وإال عليك اإلثم يوم لقاء
تفقهنا فسق بدون تصوف
ولك سائر اتلتميم دون مراء
وذي نبذة من أضعف اخللق خربة
يروم من اإلخوان حسن داعء
وقال أيضا :
حبر الرياسة أخا اجلهل عميق
الغرق الغرق يا ويح الغريق
كن خائفا إمامة األوراد
مع العمائم بال رشاد
تظن أن نيلك اتلقديما
أو العمامة كىف اتلقديما
فلو علمت ما حدود الشيخ لم
تفرح به قبل خلو قد ألم
يا جاهل األمور فاتلخيل
مقدم حق من اتلحيل
تطلب لك يوم الكرامة
ألم ترم من قبلها استقامة
َّما تضمن استدراجا
ورب
كرامة ال ختطئ املنهاجا
من ذلك استجابة ادلاعء
كراهة الصوت بال خفاء
إن اجلداول بها اجنـــدال
َّ ال
وتلعن باإلخالص يا جد
وفعل مأمور وترك ما نىه
فذلك األرسار صاح انتبه
وما يقال إنها األنوار مع
ترك صالة فعل شيطان وقع
ومن داع احلال واكن اغفال
عن اتلاكيلف يكون جاهال
نعوذ باهلل من اجلهاهل
ّ ساعه
ِ
وما يؤديها بكل
إىل أن قال :
ا
َ
ر
ْ
م
َ
وهم يظنون بأن األ
َّ ينال باجلهل وقيت الرشا
تعلموا ثم اعملوا هلل=
4
ََا واهلل
ُرَب
ذاك طريق الك
ال ترضبن حبديد بارد
إياك إياك من اتلحاقد
وقال أيضا :
ّ ومجليت
ِ أال يا رسول اهلل يِّلك
فإين يف هذا الزمان غريب
أاعين حرارات الفؤاد تلنطيق
وقد زاد من ضيق الزمان هليب
ولوال تمين املوت من فيك منعه
تمنيته إين إيله أتوب
زمان أناس يف إماتة سنة
تمالوا وبث العلم فيه عيوب
داعوى يه العلم املؤكد عندهم
ومنتسب للغري فهو لعوب
تفاضل طرق واجلدال حديثهم
كما قال زروق جزاه جميب
زمان بكى من قبله كرباؤنا
ّ حنيب
جنيد كذا اجلييل فحق
وقد فرقوا دين انليب شفيعنا
كأن لم جيئ نيه ذلاك عجيب
وقد جعلوا العلم املكرم حاجبا
فقلت عن اجلهل القبيح حجيب
وكم باطن يوم القيامة باطل
إذا لم يوافق ما أتاه حبيب
فإين رأيت ابليض والسود لكهم
تداعوا لرتك العلم ذاك خميب
وبالرجوع إىل تأيلفه القيم )كفاية
الراغبني فيما يهدي إىل حرضة رب
العاملني(، جنده يقول :
قلت : ومن أعظم املصيبة يف هذا
الزمان ظهور املتشيخيني اذلين لم يبلغوا
درجة العوام فإنه ىلع الشيخ كما يف روح
األرواح أن ينبه املريد ىلع أن تعظيم لك
املشائخ املحققني واجب واحرتام املسلمني
فرض، وأن من حقر طريقة غريه فقد حقر
َّه ذلك إىل الكفر وهو ال
َّما جر
اإلسالم ورب
يشعر فإنه يستحل الغيبة واحلقد وتفريق
املؤمنني ، فنعوذ باهلل من الغرور وال حول
وال قوة إال باهلل العيل العظيم .
وإذا تقرر يف الفقه أنه حيدث للناس
أقضية حسب ما أحدثوا من الفجور
فأقول:
إن الواجب ىلع مسلم ترك لك شيخ
يؤدي إىل احلقد واحلسد والكرب أو إىل
اتلفريق بني املؤمنني ويرجع إىل احلق
ويتبع الرشع ، وحيب لك مسلم ويكره
ّ م لك طريقة وافقت الرشع
لك اكفر ، ويعظ
، وحيرض جمالس العلم وإن منعه شيخه
لغلبة اجلهل .
ويف رشح )تائية السلوك( لسيدنا
الرشنويب: فاعلم أنه ال يصلح لإلرشاد إال
من اكن ىلع علم يهدي به العباد .
فإذا مرض مريده بسبب شبهة داواه أو
حتري يف مسألة من مسائل الفقه أفتاه من
قناعة تورثه الغىن عن انلاس .
إذا لم يكن يف الشيخ مخس فوائد
وإال فدجال يقود إىل اجلهل
بصري بأحاكم الرشيعة اعرف
ويبحث يف حبر احلقيقة عن أصل
ّاد بالبرش والقرى
يبادر للور
وخيضع للمسكني يف القول والفعل
ّ فهذا هو الشيخ املعظم قدره
جدير بتميزي احلرام من احلل
وقال يلع اخلواص: ))ال يكون الرجل
معدودا عندنا من أهل الطريقة حىت
ّلها
يكون اعملا بالرشيعة املطهرة جمم
ومفصلها ، وناسخها ومنسوخها وخاصها
واعمها ومن جهل حكما واحدا منها سقط
من درجة الرجال (( .
واكن سيد هذه الطائفة )اجلنيد( يقول:
ال يستحق الرجل أن يكون شيخا
حىت يأخذ حظا من لك علم رشيع، وأن
يتورع عن مجيع املحارم ، وأن يزهد
يف ادلنيا وأال يرشع يف مداواة غريه إال
بعد فراغه ملداواة نفسه وأن يكون
ىلع القدم املحمدي، واملريدون ىلع قدم
السلف الصالح وما ذلك ىلع اهلل بعزيز .
ثم قال: وإياك ومتابعة من لم يكن ىلع
هذه األوصاف فإنه من جنود الشيطان ،
واعترب أقواهل وأفعاهل وأحواهل وزنها بمزيان
الرشع والطريقة ، فإن رأيت شيخا خمالفا
ّه فإن اكن صاحب حال وردته، فما
هلما فرد
ّه حبكم الرشع وال تتخذه
عليك من رد
شيخا وال مرشدا .
فقلت :فانظر إىل ما صار إيله األمر
ايلوم فإنا هلل وإنا إيله راجعون .
ويف روح األرواح أيضا ما نصه :
))فعىل من ابتيل باملشيخة انلظر يف أحوال
نفسه ، فإن علم من نفسه االتصاف
بالعلم والعمل كما بينا داع من أحبه من
املسلمني ونصح هل ، وإن لم يكن اعملا وال
اعمال وجب عليه حتصيل العلم والعمل
، وترك املشيخة ليسلم من وباهلا يوم
القيامة فإن الفاسق واجلاهل بعيدان من
اهلل فكيف يقربان غريهما إيله (( .
أيها القراء األعزاء :
يمكننا أن نلخص من هذه انلصوص
أن موالنا الشيخ احلاج مالك يس اكن
يرى أن أي جتديد أو إصالح ال يتم إال يف
إطار الرجوع إىل جوهر الرشيعة اإلسالمية
السمحة واالبتعاد عن املمارسات اليت تمأل
الساحة اإلسالمية باسم اتلصوف والفناء .
ولقد سئل العارف باهلل الشيخ حممد
احلافظ اتلجاين هل ختالف احلقيقة
الرشيعة؟ فأجاب: ))من اعتقد أن
احلقيقة تتناىف مع الرشيعة فهو اكفر ال
يعرف اإلسالم ، ألنه اعتقد أن ما جاء به
انليب وعلمه انلاس هو غري ما يف احلقيقة
الواقعة عند اهلل عز وجل ، وليس هناك
كفر أقبح من ذلك ، ومن عبد اهلل وهذه
بدايته فبداية سريه كفر فلن يزداد إال
كفرا (( أاعذنا اهلل من ذلك .
ويف حتفة السالكني للسيد حممد
السمنودي : وال يمكن الوقوف ىلع أرسار
احلقيقة إال إثبات األعمال املبينة ببيان
صاحب الرشع ، فإن لك طريقة ختالف
الرشيعة باطلة ولك حقيقة ال يشهد عليها
الكتاب والسنة فيه إحلاد وزندقة .
ويواصل قائال :
))ثم اعلموا ال خيب اهلل رجائنا
ورجاءكم ، وقهر نلا أعداءنا وأعداءكم
أن من األمراض اليت ال طبيب هلا األلك
بادلين اذلي عمت به ابللوى (( .
قال سيدنا األخرضي اعطفا ىلع املحرمات:
)) واأللك بالشفاعة أو بادلين(( .
قال الشارح عند ذلك املحل يف عمدة
ابليان: قوهل: ))بادلين(( كمن أظهر يف
نفسه اتلصوف فيعطي املال ألجل ذلك
ويسمح هل يف رشائه وتشرتي منه السلعة
ألجل الربكة، وهو فيما أظهر من نفسه ىلع
غري استقامة، وما أخذه ىلع ذلك الوجه من
املال فهو حرام (( .
قال سيدنا اجلنيد: ))تعرفون باهلل
وتكرمون به كيف أنتم مع اهلل إذا خلوتم
به ؟ (( .
وقال اإلمام الغزايل رمحه اهلل : ))آللكها
بادلف واملزامري أهون يلع من أكلها بطريق
اآلخرة (( .أي بادلين .
ويواصل احلديث قائال :
ومما عمت به ابللوى أيضا يف هذا
5
استجابة نلداء القرآن ادلايع إىل حمبة
انليب وطاعته وامتثال أمره واتلأيس به ،
فقد اعتىن العلماء املسلمون منذ زمن
بعيد حبياة انليب ، وأولوها اهتماما بالغا
، ومن هنا نشأ ما يسىم بفن )) السرية
انلبوية((.
لقد ظل هذا الفن متطورا عرب
القرون ومنسجما مع األهداف اليت اكن
يريم أصحابها إىل حتقيقها. فمن هؤالء
العلماء من اهتموا حتديدا بناحية واحدة
من نوايح حياته؛ فألفوا يف مودله. ومنهم
من تناولوا الويح أو ادلعوة أو اهلجرة؛ بينما
عين آخرون بغزواته وشمائله وغريها من
فضائله ومزاياه .
ويذكر منهم ىلع سبيل املثال: الربزنيج
) ت /1766 1179( مؤلف الكتاب املشهور؛
قصة املودل انلبوي . واملناوي )ت /1627
1031( مؤلف الكتاب الشهري بعنوان:
مودل املناوي . وانلبهاين ) ت /1920 1344
( مؤلف األنوار املحمدية من املواهب
الدلنية. وابن املهيب الوزير األندليس
صاحب ديوان يف مدح انليب . وابن كثري
)ت 1372 / 713 ( مؤلف شمائل انليب .
وابن عبد الرب )ت /1070 463 ( اذلي
ألف يف الغزوات . والشيخ احلاج مالك يس
)/1922 1853( مؤلف ري الظمآن يف مودل
سيد بين عدنان .
وعالوة ىلع ذلك قام بعض العلماء يف
وقت مبكر وىلع مر القرون بأحباث طويلة
وعميقة تناولت سرية الرسول بكل
جوانبها انطالقا من مودله إىل وفاته ؛ بل
حىت أبعد من ذلك . ومن هؤالء أبوبكر
حممد إسحاق )ت /151 867 ( رائد كتاب
السرية . وحممد بن عمر الواقدي )ت822 /
207( مؤلف اتلاريخ الكبري . والقسطالين
)ت /1517 932( مؤلف كتاب املواهب
الدلنية . والقايض عياض )/1149 544(
مؤلف كتاب الشفا بتعريف حقوق
املصطىف . وزين ادلين العرايق مؤلف
كتاب ألفية العرايق . وكثرية من الكتب
اليت تناولت السرية انلبوية؛ واحلاج مالك
يس ىلع وجه اتلحديد اذلي أشار يف مقدمة
كتابه الشهري ))خالص اذلهب يف سرية
خري العرب(( إىل أنه استىق خصوصا
لوضع اهلوامش املادة العلمية من بعض
هذه اآلثار العلمية القيمة املستوعبة للك
حياة انليب .
وتلقديم املساهمة يف إحياء السنة
واتلعريف بالرسول غرسا ملحبته يف
القلوب ويف األرواح واألذهان ، وحب
صحابته الكرام ، اذلين وقفوا جبانبه وقفة
رجل واحد منذ السااعت األوىل العويصة
من ظهور اإلسالم طبق الشيخ احلاج مالك
يس كعادته منهجه ادلقيق يف ابلحث
الزمان الرشوة اليت سموها ايلوم هدية ويه
ايلوم كما سيأيت رشوة .
إىل أن قال : )) فلك ما أىت من األخ
ألخيه ىلع وجه اهلدية واملواصلة هلل من
غري طمع وال استرشاف نفس فضال عن
ً إىل
ً وطريقة
السؤال فهو ال بأس به رشيعة
آخر كالمه (( فلرياجع .
وأسأل اهلل أن جيعلنا من املتشبثني
بأذياهل الكريمة وأن ينفعنا بعلومه دنيا
وأخرى إنه ويل ذلك والقادر عليه وهو ىلع
ما يشاء قدير وباإلجابة جدير نعم املوىل
ونعم انلصري .
وأختم هذه انلبذة باتلربك بهذه
األبيات اليت قيلت يف مديح أصحاب
رسول اهلل راجيا من اهلل العيل القدير أن
ينفعنا حببهم وحبب سميي وشييخ الشيخ
احلاج مالك يس عليه رضا العزيز املالك .
إن هلل رجاال عظما
ّدوا ادلين ونالوا الكرما
أي
شيدوا أراكنه حىت سمت
وعلت فوق السماء عظما
بذلوا أنفسهم يف نرصه
ا
َ
ِعم
ْ
ّا من
ورضوا باهلل رب
جاهدوا يف اهلل حق جهاده
ّما
ورضوا اإلسالم دينا قي
وعلت يف اهلل أنفسهم ىلع
بيعة املختار حازوا نعما
هللف احلمد والشكر وهل الفضل واملنة ىلع
ما أسدى من انلعم الظاهرة وابلاطنة وصىل
ّم ىلع موالنا رسول اهلل سيدنا
اهلل وسل
وموالنا حممد وآهل وصحبه وخلفائه وسلم
تسليما كثريا دائما أبدا إىل يوم ادلين.
وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني.
بقلم
الشيخ احلاج مالك يس بن الشيخ احلاج
عبد العزيز يس ادلباغ بمدينة تواوون
املحروسة
6
فتوسع يف مجيع املصادر والوثائق ، وقام
باتلحليل وانلقد قصد جتاوز اخلالفات
املذهبية ، والوصول إىل احلقائق اتلارخيية.
وهذا ما يتجىل بوضوح ملن يقرأ بتأن
وتمعن ألفيته موضوع املقالة اليت سماها
) خالص اذلهب يف سرية خري العرب ( .
فيه بذلك خالصة للسري الكربى وثروة
وثائقية بوأت هذا الكتاب ماكنا اعيلا من
بني كتب السرية املعروفة.
ونظرا ملا تتمزي به هذه األلفية فقد
ارتفعت بمؤلفها العالمة إىل مستوى
أعالم السرية ، اذلين كتبوا يف حياة وآثار
خاتم انلبيني وإمام املرسلني .
ونظرا إلملامه املتمزي بمناهج اتلدريس
واتلأيلف ، احرتز الشيخ عند كتابة هذه
السرية انلبوية الشاملة من اتلوسع بعمق يف
معاجلة لك املسائل، فجاءت بعض الفصول
يف عرشة أبيات أو أقل ، وبعضها يف أكرث
من مائة بيت ، ىلع أنه حريص يف دراسته
ىلع عدم إغفال أي مستند تارييخ موثوق
به . إنه يؤرخ الوقائع ويعد األعداد لتسهيل
معرفتها واإلحاطة بها مع االستعانة بالفهم
العددية األجبدية املعروفة حبساب اجلمل.
وبفضل ما أويت العالمة من املعرفة
الواسعة بعلم العروض ، وتمكنه من ناصية
اللغة العربية ، استطاع اتلغلب ىلع كثري
من الصعوبات اليت يالقيها دارس السرية
عند مطالعة الكتب املؤلفة يف هذا الفن.
ومن هنا استخدم برباعة قيم احلروف
األجبدية لضبط اتلاريخ والعد واحلساب
دون اإلخالل بالقواعد العروضية ، بل
إن جلوء احلاج مالك يس إىل هذا انلظام
العددي أضىف ىلع منظومته مجاال ورونقا
وبهاء أثرت يف املجتمع السنغايل ، وذاع
صيتها فيه حيث يندر وجود أفراد ال
حيفظون بعضا من أبياتها عن ظهر قلب
ويتغنون بها بنغمات تأخذ بمجامع
القلوب .
واكن انلاس يف السنغال قبل دخول
الشيخ احلاج مالك يس يف حلبة سباق
اتلجديد ادليين حيتفلون بذكرى مودل انليب
يف شلك جمالس ، واكنت العادة يه تنظيم
حفالت للرتنم بأناشيد دينية ، واتلغين
باملدائح انلبوية ، دون اللجوء إىل توضيح
معانيها ، ورشح ألفاظها باللغة املحلية.
وهذه املدائح اكنت تستىق من الكتب
املؤلفة يف هذا الصدد مثل ))الربدة((
للبوصريي و))الوسائل املتقبلة(( للوزير
األندليس الكبري ابن املهيب و)) جمموعة
القصائد(( ؛ فجاء العالمة احلاج مالك
بتحرير ألفيته خالصة يف السرية انلبوية ،
تقع يف ألف وثمانية ومخسني بيتا مقسمة
ىلع ثالثني فصال ، واكن البد للعالمة
من أن يستعمل لغة وشكال مناسبني .
وهذا ما حتقق باستعماهل الشعر . علما
بأنه ليس هناك أسلوب يف تعليم العلوم
العربية اإلسالمية أفضل من املنظومة
الشعرية اليت استعملها مؤلفون مسلمون
أسهموا ىلع نطاق واسع ومتمزي يف نرش
اللغة العربية والفنون اإلسالمية. ويذكر
منهم السيويط وألفيته يف علم مصطلح
احلديث، والعرايق يف السرية، وابن مالك يف
ْ السنغايل الغاميب يف انلحو .
َ
ّ انلحو ، ويلع يَف
إال أن ألفية الشيخ احلاج مالك يس تنطوي
ىلع مزية أخرى؛ تتمثل يف إيراد لكمات
وعبارات ذات مغزى ينرشها املؤلف يف
ثنايا منظومته عند انتهاء األبيات، لغرض
وعظ القارئ وإرشاده إىل الطريق القويم
الواجب سلوكه يف اتلخلق بأخالق انليب
الكريمة اكلعدالة والصدق واتلواضع
وغريها من ماكرم األخالق اكحلرص ىلع
طلب العلم ، واجلد يف ابلحث العليم ،
واالحرتام للرأي اآلخر.
إن املاكنة املرموقة اليت حيتلها انليب
وتعايلمه يف حياة مؤسس جامعة اجنارد
) /1901 1895( قد دفعته إىل إحياء ذكرى
مودل انليب ألول مرة يف مزرعة انغامبو
جل بمنطقة والو وذلك اعم )1891( ىلع
الرغم من كونه آنذاك حتت رقابة املستعمر
املشددة إحياء رمزيا اكن يقوم به مع
مريده أحد أقدم أتباعه ، وهو الشيخ احلاج
روحان انغوم )/1857 1854( يف جملس
يمكثان فيه وقتا طويال لقراءة القرآن
الكريم وختمه يلال .
وحينما خفت وطأة اإلجراءات
اإلدارية الرقابية ىلع الشيخ احلاج مالك
واستقر به املقام يف مدينة تواوون ، رشع
يف تنظيم جمالس تمتد إلحدى عرشة يللة
عند مستهل شهر ربيع األول ، استعدادا
الستقبال يللة املودل انلبوي ، حيث تقرأ
فيها قراءة مجاعية بعد صالة العشاء فصال
من الفصول العرشة املكونة لقصيدة
الربدة الشهرية اليت ألفها رشف ادلين
حممد ابلوصريي )1296 / 696( ويف الليلة
العارشة يتم االحتفال بالليلة املودلية .
ولكون كبار أتباعه ملكفني بنقل
الرسالة اإلسالمية اليت اكن يقوم بنرشها
الشيخ طيلة حياته ، فإن العلماء اذلين
كونهم واذلين تلقوا منه هذه الرسالة قد
قاموا هم أيضا بهذه اهلمة ، لك يف إطار
القطر اذلي عينه فيه بعد اكتمال تكوينه
يف “اجنارد” أو ” تواوون ” . واكنوا عالوة ىلع
مهامهم ادلينية ينرشون السرية انلبوية
ويدرسونها اعتمادا ىلع ” خالص اذلهب “
وبذا أصبح الكتاب حيتل ماكنة الصدارة يف
هذه احلفالت اليت حيمل مهمته خلفاؤه إىل
يومنا هذا .
وهذه اثلقافة انلابعة من حب انليب
عرب خالص اذلهب واتلمسك بتعايلمه
ما فتئت منذ أكرث من ستني اعما تتيح
الفرصة يف نهاية لك أسبوع يف عدد من
مدن السنغال ويف مدينة داكر ىلع وجه
اخلصوص تلنظيم االحتفال بذكرى
املودل انلبوي الرشيف يلال داخل رسادق
منصوبة هلذا الغرض ، ومضاءة ىلع امتداد
شوارع املدن السنغايلة .
وهناك كثري من العلماء من أتباع
الشيخ احلاج مالك يس و غريهم ختصصوا
يف رشح وتفسري ” خالص اذلهب ” باللغات
املحلية وبروح العرص بفضل ما أوتوا من
ابلالغة يف تثقيف انلاس بالسرية انلبوية
وحتبيبها إيلهم برباعة وامتياز . وخنص
منهم باذلكر بعض أتباعه أمثال : احلاج
أمحد سيس من قرية بري واحلاج أمحد واد
من قرية امبور واحلاج إبراهيم ساخو من
قرية انغابرو الخ .
ولك ما ذكرنا يعطي ديلال ىلع أن
“خالص اذلهب يف سرية خري العرب ” قد
دخل ابليوت واملجالس العلمية اتلقليدية
وانلظامية، واألاكديمية، وأصبح جزء
ال يتجزأ من اتلقايلد والعادات ادلينية
السنغايلة منذ ما يناهز قرنا من الزمن .
تلك يه اللمحات اليت حاونلا بها
تسليط الضوء ىلع ” خالص اذلهب يف سرية
خري العرب ” وما من شك يف قصور هذه
اللمحة عن الوفاء بما تضمنته املنظومة
من دالالت وانعاكسات ىلع املستوى ادليين
والعليم واثلقايف واالجتمايع .
فجزى اهلل عن مؤلفه الشيخ العالمة
احلاج مالك يس خري ما جيزى به املحسنني
إنه عليم قدير ، وباإلجابة جدير ، وهو نعم
املوىل ونعم انلصري.
بقـلم الـدكـتور / روحان امبـي
7
َّ ىلع املؤمنني إذ
احلمد هلل اذلي من
بعث فيهم رسوال من أنفسهم يتلو عليهم
آياته ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب واحلكمة،
وإن اكنوا من قبل ليف ضالل مبني .
وأزىك صلوات ريب ، وأصىف سالمه،
وأنىم براكته ىلع مظهر لطفه وعني
َّة ماكرم األخالق
رمحته، املرتبع ىلع قم
وذروة حماسنها ، سيدنا وموالنا حممد وآهل
وصحبه اذلين يؤثرون ىلع أنفسهم ولو اكن
بهم خصاصة ، ومن اهتدى بهديهم إىل يوم
َّ قدره ومقداره العظيم .
ادلين حق
ً اتلصوف يف جوهره
إن اتلصوف يف حقيقته وجوهره بعيدا
عن اختالف ابلاحثني يف اشتقاقات لكمته
قيم وأخالق، يمثل اإلحسان يف أىلع صوره،
وأبهج مظهره، وحقيقته، حسب تعاريفه
عند القوم، اليت تربو ألفني ، ولكها تنتيه
ًّه إىل
إىل األخالق والقيم ، ولكها صدق وتوج
اهلل تعاىل .
الصدق الفلسيف: هو مطابقة اخلرب
للواقع . بينما الصدق عند الصوفية: هو
مطابقة الظاهر للباطن ؛ مطابقة اللسان
للقلب. أال يكون هناك تناقض بني
املؤمن وإيمانه وال بني اإلنسان ومواقفه،
ولكما ازداد اتلوافق بني اإلنسان ومبادئه
اإليمانية ازداد صدقا. وذللك يقول الرسول
“وال يزال العبد صادقا ويتحرى الصدق
حىت يكتب عند اهلل صديقا ” وأال
يكون بني عقيدة املؤمن وسلوكه فجوة .
ومما روي عن ابن مسعود عن انليب قال :
“عليكم بالصدق فإنه يقرب إىل الرب والرب
يقرب إىل اجلنة وإن العبد يلصدق فيكتب
عند اهلل صديقا ، وإياكم والكذب فإن
الكذب يقرب إىل الفجور والفجور يقرب
إىل انلار وإن الرجل يلكذب حىت يكتب
عند اهلل كذابا ” .
وذللك يقول الشيخ احلاج عمر الفويت
” إن أول قدم للمريدين يف هذه الطريقة
ينبيغ أن يكون ىلع الصدق ، والصدق
عماد األمر وبه تمامه وبه نظامه ويه تايل
درجة انلبوة؛ قال تعاىل: »فأوئلك مع اذلين
.
)))
أنعم اهلل عليهم من انلبيني والصديقني«
والصدق استواء الرس والعالنية.
1)النساء: 69(
َق يف قوهل وأفعاهل،
والصادق من صد
والصديق من صدق يف مجيع أقواهل وأفعاهل
وأحواهل ، وذللك من أراد معية اهلل تعاىل
فليالزم الصدق .
ومعىن الصدق أول يشء يضع املريد
قدمه عليه : أن الصدق أول خطوة خيطوها
املريد يف سريه إىل اهلل . وأنه هو األرض
الصلبة اليت يتمكن بها املريد للوصول
إىل اهلل تعاىل وإىل ذلك يشري الشيخ احلاج
مالك يس بقوهل :
ُريد
والصدق فهو زينة الم
َريد
أاعذنا اهلل من الم
الصدق مع اهلل تعاىل ، والصدق مع
انلفس ، والصدق مع اآلخرين من أسىم
القيم الروحية واألخالقية واالجتماعية .
واتلوجه إىل اهلل تعاىل يتضمن فرار
العبد إىل احلق سبحانه وتعاىل ، والزهد
عما يف أيدي اخلالئق ، والرضا بما قسم اهلل
وقىض وقدر ، واالكتفاء به واالتلجاء إيله
، واتلولك عليه ، لقوة يقينه بأن ما عند
اهلل خري وأبىق ، وأنه لطيف رحيم رؤوف
بعباده ، وهذا من أهم وسائل حتصيل
ُ
سالمة القلب وصحته اليت بها انلجاة
والسعادة األبدية .
وأسىم القيم اليت تستطيع البرشية
َها تتمثل ىلع عنارص ثالثة :
معرفت
أوال : اتلوجه اليلك إىل اهلل سبحانه
وتعاىل .
ثانيا : الصدق املتمثل يف تطابق هذا
اتلوجه مع ما أمر اهلل به والكيفية اليت أمر
بها والصدق اذلي رسمه هلذا اتلوجه.
ثاثلا : احنصار هذا اتلوجه يف حتصيل
مرضاة اهلل تعاىل . ولرضوان من اهلل أكرب.
يقول الشيخ احلاج مالك يس:
صدق اتلوجه يف إرضاء خالقنا
ِن
َ
َع
َّ ذو ر
معىن اتلصوف الما ظن
إرضاء اخلالق باالعتقاد اجلازم
الصايف، إرضاءه بأداء العبادات ىلع الوجه
اذلي يتحقق فيه اإلخالص املفهوم من
قوهل تعاىل: »وما أمروا إال يلعبدوا اهلل
خملصني هل ادلين حنفاء ويقيموا الصالة
.
)))
ويؤتوا الزاكة وذلك دين القيمة«
اتلصوف هو اإلحسان
2)البينة5:(
واإلحسان هو القسم اثلالث من أقسام
ادلين اإلساليم اثلاليث ىلع ضوء حديث
جربيل ، أو احلوار اتلعلييم اللطيف اذلي
دار بينه وبني الرسول الكريم.
فاإلسالم وهو اجلزء األول منه عبارة
عن أعمال األعضاء الظاهرة: انلطق
بالشهادتني ، والصالة ، والزاكة ، واحلج .
واجلانب اثلاين هو اإليمان هو أعمال
األعضاء ابلاطنة: القلب، والعقل ، والفؤاد،
واللب؛ ويه القواعد اإليمانية اليت تمثل
االعتقاد اجلازم باهلل ومالئكته وكتبه
ورسله وايلوم اآلخر والقدر رشه وخريه .
واإلحسان وهو ثالث األقسام وآخرها:
أن تعبد اهلل كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه
فإنه يراك. فهذا القسم حيتوي ىلع أجزاء :
أوهلا : معىن اسم اجلاللة وما حتته من
الصفات العليا واألسماء احلسىن .
ثانيها: العبد ، والعبادة والعبودية .
ثاثلها: العالقة بني العبد وربه .
رابعها: شمويلة العبادة جلميع توجهات
العبد وربه .
خامسها : مراقبة العبد ملواله يف هذه
العبودية الشاملة ، والعبادة اجلامعة.
سادسها : انقسام املراقبة إىل مستويني:
أ( مستوى املشاهدة جلالل اهلل،
واملعاينة جلماهل ، واملاكشفة لكماهل .
ب( مستوى اتلفكر يف جالهل، واتلأمل
يف مجاهل ، واتلدبر يف كماهل، لكمال ايلقني
بأن احلق سبحانه يراه يف لك حلظة من
حلظات وجوده ، ويف لك حركة من حراكته
))) .
»ألم يعلم بأن اهلل يرى«
ال تغيب عنه اغئبة ، وال ختىف عليه
خافية؛ »يعلم خائنة األعني وما ختيف
.
)))
الصدور«
»وما تكون يف شأن وما تتلو منه
من قرآن وال تعملون من عمل إال كنا
عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب
عن ربك من مثقال ذرة يف األرض وال يف
السماء وال أصغر من ذلك وال أكرب إال يف
))) .
كتاب مبني«
والقسم األول من أقسام ادلين
3)العلق14:(
4)غافر19:(
5)يونس: 61(
8
اإلساليم اثلالثة توىل بيان أحاكمه،
وتفاصيل مسائله فقهاء األمة الكرام وهو
املعرب عنه بعلم الرشيعة أو علم الفقه .
والقسم اثلاين توىل بيان أصوهل وفروعه
ومباحثه علماء اتلوحيد، واملتلكمون، وهو
املعرب عنه بعلم العقيدة.
أما القسم اثلالث فقد توىل بيان
ينابيعه ومشاربه العلماء العارفون
املحققون، فيعربون عنه بالسلوك
تارة، وبالزهد والرقائق ، أو األخالق،
وتارة أخرى باسم جامع يصطلح عليه
باتلصوف. وهو مصطلح خاص ، وال
مشاحة يف االصطالح. وهو يمثل مزنلة
اإلحسان اذلي ال تتم عبادة ، وال تكون
هلا ثمرات وال عظمة شأن إال به .
وال تصح عقيدة وال تنتج إال إذا
وصلت إىل املستوى اإلحساين . وإال
تكون العبادة حراكت جمردة ، والعقيدة
ً ٍ وتصورات .
ً وأقواال
أفاكرا
فالصالة املتأسسة ىلع اإلحسان تعود
،
ً
ً وعالجا
ثمراتها ىلع قلب املصيل دواء
ً »إن الصالة تنىه عن
ً وهداية
وتقويما
.
)))
الفحشاء واملنكر«
والصالة اخلايلة من هذه املزنلة ختلو
من لك اثلمرات ، ويبىق قلب املصيل
1)العنكبوت45:(
مصابا بأمراض وعلل : األمراض القلبية
والروحية واألمراض األخالقية وانلفسية
واالجتماعية : »فويل للمصلني * اذلين هم
عن صالتهم ساهون * اذلين هم يراؤون*
))). فيصاب
ويمنعون املاعون املاعون«
املصيل بأعقد األمراض الروحية والقلبية
وهو: الرياء )الرشك األصغر( ، وتتودل منه
سلسلة من األمراض والعلل تفقد القلب
سالمته. فيصاب بأمراض اجتماعية
أخالقية نفسية معقدة تتمثل يف مرض
األنانية اليت ال يتجادل اثنان يف خطورتها
االجتماعية. وكذلك مجيع أراكن اإلسالم
ُها من اإلحسان ال تتأىت منه
إذا خال أداء
ثمرات وال نتائج طيبة بل تكون فارغة
خاوية . تكون حراكت اعدية، تقليدية ،
تلقائية، أوتوماتيكية اكلرشيط املسجل .
ماكنة علم اتلصوف بني العلوم
صحيح للك العلوم اإلسالمية هيبتها
وماكنتها يف القلوب ، إال أن للك منها جماهل
واختصاصه :فعلم انلحو يعصم اللسان
من اخلطأ يف اتلعبري . بينما علم املنطق
اعصم للعقل من اخلطأ يف اتلفكري . و علم
الفقه بليان قواعد العبادات ، واملعامالت ،
واألحوال الشخصية ، والعقوبات الرشعية،
وما رافق ذلك من األحاكم واملسائل. و علم
2)الماعون: 7-5(
اتلوحيد بليان القواعد العقدية، واألحوال
اإليمانية. يف حني أن علم اتلصوف للوقوف
ىلع أسباب سالمة القلب، والعوامل املؤدية
إىل صحته . وللوقوف ىلع أمراض القلوب
وعالجها ، ودسائس انلفوس وتزكيتها .
ولوضع قواعد السلوك ، وسبل الفرار إىل
اهلل سبحانه وتعاىل واملجاهدة فيه .
فهو العلم املختص بانلفوس والقلوب
واألرواح . فيبني ماكرم األخالق وحماسنها،
وكيفية حتصيلها.
فاتلصوف هو الظرف اآلمن تللك
القيم، والواعء الضامن تللك الشيم. ويه
ثمرات العبادات واملجاهدات ونتائج
املراقبات و املحاسبات .
ومن خالل املجاهدات واملراقبات
واملحاسبات يتخىل العبد السالك عن
األخالق املذمومة ويتحىل بالقيم املجيدة،
والشيم احلميدة ، فتصفو طويته، وتطيب
أخالقه ، وتقوى نسبته إىل ربه ، وتتحقق
عبوديته ، وحتسن عالقته بالعالم األمجع.
بقلم ادلكتور / حممد بشري انغوم
مدرس علوم اتلفسري والسنة واألحوال
الشخصية
لكية ادلعوة اإلسالمية فرع ” بري “
مجهورية السنغال
9
يف مساعيه املتواصلة خلدمة العلم
وطالبه يف مدينة تواوون وما جاورها،
أقدم -مشكورا- صاحب املشيخة
الشيخ عبد العزيز يس األمني، وبإذن من
اخلليفة العام، وتنسيق تام مع أشقائه من
األرسة املالكية ىلع اتلربع بمكتبة زاخرة
وكبرية، باملراجع اهلامة والقوائم انلادرة
بالكتب القيمة، يف مسىع منهم لزتويد
طلبة العلم وعشاق املعرفة وابلاحثني،
باملراجع والكتب الرضورية تلوسيع
معارفهم وتعميق دراساتهم األاكديمية،
وتقع هذه املكتبة يف املبىن الكبري الواقع
يف اجلهة ايلمىن من مسجد الشيخ اخلليفة
بتواوون، وتضم هذه املكتبة اجلديدة
باإلضافة إىل الكتب ادلينية واللغوية يف
شىت املجاالت واكفة الفنون، قاعة حديثة
مزودة بأجهزة حاسوبية وبأحدث األنظمة
التشغيلية وأفضل الربامج واملوسواعت
العلمية، من أجل تسهيل سبل احلصول
ىلع العلم واملعرفة للباحثني وطلبة
العلم، كما أن املكتبة جمهزة جتهزيا اكمال
باملعدات املكتبية الالزمة من كرايس
اجللوس وطاوالت القراءة ومكيفات
الرتويح جلعل املكوث واإلقامة يف هذه
املكتبة ملرتاديها راحة ومتعة، تضاف إىل
متعة الزتود باملعرفة والعلم يف هذا املنهل
ادلائم للمعرفة.
وقد أحلق باملكتبة قاعة للمحارضات
تلمكني املرشفني ىلع إدارتها ىلع تنظيم
مجلة من اللقاءات اثلقافية وانلدوات
الفكرية بشلك دائم ومستمر لطلبة العلم،
وللتذكري فهذه املكتبة العلمية اجلديدة
املفتوحة حديثا قطرة من حبر املشاريع
الكبرية اليت أقامها وال زال يقيمها فضيلة
الشيخ ختليدا وأسوة بالسلف الصالح من
أجداده وآبائه اذلين جعلوا من تواوون
منهال يتوافد إيله طلبة العلم وابلاحثون
عن املعرفة من لك بقاع السنغال، ومن
دول املنطقة املجاورة.
ومن باب رد اجلميل واالعرتاف
باأليادي ابليضاء، فال يساورنا شك بأن
الشيخ وضع يف أيدي الطلبة آداة هامة
سيستفيدون منها يف ترقية مستواهم
الفكري، وتنمية ثروتهم اثلقافية، وإغناء
رصيدهم املعريف.
فجزى اهلل الشيخ عبد العزيز يس
خريا كثريا عن لك حرف مقروء من كتب
هذه املكتبة، وجعل اهلل يف مزيان حسناته
لك علم نافع اسزتاده طالب علم من
اطالعه ىلع هذه الكتب املوفرة.
األستاذ : عبد العزيز باه
احلمد هلل رب العاملني وصىل اهلل
وسلم ىلع سيدنا حممد وىلع آهل وصحبه
أمجعني . وريض اهلل عن القطب املكتوم
السيد الشيخ أمحد اتلجاين وسائر خلفائه
ومقدميه إىل يوم ادلين .
إن اتلصوف ـ رغم تعدد آراء العلماء
واجتاهاتهم يف اشتقاق لفظه ـ علم يعرف
به كيفية تصفية ابلاطن من عيوب انلفس
ّ أمام السالك
وصفاتها اذلميمة اليت تسد
طريقة السري إىل اهلل ؛ اكحلقد واحلسد
والغش وطلب العلو وحب اثلناء والكرب
والرياء والغضب والطمع وابلخل وتعظيم
األغنياء واالستهانة بالفقراء وما ىلع
ذلك من الكدورات والرعونات انلفسية.
ذلك، ألن علم اتلصوف يطلع ىلع العيوب
وكيفية عالجها ، فيه يتوصل إىل ختلية
القلب من غري اهلل تعاىل وحتليته بإفراد
اهلل بالطاعة والقصد واإلخالص اذلي هو
روح العمل ، قال السيد بن عطاء اهلل :
)األعمال صور قائمة وأرواحها وجود
رس اإلخالص فيها(. وقال السيد احلاج
مالك يس تعريفا للتصوف :
صدق اتلوجه يف إرضاء خالقنا
حد اتلصوف الما قال ذو الرعن.
فاحلد عند علماء املنطق يدل ىلع
كنه اليشء وما صدقيته فيفهم من ذلك
أن اتلصوف هو صدق توجه اإلنسان إىل
إرضاء خالقه يف لك ما هو فيه من فعل أو
ترك .
ورد يف تاريخ العالمة بن خدلون أن
هذا العلم من العلوم الرشعية احلادثة يف
امللة وأصله أن طريقة هؤالء القوم لم تزل
عند سلف األمة وكبارها من الصحابة
واتلابعني ومن بعدهم طريق احلق واهلداية
، وأصلها العكوف ىلع العبادة واالنقطاع
إىل اهلل تعاىل واإلعراض عن زخرف ادلنيا
وزينتها …
واعتىن به ذوو ابلصائر اذلين
تأملوا كرسة باء البسملة اليت تشري
إىل أن املنكرس املتواضع أحق باتلقديم
فانكرسوا وتواضعوا هلل سبحانه وتعاىل
فرفعهم ووضعهم ىلع األمة إىل يوم القيامة
وهم القادة الربانيون واألئمة اهلادون
املنقذون من الضالل ادلالون ىلع منهج
اهلل القويم ورصاطه املستقيم ، هم نواب
الرسول القائمون عنه بكمال الراعية
وحسن السرية، املتخصصون بتحقيق
قدم املتابعة هل يف مقام ادلعوة إىل اهلل ىلع
بصرية .
نشأت مدارس تهذيب انلفس املعروفة
بالطرق الصوفية حلرص مؤسسيها
ىلع محاية الفطرة اإلنسانية واحلفاظ
باستمرارية نقاوتها األصيلة مبنية ىلع
أقوى أسس من الكتاب والسنة ، قال
اإلمام جنيد : الطريق إىل اهلل مسدود ىلع
خلقه إال ىلع املقتفني آثار رسول اهلل ،
ومن لم حيفظ القرآن وكتب احلديث لم
يقتد به يف هذا األمر ألن علمنا مقيد
بالكتاب والسنة .
فهذه الطرق لكها متجهة إىل هدف
موحد وهو حتقيق توثق اإلنسان وارتباطه
خبالقه العظيم وإزاحة ستار اهلوى والزناغت
الشيطانية الكثيف املانع من يقظة القلب
وانتباهه الستقبال نور اإليمان وايلقني،
واحلب الصادق واتلوحيد الصحيح هلل
سبحانه وتعاىل. هذا مع الوضع يف االعتبار
أنها ختتلف أحيانا يف بعض الرشوط
واملناهج الرتبوية األمر اذلي قد يصل إىل
إنكار بعضهم ابلعض ، بيد أن ذلك يرجع
10
إىل تباين األذواق واملشارب .
تعال ميع أيها القارئ الكريم نقف
وقفة تأمل أمام ابليان الوايف اذلي جادت
به قرحية السيد احلاج مالك يس توضيحا
هلذه املشلكة حيث قال :
واخللف يف الطرق ويف املذاهب
تباين األذواق واملـــشــــارب
ذلاك بعض األويلاء ينكر
بعضا وما عليه إثم يــؤثـــــر
إذ لك واــحد يفيض اهلل
عليــه ما لم يعط ســواه
إىل أن قال :
وحنن حمجوبون ال تليق إال سكوتنا
كذا اتلصديق.
قد اتضح عرب هذه األبيات أن
اختالفات مشايخ الطرق الصوفية ترجع
إىل ما ترجع إيله اختالفات أئمة املذاهب
الفقهية يف نتائج اجتهاداتهم ، نتيجة تغاير
الفيوضات واخلصائص العلمية اليت يمن
بها اهلل ىلع من يشاء من عباده . فعىل لك
من لم يصل إىل مستويات أوالئك األعالم
ولم يبلغ درجاتهم أن حيذر احلذر لكه من
اإلنكار أو توجيه انلقد إيلهم ، ألن من
ّه ال ينبيغ
أصيب بمرض عطل جهاز شم
أن يعيب العطر الفواح واملسك الزيك :
مىت تكون يا أيخ مزكوما
فال تعب مساك تكن سليما ،
وهم كزهر الروض للنظار
من حسن غضه بال إنكار .
قد شبه األويلاء الكرام وتنوع
توجيهاتهم يف الفكر واإلرشاد بربيع ممرع
ورياض غناء مغتصة بأشجـار ذات زهور
متنوعة األشاكل واأللوان يقف أمامها
انلاظرون يتعجب لك فرد بما يروق هل
من تلك املناظر ابلديعة ادلالة ىلع قدرة
مبدعها سبحانه وتعاىل.
اتلجانية:
طريقة ذات ماكنة اعيلة ورتبة سامية
يف اتلصوف اإلساليم ملزايا عديدة يعرس
حرصها يف مقال كهذا ولكن سنستعرض
منها بعض انلقاط لالستدالل واتلمثيل :
1 ـ امتياز أهلها باالنتماء احلقييق إىل
إمام حرضة األنبياء سيدنا حممد األمر
اذلي أدى إىل تسميتها بالطريقة املحمدية
واألمحدية كما تدىع أيضا بالطريقة
اإلبراهيمية واحلنيفية حليثيات يقف
عليها املسزتيد عندما يرجع إىل كتب
السادة واألعالم .
2 ـ صدق تمسك اكفة أئمتها
واعتصامهم بالقرآن والسنة وانبثاق مجيع
توجيهاتهم منهما حيث ال ينفك أخدهم
بشد انتباه أتباعه إىل املزيد من العناية
بالقرآن والصالة ىلع انليب .
هذا سيدنا الشيخ احلاج عمر يقول
يلع
ّ َّ
للتحدث بانلعمة: إن اهلل تعاىل من
بمعرفة اسمه األعظم الكبري إىل أن قال :
وأنه ال يطلع اهلل تعاىل عليه إال من اختصه
بالصحبة واصطفاه بالعناية األزيلة وأن
من عرفه وترك القرآن والصالة ىلع انليب
واستشغل به خياف عليه من اخلرسان دنيا
وأخرى .
وهكذا اكنوا وقد وصلوا إىل املنتىه
وأقىص الغايات تلقدير شأن القرآن
وتعظيم حرمته ، ولغرس حمبة انليب
وتعميقها يف قلوب املؤمنني وخاصة منهم
املتقيدين برشوطهم الرشعية الواضحة
الغنية عن الرشح وابليان. وهذا االهتمام
بهذين املصدرين للترشيع اإلساليم
يقتيض ويستتبع القيام باتلطبيق العليم
للك ما حيتويانه من األحاكم ، وذلك
هو اذلي قد وقع يف احلقيقة لقادة هذه
الطريقة وروادها .
إن الرتبية يف هذه الطريقة جارية
ىلع نهج السلف الصالح ، وهو عبارة عن
الشكر والفرح باملنعم سبحانه وتعاىل
والرياضة القلبية برصف انلظر عن
االلزتام باتلضييق ىلع انلفس وباتلقشف
واالستخشان يف املأكل وامللبس والكد
واتلعب من غري اتلفات إىل أحوال القلب
.فإصالح القلب وتطهري انلفس هو
املقصود بالرتبية ، وذلك يتحقق بإقامة
الورد املعلوم األمحدي الرس والرتكيب،
وكذلك سائر األذاكر الالزمة اكلوظيفة
واهليللة بعد عرص اجلمعة ثم آكد الرشوط
وأعظمها هو املحافظة ىلع الصلوات
اخلمس بآدابها ىلع حدودها املحدودة هلا
رشاع ، وأضف إىل ذلك عمارة األوقات
والسااعت قدر املستطاع بالصالة ىلع انليب
خصوصا بصالة الفاتح ملا أغلق ، والسري
فوق هذا املنهج هو سري القلوب ، ولكن
يمكن للمقدم املريب توجيه أحد مريديه
إذا دعت الرضورة إىل ذلك واقتضته قرائن
األحوال حنو اخللوة واملجاهدة انلفسية
والصمت واالعزتال مما دلت عليه السنة
املطهرة من سين اخلالل وأكدته توجيهات
السيد الشيخ أمحد اتلجاين خالل الرسالة
اليت وجهها إىل أحد فقهاء )زرهون (
فلرياجع ذلك يف حمله .
من املشاهد الغنية عن الربهان
أن الطريقة اتلجانية امتدت جذورها
الراسخة وفروعها الظليلة يف شىت أرجاء
ادلول تلمزيها بأكابر العلماء ومنتجاتهم
العلمية الغايلة حيث ال تكاد تزنل أيها
القارئ الكريم يف دولة فيها مسلمون إال
وتسمع أن هناك مقدما يزار ويستفاد منه
أو زاوية أقامها أبناء تلك ادلولة أنفسهم .
أخريا إن ماكنة الطريقة تضعف
املجدلات وتضيق عن وصفها ، فكيف
يربزها مقال بسيط كهذا ،وشكرا .
األستاذ اخلليفة لو
املدير امللكف بالعالقات اخلارجية يف
معهد الشيخ احلاج مالك يس رئيس
حترير املجلة.
11
LECTEURS CHER
ce pour français en textes les traduire pouvoir ne de excusons nous Nous
Mais ,disposons nous dont court temps du tenu compte ,numéro premier
.nécessaires traductions les toute faire de fois prochaine la veillerons nous
chef en Rédacteur Le
بسم اهلل
الرمحن الرحيم
والصالة والسالم
ىلع رسول اهلل
سيدنا حممد
وىلع آهل وصحبه
أمجعني و بعد :
إن اتلصوف
اإلساليم كمدرسة تطبيقية لروح الرشيعة
ُهمل أحد أبرز
اإلسالمية ومبادئها ال ي
سمات اإليمان باهلل ، وأحد أبرز مصادر
القوة دلى املؤمنني ثم يكون هل مصداقية
أو رؤية صحيحة يف دعوته إىل تطبيق
أصول ومبادئ ادلين اإلساليم احلنيف
تطبيقا عمليا حبافز اإليمان باهلل وحمبة
عباده يقول رسول اهلل: » مثل املؤمنني يف
توادهم وترامحهم كمثل جسد إذا اشتىك
منه عضو تدىع هل سائر األعضاء بالسهر
و احلىم « ، ويقول عز من قائل : إن اهلل
حيب اذلين يقاتلون يف سبيله صفا كأنهم
بنيان مرصوص الصف : 4 .
والواضعون للقواعد اللكية لعلم
اتلصوف ال يسعهم وهم العارفون باهلل
وأويلاءه واملتقيدون بكتابه وبسنة نبيه
الكريم ال يسعهم اخلروج عن القاعدة
اإلخوانية اليت تربط بني أفراد األمة
اإلسالمية مجعاء، بل إن اتلآيخ يف اهلل
أصبحت يف قاموس مفردات علم اتلصوف
، من اللكمات األكرث تداوال يف ألسنة أهله
حيث يرى شيخ الطريقة أن املريدين
إخوة هل، ويرى بعضهم أخا يف اهلل بلعض ،
ويتنادون بينهم باسم أيخ يف اهلل . واألمر
يتجاوز هذا احلد يلصل إىل حد أبعد منه،
حيث يعترب الصويف أن الصويف أخوه،
سواء ينتيم إىل طريقته أو إىل غريها من
الطرق . ذلا ترى الطرق الصوفية تلتيق يف
ندوات اعملية مرة يف املغرب، ومرة يف يلبيا
، وأخرى يف تركيا أو يف بدل آخر للتعارف
فيما بينها واتلقريب بني وجهات نظراتها ،
ودفااع عن مبادئها :
أخاك أخاك إن من ال أخا هل
كساع إىل اهليجا بغري سالح
وإنك تلجدها بني اجلمعيات
اإلسالمية وحىت مع أصحاب امللل األخرى
تشارك مشاركة فعالة وتبىل بالء حسنا،
تسدي وتلحم إن جاز اتلعبري، تعطي
وتأخذ ، تطرح وحتلل إيمانا باألخوة
اإلسالمية العامة اليت تذوب فيها نفسها
ذوبان امللح يف املاء علما بأن املسلم أخو
املسلم ال يظلمه وال يسلمه …
إذا اكنت الطرق الصوفية هكذا مع
غريها يف املحبة واالندماج وحسن اجلوار
واتلعايش السليم اذلي هو من ممزيات هذه
الطائفة الفاضلة، فال تسأل كيف ستكون
مع نفسها؟ أتصادقها وتتعاطف معها؟ أم
تعاديها وتناهضها؟ ويه األقرب إىل بعضها
وجتمعها قواسم مشرتكة عديدة وليس
بينها اختالف جوهري سوى اتلعددية
املوجودة فيها. كما يه موجودة أيضا يف
املنظمات و اجلمعيات و املذاهب الفكرية
اإلسالمية فإنها وإن تعددت الوسائل
فالغاية واحدة ويه املعرفة باهلل.
فاتلآيخ بني الطرق الصوفية ليس
جمرد نظرية تلىق أو فضيلة تذكر أو
نصيحة تقال لكنه فوق لك هذا واقع
يعيشه أهل اتلصوف.
فمن انلاحية انلظرية والفكرية، جند
صاحب الطريقة اتلجانية موالنا الشيخ
ّ عدم املقاطعة بني املريد وبني مجيع
يعد
اخللق والسيما بينه وبني إخوانه يف
الطريقة رشطا من رشوط اتلعلق بطريقته
، وينصحهم ىلع سبيل املثال ال احلرص
ىلع احرتام لك أويلاء اهلل وعدم انليل من
أعراضهم وتعظيم لك املشايخ واحرتام
أورادهم كما جند الشيخ احلاج مالك يس
وهو من أكابر اخللفاء يف الطريقة اتلجانية
12
يشجب ىلع ما اكن عليه بعض العوام من
انلاس يف اتلفاضل بني طرق املشايخ قائال :
تفاضل الطرق واجلدال حديثهم
كما قال زروق جزاه جميب
ثم أخذ يوجههم ويرشدهم إىل احلقيقة
املجمع عليه ويقول :
فالطرق لكها إىل الرمحان
موصلة مسلكة ياجاين
وكما جند شيخا آخر وهو مؤسس
الطريقة املريدية الشيخ أمحد بمب ينوه
بهذه احلقيقة ويربزها قائال :
فلك ورد يورد املريدا
حلرضة اهلل ولن حييدا
سواء انتىم إىل اجليالين
أو انتىم ألمحد اتلجاين
أو لسواهما من األقطاب
إذ لكهم قطعا ىلع الصواب
وربما تقف ىلع كتاب حيمل عنوانا
بهذا السياق مثل كتاب: “حتذير اإلخوان
من اختاذ طرق السادة اخللصان وسيلة
للتفرقة بني املسلمني يف ابلدلان” ملوالن
الشيخ احلاج عبد العزيز يس ادلباغ لو
اطلعت عليه لوجدت ما يهدي احلريان
ويسيق الظمآن وهكذا جند كتابات املشايخ
الكرام زاخرة باألخالقيات اإلسالمية
وانلصائح اإلنسانية .
أما من انلاحية الواقعية فتحدث وال
حرج ، فقد رضبوا املثل األىلع يف تطبيق
مبدأ اتلآيخ بينهم تطبيقا عمليا يف صور
وأشاكل خمتلفة : حينا يتبادلون اهلدايا
وحينا يتبادلون الزيارات وأحيانا أخرى
ينتيه بهم اتلآيخ إىل قمته ويه املصاهرة؛
لقد زوج الشيخ احلاج مالك إحدى
ُ يس بشيخ من مشايخ
ْت
س
َ
بناته السيدة أ
الطريقة القادرية يف مدينة سانت لويس،
وكذلك الشيخ اخلليفة أبوبكر يس
َ ويه بنت
ْت
ن
ُ
تزوج بامرأة تسىم مريم ك
ألحد الشيوخ يف الطريقة القادرية. أنظر
هذه املجاراة الشعرية الرائعة بني زعييم
الطريقة القادرية واتلجانية الشيخ سعد
أبيه والشيخ احلاج مالك ، فقال الشيخ
احلاج مالك :
ُ سالم عليكم هاجه الشوق والود
َرد
قد احنط قدرا عنده املسك والو
جزيتم كفيتم أهل بيت رسونلا
فمنكم حيط اخلري والرشد والسعد
ُ أيا سعد سعد ادلين شمس زماننا
ِرد
فال زال يروي من مناهلك الو
فجارى عليه الشيخ سعد أبيه بنفس
ابلحر والقافية قائال :
ىلع فائق األقران مالك دهره
يعود سالم طاب ليس هل حد
تطيب به األرواح إن فاح نرشه
ويف طيه من عندنا الود والعهد
فإن يكن األرشاف حازوا سعادة
وسعدا من املختار ما مثله السعد
فمالكنا املشهور حاز اتباعه
فنال مقاما دونه النرش والسعد
وكذلك جند املجاراة بني الشيخ احلاج
مالك والشيخ أمحد أمحد بمبا ، األول يقول:
هدية موجبها االجتالب
ُباب
حمبة يا أيها احل
أدام ربنا حبل الوصال
ييق نلا رش اذلي عدا وصال
واآلخر جييب :
جزاكم خري اجلزا الوهاب
ويف صفا الوداد ال ترتاب
فكيف ال واملصطىف املجاب
قائدنا فالقتل ال نهاب
ً مزنلة
ويف ابليت اذلي ييل يتجىل علنا
الشيخ احلاج مالك عند أخيه الكريم
الشيخ أمحد بمب حني وضعه فوق لك
أصدقائه ويقول:
وما اختذت خليال كنت أعرفه
إال جعلتك فوق اللك يف الرتب
إن املتأمل هلذه الصورة اجلميلة
من تبادل االحرتام و اتلقدير واإلجالل
واإلكبار املعرب بشلك الصالت الطيبة
مرة وبشلك اإلنتاج األديب الرفيع مرة
أخرى يدرك أن هذه الرموز ادلينية اكنت
تعيش يف جو يسود فيه اتلفاهم والوئام
واملحبة، كما يرى بأم عينه أن االتهامات
اليت وجهت إىل الطرق الصوفية بأنها طرق
متعادية أو أنها اعمل تفكيك ألوارص
الوحدة بني املسلمني اتهامات ال أساس هلا
من الصحة .
بقلم السيد: بابا خمتار كييب
الاكتب العام للشيخ احلاج عبد العزيز
يس ادلباغ ريض اهلل عنه
13
اخلليفة احلايل للطريقة اتلجانية،
السيد الشيخ أمحد اتلجاين يس شخص
بداخله عدة شخصيات؛ فهو تبارك اهلل
ذلك العالمة الفهامة اذلي مجع بني فهم
ما يف الكتب، وما يف واقع احلياة؛ وال
غرو؛ ألنه جعل مرجعيته وقدوته يف ذلك
وادله الرويح وأباه الشيخ اخلليفة أبابكر
يس بن الشيخ احلاج مالك يس ريض اهلل
عنهما. وتمثل يف قوهل ألبيه :
أبونا أبوبكر وإن اكن يف القرب
رضينا به شيخا إىل آخر ادلهر
ملن أنتيم إن لم يكن جلنابه
بمن أقتدي إن لم يكن بأيب بكر
خال لك جو القلب يا طري حبه
فبييض خبري واصفري أسعد الطري
تعالوا ميع نستمع إيله وهو يقول :
ولقد ودلت ويل رضا بوالديت
لوالديت يف منهج اتلجاين
وألنين قد سميت من أمر به
فجزا اإلهل فىت به سماين
لقد نشأ الشيخ أمحد منذ وهلته األوىل
ىلع أساس من انلضج الفكري، واحلكمة
يف اتلبرص ، ويف تقدير لك قضية وأمر حق
قدره ومقداره . وهل يف املجتمع السنغايل
باع طويل ووزن ثقيل يف جماالت عدة،
نذكر منها ىلع سبيل املثال ال احلرص :
الشخصية المعرفية للسيد الشيخ
أحمد التجاني سي :
تزود الشيخ أمحد بوافر حظ من
العلوم ادلينية، واللغوية ،وذلك نسبة
للمحيط املعريف اذلي نشأ فيه وترعرع
مما جعله فقيها، أديبا ، منطقيا، وقل وال
ختف فيلسوفا. ونراه يرجع إىل كثري يف
قصص حياته العلمية واالجتماعية، مثل:
وادله انلحرير الشيخ اخلليفة أيب بكر يس
رضوان اهلل عليه، والسيد الشيخ اجناي
مابيي، الشيخ شيبة فال، الشيخ يلع يغ،
الشيخ عبد العزيز يس اذلي أخذ منه من
مجلة ما أخذ الفصاحة وانلطق اجليد.
والسلسلة طويلة .
وقد هيأه هذا املحيط املعريف يلكون
واسع االطالع متمكنا من العربية
والفرنسية ىلع حد سواء ، وإن اكنت اللغة
العربية لغة تعلمه األسايس .
ومما يؤكد نبوغه يف العلم واألدب
تأيلفه يف عنفوان شبابه مثل } األراكن
الرواسخ ألبناء املشايخ { وناهيك إنتاجاته
األدبية عرب مراحل حياته الالحقة.
ولقد تناول الشعر يف كثري من
امليادين: يف ادلين، يف اتلصوف ، ويف احلياة
االجتماعية، يف الرتبية واتلوجيه ، يف
السياسة، يف الفنون اجلميلة ، يف وصف
احلقائق الكونية ، ويف العالقة بني احلقائق
الكونية بالربانيات .
فالشيخ أمحد اتلجاين يعترب أديبا
موهوبا حمناك ، وهو القائل يف وصف جزيرة
زارها :
خري اجلزيرة ما أجل سماك
يف قلب لك مؤرخ يغشاك
آه ىلع سلف بنوا لك ما بنوا
من خري جمد اليفوت ذراك
تركوك ناشئة كأنك جنمة
للفن حترتمني من يهواك
جعلوك خمزن فضلهم
ورأوك بعض جزائر األفالك
واسمعه وهو يريث “أدلمورو” عظيم الروما
اذلي قتل مظلوما :
نعاة احللم يف روما صباحا
دعونا نبك دهرا أدلمورو
هتاف الشعب والزعماء فيها
هتاف حول دنيانا يدورو
لقد حجزوه طغيانا وجورا
وهل عرفوه يطىغ أو جيور
كما قتلوه حرا عبقريا
إىل اغياته الفضىل يسري
ملاذا أبعدوه عن القضايا
وهم قوم ملا فعلوه بور
فمورو ال يموت بموت جسم
ويملؤه بمضجعه الرسور
ولكن أنتم املوىت ملا يف
صدوركم وقد مات الصدور
إذا مات الفىت لكبا عقورا
فيحكم أنه اللكب العقور
جهلتم قيمة اإلنسان حىت
غدا فيكم وليس لكم مصري
ظلمتم جيلكم ظلما عظيما
فساد عليكم فيه الغرور
بسم اهلل الرحمن الرحيم وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا
املصطفى محمد وعلى آله وصحبه الطيبني الطاهرين .
بني يدينا موضوع ليس احلديث عنه بالهني اللني ، ذلك ،
ألن مثل شخصية السيد أحمد التجاني سي، كمثل بحر محيط يراد
اإلحاطة به ، أو مكتبة شاملة يراد تفهم محتواها ؛ بيد أن غايتنا
في هذا املقام ، ليس أن حنيط بهذا احمليط؛ بل أن ننهل منه
ما ينفعنا في حياتنا اليومية . وسوف نتحرى املوضوعية في سرد
احلقائق التاريخية وحنللها ، عسى أن يكون املقال مرآة للمجتمع
بأسره .
14
أباسم احلق يظلم وهو فيكم
نلهج احلق مصباح منري
يا ترى . لقد ظهر واضحا يف األبيات
أن قائلها أديب المع وحملل دقيق
لألحداث، ومفكر خبري يف القضايا
ادلويلة، وشاعر مفلق، قل هو الرجل. ويا
حبذا لو مجعت وطبعت خطبه اليت اعلج
فيها مجيع ما حيتاج إيله ابلاحثون وطالب
العلم واملعرفة .
شخصيته السياسية :
هل جتربة يرضب بها املثل ملن أرادوا أن
حيدثوا ثورة سلمية عقالنية إجيابية يف
جمتمعهم .
فقد أنشأ حزبه ” احلزب اتلضامين
السنغايل / S.S.P. ” يلكون برهانا أن
اتلدين واملواطنة خيرجان من مشاكة
واحدة ، وهما يف واد واحد ، وأن رجل
ادلين السنغايل جيب أن يوفر هل حظه يف
مسريته خلدمة املجتمع وطرح بديل هل
عند االحتياج . ترجع مبادرته السياسية
األوىل من نوعها إىل اعم 1958 ملا زار القائد
الفرنيس } جرنال ديغول { بالد السنغال،
وطرح قضية إنشاء جمموعة فرنسية
إفريقية مما انتىه إىل إجراء استفتاء حول
هذه القضية . واكن االستفتاء } بنعم أو بال
…{ . فيف ذلك احلني ألىق السيد الشيخ
حمارضة يف مدينة تياس يلعرب عن موقفه
مع لكمة }نعم{ . واكن يرى مثل رأيه لك من
الشيخ حممد فاضل امبيك، والشيخ إبراهيم
نياس. ومن هنا اخنرط السيد الشيخ
يف جمال السياسة وأنشأ حزبه السيايس
املذكور أعاله، ذلك احلزب اذلي يعترب
فاحتة األحزاب السياسية يرأسها رجال
ادلين يف ابلالد .
وقد اكنت للسيد الشيخ جرأة سياسية،
تتمثل يف األبيات اليت قاهلا يف قصيدة
يمكن تسميتها ب }إيقاظ انلائمني{ حني
قال :
طغت احلكومة واحلكومة إن طغت
يوما يقابل بالفؤاد كما جرى
وقال :
يا سادة انلاس غرتكم ظنونكم
بدولة شأنها رفض ادليانات
إن لم تقوموا فموت ادلين مقرتب
إن القيام لكم أوىل العبادات
عظمتم واحرتمتم يف األنام معا
وكنتم ملقام ادلين خانات
فتجربته السياسية كما أرشنا إيله
سابقا تعترب خارطة الطريق لرجال ادلين
اذلين اختذوا السياسة نهجا وخيارا يف
نشاطهم الواقيع .
شخصيته الفلسفية :
فالسيد الشيخ فيلسوف المع بالطبع
ال باتلطبع ، فإذا تكلم وجدت يف عباراته
أسلوبا فلسفيا ، ال يعيه إال ذو حظ عظيم،
وذو أذن واعية وقلب سليم . وهو يف هذا
املجال يتسم بالسهل املمتنع .فله قاسم
مشرتك مع كبار الفالسفة يف جمتمعاتهم
كسقراط وأفالطون، واملفكرين كأندرى
مالرو. وألني ، وجاك مارتني … الخ، ومحلة
الفكر اإلساليم ، أمثال ابن رشد، وابن
سينا ، والفارايب ، واإلمام الغزايل، واحلالج.
وإذا قرأت كتابه »األراكن الرواسخ ألبناء
املشايخ« وجدته فيلسوفا من أكرب أعالم
الفلسفة، ويتسم بأسلوب فريد يف رسد
احلقائق ورضب األمثال وتقريب املعاين.
فيف هذا الكتاب قصة الرجل املرافق البنه
ومعهما محار … والكتاب ثروة دسمة
للباحثني يف هذا املجال .
وتتجىل شخصيته الفلسفية وبراعته
يف اتلحليل انلفيس، ما قاهل عن مسري لك
من سقراط وأفالطون حيث قال :
ما منتىه سقراط واملأل األىلع
تبعوه إال غربة فحمام
وكذاك أفالطون يف آرائه
ما انلقض حرره وال اإلبرام
من لم يعد حممدا يف علمه
فالعلم فيه خسارة ومالم
شخصيته المواطنة :
لك أن تقول بأن السيد الشيخ اكن
منذ وهلة عطائه األول مواطنا صاحلا
ينتج للمجتمع، ويعمل من أجل تنمية
املجتمع يف اكفة املجاالت . فاكنت هل
بساتني نذكر منها : بستانه يف منطقة
امبورو حيث وصل إيله زحف الفسفات
فتخىل عنه للصالح العام . ونذكر كذلك
ْ منطقة كفرين؛ ذلك
ِل
ل
ُ
بستانه يف ب
البستان اذلي صار قرية كبرية سميت
بمدينة يس، ويرشف ىلع البستان أخوه
وأمينه الشيخ عبد العزيز يس األمني .
وجتدر اإلشارة إىل أن آالفا من املواطنني
يستفيدون وينتفعون من إنتاجات تلك
املزارع. كما اكن للسيد الشيخ نصيب ال
يستهان به يف رشكة السنغال لألسمنت
/ M.I.C.O.C.O.S . وهو أول من
أسس تعاونية / COOPERATION
مع السيد الشيخ امبايك قبيل االستقالل
.فما اكنت املشيخة دليه جمرد الرتبع أمام
األتباع ، ورسد القصص ومجع اهلدايا،
بل أن املشيخة يف منظاره يه أن يكون
إجيابيا يف جمتمعه . وأن يكون منتجا قبل
أن يكون مستهلاك وأن يعطي للمجتمع
حقه ومستحقه . وبهذا املبدأ أنشأ السيد
الشيخ للمواطنني فرص عمل مبارشة وغري
مبارشة تعد باآلالف .
شخصيته الحكيمة :
فلو أن للسيد الشيخ شعارا يف حياته
فيمكن أن يقال بأن شعاره ” احلكمة
ابلالغة ” يف ترصفاته ، وسلوكه ، وظهوره ،
وخفائه . وحسبنا مثاال حيا يف ذلك ترصفه
يف أول احتفال باملودل انلبوي الرشيف
بمدينة تواوون بعد ارحتال صنوه املحبوب
الشيخ حممد املنصور يس إىل جوار ربه
وتويله عرش اخلالفة اتلجانية . حينذاك
اكن انلاس يتساءلون . فأمر أخاه وأمينه
الشيخ عبد العزيز يس بأن حييي يللة املودل
مع الشيخ احلاج مالك يس بن الشيخ احلاج
عبد العزيز يس ادلباغ يف زاوية الشيخ
اخلليفة أيب بكر يس ، كما أمر بإرسال لك
من السيد أيب بكر يس منصور، والسيد
احلاج مالك يس أيب بكر بإحيائها يف
جامع الشيخ احلاج مالك يس . وملا شاع
اخلرب وتناوتله قنوات اإلذااعت وشبكة
االنرتنيت ، عم الفرح والرسور والغبطة
وابتهاج قلوب حميب اخلري . وبهذا اتلرصف
َّ السيد الشيخ أن األرسة املالكية أرسة
بنَّي
واحدة قديما وحديثا ، وأن اغية لك واحد
منهم يه الصالح واإلصالح ، فشعارهم
قوهل تعاىل: إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا
ربكم فاعبدون األنبياء : 92 .
وباجلملة، يمكن تلخيص شخصية
السيد الشيخ بالسمات اتلايلة :
هم اعلم متمكن ومفكر واع
وفيلسوف حكيم وسيايس حمنك ومرب
باحلال وداعية ناجح ومرشد راشد وهمزة
وصل للتواصل ادلاخيل بني ابليوت ادلينية
ومسكن هلزات املجتمع هو شفاء ملا يف
الصدور بعلمه .
أطال اهلل بقاءه وأيده يف لك وقت وحني
يلكون انلجاح حليفه يف زمان وماكن وهو
ويل اتلوفيق .
بقلم السيد
حممد مصطىف يس املدير
15
16
َّ سموكم
ِن
َ األوالد إ
ُهـا
ي
َ
َا أ
ي
أوصيكم بثالثة من شأنها
أوصيـــكم: بتــــأدب وتــــفكر
فاملرء بالفوىض يذل حياته
ما زانكم مثل السكينة يف ادلىج
ٌ ال يقارب سلطة
م
ْ
ُك
الصمت ح
ِة الزم
َّ
ِي
ن
َّ
وانلطق باحلكم الس
ساد العىم واجلهل يف أوساطكم
ما أنتجا إال الضغينة واهلوى
َ ىلع هدى
ِّ ل
ض
ُ
ما ضل إال من أ
ال تركنوا حنو التشيخ إنما
وزنوا احلياة بكل قسطاط وال
وتعلموا حرفا وسيحوا واعملوا
وأدعوا إهلا يستجيب داعءكم
وترضعوا لك اتلرضع عنده
وتوسلوا باهلاشم حممد
فعليه خري صالة ريب دائما
لك ألهل األرض هاد مهتد
يزداد باإلخالص واإلنصاف
تسهيل سريكم إىل األهداف
وتعمق يف ابلحث اكألسالف
ويبدل اإلصالح باإلتالف
ما شانكم مثل الرضا بهتاف
فبه تضم صيانة بعفاف
إال مع األوشاب واألجالف
إن العىم واجلهل رش جفاف
ما أعمال إال أذى خبالف
وصف يقبح جانب األوصاف
عقباه ضعف اعئد لضعاف
تزنوا احلياة بنخوة وكفاف
وفقا ملا يف سورة اإليالف
نورا وتوفيقا بال إخالف
يلعمكم جبالئل األلطاف
وتأيدوا من بعد باألخالف
وىلع الصحابة مثلها بالاكف
شاف دلاء املؤمنني واكف
بني يدي القصيدة:
احلكمة هبة إهلية ونعمة ربانية،
ويصطيف املوىل عز وجل من لك أمة وجنس
أشخاصا خيصهم بهذا اخلري، ويؤتيهم
إياها دون بايق انلاس من حوهلم، وديدن
الفالسفة واحلكماء أنهم ينطلقون من
واقع جتاربهم وخربتهم بانلاس وباملحيط
حوهلم يف تشخيص أدوائه، وتوصيف دوائه.
هؤالء احلكماء هم قادة الرأي، وبناة
اإلنسانية وحاملو رايات اتلغيري السليم
يف أممهم وشعوبهم، يدفعونهم بأفاكرهم
وآرائهم حنو اتلغيري اجلذري ملا يف انلفوس،
فإذا بالرؤى واألفاكر السائدة واليت تقف
حجر عرثة أمام تقدم األمة، تزيلها وتقيض
عليها.
بني يدي القارئ هذه الوصايا انلفيسة
والغايلة من حكيم األمة السنغايلة،
اخلليفة العام احلايل للطائفة اتلجانية
الشيخ شيخ أمحد اتلجاين يس »املكتوم«
يوجه فيها إىل شباب أمته وصايا من العيار
اثلقيل، يوضح فيها مجلة من الواجبات
املرتتبة ىلع اعتق الشباب إن هم جادون يف
السيع حنو بلوغ األهداف وحتقيق األماين.
إنه خالصات استنتاجات ثمينة
استقاها الشيخ املوسويع اثلقافة، وحصيلة
تلجربة رجل اعيش األحداث واألزمات
االجتماعية واثلقافية يف وطنه، ووقف ىلع
ماكمن ادلاء، وأحسن – جزاه اهلل خريا –
وصف ادلواء، فإىل قراءة متأنية ومتدبرة
لوصايا هذا احلكيم.
- املرجع: جمموعة من قصائد الشيخ أمحد التجاين سه املكتوم
17
18
19
احلمد هلل رب العاملني وصىل اهلل
وسلم ىلع سيدنا حممد وىلع آهل وصحبه
أمجعني ومن تبعهم بإحسان إىل يوم ادلين .
من املعروف أن احلياة -ويه منة
عظيمة واغيلة من اهلل تعاىل علينا –
عبارة عن رصااعت عنيفة بني تيارات
وقوى ذوات توجهات متباينة ، تدىع لك
منها انفرادها بالصالح والقدرة ىلع حتقيق
الغاية األساسية للوجود اإلنساين ، فتأكد
نظرا ذللك احتياج اإلنسان إىل موجه
رشيد يأخذ بيده وبهديه ورغبته يف منهج
قويم خال من لك عقبة قد تعرقل مسريه .
املنهج :
فاملنهج هو ادلين اإلساليم الرباين
املصدر بعقيدته الصحيحة ورشيعته
العادلة املتوازنة ، وما انبثق منهما من
القيم الرفيعة واألخالق الكريمة ، وهو
ّ بمعطياته
املنهج اذلي لم يزل ولن يزال يدر
انلفسية وجيود بنتاجئه امللموسة منذ
عهد القائد األعظم سيدنا حممد ، اذلي
اكن جيمع يف أن واحد القيادة الروحية
ّة من القرآن والسنة حبكم كونه
املستمد
نبينا يبلغ ما يوىح إيله من ربه ، والقيادة
املادية، احلركية اتلنظيمية باعتباره رئيس
ادلولة، وزعيم األمة احلاكم بما أنزل
اهلل عليه، وأمره باتلقيد به، وأعطى هذا
االعتبار واتلقدير للقادة األعالم األجالء
اذلين حتملوا من بعده أعباء املسئويلات
القيادية ىلع عواتقهم عرب العصور، وأورثوا
األمة ما أورثوا من اإلجنازات اخلادلة،
فالقائد املسلم حني يبارش وظيفته إنما
يبارش سلطانا روحيا وسلطانا ماديا يندمج
لك منهما يف اآلخر ويمزتج به، فبأقل ما
يمكن تصوره من خلل أو نقص يقع يف
أي من اجلانبني حيدث افتقاد اتلوازن
وعدم استقرار األمر اذلي أدى بالعالم
اإلساليم إىل ما نشاهده اآلن من الواقع
املرعب األيلم ، ذلك ألن ادلين ال تتجزأ
أحاكمه وال تقبل االنفصال، فانلصوص
الرشعية تمنع من العمل ببعضها وإهمال
ابلعض اآلخر كما تمنع من اإليمان ببعض
والكفر بابلعض اآلخر مرااعة لقدسية
العقيدة ووحدة الرشيعة .
القائد :
القائد هو اذلي حبكمته وقوة
شخصيته وتفانيه يف خدمة األمة وراعية
مصاحلها يتوقف نقل ما احتوته انلصوص
من اتلعايلم واتلوجيهات من حرفيتها إىل
حزي الواقع تلعطي ثمراتها اليت يه: ترسيخ
العدالة االجتماعية وادلفاع عن األمة
من االعتداءات املوجهة إيلها بمختلف
األشاكل واأللوان .
لوازم القائد والقيادة :
فبقدر ما ينبيغ ملدرس مادة من املواد
العلمية أو لطبيب متخصص يف إحدى
جماالت الطب أو لسائر الصناع يف شىت
فروع صنااعتهم أو يلموا بتخصصاتهم
ويتحكموا عليها جيب ىلع لك من يف يده
زمام القيادة إدراك اكفة ما يرتبط بمهماته
من املقتضيات واللوازم إحساسا باملسئويلة
وإيمانا بأنها تكليف إليه وارد رشيعته
الغراء قال تعاىل : »أطيعوا اهلل وأطيعوا
الرسول وأويل األمر منكم النساء« : 59 .
فأولوا األمر حسب وجهات نظر معظم
العلماء هم أرباب املسئويلات والقرارات
اإلدارية يف ادلولة ، لقد أمجع الصحابة
الكرام وهم أدرى انلاس باجتاهات اإلسالم
ىلع أن يقيموا ىلع رأس ادلولة قائدا خيلف
الرسول ، وإذا اكنوا قد اختلفوا فيما بعد ىلع
اخلالفة فخالفهم يتحدد يف الشخص اذلي
يمأل الوظيفة األىلع وحيق هل القيادة .
وقد أثىن انليب ىلع بعض من صحابته
بأوصاف ال يستغىن عنها من يقود أمته يف
أي عرص من العصور،
إذ قال: “أرحم أميت بأميت أبوبكر، وأشدهم
يف أمر اهلل عمر ، وأصدقهم حياء عثمان،
ّ وأقرأهم لكتاب اهلل يلع ، وأفرضهم زيد
)أعلمهم بعلم الفرائض( وأعلمهم باحلالل
واحلرام معاذ بن جبل ، وإن للك أمة
أمينا وإن أميننا أيتها األمة أبو عبيدة بن
اجلراح” .
هذه الصفات القيادية املتوزعة يف
الصحابة نتيجة ما تلقوه من الرتبية
انلبوية األصيلة يه اليت مكنتهم من
حتقيق الفتوحات اإلسالمية العديدة، ورفع
البرشية من احلضيض إىل القمة .
قد يكون مفهوم القيادة أوسع نطاقا
مما يتبادر إىل اذلهن عند ذكر اللفظ فيشمل
الزاعمات ادلينية اليت يتوالها العلماء
ّ اهلل
وادلاعة والقضاة وغريهم ممن من
عليهم بأن يكونوا موضع ثقة املسلمني
كقائدنا العظيم السيد احلاج مالك يس
مؤسس املدرسة الرتبوية اتلواوونية، حيث
إين سأكون موفقا وحليفا للصواب عندما
يطلب مين أن أقد نموذجا مثايلا لقائد
ناجح يف مهمته فذكرته تلمزيه بالقدرة ىلع
اتلعامل مع القلوب وسلخ آثار السلبية
عنها لتستقر فيها ثمرات الرتبية السليمة
علما بأن من الرضوري إحاطة القائد
علما باملبادئ اليت يقود بها أمته ، والغايات
اليت يسىع إيلها ، واتصافه برصامة العزيمة
ىلع تطبيق تلك املبادئ يف الواقع العليم .
لقد صور نلا هذا الرائد الفريد مريده
السيد حممد اهلادي طوري إذ خاطبه قائال:
نصحت أمة خري اخللق حمتمال
أثقاهلا رافعا لدلين أراكنا
هلل درك من شيخ يدل ىلع
مواله قوال وفعال يا ابن عثمانا
إىل أن قال :
فقمت هلل يف جرب الكسري وإصـ
الح الفساد وتطهري ملا رانا
نستلهم من هذه األبيات راكئز أساسية
يستند عليها ويتقوى بها لك من تصدى
تلويل وظيفة القيادة يف ادلين ، ويه
إخالص انلصائح لألمة، واحتمال ما يصدر
منهم من اإلذاية و األثقال ، وتأييد ادلين
بادلفاع عنه وبنرش تعايلمه حاال ومقاال،
ثم العناية بإصالح لك فساد حيس ومعنوي
يقع بني املسلمني هكذا إىل خاتمة تلك
القصيدة الرائعة .
وقد اكن الشيخ احلاج مالك يس يتمزي
بملكة تقدير املسؤويلات وبذل لك ما
أمكن هل من جهود لرفع مستويات أفراد
مجاعته وتمكينهم من املشاركة الفعالة يف
العمل اجلمايع ، واتلمسك باالستقامة ،
األمر اذلي قد صاغهم صياغة تدفعهم إىل
اتلحيل باملاكرم والفضائل ، واالحتماء حبىم
املثل العليا إضافة إىل إجيابية تساعدهم ىلع
مواجهة لك اتلحديات باحلكمة واإليمان
الصادق و الرؤية الواضحة
بقلم أخيكم:
ِ يس
ُوز
ْ ج
ُور
خمتار يس بن السيد م
صني خمتار املقيم بداكر
بـرسيل أسن وحدة 6 رقم 227 .
20
21
يف أدبيات املؤرخني تلاريخ السنغال
يف العرص احلديث، يتحدث بول ماريت أحد
الكتاب األوربيني عن زاوية الشيخ احلاج
مالك يس بتواوون بالعبارات اآلتية: »إن
اخلاصية املمزية لزاوية احلاج مالك بتواون،
يه أنها تشلك جامعة شعبية حقيقية،
فيه تكون عددا ضخما من األساتذة
واملعلمني لعلوم الرشيعة اإلسالمية، ثم
ينترشون عرب ابلالد، ويكونون بدورهم
كوكبة، أي مجاعة من األساتذة، يساعدون
ىلع نرش مبادئ اتلعايلم اإلسالمية« اه نقال
عن كتاب )الفياض(.
وحقا هنا اكنت زاويته
يعمرها عشاق العلم واملعرفة، ويستيق
من ينابيعه الواردون علوما وفنونا، وقد
كفت زاويته بعد تاسيسه، طاليب العلم
واملعرفة عن الرحيل واالغرتاب إىل ادلول
العربية، وقد اكنت جمالسه العلمية
اتلعليمية منها واتلثقيفية تعج باألجناس
والقبائل املتنوعة من أبناء القطر السنغايل
ومن أبناء األقطار املجاورة، ومن شىت
االنتماءات املذهبية والطرقية.
واكن نبل رساتله وعلو همته، أكرب
من أن تستوعبه زاوية واحدة، فجمع إىل
وظيفة اتلدريس والوعظ واإلرشاد والعمل
الزرايع نرش الزوايا واجلوامع يف املدن
الكربى، فانترشت الزوايا يف لك من اندر
)سانت لويس( وداكر، واللتان اكنتا تعتربان
باإلضافة إىل روفيسك من أكرب
املراكز احلرضية يف السنغال،
واكن دأبه مع تالميذه وأتباعه
بعد أن يتوثق من مقدراتهم
العلمية واألدبية وتمكنهم العميل
من القيام بمهمة اتلدريس أن
جيزيهم، وخييل سبيلهم، مع أمرهم
بالقيام بواجب اتلعليم وادلعوة
أينما استقروا، فعمت مزاياه،
ودارات زواياه.
وأوضح شاهد ىلع مدى
تأثري جامعة الزاوية يف السنغال
وما حوهلا، هو وجود هذا العدد
اهلائل من العلماء اجلهابذة
يف فنون العلوم الرشعية املختلفة، ويف
علوم اللغة العربية املتنوعة ممن خرجتهم
زواية تواوون، وأثروا تأثريا بعيد املدى يف
نرش العلم، ونصب رايته يف املناطق اليت
تواجدوا فيها.
ومنذ تأسيس زاوية تواوون إىل يومنا
هذا، ظلت شعلة العلم وانلور املنبعثة
من أراكنها مشتعلة، حتمل اخلري والبشارة
للباعثني عن اهلدى وانلور، وقد تكاتفت
جهود خلفائه وأتباعه ىلع إبقاء هذه احلوزة
العلمية مفتوحة، وما اجلهود اليت تبذل يف
الوقت احلايل ممثلة يف حتديث اتلعليم فيها
بمستغرب.
ونلا عودة إىل هذا املوضوع مستقبال.
تعترب مدينة تواوون من ضمن املراكز اهلامة واألساسية يف
نرش اتلعليم ادليين واثلقافة اإلسالمية يف السنغال، ويه وإن بدأ
دورها متأخرا مقارنة ببايق املراكز اإلسالمية يف هذا ابلدل، إال أن
شهرة مؤسسها » السيد احلاج مالك يس «، وجودة اتلعليم امللىق
فيها، وتمزي خرجييها ىلع طول ابلالد وعرضها يف إتقانهم وتضلعهم
العميق يف شىت العلوم اإلسالمية واللغوية، سمح تلواوون بأن حتتل
مركز الصدارة بني هذه املراكز، وال سيما
يف مستهل القرن العرشين، عندما حل
بربوعها مقيما، من سبقته إيلها شهرته
العلمية ومقدرته الفذة يف اتلدريس،
أعين السيد احلاج مالك يس »ريض اهلل
تعاىل عنه«.
وما فتئت املدينة منذ ذلك العهد
تواصل االحتفاظ واالهتمام برتكة » مود «
العلمية واثلقافية، متمثلة يف الزوايا
اتلعليمية العديدة، واألروقة العلمية،
والكتاتيب القرآنية املنترشة يف أحياء
هذه املدينة العلمية، طوال وعرضا، كما
ظل أبناؤه الربرة، وأتباعه األوفياء قائمني
وحريصني ىلع إبقاء شعلة العلم وراية
املعرفة يف تواوون دائمة اتلوقد، وخفاقة
يف األفق، يربهن ىلع ذلك تعدد احللقات
العلمية فيها واإلقبال الشديد اذلي
تشهده هذه الكتاتيب حىت يومنا هذا.
ويف هذا الصدد أيضا يندرج تأسيس العديد من املعاهد احلديثة
واملدارس انلموذجية، ومن بينها »معهد الشيخ احلاج مالك يس
لدلراسات اإلسالمية وابلحوث العلمية«.
لقد أتت فكرة إنشاء وتشييد هذا املعهد، اذلي أطلق عليه
تيمنا وترباك اسم )معهد » الشيخ احلاج مالك يس « لدلراسات
اإلسالمية وابلحوث العلمية(، نتيجة رؤية عرصية واسترشاف
بعيد آلفاق املستقبل، يتمتع بها القائمون واملرشفون ىلع إدارة
وتسيري املعهد، وهو مبادرة طيبة وطموحة أقدم ىلع حتقيقها
وإجنازها عمدة من أعمدة األرسة املالكية، ممثال يف شخصية
ناطقها الرسيم سماحة الشيخ » عبد العزيز يس األمني «.
ومنذ أن رأى املعهد انلور، ما برح الشيخ يواصل عمل الليل
بانلهار، وجيود من وقته اثلمني، ونفيس ماهل دعما ومساندة هل،
ّل عالقاته ادلاخلية واخلارجية
كما كثف من جهوده وحتراكته وفع
من أجل الريق حبالة املعهد، وجعله يتصدر أىلع القائمة ضمن
أفضل املعاهد واملراكز املرموقة يف هذا ابلدل.
إن هذا املعهد يوفر يف مناهجه وتكوينه فرصة نادرة، وحال
مناسبا لطلبة العلم يف اجلمع بني اتلعليم اإلساليم األصيل وبني
اتلعليم العرصي القائم ىلع نظام املراحل واملناهج ادلراسية،
22
23
كما حيل، وبشلك جذري مشلكة اتلعليم
اثلانوي املنظم، واليت اكنت يعانيها طلبة
العلم القاطنني يف تواوون وضواحيها، ويف
القرى املجاورة هلا، لقد سعت إدارة املعهد
منذ إنشائه إىل القيام بكافة اإلجراءات
اإلدارية والقانونية تلوفري اإلطار القانوين
هل، وتسجيله ضمن املدارس املرخصة هلا
من قبل وزارة الرتبية الوطنية.
يقع هذا املعهد يف يح »بام« احلديث
العهد باتلوسع واتلمدد يف مدينة تواوون،
والطابع العام لليح اذلي أقيم فيه هذا
املعهد هو اهلدوء اتلام ومالئمة املوقع،
وسهولة الوصول إيلها، وقلة مصادر
الضوضاء والضجة اليت تفسد األجواء
اتلعليمية، فاألجواء الصاخبة واألماكن
اهلاجئة باحلراكت والضجيج املستمر لك
ذلك بعيدة لك ابلعد عن موقع املعهد،
يضاف إىل ذلك حداثة اليح وقلة
ساكنيه، وقربه من الطريق الوطين رقم .1
يشلك املعهد اجلديد معلما بارزا من
املعالم احلديثة اليت تمزي هذا اليح اجلديد
الواقع يف اجلنوب الغريب من مدينة
تواوون، ويضم اليح كذلك املدرسة
اثلانوية احلكومية، ومبىن الرشكة
الوطنية للكهرباء، إىل جانب العرشات
من املباين السكنية حدييث العهد
بالتشييد، والطريق املعبد واملزفلت حنو
»اجناسان«.
حيتل املعهد مساحة أرضية كبرية
تقدر بثالثة هكتارات تقريبا، وقد شيدت
فوقها مبان جديدة من الطراز املعماري
احلديث، تضم يف أقسامها : مبىن اإلدارة
العامة للمعهد، ومبىن فصول املرحلة
االبتدائية، وفصول املرحلة اإلعدادية ،
وفصول املرحلة اثلانوية، وبنايات أخرى
عبارة عن دورات املياه، وخمازن املعدات
املدرسية، ويتم يف الوقت احلايل تشييد
مرافق جديدة تضم داخليات للطلبة
وقسما للمكتبة العامة للمعهد إىل جانب
قاعة للمحارضات ومرافق أخرى تابعة .
وتضيف أجواء املعهد وفناءاتها
املخصصة ألنواع الرياضات ابلدنية
املختلفة، وكذلك املساحات اخلرضاء اليت
تغطي جانبا كبريا من املعهد بيئة صاحلة
ومرفهة ملرتادي هذا املعهد.
تتمزي قااعت ادلراسة يف هذا املعهد
بسعتها وقدرتها ىلع استيعاب أعداد كبرية
من طلبة العلم، باإلضافة إىل جتهزيها
باملستلزمات الرضورية من الكرايس
والطاوالت واملاكتب وادلوالب، ويشهد
املعهد منذ افتتاحه يف اعم ،٢٠٠٦ إقباال
منقطع انلظري من طلبة العلم اذلين
يفدون إيلها من القرى وابلدلات املحيطة
بتواوون، ومن ادلارسني امللتحقني
باحللقات اتلدريسية املنترشة يف املدينة
الراغبني يف مواصلة دراساتهم العلمية.
وقد انتدب للتدريس يف هذا املعهد
خرية أساتذة تواوون تلويل إلقاء ادلروس
فيها، سواء باللغة العربية أو يف اللغة
الفرنسية وكذلك اللغة اإلجنلزيية، كما
يتمتع املعهد من وجود عدد من األساتذة
املرصيني املوفدين للتدريس يف فصوهل.
تقع مدينة )تواوون( يف غرب
السنغال، ويه قريبة من مدينة )تييس(،
ّ اخلالفة العظىم للطريقة
وتواوون مقر
اتلجانية. وقد ذكر أحد الرحالني اذلين
عربوا املحيط األطليس وجودها بالفعل يف
القرن اخلامس عرش امليالدي، وأنها اكنت
جزءا من مملكة كيور واعصمتها.
يف اعم 1904 ، اكنت خامس أكرب
مدينة يف السنغال بعد سانت لويس،
ودااكر، وروفيسك وجورى. أنشئت
حمطة سكة احلديد القائمة فيها منذ اعم
1904م.فاملدينة من ناحية أخرى العاصمة
للتجانية يف السنغال ,و تبعد عن داكر
اعصمة السنغال ب 92 لكم ,ىلع الطريق
الوطين رقم 2ويفد إيلها يف لك يوم وأسبوع
مجهور عديد من الزوار لإلمتياح من معني
ّ اذلي قد نبع اهلل ماءه
اخلري والربكة الرث
الفرات ىلع يد الشيخ احلاج مالك سه
ابن العالمة الورع عثمان سه والسيدة
الفاضلة فاطمة ويل ،ذلك لزيارة األرضحة
اليت تضم أئمة هداة من أويلاء اهلل
الصاحلني. من ذرية الشيخ احلاج مالك
سه , قدموا الرخيص وانلفيس من أجل
تمكني اإلسالم يف ربوع ابلالد وتربية
وخدمة العباد.
يف اعم2003م أدرجت ادلولة رضيح
الشيخ احلاج مالك سه ورضيح جنله
املكني، أول خليفة هل الشيخ السيد أيب
بكر سه، ريض اهلل عنهما، ضمن جمموعة
املعالم واآلثار اتلارخيية والرتاث الوطين يف
السنغال، كما سجلت ادلولة إىل جانب
ذلك مبىن حمطة سكة احلديد .مدينة
تواوون يف اتلقسيمات اإلدارية يه حتتل
مستوى مقاطعة من إحدى املقاطعات
اثلالثة اتلابعة إلقليم ) تييس (. تقع
يف مناطق زراعية ,وذلا تعد مركزا مهما
إلنتاج الفول السوداين )كرت(.
ومن املقرر تارخييا أن احلاج عمر
الفويت تال )1864-1794(،اكن صاحب
اخلالفة اتلجانية العظىم ببالد السودان.
وبعد غيابه يرجع الفضل يف انتشار
الطريقة اتلجانية مرة أخرى إىل الشيخ
احلاج مالك يس، اذلي ودل يف اعم 1855
قرب )داجانا(. ثم استقر يف مدينة )تواوون(
بشلك دائم يف اعم 1902ببالد)الولوف(.
فيه املجموعة العرقية األكرث تمثيال يف
هذه املدينة .ومنذ أن قطن الشيخ احلاج
مالك يس مدينة )تواوون(، وطئت أقدامه
الرشيفة ىلع أرض املدينة ، أصبحت يف ظل
قيادته، مركزا تلعليم مجيع العلوم ادلينية
والرتبية، كما حتول جملسه اتلعلييم إىل
ّ هموم املسلمني إىل
جامعة شعبية وشد
ما يريض اهلل تعاىل عبادة وتالوة و خدمة
الصاحلني من املشيخة وصلة األرحام ،
بدال من التشاجر والعصبية اليت قال يف
ّها الرسول صىل اهلل عليه وسلم ) دعوها
ّ ذم
ّها منتنة( . وجعل املدينة موطنا لشد
فإن
أوزار املسلمني للتجاوز عن االختالفات
الفرعية واالشتغال بتوثيق وحدتهم
أمجعني عمال باآلية الكريمة اليت أعلنت
ّما املؤمنون إخوة….(.ويف
قديما ب )إن
سبيل حتقيق هذا املبدأ انلبيل والعزيز
ّ الشيخ جرس اتلواصل حنو
يف اإلسالم مد
املراكز الروحية اإلسالمية األخرى , فسىع
لربط مدينة /تواوون املقدسة إيل املدن
والعواصم اإلسالمية الكربى يف ابلالد
وخارجها. فقد أورد تلميذه حممد تابان يف
مؤلفه عن الشيخ بأنه شاهد – وهو مع
الشيخ يف تواوون -رسائل اكنت تصل إىل
جانب الشيخ من مدينة القدس الرشيف
.وال نشك بأن الشيخ اكن من ضمن
أهداف سفره املبارك ألداء فريضة احلج يف
24
اعم 1889اغتنام فرصة اتلعارف مع العالم
اإلساليم. ظلت )تواوون(معينا مقدسا
لالرتشاف اخلليق اجلميل واالرتقاء
ّ الرويح .
وبقدر ما حتتل ماكنا بارزا يف السنغال
ومنطقة غرب إفريقيا باعتبارها قلعة
إلشعاع اثلقافة واحلضارة اإلسالمية. ويف
إطار املدينة بالعالم اخلاريج عمل ىلع
تطبيع العالقات بني زواياه يف السنغال
وبني الزوايا األخرى املماثلة يف اخلارج,
ّسها
وخاصة الزاوية اتلجانية األم اليت أس
القطب املكتوم والربزخ املختوم الشيخ
أمحد اتلجاين بمدينة فاس الرشيفة يف
املغرب الرشيف, فقال الشيخ يف إحدى
قصائده :
وكم أشتيك عند اإلهل زيارة
زواياه لكن العنان بقبضيت
ناهيك مثاال ملا قلنا بأن الشيخ احلاج
مالك سه ريض اهلل تعاىل عنه جلب
جمموعة من أهل العلم من بالد املوريتانيا
تلعليم العائلة وأهل املدينة, وكثريا ما
استقبل الرشفاء الوافدين من مدينة فاس
أو من مدينة عني املايض ، وما زالت
ذريته املباركة تسري ىلع هذا املنوال يف
استضافة وتكريم الزوار من آل الشيخ
أمحد اتلجاين القطب املكتوم والربزخ
ّ الشيخ
املختوم. فيف مدينة تواوون أعد
جيال مسلحا بالقيم والشيم الفاضلة من
أهل العلم والفقه واالنضباط واملناعة
اخللقية والروحية والصالح والشجاعة
والصدق واثلقة بانلفس واثلبات والصمود
واتلضحية, ليك يصبحوا يف وقت الحق
محلة املشعل يف نرش ادلعوة اإلسالمية
وباتلايل لنرش قيم حترير الشعب املستعمر
املغلوب ىلع أمره . وذلك عن طريق تنمية
القوى العقلية والقدرات الفردية. األمر
اذلي جعل الشيخ املريب يعتين بنوايح
الفروق الفردية عناية ملحوظة. فتخرج
من جامعته ذلك اجليل متنوعني يف
اتلخصص العليم واملمارسة يف امليدان،
فمن بينهم اعلم تاجر أو اعلم مزارع أو
اعلم أستاذ معلم أو اعلم شاعر واكتب أو
اعلم .جندي… . ولم تكن تتوفر هذه
الصفات جمتمعة إال يف الرتبية الصوفية،
واكن الشيخ يف تلك احلقبة من الزمن
يتمزي بمنهج تربيته املتاكملة اجلامعة بني
الرشيعة واحلقيقة بدون إغفال واحدة عن
ّنهم بعد مرحلة الرتبية إىل
األخرى. فعي
مناطق ابلالد وخارجها ، واختار للك اعلم
الوسط االجتمايع اذلي يالئمه .
فال خيىف ىلع أحد، بأن الشيخ احلاج
مالك يف تواوون قد جاهد كثريا إلعالء
لكمة اتلوحيد يف بيئة اكنت حقال مرتعا
لالستعمار الفرنيس وجور السالطني
الوثنيني وطبقة )تيدو( ابلورجوازية
ّالة إىل الراحة وادلعة . ويعترب
املنعمة املي
بيت تلميذه الشيخ يلع يك أصدق ما قيل
يف وصف حال ابلالد أوان ظهور الشيخ
احلاج مالك سه، من قصيدته لرثائه ىلع
وفاته يف اعم 1922م بقوهل :
ٌ وظلمة
ْر
و
َ
ُ ِود ج
ّ
ُ الس
َاع
ِق
ب
َ
َ و
ىَت
َ
أ
ِد.
َّ
ر
َُ
ّ جُم
ِق
َ
ْ
احْل
ِ
ّ ب
ِم
َ
ه
ْ
ِف ال
ْ
ي
َ
ِس
فقام ب
فألف الشيخ احلاج مالك سه ريض
اهلل عنه كتابه املشهور ” كفاية الراغبني”
يلكون مرجعا للراغبني يف اإلقالع عن
ابلدع واتلحريف يف ادلين. ومن ناحية
ّف كتاب )إفحام املنكر اجلاين(
أخرى أل
ّ .وقد اعش
ّ
لدلفاع عن اتلصوف السيّن
الشيخ عمره املبارك وهو يرتدي بلاس
اإلمام الورع اذلي لم يلجأ قط إىل تعايط
الرخصة، احتياطا، كما قيل: “وذو احتياط
يف أمور ادلين من فر من شك إىل يقني”.
وقد أشار إىل هذه انلقطة اهلامة اخلليفة
العام للطريقة اتلجانية السيد الشيخ أمحد
اتلجاين يس بأن احلاج مالك ريض اهلل
عنه لم يعتمد ىلع الوالية ولو مرة، بل
راىع األحاكم الرشعية يف مجيع الظروف
ً واملواقف. فقال يف حقه:
ة
َ
ر
ْ
ِك
ِ ب
ر
ْ
َّه
َى ادل
َ مد
بىَق
َ
ُ ت
ه
ُ
َ يت
ِاَل
و
اِهِل.ِ
َ
ِحِت
ْ
َ ار
د
ْ
ع
َ
ُ ب
َْرْس ْ َار
َا اأْل
ه
َ
ٌ ل
َ ان
ُص
ت
ومن جانب آخر سىع لربط شخصية
انليب صىل اهلل عليه وسلم بمشاعر وثقافة
وتفكري املسلمني يف ابلالد ويف املنطقة
مستخدما وسائل متعددة ومتنوعة ذات
تأثري مبارش وغري مبارش, ونذكر من بني
تلك الوسائل نموذج تأيلف سليم وقيم
املعاين, وهو عبارة عن موسوعة يف السرية
انلبوية الرشيفة، ولم يعمل أحد مثله حىت
حلظة حترير هذا املقال فيما نعلم .ثم أدرجه
ضمن الكتب املقررة للتدريس يف جمالسه
العلمية فتناقله الطالب والعلماء يف طول
وعرض ابلالد .ومن جانب آخر أقام يللة
االحتفال إلحياء مودل انليب صىل اهلل عليه
ّ شهر ربيع األول ,تأسيا
وسلم لكما هل
بسنة السلف الصالح .فظلت العيون ترنو
والقلوب تشتاق وانلفوس تتوق إىل مدينة
/تواوون حرصا ىلع االستماع واالستمتاع
بمراجعة ومدارسة حياة انليب صىل اهلل
عليه وسلم واالنتهال من روافد سريته
القدوة, من هنا تأيت بقعة /تواوون مدينة
سباقة, بقدر كون احتفاهلا أهم وأكرب
مهرجان ديين يقام يف بالد السنغال ويف
املنطقة الغربية اإلفريقية تلكريم نيب
ّد صىل اهلل عليه وسلم
اإلسالم سيدنا حمم
ولم تثبت مرة قبل الشيخ احلاج مالك
سه ريض اهلل عنه ذكرى سنوية لإلحياء
بمودل سيدنا حممد ) عليه الصالة والسالم(
بالصورة املطابقة للرشيعة اإلسالمية. كما
يه احلال يف مدينته ويف املراكز اتلابعة هلا.
بقلم األستاذ عبد العزيز صار
مدرس يف ثانوية خليفة أبابكر يس
بمدينة تواوون املحروسة
25
ّا إيله راجعون
ْ إنا هلل وإن
ِ عن
ِري
ب
ْ
ع
َّ
ِ ل ِلت
ِ ِ الاكمل
ر
ْ
ْ حب
َ من
ثِية
ْ
ر
َ
ُ ِ هذهِ الم
ت
ْ
ل
ُ
ق
ًا
ر
ُ
ّ
ث
َ
أ
َ
ّ ت
ِم ِض
ُ
ِم الم
َ
ل
ْ
ِن واأْل
ْ
ز
ُ
ْ
َْىَس َ واحْل
ِ اأْل
َ ِشاعر
م
ّة والوطن، صاحب
ّة واألم
برحيل فقيد املل
ّفيسة
ّة انل
ّجانية الكربى والوصي
اخلالفة اتل
ّ مة والوسيلة
البرشى … موالنا الشيخ العاّل
ّد املنصور سه اخلليفة العام
ّ الرباين احلاج حمم
ّاته
لطريقة اتلجانية, أسكنه اهلل فسيح جن
العليا جبوار وادله الكريم الشيخ أيب بكر سه
ِم ِيم الشيخ احلاج مالك سه ريض
ّ
ّ ه الص
ِ وجد
ّ هداء والصاحلني
ّ ديقني والش
اهلل عنهم, مع الص
َ أوئلك رفيقا. واهلل ىلع ما نقول وكيل:
ُ ن
وحس
أْك َ ـــــــــو ِان
َْ
ََزَل ْ ـــت َ ع َ ـــلــــــى ال
َـــا هـ ِح ِيل َ ش ْم ِس ِّ الد ِين ُ ق ْط ِب َ زَم ِان َ َّ ــــــــزًة نـ
ِب َ ــر ي
ـة
َ ٍ
اه ُ ف ْ ـــــــه َت ِ بَن ْكـــــب
َْنَع ُ
ََتى ي
َِة ِّ الن ِ يـــر ِان
ا م ْ ـــــــــــــن أ َت ْك ِ ـــــو ْ ي الُقُل َ وب ِ بُش ْ ــهـــب
َ َ
ي
َ ًسى
َ ْت ِ م ْن أ
ف َّ ي النْف ِس َ ذاب
َ َ ا ح ْسَر ان ًة ِ
أ ْرَك ي
َْ
َ ْ ــت ُ م ْ ـــــن َ هــــــــارَة ال
َوَت َ ــح َّ ــطمــ
ـــه ُ ت ْ ـــه َ ــــــن َ ا ف َ ــــم ْ ــــــن
ُ ِش َ ــــــيع ِ ب َ ــن ْ ــع ِ ــــي ِ
ــمـــا أ
ان َل ي َّ
َّ ِ
َ ْ ـــق َ ـــو ِ ى ب َ ــــن ْع ِ ـــي ْ ال َ ــــع ِ ــار ِف َّ الـــرب
ي
ـــــة
َ ٍ
َّ َ ـــــع َ ف ْ ـــــو َق َ ع ْ ــــر ِش ِ دَراي
َ َ ا ل ُ ــــــــــه ِ س ْ ـــم َشــــي َ ـــــت ِان ْ ٌ ــــخ َ ت َ ـــــرب
ُــــــــمـ
ـــــة َ فـــــهـ
َ ٍ
َوِولَاي
َ ْس ِ ــــرَها
ْل َ ـــو ْ ى الِب َ ــل َاد ِ بأ
َ
ـــم ِت ْ الب
ْ َك َّ الش ْع ُب َ ك ْ ــالِج َ ــير َق ِان ْ ــــد َ ع َّ
ََك َ ى عَلي
َفب
ًا
ً َ ا وُم َ ـــرِّقي
ْ ًخ َ ا ك ِ ـــامــل
أْق َ ــر َق ِان ْ ــــد ِ ع ْ ــــش َ ـــت َ شـــي
َْبسم اهلل الرمحن الرحيم والصالة - والسالم ىلع رسول اهلل
- بمناسبة صدور العدد األول من
- »الفاتح« جملة هيئة ابلحوث اتلابعة
- ملعهد الشيخ احلاج مالك يس لدلراسات
- اإلسالمية وابلحوث العلمية، نود وبكل
- اعزتاز أن نقرر غري مبالغني وال جماورين
- حلدود املوضوعية بأنه انطالقا من األحباث
- والوثائق العلمية، واألرشيفات الوطنية
- واألجنبية، فضال عما ورد يف كتابات
- العلماء، ودواوين الشعراء واألدباء، جاء
- وصف مدينة »تواوون« بالعلم وانلور،
- والطيور امليامني، واجلامعة اإلسالمية
- العربية الشعبية اليت تعج بكرثة علمائها،
- وطلبة العلم، وتروج أنواع املعارف
- رحابها؛ كما جاء الوصف بعاصمة الطريقة
- اتلجانية، متداوال يف لغة الصحافة
- واإلعالم، ألنها اكنت تمتاز بتدريس
- العلوم وتلقني األوراد معا. وأخريا وليس
- آخرا ، شاعت ىلع األلسن » تواوون » خري
- القرى واملدائن .
- ّنها اتلاريخ
- هذه أيها القراء األعزاء دو
- يف روائع سجالته ، ونواصع صفحاته ، من
- أجماد هذه املدينة، حمددة بذلك معالم هوية
- املدرسة اتلواوونية؛ واليت ظلت وال تزال
- األجيال املتعاقبة تنهض بها منذ ما يقرب
- من قرن وعقدين من الزمن ؛ ابتداء من
- عهد املؤسس املبارك، وتالمذته ومقدميه
- املتفوقني يف لك فن وفضل، ومرورا بالفرتة
- اذلهبية، اليت توىل اخلالفة فيها تبااع أبناؤه
- اخللفاء الربرة الكبار، وهم: الشيخ اخلليفة
- أبوبكر يس، 1885م 1957م والشيخ حممد
- املنصور يس، 1900م 1957م والشيخ احلاج
- عبد العزيز يس، 1904م 1997م رضوان
- اهلل تعاىل عليهم أمجعني. وتنضاف إىل هذا
- جهود رموز العلم واألدب والفقه والربانية
- اذلين خترجوا يف هذه املدرسة ومن بينهم
- األسباط واألحفاد فامتد فضلهم وتسلسل
- عطاؤهم العليم والرتبوي والرويح
- واألخاليق، من أقىص ابلالد إىل أدناها،
- بل وإىل ادلول املجاورة؛ اغمبيا، وساحل
- العاج، والغابون ىلع سبيل املثال ال احلرص .
- تلك يه أيها القراء األماجد بصفة
- أعم، وأحباب الزاوية املالكية اتلجانية
- بصفة أخص، مناقب حضارة، بناها آباء
- ورجال سلف، والبد أن نستبقيها شاخمة،
- تتحدى الزمن وذلك أضعف اإليمان هلذا
- ِف .
- َ
- ل
- َ
- اجليل ، إذا أراد أن يكتسب سمة اخل
- ً منا ىلع أال تطوى هذه
- وحرصا
- الصفحات املرشقة يط النسيان واإلهمال،
- أو تنفرط بأيدينا سلسلة هذه احللقات
- اذلهبية ، وأداء ملا جيب حنو تراثنا من ابلحث
- واتلحقيق ، والنرش واتلقديم ، يأيت ضمن
- أعمال هيئة ابلحوث اليت يرشف عليها
- معهد الشيخ احلاج مالك يس لدلراسات
- اإلسالمية وابلحوث العلمية إصدار
- هذه املجلة العلمية اهلادفة إىل اتلعريف
- ً بسري
- باملدرسة املالكية اتلجانية ، احتفاء
- ً إلنتاجها
- علمائها العاملني ، واستقراء
- ً ملنهجها يف الرتبية واتلعليم
- الفكري وإبرازا
- وادلعوة واإلصالح ، متوخني بذلك تقديم
- الكنوز اليت ظلت ولفرتة دفينة، إىل
- اجليل املعارص ىلع الوجه األعم وإىل اجليل
- الصاعد بالوجه األخص ؛ يتعرف ىلع تراثه
- ً رائعة من
- اثلمني اذلي حيمل يف طياته صورا
- احللول األمثل للك مشالك احلياة وأزماتها
- املستعصية .
- هذا وقد سعينا جاهدين أن تكون
- املقاالت املنشورة ، مزتودة ، بل ومتشبعة
- َّها
- ُها ، عل
- بروح األصالة واملعارصة أقالم
- ان احلرضة
- َّ ِ
- بهذه املواصفات تقوم بدور حس
- املالكية أحسن قيام ، تلمثل عالوة ىلع
- ً ، يربط ماضينا األصيل الغين
- ً ذلك جرسا
- بادلروس والعرب ، بالواقع املعاش ربطا
- ً ملستقبل مرشق باتلقدم
- ،ً بناء
- حمكما
- العليم والفكري ، املحفوف باالستقرار
- والرفاهية واالزدهار .
- وىلع اهلل قصد السبيل ، فنسأهل
- اتلوفيق واتليسري ، وآخر دعوانا أن احلمد
- هلل رب العاملني .
- الشيخ عبد العزيز يس األمني
- انلاطق الرسيم باسم األرسة اتلجانية
- املالكية
- مجلة علمية دينية
- يصدرها معهد الشيخ الحاج مالك سي للدراسات
- اإلسالمية والبحوث العلمية بتواوون .
- السنة األولى ـ العدد 01
- المشرف العام :
- الشيخ عبد العزيز سي األمني
- نائب المشرف العام :
- الشيخ أبوبكر سي عبد العزيز الدباغ
- رئيس التحرير :
- خليفة لو
- مدير التحرير :
- مصطفى سي املدير
- سكرتير التحرير :
- عبد العزيز باه
- هيئة التحرير :
- الدكتور بشير انغوم ـ الحاج مالك فال ـ عبد
- العزيز صار ـ امبي درامي ـ عبد العزيز كيبي ـ
- شيخ تجان فال ـ أستاذ بامر انجاي ـ بابا مختار
- كيبي -السيد أحمد سي عبد العزيز سي – الحاج
- مالك محمد المنصور سي – محمد الحبيب سي
- سرين عبد – السيد مور نيانغ
- المخرج الفني:
- أبو سيراندو
- 776543837
- المراسالت:
- TIVAOUANE 8 : P . B
- 339552020(+221)/ 339552655(+221) :TEL
- 775767594(+221)
- املقر الرئيسي:
- معهد الشيخ احلاج مالك يس لدلراسات
- اإلسالمية وابلحوث العلمية، يح »بام« شمال
- املدرسة اثلانوية احلكومية يف تواوون.
- 1
- بسم اهلل الرمحن الرحيم
- احلمد هلل رافع درجات العلماء القائل
- يف حمكم تزنيله : يرفع اهلل اذلين آمنوا
- ))) .
- منكم واذلين أوتوا العلم درجات«
- ً : »هل يستوي اذلين
- والقائل أيضا
- ))) .
- ّ يعلمون واذلين ال يعلمون«
- ّ ِ األيم
- ِ
- والصالة والسالم ىلع انليب
- َّها واذلي قال اهلل
- َّة لك
- َّم البرشي
- اذلي عل
- ّه: وإن تطيعوه تهتدوا انلور : 54 .
- ِ يف حق
- وآهل وأصحابه وخلفائه اذلين آووه وآزروه
- واتبعوا انلور اذلي أنزل معه وأوئلك هم
- املفلحون .
- وريض اهلل عن إمام املقربني وتاج
- العارفني موالنا وشيخنا احلاج مالك يس
- وآهل وخلفائه ومقدميه ووسائله وعن
- اكفة أويلاء اهلل الكرام رضوان اهلل عليهم
- أمجعني .
- أصبحت احلاجة ماسة يف الكتابة عن
- حياة وأعمال علمائنا األجالء وزعمائنا
- األعزاء اذلين بفضل جهادهم املستمر،
- وكفاحهم املستميت ، انزاحت احلجب
- ّدة يف األجواء ، وحصحص
- ِ
- والغيوم املتلب
- َّضح أن احلق مهما كرث الصخب
- احلق وات
- وعلت الضوضاء يف اآلفاق فإنه سيعلو .
- يقول اهلل سبحانه وتعاىل : »إن األرض
- هلل يورثها من يشاء من عباده والعاقبة
- ))) .
- للمتقني«
- وهذا انلرص املبني اذلي مازال يلوح
- يف اآلفاق يرجع إىل مواقف وقفها رجال
- 1)المجادلة11:
- 2)الزمر9:
- 3)الأعراف: 128
- عظماء وعلماء أجالء ما زال اتلاريخ
- ّل أسمائهم بمداد
- ِ القديم واحلديث يسج
- من اذلهب يف أنصع صفحاته. فكيف
- ال؟ وهم بما قدموا من جالئل األعمال
- الصاحلة ومن تضحيات يف مجيع املجاالت
- ُ يشء ويصغر أمام همتهم
- ّ
- يهون أمامهم لك
- اخلادلة، وعزيمتهم
- املضاءة لكما
- سوى اهلل
- سبحانه
- وتعاىل.
- و قد يما
- قيل: إن حياة
- الرجال العظماء تقاس وتوزن بقد ر
- تزودهم وتسلحهم بسالح اإليمان باهلل،
- ومدى استعدادهم للتضحية والفداء
- وخوض املعارك واحلروب، ومواجهة
- الصعاب واملحن تلحقيق احلق، وإقامة
- َّة،
- العدل، ونرش السالم ، وحمو اجلهل واألمي
- وإزاحة اجلور واملنكر والرزيلة، وإعطاء
- احلياة معناها احلقييق حىت يستتب األمن
- واالستقرار والطمأنينة والسكينة يف
- القلوب وانلفوس واألرواح .
- نعم: إن أمثال هؤالء الرجال هم أعمدة
- ابلناء احلضاري والرصح العمراين اذلي
- مازال اإلنسان يتلمس الطريقة إلقامته يف
- لك عرص من العصور ويف لك مرحلة من
- مراحل تاريخ احلياة اإلنسانية ىلع سطح
- هذا الكوكب األريض .
- يقول اهلل سبحانه وتعاىل: »من
- املؤمنني رجال صدقوا ما اعهدوا اهلل عليه
- فمنهم من قىض حنبه ومنهم من ينتظر وما
- .
- )))
- َّ لوا تبديال«
- بد
- والواقع يفرض علينا رسد سرية
- هؤالء الرجال اذلاتية ملا تتضمن من
- عرب ودروس لألجيال احلارضة
- والصاعدة اليت تعيش أمام
- موجات من األفاكر
- واآلراء املتناقضة مع
- جذور تارخيها وتراثها
- اإلسالميني.
- هذا ومن خالل
- رسد حياتهم يتعلم
- اجليل املسلم
- ويعرف كيف
- يعيش ويتعامل
- مع احلمالت
- َّة
- والروافد الفكري
- اهلادفة إىل القضاء
- ىلع روح اإلسالم يف
- نفوس أبناء املسلمني.
- فحىت الرسول
- سيدنا حممد األسوة
- احلسنة واملثل األىلع
- ّ والكمال
- ّ ِ الرويح
- ِ
- يف السمو
- ّ اكن اهلل يأمره باالقتداء
- ِ
- اإلنساين
- بمن سبقه من األنبياء واملرسلني عليهم
- الصالة والسالم كما اكن اهلل يقص عليه
- قصصهم يلصرب كما صربوا يقول اهلل
- سبحانه وتعاىل: »فاصرب كما صرب أولوا
- ))) األحقاف : .35 وقال
- العزم من الرسل«
- ًّ نقص عليك من أنباء الرسل
- ً : »وكال
- أيضا
- ما نثبت به فؤادك وجاءك يف هذه احلق
- .
- )))
- وموعظة وذكرى للمؤمنني«
- وىلع هذا فإنه يسعدين اغية السعادة
- أن أبدي تأثري ابلالغ وأنا أقرأ بنهم
- وشغف الرسالة اليت استلمتها من إدارة
- معهد الشيخ احلاج مالك يس لدلراسات
- 4)الأحزاب23:
- 5)الأحقاف: 35
- 6)هود120:(
- 2
- ّفت
- اإلسالمية وابلحوث العلمية واليت لكِ
- فيها بكتابة مقال حتت عنوان : ملحة
- عن حياة وأعمال الشيخ احلاج مالك يس
- املصلح املجدد.
- وأول ما انطبع يف قليب بعد قراءة
- الرسالة هو ختصيص اثلناء وادلاعء اخلالص
- أليخ وحبييب الشيخ املحرتم السيد عبد
- ّ باسم
- ِ
- العزيز يس األمني انلاطق الرسيم
- اخلليفة العام للطريقة اتلجانية الشيخ
- املحرتم السيد الشيخ أمحد اتلجاين يس
- حفظهما اهلل وراعهما واكفة إخوتهما
- الكرام ملا يقومون به من جهود جبارة
- لرتسيخ داعئم املدارس القرآنية وراكئز
- املعاهد اإلسالمية يف ربوع هذه ابلالد .
- فجزاهم اهلل عن اإلسالم والوطن
- جزاء موفورا حبق : »واذلين جاهدوا فينا
- ))).
- نلهدينهم سبلنا وإن اهلل ملع املحسنني«
- وحبق قوهل سبحانه : »إنا ال نضيع أجر من
- ))) .
- «
- ً
- أحسن عمال
- وليس من باب الصدقة أن يكون
- ّ
- ٍ
- موضوع حبيث ومقايل حول حياة اعلم صويف
- ُ يف قليب ماكنة عظيمة
- ّ
- ّد حيتل
- ً ِ ومصلح جمد
- ً ورشفا
- ألنين قد سميت به فاكن ذلك نورا
- يل ، وألنين بعد تتبع مشوار حياته العلمية
- َّة وأسلوبه الفريد يف
- وادلينية وسريته اذلاتي
- مواكبة احلياة اخلاصة والعامة عرفت أنين
- أمام رجل عظيم وداعية كبري أفىن عمره
- الغايل يف اتلفكري املثمر واإلنتاج العليم
- ،ً وأمام
- ً وإرشادا
- ً ووعظا
- ً وشعرا
- املستمر نرثا
- ً يف جمال
- َّاال
- ً فع
- مصلح جمدد أسهم إسهاما
- ادلعوة إىل اهلل بالعلم واتلعليم والزتكية
- واتلهذيب ، ونرش رسالة اإلسالم اخلادلة
- إىل اكفة أحناء املعمورة .
- من هو الشيخ الحاج مالك سي رضي
- اهلل عنه؟
- إنه ابلدر اذلي ازدانت بوالدته قرية
- »اكيه« ابلعيدة عن مدينة » دااكنا » ببضعة
- األميال بمنطقة » والو » .
- ودل سنة 1854 م من أب اعلم ورع
- زاهد وهو الشيخ عثمان يس ومن وادلة
- اعبدة ورعة فانية يف حب العلم وأهله
- ّ ول .
- ويه السيدة فاطمة ود
- وترىب وترعرع يف جو مشبع بالفضل
- والصالح وتفتحت براعمه يف ظالل دوحة
- علمية باسقة ، فجال يف خمتلف أحناء
- َّة فدرس
- ابلالد إلشباع رغباته العلمي
- 1)العنكبوت69:(
- 2)الكهف: 30(
- وتفقه وتضلع يف كثري من فنون العلم
- واملعرفة وأجزي من طرف شيوخه حني
- أنسوا فيه انلبوغ واتلفوق واذلاكء .
- َّ واعتمر ورجع
- ويف اعم 1889 م حج
- إىل بالده بعد أن اجتمع بكثري من العلماء
- اذلين ناقشوه يف شىت ميادين العلم فعلموا
- أنه ابن جبدتها وفارس حلبتها .وانتصب
- للتدريس واتلكوين واتلأيلف واتلوعية
- ودعوة انلاس إىل اهلل وإرشادهم إىل لك ما
- فيه سعادتهم ادلنيوية واألخروية .
- َّة
- ولقد اكن منهجه يف ذلك لكه الوسطي
- واالعتدال واالتزان ضمن مقاصد الرشيعة
- وأهدافها العامة القائمة ىلع ادلعوة
- باحلكمة واملوعظة احلسنة ومرااعة
- َّة
- الظروف واملالبسات اليت تتم فيها عملي
- ادلعوة .
- ً منه أنه من ورثة
- نعم: فهو إدرااك
- الرسول اذلين رشفهم اهلل بنور العلم
- واملعرفة فهم أن رساتله يف هذه احلياة يه
- َّة اإلنسان والعمل
- الرتكزي ىلع حتقيق إنساني
- َّة
- ىلع إبراز القيم املثىل والصور الروحي
- الفضىل اليت بها تتحقق احلياة الفاضلة
- السعيدة ىلع سطح هذا الكوكب األريض
- ً عل
- وإال انقلبت احلقائق واملوازين رأسا
- عقب .
- نعم: لقد عظم ارتيايح وأنا أمام
- َّها يف حتصيل العلم
- َّس حياته لك
- رجل كر
- َّة ألنه الحظ
- َّة واالجتماعي
- َّة ادليني
- واتلوعي
- َّة
- أن أخطر داء ينخر كيان األمة اإلسالمي
- َّاتها هو داء
- ويمزق أوصاهلا ويضعف معنوي
- َّة .
- اجلهل واألمي
- َّم يف بالد
- إذا ما اجلهل خي
- رأيت أسودها مسخت قرودا
- واكن لزاما ىلع العلماء واألعالم
- العاملني يف جمال ادلعوة واإلرشاد أن
- يركزوا جهودهم ىلع حماربة هذا ادلاء
- َّاك واستئصاهل وذلك بإرشاد داعئم
- الفت
- الرتبية الرصينة للفرد ، وإرهاف مشاعره
- َّة
- وأحاسيسه وصقل مواهبه الفكري
- َّة، وحتفزي ضمريه اإلنساين وتفعيل
- والعقلي
- َّة حىت
- َّة والكسبي
- َّة الوهبي
- طاقاته الروحي
- يكون فردا قادرا ىلع اتلفاعل الالزم مع
- َّة و العطاءات
- معطيات احلياة احلضاري
- َّة من أجل
- َّة واتلطلعات اإلنساني
- ّ الكوني
- ٍ
- إقامة بناء ورصح حضاري مناسب وجو
- ّ
- َّ ِ ة إىل لك
- فكري موات تلبليغ الرسالة اإلهلي
- أحناء املعمورة .
- وهذا ما ملسناه فعال يف كتابات هذا
- املصلح املجدد اذلي هل باع طويل يف جمال
- توعية العقول اتلائهة احلائرة وجتديد رسوم
- َّة وتزكية انلفوس
- ادلين ومعامله احلضاري
- الغافلة عن ذكر موالها إىل نفوس زكية
- َّة .
- َّة مرضي
- راضي
- ولعل هذه األبيات اليت جادت بها
- قرحية ابنه ومريده الشيخ احلاج حممد
- ّد ما أرشت
- ّه ما يؤكِ
- ِ اهلادي توري يف حق
- َّة اذلي
- إيله من عظمة هذا العالم ادلاعي
- ٌقطار وابلدلان .
- شاع صيته يف األ
- أتيت وادلين يشكو وهو مغرتب
- إهانة و صدودات وعدوانا
- فقمت جمتهدا يف ذاك منفردا
- باهلل مستنجدا هلل موالنا
- َّ علم اكن مندرسا
- مدرسا لك
- بني املدارس بيضانا وسودانا
- فاكن يرى أن خطورة الوضع وتأزمه
- وانتشار العادات السيئة، وتغلب الشهوات
- َّة،
- وقساوة القلوب ، وضعف احلياة الروحي
- تفرض عليه أن ينفذ حياته إىل قلوب
- َّة يلغرس فيها شجرة اإليمان
- أبناء األم
- َّ الدلود
- َّ العدو
- َّ فإن
- يانعة ومثمرة ، وإال
- واقف باملرصاد .
- َّة قائال :
- ومن هنا أعلن رصخته املدوي
- أال يا بين هذا الزمان دعوتكم
- إلحياء دين بالعلوم أجيبوا
- دعوتكم هلل ال غري مطليب
- فعون هلإ العاملني حسيب
- ونستنتج من هذا أن داعئم مدرسته
- ودعوته إىل اهلل قائمة ىلع اتلعليم وحتصيل
- النشء، فاكن يدرس ويدرس ويعظ ويوجه
- ّيها إىل
- ّ األرواح وانلفوس ويرقِ
- ويرشد ويريِّبِ
- مقامات اتلحقق ، واتلخلق خبصال احلبيب
- املصطىف حممد.
- َّ معالم ادلين يف هذا
- واكن يرى أن
- ّ املسلم تكاد تكون
- ِ
- القطر اإلفرييق
- ّم نلا
- ِ مندرسة ومنطمسة فقام يلقد
- إصالحات هادفة إىل إحياء هذه املعالم
- وجتديدها وإصالحها .
- واكن مفهوم اتلجديد عنده هو جتديد
- حال املسلمني، وإيقاظ هممهم، ولكنه
- لم يكن يف وقت من األوقات من داعة
- ّ يشء
- أو اإلتيان برشع جديد أو طمس اهلوية ِ اتلجديد اذلين يريدون هدم لك
- َّة للفرد املسلم باسم اتلجديد.
- اذلاتي
- واتلجديد كما عرب عنه ادلكتور
- 3
- الشيخ يوسف القرضاوي مبدأ مرشوع يف
- ُ ادلين، ويف ذلك يقول : ))اتلجديد احلقييق
- ّ
- ّ يشء، يف
- املاديات واملعنويات يف ادلنيا وادلين حىت ِ مرشوع بل مطلوب يف لك
- وإن اإليمان يلحتاج إىل جتديد ، وادلين
- حيتاج إىل جتديد(( .
- ويف احلديث اذلي رواه عبد اهلل بن
- َّ اإليمان يلخلق يف
- عمرو مرفواع: ))إن
- جوف أحدكم كما خيلق اثلوب اخللق
- َّ فاسألوا اهلل أن جيدد اإليمان يف قلوبكم((.
- ويف حديث آخر عن أيب هريرة : )) إن
- ّ مئة سنة
- َّ ِ ة ىلع رأس لك
- اهلل يبعث هلذه األم
- ّد هلا دينها (( رواه أبو داود يف سننه
- ِ من جيد
- واحلاكم يف مستدركه .
- َّة
- َّة العقدي
- واكن يرى أن أحوال األم
- َّة تتدهور من يوم
- َّة واالجتماعي
- ّ واإليماني
- ِ إىل يوم نظرا لالبتعاد عن جوهر ادلين ولب
- الرشيعة السمحة .
- فاخلرافات واألباطيل واألوهام
- اكنت سائدة، واآليات القرآنية تقرأ قراءة
- َّة تسلخها عن سياقها
- َّة انتقائي
- سطحي
- ّ ورؤيتها الشاملة تلغطية لك
- ِ
- احلقييق
- ّ .
- ِ
- حراكت الوجود اإلنساين
- َّة اذلي
- َّه لم يكن ادلاعي
- وبما أن
- َّة أو
- َّ ٍ ة اإلسالمي
- يتخاذل عن أحوال األم
- ينطوي ىلع نفسه أو يزنوي يف ركنه ،
- ّا
- َّما الحظ انتهااك حلرمات ادلين أي
- اكن لك
- َّ وأرسع يف اتلنديد بذلك
- اكن مصدره إال
- َّال إسهاما
- إما بيده أو لسانه أو قلمه السي
- ّ وإاعدة
- ِ
- ّ واثلقايف
- ِ
- منه يف حتقيق الويع ادليين
- بناء األفاكر والعقليات العامة ، وإيقاف
- ّ اذلي
- ّ ِ واملد االستعماري
- ِ الزحف اتلنصريي
- اكن خييم ىلع ابلالد .
- لقد استفاد من جتارب من سبقوه
- من أعالم هذه ابلالد وعرف أن جناحه
- يف تبليغ رسالة اإلسالم اخلادلة مرتبط
- َّة
- َّ االرتباط بتقدير الظروف اتلارخيي
- لك
- واملالبسات اليت تمر بها ابلالد آنذاك من
- ّ والركون إىل هذه
- ِ
- حيث الضعف اإليماين
- الفانية ، وانتشار عبادة الطاغوت فرأى
- أن جهاده جيب أن ينصب ىلع حترير انلاس
- ّ الزاحف
- ِ
- ّ واملعريف
- ِ من هذا الغزو احلضاري
- وإيقافه قبل فوات األوان .
- ولقد فطن أن انلجاح يف هذا امليدان
- َّة بقدر
- الوعر ال يكون باملواجهة ادلموي
- َّة وتزويد انلاس بسالح
- ما يكون باتلوعي
- اإليمان باهلل املتوطد يف أعماق انلفس
- َّة .
- َّة اذلاتي
- وحتقيق اهلوي
- وهكذا فتح مدارسه املنترشة يف طول
- ابلالد وعرضها يلؤم إيلها انلاس من لك
- حدب وصوب فأصبحت حصونا وقالاع
- وزوايا يوفد إيلها انلاي أبنائهم للتعلم
- والزتيك واتلدرب ىلع الصرب واثلبات وطاعة
- اهلل واالستقامة واالبتعاد عن أماكن
- اللهو واللعب والفسوق والعصيان.
- َّة
- َّة ودعوي
- ولقد قام حبملة تعليمي
- ً ىلع
- ً وقادرة
- َّن بها أجياال واعية
- َّفة كو
- مكث
- مواجهة مجيع اتلحديات اليت اكنت سائدة
- آنذاك، ولم يكن يف يوم من األيام يملك
- َّة غري إيمانه ومصحفه
- سالحا وال بندقي
- وسبحته ومكتبته العلمية الزاخرة
- بمختلف املراجع واملصادر اليت اكن
- يقتنيها من اتلجار املغاربة أو يستوردها
- َّة .
- من ابلدلان اإلسالمي
- ُها القراء الكرام عشاق
- ّ
- وتعالوا أي
- ُق حالوة هذه
- ّ
- َّاد املعرفة إىل تذو
- العلم ورو
- القصيدة اليت صور نلا فيها الشيخ صورة
- واضحة لألوضاع احلرجة اليت اكن انلاس
- يعيشونها :
- أال إن أبناء الزمان تسابقوا
- إىل زينة ادلنيا ونيل عالء
- لقينا زمانا ال يبالون صفوة
- َّ طوال بناء
- وما همهم إال
- زمان طموح العني دون قناعة
- َّ احتياز ثراء
- وما دينهم إال
- َّة حرفة
- وقد جعلوا روم اهلدي
- تهادوا بها رس عظيم غناء
- ومزيان داع للهدى رفع همة
- عن اخللق يك جيين مجيل ثناء
- وما اكن عيبا صار حسنا توافقا
- َّ بالء
- لقد جلبوا لدلين لك
- ترى مسلما يف بيع مخر حمله
- وبائع دين يف اختالط نساء
- ورافعة صوتا وأصوات حليها
- حرام سماع مثل شمس ضحاء
- وآكل أموال ايلتاىم وتاراك
- لوادله يف فتنة وعناء
- وتارك أوقات خلدمة شيخه
- كعابد أصنام بغري مراء
- ّنا
- ِ
- هل الشيخ أىلع رتبة نلبي
- فجاهد صالة اخلوف غري خفاء
- كىف زاجرا يلقون غيا وواعظا
- تلأخري أوقات وترك أداء
- وضامن جنات من املكر آمنا
- وخرسان ذي أمن شديد جالء
- ومن يديع مهدية الغرتاره
- ومحق وجهل حابلا لشقاء
- وما لك سودا تمرة عند ذوقها
- ٌّ بيضا شحمة بإخاء
- وال لك
- أال لك ذا قلب احلقائق فاعلموا
- ىلع مفتدى اهلادي لزوم إساء
- أال نبهوا األتباع يك ال تؤاخذوا
- بما أحدثوا يف ادلين دون سواء
- ىلع لك متبوع داللة تابع
- ملا هو أجدى ال جللب عطاء
- فتعليمهم فرض ولو بإجارة
- وإال عليك اإلثم يوم لقاء
- تفقهنا فسق بدون تصوف
- ولك سائر اتلتميم دون مراء
- وذي نبذة من أضعف اخللق خربة
- يروم من اإلخوان حسن داعء
- وقال أيضا :
- حبر الرياسة أخا اجلهل عميق
- الغرق الغرق يا ويح الغريق
- كن خائفا إمامة األوراد
- مع العمائم بال رشاد
- تظن أن نيلك اتلقديما
- أو العمامة كىف اتلقديما
- فلو علمت ما حدود الشيخ لم
- تفرح به قبل خلو قد ألم
- يا جاهل األمور فاتلخيل
- مقدم حق من اتلحيل
- تطلب لك يوم الكرامة
- ألم ترم من قبلها استقامة
- َّما تضمن استدراجا
- ورب
- كرامة ال ختطئ املنهاجا
- من ذلك استجابة ادلاعء
- كراهة الصوت بال خفاء
- إن اجلداول بها اجنـــدال
- َّ ال
- وتلعن باإلخالص يا جد
- وفعل مأمور وترك ما نىه
- فذلك األرسار صاح انتبه
- وما يقال إنها األنوار مع
- ترك صالة فعل شيطان وقع
- ومن داع احلال واكن اغفال
- عن اتلاكيلف يكون جاهال
- نعوذ باهلل من اجلهاهل
- ّ ساعه
- ِ
- وما يؤديها بكل
- إىل أن قال :
- ا
- َ
- ر
- ْ
- م
- َ
- وهم يظنون بأن األ
- َّ ينال باجلهل وقيت الرشا
- تعلموا ثم اعملوا هلل=
- 4
- ََا واهلل
- ُرَب
- ذاك طريق الك
- ال ترضبن حبديد بارد
- إياك إياك من اتلحاقد
- وقال أيضا :
- ّ ومجليت
- ِ أال يا رسول اهلل يِّلك
- فإين يف هذا الزمان غريب
- أاعين حرارات الفؤاد تلنطيق
- وقد زاد من ضيق الزمان هليب
- ولوال تمين املوت من فيك منعه
- تمنيته إين إيله أتوب
- زمان أناس يف إماتة سنة
- تمالوا وبث العلم فيه عيوب
- داعوى يه العلم املؤكد عندهم
- ومنتسب للغري فهو لعوب
- تفاضل طرق واجلدال حديثهم
- كما قال زروق جزاه جميب
- زمان بكى من قبله كرباؤنا
- ّ حنيب
- جنيد كذا اجلييل فحق
- وقد فرقوا دين انليب شفيعنا
- كأن لم جيئ نيه ذلاك عجيب
- وقد جعلوا العلم املكرم حاجبا
- فقلت عن اجلهل القبيح حجيب
- وكم باطن يوم القيامة باطل
- إذا لم يوافق ما أتاه حبيب
- فإين رأيت ابليض والسود لكهم
- تداعوا لرتك العلم ذاك خميب
- وبالرجوع إىل تأيلفه القيم )كفاية
- الراغبني فيما يهدي إىل حرضة رب
- العاملني(، جنده يقول :
- قلت : ومن أعظم املصيبة يف هذا
- الزمان ظهور املتشيخيني اذلين لم يبلغوا
- درجة العوام فإنه ىلع الشيخ كما يف روح
- األرواح أن ينبه املريد ىلع أن تعظيم لك
- املشائخ املحققني واجب واحرتام املسلمني
- فرض، وأن من حقر طريقة غريه فقد حقر
- َّه ذلك إىل الكفر وهو ال
- َّما جر
- اإلسالم ورب
- يشعر فإنه يستحل الغيبة واحلقد وتفريق
- املؤمنني ، فنعوذ باهلل من الغرور وال حول
- وال قوة إال باهلل العيل العظيم .
- وإذا تقرر يف الفقه أنه حيدث للناس
- أقضية حسب ما أحدثوا من الفجور
- فأقول:
- إن الواجب ىلع مسلم ترك لك شيخ
- يؤدي إىل احلقد واحلسد والكرب أو إىل
- اتلفريق بني املؤمنني ويرجع إىل احلق
- ويتبع الرشع ، وحيب لك مسلم ويكره
- ّ م لك طريقة وافقت الرشع
- لك اكفر ، ويعظ
- ، وحيرض جمالس العلم وإن منعه شيخه
- لغلبة اجلهل .
- ويف رشح )تائية السلوك( لسيدنا
- الرشنويب: فاعلم أنه ال يصلح لإلرشاد إال
- من اكن ىلع علم يهدي به العباد .
- فإذا مرض مريده بسبب شبهة داواه أو
- حتري يف مسألة من مسائل الفقه أفتاه من
- قناعة تورثه الغىن عن انلاس .
- إذا لم يكن يف الشيخ مخس فوائد
- وإال فدجال يقود إىل اجلهل
- بصري بأحاكم الرشيعة اعرف
- ويبحث يف حبر احلقيقة عن أصل
- ّاد بالبرش والقرى
- يبادر للور
- وخيضع للمسكني يف القول والفعل
- ّ فهذا هو الشيخ املعظم قدره
- جدير بتميزي احلرام من احلل
- وقال يلع اخلواص: ))ال يكون الرجل
- معدودا عندنا من أهل الطريقة حىت
- ّلها
- يكون اعملا بالرشيعة املطهرة جمم
- ومفصلها ، وناسخها ومنسوخها وخاصها
- واعمها ومن جهل حكما واحدا منها سقط
- من درجة الرجال (( .
- واكن سيد هذه الطائفة )اجلنيد( يقول:
- ال يستحق الرجل أن يكون شيخا
- حىت يأخذ حظا من لك علم رشيع، وأن
- يتورع عن مجيع املحارم ، وأن يزهد
- يف ادلنيا وأال يرشع يف مداواة غريه إال
- بعد فراغه ملداواة نفسه وأن يكون
- ىلع القدم املحمدي، واملريدون ىلع قدم
- السلف الصالح وما ذلك ىلع اهلل بعزيز .
- ثم قال: وإياك ومتابعة من لم يكن ىلع
- هذه األوصاف فإنه من جنود الشيطان ،
- واعترب أقواهل وأفعاهل وأحواهل وزنها بمزيان
- الرشع والطريقة ، فإن رأيت شيخا خمالفا
- ّه فإن اكن صاحب حال وردته، فما
- هلما فرد
- ّه حبكم الرشع وال تتخذه
- عليك من رد
- شيخا وال مرشدا .
- فقلت :فانظر إىل ما صار إيله األمر
- ايلوم فإنا هلل وإنا إيله راجعون .
- ويف روح األرواح أيضا ما نصه :
- ))فعىل من ابتيل باملشيخة انلظر يف أحوال
- نفسه ، فإن علم من نفسه االتصاف
- بالعلم والعمل كما بينا داع من أحبه من
- املسلمني ونصح هل ، وإن لم يكن اعملا وال
- اعمال وجب عليه حتصيل العلم والعمل
- ، وترك املشيخة ليسلم من وباهلا يوم
- القيامة فإن الفاسق واجلاهل بعيدان من
- اهلل فكيف يقربان غريهما إيله (( .
- أيها القراء األعزاء :
- يمكننا أن نلخص من هذه انلصوص
- أن موالنا الشيخ احلاج مالك يس اكن
- يرى أن أي جتديد أو إصالح ال يتم إال يف
- إطار الرجوع إىل جوهر الرشيعة اإلسالمية
- السمحة واالبتعاد عن املمارسات اليت تمأل
- الساحة اإلسالمية باسم اتلصوف والفناء .
- ولقد سئل العارف باهلل الشيخ حممد
- احلافظ اتلجاين هل ختالف احلقيقة
- الرشيعة؟ فأجاب: ))من اعتقد أن
- احلقيقة تتناىف مع الرشيعة فهو اكفر ال
- يعرف اإلسالم ، ألنه اعتقد أن ما جاء به
- انليب وعلمه انلاس هو غري ما يف احلقيقة
- الواقعة عند اهلل عز وجل ، وليس هناك
- كفر أقبح من ذلك ، ومن عبد اهلل وهذه
- بدايته فبداية سريه كفر فلن يزداد إال
- كفرا (( أاعذنا اهلل من ذلك .
- ويف حتفة السالكني للسيد حممد
- السمنودي : وال يمكن الوقوف ىلع أرسار
- احلقيقة إال إثبات األعمال املبينة ببيان
- صاحب الرشع ، فإن لك طريقة ختالف
- الرشيعة باطلة ولك حقيقة ال يشهد عليها
- الكتاب والسنة فيه إحلاد وزندقة .
- ويواصل قائال :
- ))ثم اعلموا ال خيب اهلل رجائنا
- ورجاءكم ، وقهر نلا أعداءنا وأعداءكم
- أن من األمراض اليت ال طبيب هلا األلك
- بادلين اذلي عمت به ابللوى (( .
- قال سيدنا األخرضي اعطفا ىلع املحرمات:
- )) واأللك بالشفاعة أو بادلين(( .
- قال الشارح عند ذلك املحل يف عمدة
- ابليان: قوهل: ))بادلين(( كمن أظهر يف
- نفسه اتلصوف فيعطي املال ألجل ذلك
- ويسمح هل يف رشائه وتشرتي منه السلعة
- ألجل الربكة، وهو فيما أظهر من نفسه ىلع
- غري استقامة، وما أخذه ىلع ذلك الوجه من
- املال فهو حرام (( .
- قال سيدنا اجلنيد: ))تعرفون باهلل
- وتكرمون به كيف أنتم مع اهلل إذا خلوتم
- به ؟ (( .
- وقال اإلمام الغزايل رمحه اهلل : ))آللكها
- بادلف واملزامري أهون يلع من أكلها بطريق
- اآلخرة (( .أي بادلين .
- ويواصل احلديث قائال :
- ومما عمت به ابللوى أيضا يف هذا
- 5
- استجابة نلداء القرآن ادلايع إىل حمبة
- انليب وطاعته وامتثال أمره واتلأيس به ،
- فقد اعتىن العلماء املسلمون منذ زمن
- بعيد حبياة انليب ، وأولوها اهتماما بالغا
- ، ومن هنا نشأ ما يسىم بفن )) السرية
- انلبوية((.
- لقد ظل هذا الفن متطورا عرب
- القرون ومنسجما مع األهداف اليت اكن
- يريم أصحابها إىل حتقيقها. فمن هؤالء
- العلماء من اهتموا حتديدا بناحية واحدة
- من نوايح حياته؛ فألفوا يف مودله. ومنهم
- من تناولوا الويح أو ادلعوة أو اهلجرة؛ بينما
- عين آخرون بغزواته وشمائله وغريها من
- فضائله ومزاياه .
- ويذكر منهم ىلع سبيل املثال: الربزنيج
- ) ت /1766 1179( مؤلف الكتاب املشهور؛
- قصة املودل انلبوي . واملناوي )ت /1627
- 1031( مؤلف الكتاب الشهري بعنوان:
- مودل املناوي . وانلبهاين ) ت /1920 1344
- ( مؤلف األنوار املحمدية من املواهب
- الدلنية. وابن املهيب الوزير األندليس
- صاحب ديوان يف مدح انليب . وابن كثري
- )ت 1372 / 713 ( مؤلف شمائل انليب .
- وابن عبد الرب )ت /1070 463 ( اذلي
- ألف يف الغزوات . والشيخ احلاج مالك يس
- )/1922 1853( مؤلف ري الظمآن يف مودل
- سيد بين عدنان .
- وعالوة ىلع ذلك قام بعض العلماء يف
- وقت مبكر وىلع مر القرون بأحباث طويلة
- وعميقة تناولت سرية الرسول بكل
- جوانبها انطالقا من مودله إىل وفاته ؛ بل
- حىت أبعد من ذلك . ومن هؤالء أبوبكر
- حممد إسحاق )ت /151 867 ( رائد كتاب
- السرية . وحممد بن عمر الواقدي )ت822 /
- 207( مؤلف اتلاريخ الكبري . والقسطالين
- )ت /1517 932( مؤلف كتاب املواهب
- الدلنية . والقايض عياض )/1149 544(
- مؤلف كتاب الشفا بتعريف حقوق
- املصطىف . وزين ادلين العرايق مؤلف
- كتاب ألفية العرايق . وكثرية من الكتب
- اليت تناولت السرية انلبوية؛ واحلاج مالك
- يس ىلع وجه اتلحديد اذلي أشار يف مقدمة
- كتابه الشهري ))خالص اذلهب يف سرية
- خري العرب(( إىل أنه استىق خصوصا
- لوضع اهلوامش املادة العلمية من بعض
- هذه اآلثار العلمية القيمة املستوعبة للك
- حياة انليب .
- وتلقديم املساهمة يف إحياء السنة
- واتلعريف بالرسول غرسا ملحبته يف
- القلوب ويف األرواح واألذهان ، وحب
- صحابته الكرام ، اذلين وقفوا جبانبه وقفة
- رجل واحد منذ السااعت األوىل العويصة
- من ظهور اإلسالم طبق الشيخ احلاج مالك
- يس كعادته منهجه ادلقيق يف ابلحث
- الزمان الرشوة اليت سموها ايلوم هدية ويه
- ايلوم كما سيأيت رشوة .
- إىل أن قال : )) فلك ما أىت من األخ
- ألخيه ىلع وجه اهلدية واملواصلة هلل من
- غري طمع وال استرشاف نفس فضال عن
- ً إىل
- ً وطريقة
- السؤال فهو ال بأس به رشيعة
- آخر كالمه (( فلرياجع .
- وأسأل اهلل أن جيعلنا من املتشبثني
- بأذياهل الكريمة وأن ينفعنا بعلومه دنيا
- وأخرى إنه ويل ذلك والقادر عليه وهو ىلع
- ما يشاء قدير وباإلجابة جدير نعم املوىل
- ونعم انلصري .
- وأختم هذه انلبذة باتلربك بهذه
- األبيات اليت قيلت يف مديح أصحاب
- رسول اهلل راجيا من اهلل العيل القدير أن
- ينفعنا حببهم وحبب سميي وشييخ الشيخ
- احلاج مالك يس عليه رضا العزيز املالك .
- إن هلل رجاال عظما
- ّدوا ادلين ونالوا الكرما
- أي
- شيدوا أراكنه حىت سمت
- وعلت فوق السماء عظما
- بذلوا أنفسهم يف نرصه
- ا
- َ
- ِعم
- ْ
- ّا من
- ورضوا باهلل رب
- جاهدوا يف اهلل حق جهاده
- ّما
- ورضوا اإلسالم دينا قي
- وعلت يف اهلل أنفسهم ىلع
- بيعة املختار حازوا نعما
- هللف احلمد والشكر وهل الفضل واملنة ىلع
- ما أسدى من انلعم الظاهرة وابلاطنة وصىل
- ّم ىلع موالنا رسول اهلل سيدنا
- اهلل وسل
- وموالنا حممد وآهل وصحبه وخلفائه وسلم
- تسليما كثريا دائما أبدا إىل يوم ادلين.
- وآخر دعوانا أن احلمد هلل رب العاملني.
- بقلم
- الشيخ احلاج مالك يس بن الشيخ احلاج
- عبد العزيز يس ادلباغ بمدينة تواوون
- املحروسة
- 6
- فتوسع يف مجيع املصادر والوثائق ، وقام
- باتلحليل وانلقد قصد جتاوز اخلالفات
- املذهبية ، والوصول إىل احلقائق اتلارخيية.
- وهذا ما يتجىل بوضوح ملن يقرأ بتأن
- وتمعن ألفيته موضوع املقالة اليت سماها
- ) خالص اذلهب يف سرية خري العرب ( .
- فيه بذلك خالصة للسري الكربى وثروة
- وثائقية بوأت هذا الكتاب ماكنا اعيلا من
- بني كتب السرية املعروفة.
- ونظرا ملا تتمزي به هذه األلفية فقد
- ارتفعت بمؤلفها العالمة إىل مستوى
- أعالم السرية ، اذلين كتبوا يف حياة وآثار
- خاتم انلبيني وإمام املرسلني .
- ونظرا إلملامه املتمزي بمناهج اتلدريس
- واتلأيلف ، احرتز الشيخ عند كتابة هذه
- السرية انلبوية الشاملة من اتلوسع بعمق يف
- معاجلة لك املسائل، فجاءت بعض الفصول
- يف عرشة أبيات أو أقل ، وبعضها يف أكرث
- من مائة بيت ، ىلع أنه حريص يف دراسته
- ىلع عدم إغفال أي مستند تارييخ موثوق
- به . إنه يؤرخ الوقائع ويعد األعداد لتسهيل
- معرفتها واإلحاطة بها مع االستعانة بالفهم
- العددية األجبدية املعروفة حبساب اجلمل.
- وبفضل ما أويت العالمة من املعرفة
- الواسعة بعلم العروض ، وتمكنه من ناصية
- اللغة العربية ، استطاع اتلغلب ىلع كثري
- من الصعوبات اليت يالقيها دارس السرية
- عند مطالعة الكتب املؤلفة يف هذا الفن.
- ومن هنا استخدم برباعة قيم احلروف
- األجبدية لضبط اتلاريخ والعد واحلساب
- دون اإلخالل بالقواعد العروضية ، بل
- إن جلوء احلاج مالك يس إىل هذا انلظام
- العددي أضىف ىلع منظومته مجاال ورونقا
- وبهاء أثرت يف املجتمع السنغايل ، وذاع
- صيتها فيه حيث يندر وجود أفراد ال
- حيفظون بعضا من أبياتها عن ظهر قلب
- ويتغنون بها بنغمات تأخذ بمجامع
- القلوب .
- واكن انلاس يف السنغال قبل دخول
- الشيخ احلاج مالك يس يف حلبة سباق
- اتلجديد ادليين حيتفلون بذكرى مودل انليب
- يف شلك جمالس ، واكنت العادة يه تنظيم
- حفالت للرتنم بأناشيد دينية ، واتلغين
- باملدائح انلبوية ، دون اللجوء إىل توضيح
- معانيها ، ورشح ألفاظها باللغة املحلية.
- وهذه املدائح اكنت تستىق من الكتب
- املؤلفة يف هذا الصدد مثل ))الربدة((
- للبوصريي و))الوسائل املتقبلة(( للوزير
- األندليس الكبري ابن املهيب و)) جمموعة
- القصائد(( ؛ فجاء العالمة احلاج مالك
- بتحرير ألفيته خالصة يف السرية انلبوية ،
- تقع يف ألف وثمانية ومخسني بيتا مقسمة
- ىلع ثالثني فصال ، واكن البد للعالمة
- من أن يستعمل لغة وشكال مناسبني .
- وهذا ما حتقق باستعماهل الشعر . علما
- بأنه ليس هناك أسلوب يف تعليم العلوم
- العربية اإلسالمية أفضل من املنظومة
- الشعرية اليت استعملها مؤلفون مسلمون
- أسهموا ىلع نطاق واسع ومتمزي يف نرش
- اللغة العربية والفنون اإلسالمية. ويذكر
- منهم السيويط وألفيته يف علم مصطلح
- احلديث، والعرايق يف السرية، وابن مالك يف
- ْ السنغايل الغاميب يف انلحو .
- َ
- ّ انلحو ، ويلع يَف
- إال أن ألفية الشيخ احلاج مالك يس تنطوي
- ىلع مزية أخرى؛ تتمثل يف إيراد لكمات
- وعبارات ذات مغزى ينرشها املؤلف يف
- ثنايا منظومته عند انتهاء األبيات، لغرض
- وعظ القارئ وإرشاده إىل الطريق القويم
- الواجب سلوكه يف اتلخلق بأخالق انليب
- الكريمة اكلعدالة والصدق واتلواضع
- وغريها من ماكرم األخالق اكحلرص ىلع
- طلب العلم ، واجلد يف ابلحث العليم ،
- واالحرتام للرأي اآلخر.
- إن املاكنة املرموقة اليت حيتلها انليب
- وتعايلمه يف حياة مؤسس جامعة اجنارد
- ) /1901 1895( قد دفعته إىل إحياء ذكرى
- مودل انليب ألول مرة يف مزرعة انغامبو
- جل بمنطقة والو وذلك اعم )1891( ىلع
- الرغم من كونه آنذاك حتت رقابة املستعمر
- املشددة إحياء رمزيا اكن يقوم به مع
- مريده أحد أقدم أتباعه ، وهو الشيخ احلاج
- روحان انغوم )/1857 1854( يف جملس
- يمكثان فيه وقتا طويال لقراءة القرآن
- الكريم وختمه يلال .
- وحينما خفت وطأة اإلجراءات
- اإلدارية الرقابية ىلع الشيخ احلاج مالك
- واستقر به املقام يف مدينة تواوون ، رشع
- يف تنظيم جمالس تمتد إلحدى عرشة يللة
- عند مستهل شهر ربيع األول ، استعدادا
- الستقبال يللة املودل انلبوي ، حيث تقرأ
- فيها قراءة مجاعية بعد صالة العشاء فصال
- من الفصول العرشة املكونة لقصيدة
- الربدة الشهرية اليت ألفها رشف ادلين
- حممد ابلوصريي )1296 / 696( ويف الليلة
- العارشة يتم االحتفال بالليلة املودلية .
- ولكون كبار أتباعه ملكفني بنقل
- الرسالة اإلسالمية اليت اكن يقوم بنرشها
- الشيخ طيلة حياته ، فإن العلماء اذلين
- كونهم واذلين تلقوا منه هذه الرسالة قد
- قاموا هم أيضا بهذه اهلمة ، لك يف إطار
- القطر اذلي عينه فيه بعد اكتمال تكوينه
- يف “اجنارد” أو ” تواوون ” . واكنوا عالوة ىلع
- مهامهم ادلينية ينرشون السرية انلبوية
- ويدرسونها اعتمادا ىلع ” خالص اذلهب “
- وبذا أصبح الكتاب حيتل ماكنة الصدارة يف
- هذه احلفالت اليت حيمل مهمته خلفاؤه إىل
- يومنا هذا .
- وهذه اثلقافة انلابعة من حب انليب
- عرب خالص اذلهب واتلمسك بتعايلمه
- ما فتئت منذ أكرث من ستني اعما تتيح
- الفرصة يف نهاية لك أسبوع يف عدد من
- مدن السنغال ويف مدينة داكر ىلع وجه
- اخلصوص تلنظيم االحتفال بذكرى
- املودل انلبوي الرشيف يلال داخل رسادق
- منصوبة هلذا الغرض ، ومضاءة ىلع امتداد
- شوارع املدن السنغايلة .
- وهناك كثري من العلماء من أتباع
- الشيخ احلاج مالك يس و غريهم ختصصوا
- يف رشح وتفسري ” خالص اذلهب ” باللغات
- املحلية وبروح العرص بفضل ما أوتوا من
- ابلالغة يف تثقيف انلاس بالسرية انلبوية
- وحتبيبها إيلهم برباعة وامتياز . وخنص
- منهم باذلكر بعض أتباعه أمثال : احلاج
- أمحد سيس من قرية بري واحلاج أمحد واد
- من قرية امبور واحلاج إبراهيم ساخو من
- قرية انغابرو الخ .
- ولك ما ذكرنا يعطي ديلال ىلع أن
- “خالص اذلهب يف سرية خري العرب ” قد
- دخل ابليوت واملجالس العلمية اتلقليدية
- وانلظامية، واألاكديمية، وأصبح جزء
- ال يتجزأ من اتلقايلد والعادات ادلينية
- السنغايلة منذ ما يناهز قرنا من الزمن .
- تلك يه اللمحات اليت حاونلا بها
- تسليط الضوء ىلع ” خالص اذلهب يف سرية
- خري العرب ” وما من شك يف قصور هذه
- اللمحة عن الوفاء بما تضمنته املنظومة
- من دالالت وانعاكسات ىلع املستوى ادليين
- والعليم واثلقايف واالجتمايع .
- فجزى اهلل عن مؤلفه الشيخ العالمة
- احلاج مالك يس خري ما جيزى به املحسنني
- إنه عليم قدير ، وباإلجابة جدير ، وهو نعم
- املوىل ونعم انلصري.
- بقـلم الـدكـتور / روحان امبـي
- 7
- َّ ىلع املؤمنني إذ
- احلمد هلل اذلي من
- بعث فيهم رسوال من أنفسهم يتلو عليهم
- آياته ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب واحلكمة،
- وإن اكنوا من قبل ليف ضالل مبني .
- وأزىك صلوات ريب ، وأصىف سالمه،
- وأنىم براكته ىلع مظهر لطفه وعني
- َّة ماكرم األخالق
- رمحته، املرتبع ىلع قم
- وذروة حماسنها ، سيدنا وموالنا حممد وآهل
- وصحبه اذلين يؤثرون ىلع أنفسهم ولو اكن
- بهم خصاصة ، ومن اهتدى بهديهم إىل يوم
- َّ قدره ومقداره العظيم .
- ادلين حق
- ً اتلصوف يف جوهره
- إن اتلصوف يف حقيقته وجوهره بعيدا
- عن اختالف ابلاحثني يف اشتقاقات لكمته
- قيم وأخالق، يمثل اإلحسان يف أىلع صوره،
- وأبهج مظهره، وحقيقته، حسب تعاريفه
- عند القوم، اليت تربو ألفني ، ولكها تنتيه
- ًّه إىل
- إىل األخالق والقيم ، ولكها صدق وتوج
- اهلل تعاىل .
- الصدق الفلسيف: هو مطابقة اخلرب
- للواقع . بينما الصدق عند الصوفية: هو
- مطابقة الظاهر للباطن ؛ مطابقة اللسان
- للقلب. أال يكون هناك تناقض بني
- املؤمن وإيمانه وال بني اإلنسان ومواقفه،
- ولكما ازداد اتلوافق بني اإلنسان ومبادئه
- اإليمانية ازداد صدقا. وذللك يقول الرسول
- “وال يزال العبد صادقا ويتحرى الصدق
- حىت يكتب عند اهلل صديقا ” وأال
- يكون بني عقيدة املؤمن وسلوكه فجوة .
- ومما روي عن ابن مسعود عن انليب قال :
- “عليكم بالصدق فإنه يقرب إىل الرب والرب
- يقرب إىل اجلنة وإن العبد يلصدق فيكتب
- عند اهلل صديقا ، وإياكم والكذب فإن
- الكذب يقرب إىل الفجور والفجور يقرب
- إىل انلار وإن الرجل يلكذب حىت يكتب
- عند اهلل كذابا ” .
- وذللك يقول الشيخ احلاج عمر الفويت
- ” إن أول قدم للمريدين يف هذه الطريقة
- ينبيغ أن يكون ىلع الصدق ، والصدق
- عماد األمر وبه تمامه وبه نظامه ويه تايل
- درجة انلبوة؛ قال تعاىل: »فأوئلك مع اذلين
- .
- )))
- أنعم اهلل عليهم من انلبيني والصديقني«
- والصدق استواء الرس والعالنية.
- 1)النساء: 69(
- َق يف قوهل وأفعاهل،
- والصادق من صد
- والصديق من صدق يف مجيع أقواهل وأفعاهل
- وأحواهل ، وذللك من أراد معية اهلل تعاىل
- فليالزم الصدق .
- ومعىن الصدق أول يشء يضع املريد
- قدمه عليه : أن الصدق أول خطوة خيطوها
- املريد يف سريه إىل اهلل . وأنه هو األرض
- الصلبة اليت يتمكن بها املريد للوصول
- إىل اهلل تعاىل وإىل ذلك يشري الشيخ احلاج
- مالك يس بقوهل :
- ُريد
- والصدق فهو زينة الم
- َريد
- أاعذنا اهلل من الم
- الصدق مع اهلل تعاىل ، والصدق مع
- انلفس ، والصدق مع اآلخرين من أسىم
- القيم الروحية واألخالقية واالجتماعية .
- واتلوجه إىل اهلل تعاىل يتضمن فرار
- العبد إىل احلق سبحانه وتعاىل ، والزهد
- عما يف أيدي اخلالئق ، والرضا بما قسم اهلل
- وقىض وقدر ، واالكتفاء به واالتلجاء إيله
- ، واتلولك عليه ، لقوة يقينه بأن ما عند
- اهلل خري وأبىق ، وأنه لطيف رحيم رؤوف
- بعباده ، وهذا من أهم وسائل حتصيل
- ُ
- سالمة القلب وصحته اليت بها انلجاة
- والسعادة األبدية .
- وأسىم القيم اليت تستطيع البرشية
- َها تتمثل ىلع عنارص ثالثة :
- معرفت
- أوال : اتلوجه اليلك إىل اهلل سبحانه
- وتعاىل .
- ثانيا : الصدق املتمثل يف تطابق هذا
- اتلوجه مع ما أمر اهلل به والكيفية اليت أمر
- بها والصدق اذلي رسمه هلذا اتلوجه.
- ثاثلا : احنصار هذا اتلوجه يف حتصيل
- مرضاة اهلل تعاىل . ولرضوان من اهلل أكرب.
- يقول الشيخ احلاج مالك يس:
- صدق اتلوجه يف إرضاء خالقنا
- ِن
- َ
- َع
- َّ ذو ر
- معىن اتلصوف الما ظن
- إرضاء اخلالق باالعتقاد اجلازم
- الصايف، إرضاءه بأداء العبادات ىلع الوجه
- اذلي يتحقق فيه اإلخالص املفهوم من
- قوهل تعاىل: »وما أمروا إال يلعبدوا اهلل
- خملصني هل ادلين حنفاء ويقيموا الصالة
- .
- )))
- ويؤتوا الزاكة وذلك دين القيمة«
- اتلصوف هو اإلحسان
- 2)البينة5:(
- واإلحسان هو القسم اثلالث من أقسام
- ادلين اإلساليم اثلاليث ىلع ضوء حديث
- جربيل ، أو احلوار اتلعلييم اللطيف اذلي
- دار بينه وبني الرسول الكريم.
- فاإلسالم وهو اجلزء األول منه عبارة
- عن أعمال األعضاء الظاهرة: انلطق
- بالشهادتني ، والصالة ، والزاكة ، واحلج .
- واجلانب اثلاين هو اإليمان هو أعمال
- األعضاء ابلاطنة: القلب، والعقل ، والفؤاد،
- واللب؛ ويه القواعد اإليمانية اليت تمثل
- االعتقاد اجلازم باهلل ومالئكته وكتبه
- ورسله وايلوم اآلخر والقدر رشه وخريه .
- واإلحسان وهو ثالث األقسام وآخرها:
- أن تعبد اهلل كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه
- فإنه يراك. فهذا القسم حيتوي ىلع أجزاء :
- أوهلا : معىن اسم اجلاللة وما حتته من
- الصفات العليا واألسماء احلسىن .
- ثانيها: العبد ، والعبادة والعبودية .
- ثاثلها: العالقة بني العبد وربه .
- رابعها: شمويلة العبادة جلميع توجهات
- العبد وربه .
- خامسها : مراقبة العبد ملواله يف هذه
- العبودية الشاملة ، والعبادة اجلامعة.
- سادسها : انقسام املراقبة إىل مستويني:
- أ( مستوى املشاهدة جلالل اهلل،
- واملعاينة جلماهل ، واملاكشفة لكماهل .
- ب( مستوى اتلفكر يف جالهل، واتلأمل
- يف مجاهل ، واتلدبر يف كماهل، لكمال ايلقني
- بأن احلق سبحانه يراه يف لك حلظة من
- حلظات وجوده ، ويف لك حركة من حراكته
- ))) .
- »ألم يعلم بأن اهلل يرى«
- ال تغيب عنه اغئبة ، وال ختىف عليه
- خافية؛ »يعلم خائنة األعني وما ختيف
- .
- )))
- الصدور«
- »وما تكون يف شأن وما تتلو منه
- من قرآن وال تعملون من عمل إال كنا
- عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب
- عن ربك من مثقال ذرة يف األرض وال يف
- السماء وال أصغر من ذلك وال أكرب إال يف
- ))) .
- كتاب مبني«
- والقسم األول من أقسام ادلين
- 3)العلق14:(
- 4)غافر19:(
- 5)يونس: 61(
- 8
- اإلساليم اثلالثة توىل بيان أحاكمه،
- وتفاصيل مسائله فقهاء األمة الكرام وهو
- املعرب عنه بعلم الرشيعة أو علم الفقه .
- والقسم اثلاين توىل بيان أصوهل وفروعه
- ومباحثه علماء اتلوحيد، واملتلكمون، وهو
- املعرب عنه بعلم العقيدة.
- أما القسم اثلالث فقد توىل بيان
- ينابيعه ومشاربه العلماء العارفون
- املحققون، فيعربون عنه بالسلوك
- تارة، وبالزهد والرقائق ، أو األخالق،
- وتارة أخرى باسم جامع يصطلح عليه
- باتلصوف. وهو مصطلح خاص ، وال
- مشاحة يف االصطالح. وهو يمثل مزنلة
- اإلحسان اذلي ال تتم عبادة ، وال تكون
- هلا ثمرات وال عظمة شأن إال به .
- وال تصح عقيدة وال تنتج إال إذا
- وصلت إىل املستوى اإلحساين . وإال
- تكون العبادة حراكت جمردة ، والعقيدة
- ً ٍ وتصورات .
- ً وأقواال
- أفاكرا
- فالصالة املتأسسة ىلع اإلحسان تعود
- ،
- ً
- ً وعالجا
- ثمراتها ىلع قلب املصيل دواء
- ً »إن الصالة تنىه عن
- ً وهداية
- وتقويما
- .
- )))
- الفحشاء واملنكر«
- والصالة اخلايلة من هذه املزنلة ختلو
- من لك اثلمرات ، ويبىق قلب املصيل
- 1)العنكبوت45:(
- مصابا بأمراض وعلل : األمراض القلبية
- والروحية واألمراض األخالقية وانلفسية
- واالجتماعية : »فويل للمصلني * اذلين هم
- عن صالتهم ساهون * اذلين هم يراؤون*
- ))). فيصاب
- ويمنعون املاعون املاعون«
- املصيل بأعقد األمراض الروحية والقلبية
- وهو: الرياء )الرشك األصغر( ، وتتودل منه
- سلسلة من األمراض والعلل تفقد القلب
- سالمته. فيصاب بأمراض اجتماعية
- أخالقية نفسية معقدة تتمثل يف مرض
- األنانية اليت ال يتجادل اثنان يف خطورتها
- االجتماعية. وكذلك مجيع أراكن اإلسالم
- ُها من اإلحسان ال تتأىت منه
- إذا خال أداء
- ثمرات وال نتائج طيبة بل تكون فارغة
- خاوية . تكون حراكت اعدية، تقليدية ،
- تلقائية، أوتوماتيكية اكلرشيط املسجل .
- ماكنة علم اتلصوف بني العلوم
- صحيح للك العلوم اإلسالمية هيبتها
- وماكنتها يف القلوب ، إال أن للك منها جماهل
- واختصاصه :فعلم انلحو يعصم اللسان
- من اخلطأ يف اتلعبري . بينما علم املنطق
- اعصم للعقل من اخلطأ يف اتلفكري . و علم
- الفقه بليان قواعد العبادات ، واملعامالت ،
- واألحوال الشخصية ، والعقوبات الرشعية،
- وما رافق ذلك من األحاكم واملسائل. و علم
- 2)الماعون: 7-5(
- اتلوحيد بليان القواعد العقدية، واألحوال
- اإليمانية. يف حني أن علم اتلصوف للوقوف
- ىلع أسباب سالمة القلب، والعوامل املؤدية
- إىل صحته . وللوقوف ىلع أمراض القلوب
- وعالجها ، ودسائس انلفوس وتزكيتها .
- ولوضع قواعد السلوك ، وسبل الفرار إىل
- اهلل سبحانه وتعاىل واملجاهدة فيه .
- فهو العلم املختص بانلفوس والقلوب
- واألرواح . فيبني ماكرم األخالق وحماسنها،
- وكيفية حتصيلها.
- فاتلصوف هو الظرف اآلمن تللك
- القيم، والواعء الضامن تللك الشيم. ويه
- ثمرات العبادات واملجاهدات ونتائج
- املراقبات و املحاسبات .
- ومن خالل املجاهدات واملراقبات
- واملحاسبات يتخىل العبد السالك عن
- األخالق املذمومة ويتحىل بالقيم املجيدة،
- والشيم احلميدة ، فتصفو طويته، وتطيب
- أخالقه ، وتقوى نسبته إىل ربه ، وتتحقق
- عبوديته ، وحتسن عالقته بالعالم األمجع.
- بقلم ادلكتور / حممد بشري انغوم
- مدرس علوم اتلفسري والسنة واألحوال
- الشخصية
- لكية ادلعوة اإلسالمية فرع ” بري “
- مجهورية السنغال
- 9
- يف مساعيه املتواصلة خلدمة العلم
- وطالبه يف مدينة تواوون وما جاورها،
- أقدم -مشكورا- صاحب املشيخة
- الشيخ عبد العزيز يس األمني، وبإذن من
- اخلليفة العام، وتنسيق تام مع أشقائه من
- األرسة املالكية ىلع اتلربع بمكتبة زاخرة
- وكبرية، باملراجع اهلامة والقوائم انلادرة
- بالكتب القيمة، يف مسىع منهم لزتويد
- طلبة العلم وعشاق املعرفة وابلاحثني،
- باملراجع والكتب الرضورية تلوسيع
- معارفهم وتعميق دراساتهم األاكديمية،
- وتقع هذه املكتبة يف املبىن الكبري الواقع
- يف اجلهة ايلمىن من مسجد الشيخ اخلليفة
- بتواوون، وتضم هذه املكتبة اجلديدة
- باإلضافة إىل الكتب ادلينية واللغوية يف
- شىت املجاالت واكفة الفنون، قاعة حديثة
- مزودة بأجهزة حاسوبية وبأحدث األنظمة
- التشغيلية وأفضل الربامج واملوسواعت
- العلمية، من أجل تسهيل سبل احلصول
- ىلع العلم واملعرفة للباحثني وطلبة
- العلم، كما أن املكتبة جمهزة جتهزيا اكمال
- باملعدات املكتبية الالزمة من كرايس
- اجللوس وطاوالت القراءة ومكيفات
- الرتويح جلعل املكوث واإلقامة يف هذه
- املكتبة ملرتاديها راحة ومتعة، تضاف إىل
- متعة الزتود باملعرفة والعلم يف هذا املنهل
- ادلائم للمعرفة.
- وقد أحلق باملكتبة قاعة للمحارضات
- تلمكني املرشفني ىلع إدارتها ىلع تنظيم
- مجلة من اللقاءات اثلقافية وانلدوات
- الفكرية بشلك دائم ومستمر لطلبة العلم،
- وللتذكري فهذه املكتبة العلمية اجلديدة
- املفتوحة حديثا قطرة من حبر املشاريع
- الكبرية اليت أقامها وال زال يقيمها فضيلة
- الشيخ ختليدا وأسوة بالسلف الصالح من
- أجداده وآبائه اذلين جعلوا من تواوون
- منهال يتوافد إيله طلبة العلم وابلاحثون
- عن املعرفة من لك بقاع السنغال، ومن
- دول املنطقة املجاورة.
- ومن باب رد اجلميل واالعرتاف
- باأليادي ابليضاء، فال يساورنا شك بأن
- الشيخ وضع يف أيدي الطلبة آداة هامة
- سيستفيدون منها يف ترقية مستواهم
- الفكري، وتنمية ثروتهم اثلقافية، وإغناء
- رصيدهم املعريف.
- فجزى اهلل الشيخ عبد العزيز يس
- خريا كثريا عن لك حرف مقروء من كتب
- هذه املكتبة، وجعل اهلل يف مزيان حسناته
- لك علم نافع اسزتاده طالب علم من
- اطالعه ىلع هذه الكتب املوفرة.
- األستاذ : عبد العزيز باه
- احلمد هلل رب العاملني وصىل اهلل
- وسلم ىلع سيدنا حممد وىلع آهل وصحبه
- أمجعني . وريض اهلل عن القطب املكتوم
- السيد الشيخ أمحد اتلجاين وسائر خلفائه
- ومقدميه إىل يوم ادلين .
- إن اتلصوف ـ رغم تعدد آراء العلماء
- واجتاهاتهم يف اشتقاق لفظه ـ علم يعرف
- به كيفية تصفية ابلاطن من عيوب انلفس
- ّ أمام السالك
- وصفاتها اذلميمة اليت تسد
- طريقة السري إىل اهلل ؛ اكحلقد واحلسد
- والغش وطلب العلو وحب اثلناء والكرب
- والرياء والغضب والطمع وابلخل وتعظيم
- األغنياء واالستهانة بالفقراء وما ىلع
- ذلك من الكدورات والرعونات انلفسية.
- ذلك، ألن علم اتلصوف يطلع ىلع العيوب
- وكيفية عالجها ، فيه يتوصل إىل ختلية
- القلب من غري اهلل تعاىل وحتليته بإفراد
- اهلل بالطاعة والقصد واإلخالص اذلي هو
- روح العمل ، قال السيد بن عطاء اهلل :
- )األعمال صور قائمة وأرواحها وجود
- رس اإلخالص فيها(. وقال السيد احلاج
- مالك يس تعريفا للتصوف :
- صدق اتلوجه يف إرضاء خالقنا
- حد اتلصوف الما قال ذو الرعن.
- فاحلد عند علماء املنطق يدل ىلع
- كنه اليشء وما صدقيته فيفهم من ذلك
- أن اتلصوف هو صدق توجه اإلنسان إىل
- إرضاء خالقه يف لك ما هو فيه من فعل أو
- ترك .
- ورد يف تاريخ العالمة بن خدلون أن
- هذا العلم من العلوم الرشعية احلادثة يف
- امللة وأصله أن طريقة هؤالء القوم لم تزل
- عند سلف األمة وكبارها من الصحابة
- واتلابعني ومن بعدهم طريق احلق واهلداية
- ، وأصلها العكوف ىلع العبادة واالنقطاع
- إىل اهلل تعاىل واإلعراض عن زخرف ادلنيا
- وزينتها …
- واعتىن به ذوو ابلصائر اذلين
- تأملوا كرسة باء البسملة اليت تشري
- إىل أن املنكرس املتواضع أحق باتلقديم
- فانكرسوا وتواضعوا هلل سبحانه وتعاىل
- فرفعهم ووضعهم ىلع األمة إىل يوم القيامة
- وهم القادة الربانيون واألئمة اهلادون
- املنقذون من الضالل ادلالون ىلع منهج
- اهلل القويم ورصاطه املستقيم ، هم نواب
- الرسول القائمون عنه بكمال الراعية
- وحسن السرية، املتخصصون بتحقيق
- قدم املتابعة هل يف مقام ادلعوة إىل اهلل ىلع
- بصرية .
- نشأت مدارس تهذيب انلفس املعروفة
- بالطرق الصوفية حلرص مؤسسيها
- ىلع محاية الفطرة اإلنسانية واحلفاظ
- باستمرارية نقاوتها األصيلة مبنية ىلع
- أقوى أسس من الكتاب والسنة ، قال
- اإلمام جنيد : الطريق إىل اهلل مسدود ىلع
- خلقه إال ىلع املقتفني آثار رسول اهلل ،
- ومن لم حيفظ القرآن وكتب احلديث لم
- يقتد به يف هذا األمر ألن علمنا مقيد
- بالكتاب والسنة .
- فهذه الطرق لكها متجهة إىل هدف
- موحد وهو حتقيق توثق اإلنسان وارتباطه
- خبالقه العظيم وإزاحة ستار اهلوى والزناغت
- الشيطانية الكثيف املانع من يقظة القلب
- وانتباهه الستقبال نور اإليمان وايلقني،
- واحلب الصادق واتلوحيد الصحيح هلل
- سبحانه وتعاىل. هذا مع الوضع يف االعتبار
- أنها ختتلف أحيانا يف بعض الرشوط
- واملناهج الرتبوية األمر اذلي قد يصل إىل
- إنكار بعضهم ابلعض ، بيد أن ذلك يرجع
- 10
- إىل تباين األذواق واملشارب .
- تعال ميع أيها القارئ الكريم نقف
- وقفة تأمل أمام ابليان الوايف اذلي جادت
- به قرحية السيد احلاج مالك يس توضيحا
- هلذه املشلكة حيث قال :
- واخللف يف الطرق ويف املذاهب
- تباين األذواق واملـــشــــارب
- ذلاك بعض األويلاء ينكر
- بعضا وما عليه إثم يــؤثـــــر
- إذ لك واــحد يفيض اهلل
- عليــه ما لم يعط ســواه
- إىل أن قال :
- وحنن حمجوبون ال تليق إال سكوتنا
- كذا اتلصديق.
- قد اتضح عرب هذه األبيات أن
- اختالفات مشايخ الطرق الصوفية ترجع
- إىل ما ترجع إيله اختالفات أئمة املذاهب
- الفقهية يف نتائج اجتهاداتهم ، نتيجة تغاير
- الفيوضات واخلصائص العلمية اليت يمن
- بها اهلل ىلع من يشاء من عباده . فعىل لك
- من لم يصل إىل مستويات أوالئك األعالم
- ولم يبلغ درجاتهم أن حيذر احلذر لكه من
- اإلنكار أو توجيه انلقد إيلهم ، ألن من
- ّه ال ينبيغ
- أصيب بمرض عطل جهاز شم
- أن يعيب العطر الفواح واملسك الزيك :
- مىت تكون يا أيخ مزكوما
- فال تعب مساك تكن سليما ،
- وهم كزهر الروض للنظار
- من حسن غضه بال إنكار .
- قد شبه األويلاء الكرام وتنوع
- توجيهاتهم يف الفكر واإلرشاد بربيع ممرع
- ورياض غناء مغتصة بأشجـار ذات زهور
- متنوعة األشاكل واأللوان يقف أمامها
- انلاظرون يتعجب لك فرد بما يروق هل
- من تلك املناظر ابلديعة ادلالة ىلع قدرة
- مبدعها سبحانه وتعاىل.
- اتلجانية:
- طريقة ذات ماكنة اعيلة ورتبة سامية
- يف اتلصوف اإلساليم ملزايا عديدة يعرس
- حرصها يف مقال كهذا ولكن سنستعرض
- منها بعض انلقاط لالستدالل واتلمثيل :
- 1 ـ امتياز أهلها باالنتماء احلقييق إىل
- إمام حرضة األنبياء سيدنا حممد األمر
- اذلي أدى إىل تسميتها بالطريقة املحمدية
- واألمحدية كما تدىع أيضا بالطريقة
- اإلبراهيمية واحلنيفية حليثيات يقف
- عليها املسزتيد عندما يرجع إىل كتب
- السادة واألعالم .
- 2 ـ صدق تمسك اكفة أئمتها
- واعتصامهم بالقرآن والسنة وانبثاق مجيع
- توجيهاتهم منهما حيث ال ينفك أخدهم
- بشد انتباه أتباعه إىل املزيد من العناية
- بالقرآن والصالة ىلع انليب .
- هذا سيدنا الشيخ احلاج عمر يقول
- يلع
- ّ َّ
- للتحدث بانلعمة: إن اهلل تعاىل من
- بمعرفة اسمه األعظم الكبري إىل أن قال :
- وأنه ال يطلع اهلل تعاىل عليه إال من اختصه
- بالصحبة واصطفاه بالعناية األزيلة وأن
- من عرفه وترك القرآن والصالة ىلع انليب
- واستشغل به خياف عليه من اخلرسان دنيا
- وأخرى .
- وهكذا اكنوا وقد وصلوا إىل املنتىه
- وأقىص الغايات تلقدير شأن القرآن
- وتعظيم حرمته ، ولغرس حمبة انليب
- وتعميقها يف قلوب املؤمنني وخاصة منهم
- املتقيدين برشوطهم الرشعية الواضحة
- الغنية عن الرشح وابليان. وهذا االهتمام
- بهذين املصدرين للترشيع اإلساليم
- يقتيض ويستتبع القيام باتلطبيق العليم
- للك ما حيتويانه من األحاكم ، وذلك
- هو اذلي قد وقع يف احلقيقة لقادة هذه
- الطريقة وروادها .
- إن الرتبية يف هذه الطريقة جارية
- ىلع نهج السلف الصالح ، وهو عبارة عن
- الشكر والفرح باملنعم سبحانه وتعاىل
- والرياضة القلبية برصف انلظر عن
- االلزتام باتلضييق ىلع انلفس وباتلقشف
- واالستخشان يف املأكل وامللبس والكد
- واتلعب من غري اتلفات إىل أحوال القلب
- .فإصالح القلب وتطهري انلفس هو
- املقصود بالرتبية ، وذلك يتحقق بإقامة
- الورد املعلوم األمحدي الرس والرتكيب،
- وكذلك سائر األذاكر الالزمة اكلوظيفة
- واهليللة بعد عرص اجلمعة ثم آكد الرشوط
- وأعظمها هو املحافظة ىلع الصلوات
- اخلمس بآدابها ىلع حدودها املحدودة هلا
- رشاع ، وأضف إىل ذلك عمارة األوقات
- والسااعت قدر املستطاع بالصالة ىلع انليب
- خصوصا بصالة الفاتح ملا أغلق ، والسري
- فوق هذا املنهج هو سري القلوب ، ولكن
- يمكن للمقدم املريب توجيه أحد مريديه
- إذا دعت الرضورة إىل ذلك واقتضته قرائن
- األحوال حنو اخللوة واملجاهدة انلفسية
- والصمت واالعزتال مما دلت عليه السنة
- املطهرة من سين اخلالل وأكدته توجيهات
- السيد الشيخ أمحد اتلجاين خالل الرسالة
- اليت وجهها إىل أحد فقهاء )زرهون (
- فلرياجع ذلك يف حمله .
- من املشاهد الغنية عن الربهان
- أن الطريقة اتلجانية امتدت جذورها
- الراسخة وفروعها الظليلة يف شىت أرجاء
- ادلول تلمزيها بأكابر العلماء ومنتجاتهم
- العلمية الغايلة حيث ال تكاد تزنل أيها
- القارئ الكريم يف دولة فيها مسلمون إال
- وتسمع أن هناك مقدما يزار ويستفاد منه
- أو زاوية أقامها أبناء تلك ادلولة أنفسهم .
- أخريا إن ماكنة الطريقة تضعف
- املجدلات وتضيق عن وصفها ، فكيف
- يربزها مقال بسيط كهذا ،وشكرا .
- األستاذ اخلليفة لو
- املدير امللكف بالعالقات اخلارجية يف
- معهد الشيخ احلاج مالك يس رئيس
- حترير املجلة.
- 11
- LECTEURS CHER
- ce pour français en textes les traduire pouvoir ne de excusons nous Nous
- Mais ,disposons nous dont court temps du tenu compte ,numéro premier
- .nécessaires traductions les toute faire de fois prochaine la veillerons nous
- chef en Rédacteur Le
- بسم اهلل
- الرمحن الرحيم
- والصالة والسالم
- ىلع رسول اهلل
- سيدنا حممد
- وىلع آهل وصحبه
- أمجعني و بعد :
- إن اتلصوف
- اإلساليم كمدرسة تطبيقية لروح الرشيعة
- ُهمل أحد أبرز
- اإلسالمية ومبادئها ال ي
- سمات اإليمان باهلل ، وأحد أبرز مصادر
- القوة دلى املؤمنني ثم يكون هل مصداقية
- أو رؤية صحيحة يف دعوته إىل تطبيق
- أصول ومبادئ ادلين اإلساليم احلنيف
- تطبيقا عمليا حبافز اإليمان باهلل وحمبة
- عباده يقول رسول اهلل: » مثل املؤمنني يف
- توادهم وترامحهم كمثل جسد إذا اشتىك
- منه عضو تدىع هل سائر األعضاء بالسهر
- و احلىم « ، ويقول عز من قائل : إن اهلل
- حيب اذلين يقاتلون يف سبيله صفا كأنهم
- بنيان مرصوص الصف : 4 .
- والواضعون للقواعد اللكية لعلم
- اتلصوف ال يسعهم وهم العارفون باهلل
- وأويلاءه واملتقيدون بكتابه وبسنة نبيه
- الكريم ال يسعهم اخلروج عن القاعدة
- اإلخوانية اليت تربط بني أفراد األمة
- اإلسالمية مجعاء، بل إن اتلآيخ يف اهلل
- أصبحت يف قاموس مفردات علم اتلصوف
- ، من اللكمات األكرث تداوال يف ألسنة أهله
- حيث يرى شيخ الطريقة أن املريدين
- إخوة هل، ويرى بعضهم أخا يف اهلل بلعض ،
- ويتنادون بينهم باسم أيخ يف اهلل . واألمر
- يتجاوز هذا احلد يلصل إىل حد أبعد منه،
- حيث يعترب الصويف أن الصويف أخوه،
- سواء ينتيم إىل طريقته أو إىل غريها من
- الطرق . ذلا ترى الطرق الصوفية تلتيق يف
- ندوات اعملية مرة يف املغرب، ومرة يف يلبيا
- ، وأخرى يف تركيا أو يف بدل آخر للتعارف
- فيما بينها واتلقريب بني وجهات نظراتها ،
- ودفااع عن مبادئها :
- أخاك أخاك إن من ال أخا هل
- كساع إىل اهليجا بغري سالح
- وإنك تلجدها بني اجلمعيات
- اإلسالمية وحىت مع أصحاب امللل األخرى
- تشارك مشاركة فعالة وتبىل بالء حسنا،
- تسدي وتلحم إن جاز اتلعبري، تعطي
- وتأخذ ، تطرح وحتلل إيمانا باألخوة
- اإلسالمية العامة اليت تذوب فيها نفسها
- ذوبان امللح يف املاء علما بأن املسلم أخو
- املسلم ال يظلمه وال يسلمه …
- إذا اكنت الطرق الصوفية هكذا مع
- غريها يف املحبة واالندماج وحسن اجلوار
- واتلعايش السليم اذلي هو من ممزيات هذه
- الطائفة الفاضلة، فال تسأل كيف ستكون
- مع نفسها؟ أتصادقها وتتعاطف معها؟ أم
- تعاديها وتناهضها؟ ويه األقرب إىل بعضها
- وجتمعها قواسم مشرتكة عديدة وليس
- بينها اختالف جوهري سوى اتلعددية
- املوجودة فيها. كما يه موجودة أيضا يف
- املنظمات و اجلمعيات و املذاهب الفكرية
- اإلسالمية فإنها وإن تعددت الوسائل
- فالغاية واحدة ويه املعرفة باهلل.
- فاتلآيخ بني الطرق الصوفية ليس
- جمرد نظرية تلىق أو فضيلة تذكر أو
- نصيحة تقال لكنه فوق لك هذا واقع
- يعيشه أهل اتلصوف.
- فمن انلاحية انلظرية والفكرية، جند
- صاحب الطريقة اتلجانية موالنا الشيخ
- ّ عدم املقاطعة بني املريد وبني مجيع
- يعد
- اخللق والسيما بينه وبني إخوانه يف
- الطريقة رشطا من رشوط اتلعلق بطريقته
- ، وينصحهم ىلع سبيل املثال ال احلرص
- ىلع احرتام لك أويلاء اهلل وعدم انليل من
- أعراضهم وتعظيم لك املشايخ واحرتام
- أورادهم كما جند الشيخ احلاج مالك يس
- وهو من أكابر اخللفاء يف الطريقة اتلجانية
- 12
- يشجب ىلع ما اكن عليه بعض العوام من
- انلاس يف اتلفاضل بني طرق املشايخ قائال :
- تفاضل الطرق واجلدال حديثهم
- كما قال زروق جزاه جميب
- ثم أخذ يوجههم ويرشدهم إىل احلقيقة
- املجمع عليه ويقول :
- فالطرق لكها إىل الرمحان
- موصلة مسلكة ياجاين
- وكما جند شيخا آخر وهو مؤسس
- الطريقة املريدية الشيخ أمحد بمب ينوه
- بهذه احلقيقة ويربزها قائال :
- فلك ورد يورد املريدا
- حلرضة اهلل ولن حييدا
- سواء انتىم إىل اجليالين
- أو انتىم ألمحد اتلجاين
- أو لسواهما من األقطاب
- إذ لكهم قطعا ىلع الصواب
- وربما تقف ىلع كتاب حيمل عنوانا
- بهذا السياق مثل كتاب: “حتذير اإلخوان
- من اختاذ طرق السادة اخللصان وسيلة
- للتفرقة بني املسلمني يف ابلدلان” ملوالن
- الشيخ احلاج عبد العزيز يس ادلباغ لو
- اطلعت عليه لوجدت ما يهدي احلريان
- ويسيق الظمآن وهكذا جند كتابات املشايخ
- الكرام زاخرة باألخالقيات اإلسالمية
- وانلصائح اإلنسانية .
- أما من انلاحية الواقعية فتحدث وال
- حرج ، فقد رضبوا املثل األىلع يف تطبيق
- مبدأ اتلآيخ بينهم تطبيقا عمليا يف صور
- وأشاكل خمتلفة : حينا يتبادلون اهلدايا
- وحينا يتبادلون الزيارات وأحيانا أخرى
- ينتيه بهم اتلآيخ إىل قمته ويه املصاهرة؛
- لقد زوج الشيخ احلاج مالك إحدى
- ُ يس بشيخ من مشايخ
- ْت
- س
- َ
- بناته السيدة أ
- الطريقة القادرية يف مدينة سانت لويس،
- وكذلك الشيخ اخلليفة أبوبكر يس
- َ ويه بنت
- ْت
- ن
- ُ
- تزوج بامرأة تسىم مريم ك
- ألحد الشيوخ يف الطريقة القادرية. أنظر
- هذه املجاراة الشعرية الرائعة بني زعييم
- الطريقة القادرية واتلجانية الشيخ سعد
- أبيه والشيخ احلاج مالك ، فقال الشيخ
- احلاج مالك :
- ُ سالم عليكم هاجه الشوق والود
- َرد
- قد احنط قدرا عنده املسك والو
- جزيتم كفيتم أهل بيت رسونلا
- فمنكم حيط اخلري والرشد والسعد
- ُ أيا سعد سعد ادلين شمس زماننا
- ِرد
- فال زال يروي من مناهلك الو
- فجارى عليه الشيخ سعد أبيه بنفس
- ابلحر والقافية قائال :
- ىلع فائق األقران مالك دهره
- يعود سالم طاب ليس هل حد
- تطيب به األرواح إن فاح نرشه
- ويف طيه من عندنا الود والعهد
- فإن يكن األرشاف حازوا سعادة
- وسعدا من املختار ما مثله السعد
- فمالكنا املشهور حاز اتباعه
- فنال مقاما دونه النرش والسعد
- وكذلك جند املجاراة بني الشيخ احلاج
- مالك والشيخ أمحد أمحد بمبا ، األول يقول:
- هدية موجبها االجتالب
- ُباب
- حمبة يا أيها احل
- أدام ربنا حبل الوصال
- ييق نلا رش اذلي عدا وصال
- واآلخر جييب :
- جزاكم خري اجلزا الوهاب
- ويف صفا الوداد ال ترتاب
- فكيف ال واملصطىف املجاب
- قائدنا فالقتل ال نهاب
- ً مزنلة
- ويف ابليت اذلي ييل يتجىل علنا
- الشيخ احلاج مالك عند أخيه الكريم
- الشيخ أمحد بمب حني وضعه فوق لك
- أصدقائه ويقول:
- وما اختذت خليال كنت أعرفه
- إال جعلتك فوق اللك يف الرتب
- إن املتأمل هلذه الصورة اجلميلة
- من تبادل االحرتام و اتلقدير واإلجالل
- واإلكبار املعرب بشلك الصالت الطيبة
- مرة وبشلك اإلنتاج األديب الرفيع مرة
- أخرى يدرك أن هذه الرموز ادلينية اكنت
- تعيش يف جو يسود فيه اتلفاهم والوئام
- واملحبة، كما يرى بأم عينه أن االتهامات
- اليت وجهت إىل الطرق الصوفية بأنها طرق
- متعادية أو أنها اعمل تفكيك ألوارص
- الوحدة بني املسلمني اتهامات ال أساس هلا
- من الصحة .
- بقلم السيد: بابا خمتار كييب
- الاكتب العام للشيخ احلاج عبد العزيز
- يس ادلباغ ريض اهلل عنه
- 13
- اخلليفة احلايل للطريقة اتلجانية،
- السيد الشيخ أمحد اتلجاين يس شخص
- بداخله عدة شخصيات؛ فهو تبارك اهلل
- ذلك العالمة الفهامة اذلي مجع بني فهم
- ما يف الكتب، وما يف واقع احلياة؛ وال
- غرو؛ ألنه جعل مرجعيته وقدوته يف ذلك
- وادله الرويح وأباه الشيخ اخلليفة أبابكر
- يس بن الشيخ احلاج مالك يس ريض اهلل
- عنهما. وتمثل يف قوهل ألبيه :
- أبونا أبوبكر وإن اكن يف القرب
- رضينا به شيخا إىل آخر ادلهر
- ملن أنتيم إن لم يكن جلنابه
- بمن أقتدي إن لم يكن بأيب بكر
- خال لك جو القلب يا طري حبه
- فبييض خبري واصفري أسعد الطري
- تعالوا ميع نستمع إيله وهو يقول :
- ولقد ودلت ويل رضا بوالديت
- لوالديت يف منهج اتلجاين
- وألنين قد سميت من أمر به
- فجزا اإلهل فىت به سماين
- لقد نشأ الشيخ أمحد منذ وهلته األوىل
- ىلع أساس من انلضج الفكري، واحلكمة
- يف اتلبرص ، ويف تقدير لك قضية وأمر حق
- قدره ومقداره . وهل يف املجتمع السنغايل
- باع طويل ووزن ثقيل يف جماالت عدة،
- نذكر منها ىلع سبيل املثال ال احلرص :
- الشخصية المعرفية للسيد الشيخ
- أحمد التجاني سي :
- تزود الشيخ أمحد بوافر حظ من
- العلوم ادلينية، واللغوية ،وذلك نسبة
- للمحيط املعريف اذلي نشأ فيه وترعرع
- مما جعله فقيها، أديبا ، منطقيا، وقل وال
- ختف فيلسوفا. ونراه يرجع إىل كثري يف
- قصص حياته العلمية واالجتماعية، مثل:
- وادله انلحرير الشيخ اخلليفة أيب بكر يس
- رضوان اهلل عليه، والسيد الشيخ اجناي
- مابيي، الشيخ شيبة فال، الشيخ يلع يغ،
- الشيخ عبد العزيز يس اذلي أخذ منه من
- مجلة ما أخذ الفصاحة وانلطق اجليد.
- والسلسلة طويلة .
- وقد هيأه هذا املحيط املعريف يلكون
- واسع االطالع متمكنا من العربية
- والفرنسية ىلع حد سواء ، وإن اكنت اللغة
- العربية لغة تعلمه األسايس .
- ومما يؤكد نبوغه يف العلم واألدب
- تأيلفه يف عنفوان شبابه مثل } األراكن
- الرواسخ ألبناء املشايخ { وناهيك إنتاجاته
- األدبية عرب مراحل حياته الالحقة.
- ولقد تناول الشعر يف كثري من
- امليادين: يف ادلين، يف اتلصوف ، ويف احلياة
- االجتماعية، يف الرتبية واتلوجيه ، يف
- السياسة، يف الفنون اجلميلة ، يف وصف
- احلقائق الكونية ، ويف العالقة بني احلقائق
- الكونية بالربانيات .
- فالشيخ أمحد اتلجاين يعترب أديبا
- موهوبا حمناك ، وهو القائل يف وصف جزيرة
- زارها :
- خري اجلزيرة ما أجل سماك
- يف قلب لك مؤرخ يغشاك
- آه ىلع سلف بنوا لك ما بنوا
- من خري جمد اليفوت ذراك
- تركوك ناشئة كأنك جنمة
- للفن حترتمني من يهواك
- جعلوك خمزن فضلهم
- ورأوك بعض جزائر األفالك
- واسمعه وهو يريث “أدلمورو” عظيم الروما
- اذلي قتل مظلوما :
- نعاة احللم يف روما صباحا
- دعونا نبك دهرا أدلمورو
- هتاف الشعب والزعماء فيها
- هتاف حول دنيانا يدورو
- لقد حجزوه طغيانا وجورا
- وهل عرفوه يطىغ أو جيور
- كما قتلوه حرا عبقريا
- إىل اغياته الفضىل يسري
- ملاذا أبعدوه عن القضايا
- وهم قوم ملا فعلوه بور
- فمورو ال يموت بموت جسم
- ويملؤه بمضجعه الرسور
- ولكن أنتم املوىت ملا يف
- صدوركم وقد مات الصدور
- إذا مات الفىت لكبا عقورا
- فيحكم أنه اللكب العقور
- جهلتم قيمة اإلنسان حىت
- غدا فيكم وليس لكم مصري
- ظلمتم جيلكم ظلما عظيما
- فساد عليكم فيه الغرور
- بسم اهلل الرحمن الرحيم وصلى اهلل وسلم وبارك على نبينا
- املصطفى محمد وعلى آله وصحبه الطيبني الطاهرين .
- بني يدينا موضوع ليس احلديث عنه بالهني اللني ، ذلك ،
- ألن مثل شخصية السيد أحمد التجاني سي، كمثل بحر محيط يراد
- اإلحاطة به ، أو مكتبة شاملة يراد تفهم محتواها ؛ بيد أن غايتنا
- في هذا املقام ، ليس أن حنيط بهذا احمليط؛ بل أن ننهل منه
- ما ينفعنا في حياتنا اليومية . وسوف نتحرى املوضوعية في سرد
- احلقائق التاريخية وحنللها ، عسى أن يكون املقال مرآة للمجتمع
- بأسره .
- 14
- أباسم احلق يظلم وهو فيكم
- نلهج احلق مصباح منري
- يا ترى . لقد ظهر واضحا يف األبيات
- أن قائلها أديب المع وحملل دقيق
- لألحداث، ومفكر خبري يف القضايا
- ادلويلة، وشاعر مفلق، قل هو الرجل. ويا
- حبذا لو مجعت وطبعت خطبه اليت اعلج
- فيها مجيع ما حيتاج إيله ابلاحثون وطالب
- العلم واملعرفة .
- شخصيته السياسية :
- هل جتربة يرضب بها املثل ملن أرادوا أن
- حيدثوا ثورة سلمية عقالنية إجيابية يف
- جمتمعهم .
- فقد أنشأ حزبه ” احلزب اتلضامين
- السنغايل / S.S.P. ” يلكون برهانا أن
- اتلدين واملواطنة خيرجان من مشاكة
- واحدة ، وهما يف واد واحد ، وأن رجل
- ادلين السنغايل جيب أن يوفر هل حظه يف
- مسريته خلدمة املجتمع وطرح بديل هل
- عند االحتياج . ترجع مبادرته السياسية
- األوىل من نوعها إىل اعم 1958 ملا زار القائد
- الفرنيس } جرنال ديغول { بالد السنغال،
- وطرح قضية إنشاء جمموعة فرنسية
- إفريقية مما انتىه إىل إجراء استفتاء حول
- هذه القضية . واكن االستفتاء } بنعم أو بال
- …{ . فيف ذلك احلني ألىق السيد الشيخ
- حمارضة يف مدينة تياس يلعرب عن موقفه
- مع لكمة }نعم{ . واكن يرى مثل رأيه لك من
- الشيخ حممد فاضل امبيك، والشيخ إبراهيم
- نياس. ومن هنا اخنرط السيد الشيخ
- يف جمال السياسة وأنشأ حزبه السيايس
- املذكور أعاله، ذلك احلزب اذلي يعترب
- فاحتة األحزاب السياسية يرأسها رجال
- ادلين يف ابلالد .
- وقد اكنت للسيد الشيخ جرأة سياسية،
- تتمثل يف األبيات اليت قاهلا يف قصيدة
- يمكن تسميتها ب }إيقاظ انلائمني{ حني
- قال :
- طغت احلكومة واحلكومة إن طغت
- يوما يقابل بالفؤاد كما جرى
- وقال :
- يا سادة انلاس غرتكم ظنونكم
- بدولة شأنها رفض ادليانات
- إن لم تقوموا فموت ادلين مقرتب
- إن القيام لكم أوىل العبادات
- عظمتم واحرتمتم يف األنام معا
- وكنتم ملقام ادلين خانات
- فتجربته السياسية كما أرشنا إيله
- سابقا تعترب خارطة الطريق لرجال ادلين
- اذلين اختذوا السياسة نهجا وخيارا يف
- نشاطهم الواقيع .
- شخصيته الفلسفية :
- فالسيد الشيخ فيلسوف المع بالطبع
- ال باتلطبع ، فإذا تكلم وجدت يف عباراته
- أسلوبا فلسفيا ، ال يعيه إال ذو حظ عظيم،
- وذو أذن واعية وقلب سليم . وهو يف هذا
- املجال يتسم بالسهل املمتنع .فله قاسم
- مشرتك مع كبار الفالسفة يف جمتمعاتهم
- كسقراط وأفالطون، واملفكرين كأندرى
- مالرو. وألني ، وجاك مارتني … الخ، ومحلة
- الفكر اإلساليم ، أمثال ابن رشد، وابن
- سينا ، والفارايب ، واإلمام الغزايل، واحلالج.
- وإذا قرأت كتابه »األراكن الرواسخ ألبناء
- املشايخ« وجدته فيلسوفا من أكرب أعالم
- الفلسفة، ويتسم بأسلوب فريد يف رسد
- احلقائق ورضب األمثال وتقريب املعاين.
- فيف هذا الكتاب قصة الرجل املرافق البنه
- ومعهما محار … والكتاب ثروة دسمة
- للباحثني يف هذا املجال .
- وتتجىل شخصيته الفلسفية وبراعته
- يف اتلحليل انلفيس، ما قاهل عن مسري لك
- من سقراط وأفالطون حيث قال :
- ما منتىه سقراط واملأل األىلع
- تبعوه إال غربة فحمام
- وكذاك أفالطون يف آرائه
- ما انلقض حرره وال اإلبرام
- من لم يعد حممدا يف علمه
- فالعلم فيه خسارة ومالم
- شخصيته المواطنة :
- لك أن تقول بأن السيد الشيخ اكن
- منذ وهلة عطائه األول مواطنا صاحلا
- ينتج للمجتمع، ويعمل من أجل تنمية
- املجتمع يف اكفة املجاالت . فاكنت هل
- بساتني نذكر منها : بستانه يف منطقة
- امبورو حيث وصل إيله زحف الفسفات
- فتخىل عنه للصالح العام . ونذكر كذلك
- ْ منطقة كفرين؛ ذلك
- ِل
- ل
- ُ
- بستانه يف ب
- البستان اذلي صار قرية كبرية سميت
- بمدينة يس، ويرشف ىلع البستان أخوه
- وأمينه الشيخ عبد العزيز يس األمني .
- وجتدر اإلشارة إىل أن آالفا من املواطنني
- يستفيدون وينتفعون من إنتاجات تلك
- املزارع. كما اكن للسيد الشيخ نصيب ال
- يستهان به يف رشكة السنغال لألسمنت
- / M.I.C.O.C.O.S . وهو أول من
- أسس تعاونية / COOPERATION
- مع السيد الشيخ امبايك قبيل االستقالل
- .فما اكنت املشيخة دليه جمرد الرتبع أمام
- األتباع ، ورسد القصص ومجع اهلدايا،
- بل أن املشيخة يف منظاره يه أن يكون
- إجيابيا يف جمتمعه . وأن يكون منتجا قبل
- أن يكون مستهلاك وأن يعطي للمجتمع
- حقه ومستحقه . وبهذا املبدأ أنشأ السيد
- الشيخ للمواطنني فرص عمل مبارشة وغري
- مبارشة تعد باآلالف .
- شخصيته الحكيمة :
- فلو أن للسيد الشيخ شعارا يف حياته
- فيمكن أن يقال بأن شعاره ” احلكمة
- ابلالغة ” يف ترصفاته ، وسلوكه ، وظهوره ،
- وخفائه . وحسبنا مثاال حيا يف ذلك ترصفه
- يف أول احتفال باملودل انلبوي الرشيف
- بمدينة تواوون بعد ارحتال صنوه املحبوب
- الشيخ حممد املنصور يس إىل جوار ربه
- وتويله عرش اخلالفة اتلجانية . حينذاك
- اكن انلاس يتساءلون . فأمر أخاه وأمينه
- الشيخ عبد العزيز يس بأن حييي يللة املودل
- مع الشيخ احلاج مالك يس بن الشيخ احلاج
- عبد العزيز يس ادلباغ يف زاوية الشيخ
- اخلليفة أيب بكر يس ، كما أمر بإرسال لك
- من السيد أيب بكر يس منصور، والسيد
- احلاج مالك يس أيب بكر بإحيائها يف
- جامع الشيخ احلاج مالك يس . وملا شاع
- اخلرب وتناوتله قنوات اإلذااعت وشبكة
- االنرتنيت ، عم الفرح والرسور والغبطة
- وابتهاج قلوب حميب اخلري . وبهذا اتلرصف
- َّ السيد الشيخ أن األرسة املالكية أرسة
- بنَّي
- واحدة قديما وحديثا ، وأن اغية لك واحد
- منهم يه الصالح واإلصالح ، فشعارهم
- قوهل تعاىل: إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا
- ربكم فاعبدون األنبياء : 92 .
- وباجلملة، يمكن تلخيص شخصية
- السيد الشيخ بالسمات اتلايلة :
- هم اعلم متمكن ومفكر واع
- وفيلسوف حكيم وسيايس حمنك ومرب
- باحلال وداعية ناجح ومرشد راشد وهمزة
- وصل للتواصل ادلاخيل بني ابليوت ادلينية
- ومسكن هلزات املجتمع هو شفاء ملا يف
- الصدور بعلمه .
- أطال اهلل بقاءه وأيده يف لك وقت وحني
- يلكون انلجاح حليفه يف زمان وماكن وهو
- ويل اتلوفيق .
- بقلم السيد
- حممد مصطىف يس املدير
- 15
- 16
- َّ سموكم
- ِن
- َ األوالد إ
- ُهـا
- ي
- َ
- َا أ
- ي
- أوصيكم بثالثة من شأنها
- أوصيـــكم: بتــــأدب وتــــفكر
- فاملرء بالفوىض يذل حياته
- ما زانكم مثل السكينة يف ادلىج
- ٌ ال يقارب سلطة
- م
- ْ
- ُك
- الصمت ح
- ِة الزم
- َّ
- ِي
- ن
- َّ
- وانلطق باحلكم الس
- ساد العىم واجلهل يف أوساطكم
- ما أنتجا إال الضغينة واهلوى
- َ ىلع هدى
- ِّ ل
- ض
- ُ
- ما ضل إال من أ
- ال تركنوا حنو التشيخ إنما
- وزنوا احلياة بكل قسطاط وال
- وتعلموا حرفا وسيحوا واعملوا
- وأدعوا إهلا يستجيب داعءكم
- وترضعوا لك اتلرضع عنده
- وتوسلوا باهلاشم حممد
- فعليه خري صالة ريب دائما
- لك ألهل األرض هاد مهتد
- يزداد باإلخالص واإلنصاف
- تسهيل سريكم إىل األهداف
- وتعمق يف ابلحث اكألسالف
- ويبدل اإلصالح باإلتالف
- ما شانكم مثل الرضا بهتاف
- فبه تضم صيانة بعفاف
- إال مع األوشاب واألجالف
- إن العىم واجلهل رش جفاف
- ما أعمال إال أذى خبالف
- وصف يقبح جانب األوصاف
- عقباه ضعف اعئد لضعاف
- تزنوا احلياة بنخوة وكفاف
- وفقا ملا يف سورة اإليالف
- نورا وتوفيقا بال إخالف
- يلعمكم جبالئل األلطاف
- وتأيدوا من بعد باألخالف
- وىلع الصحابة مثلها بالاكف
- شاف دلاء املؤمنني واكف
- بني يدي القصيدة:
- احلكمة هبة إهلية ونعمة ربانية،
- ويصطيف املوىل عز وجل من لك أمة وجنس
- أشخاصا خيصهم بهذا اخلري، ويؤتيهم
- إياها دون بايق انلاس من حوهلم، وديدن
- الفالسفة واحلكماء أنهم ينطلقون من
- واقع جتاربهم وخربتهم بانلاس وباملحيط
- حوهلم يف تشخيص أدوائه، وتوصيف دوائه.
- هؤالء احلكماء هم قادة الرأي، وبناة
- اإلنسانية وحاملو رايات اتلغيري السليم
- يف أممهم وشعوبهم، يدفعونهم بأفاكرهم
- وآرائهم حنو اتلغيري اجلذري ملا يف انلفوس،
- فإذا بالرؤى واألفاكر السائدة واليت تقف
- حجر عرثة أمام تقدم األمة، تزيلها وتقيض
- عليها.
- بني يدي القارئ هذه الوصايا انلفيسة
- والغايلة من حكيم األمة السنغايلة،
- اخلليفة العام احلايل للطائفة اتلجانية
- الشيخ شيخ أمحد اتلجاين يس »املكتوم«
- يوجه فيها إىل شباب أمته وصايا من العيار
- اثلقيل، يوضح فيها مجلة من الواجبات
- املرتتبة ىلع اعتق الشباب إن هم جادون يف
- السيع حنو بلوغ األهداف وحتقيق األماين.
- إنه خالصات استنتاجات ثمينة
- استقاها الشيخ املوسويع اثلقافة، وحصيلة
- تلجربة رجل اعيش األحداث واألزمات
- االجتماعية واثلقافية يف وطنه، ووقف ىلع
- ماكمن ادلاء، وأحسن – جزاه اهلل خريا –
- وصف ادلواء، فإىل قراءة متأنية ومتدبرة
- لوصايا هذا احلكيم.
- املرجع: جمموعة من قصائد الشيخ أمحد التجاين سه املكتوم
17
18
19
احلمد هلل رب العاملني وصىل اهلل
وسلم ىلع سيدنا حممد وىلع آهل وصحبه
أمجعني ومن تبعهم بإحسان إىل يوم ادلين .
من املعروف أن احلياة -ويه منة
عظيمة واغيلة من اهلل تعاىل علينا –
عبارة عن رصااعت عنيفة بني تيارات
وقوى ذوات توجهات متباينة ، تدىع لك
منها انفرادها بالصالح والقدرة ىلع حتقيق
الغاية األساسية للوجود اإلنساين ، فتأكد
نظرا ذللك احتياج اإلنسان إىل موجه
رشيد يأخذ بيده وبهديه ورغبته يف منهج
قويم خال من لك عقبة قد تعرقل مسريه .
املنهج :
فاملنهج هو ادلين اإلساليم الرباين
املصدر بعقيدته الصحيحة ورشيعته
العادلة املتوازنة ، وما انبثق منهما من
القيم الرفيعة واألخالق الكريمة ، وهو
ّ بمعطياته
املنهج اذلي لم يزل ولن يزال يدر
انلفسية وجيود بنتاجئه امللموسة منذ
عهد القائد األعظم سيدنا حممد ، اذلي
اكن جيمع يف أن واحد القيادة الروحية
ّة من القرآن والسنة حبكم كونه
املستمد
نبينا يبلغ ما يوىح إيله من ربه ، والقيادة
املادية، احلركية اتلنظيمية باعتباره رئيس
ادلولة، وزعيم األمة احلاكم بما أنزل
اهلل عليه، وأمره باتلقيد به، وأعطى هذا
االعتبار واتلقدير للقادة األعالم األجالء
اذلين حتملوا من بعده أعباء املسئويلات
القيادية ىلع عواتقهم عرب العصور، وأورثوا
األمة ما أورثوا من اإلجنازات اخلادلة،
فالقائد املسلم حني يبارش وظيفته إنما
يبارش سلطانا روحيا وسلطانا ماديا يندمج
لك منهما يف اآلخر ويمزتج به، فبأقل ما
يمكن تصوره من خلل أو نقص يقع يف
أي من اجلانبني حيدث افتقاد اتلوازن
وعدم استقرار األمر اذلي أدى بالعالم
اإلساليم إىل ما نشاهده اآلن من الواقع
املرعب األيلم ، ذلك ألن ادلين ال تتجزأ
أحاكمه وال تقبل االنفصال، فانلصوص
الرشعية تمنع من العمل ببعضها وإهمال
ابلعض اآلخر كما تمنع من اإليمان ببعض
والكفر بابلعض اآلخر مرااعة لقدسية
العقيدة ووحدة الرشيعة .
القائد :
القائد هو اذلي حبكمته وقوة
شخصيته وتفانيه يف خدمة األمة وراعية
مصاحلها يتوقف نقل ما احتوته انلصوص
من اتلعايلم واتلوجيهات من حرفيتها إىل
حزي الواقع تلعطي ثمراتها اليت يه: ترسيخ
العدالة االجتماعية وادلفاع عن األمة
من االعتداءات املوجهة إيلها بمختلف
األشاكل واأللوان .
لوازم القائد والقيادة :
فبقدر ما ينبيغ ملدرس مادة من املواد
العلمية أو لطبيب متخصص يف إحدى
جماالت الطب أو لسائر الصناع يف شىت
فروع صنااعتهم أو يلموا بتخصصاتهم
ويتحكموا عليها جيب ىلع لك من يف يده
زمام القيادة إدراك اكفة ما يرتبط بمهماته
من املقتضيات واللوازم إحساسا باملسئويلة
وإيمانا بأنها تكليف إليه وارد رشيعته
الغراء قال تعاىل : »أطيعوا اهلل وأطيعوا
الرسول وأويل األمر منكم النساء« : 59 .
فأولوا األمر حسب وجهات نظر معظم
العلماء هم أرباب املسئويلات والقرارات
اإلدارية يف ادلولة ، لقد أمجع الصحابة
الكرام وهم أدرى انلاس باجتاهات اإلسالم
ىلع أن يقيموا ىلع رأس ادلولة قائدا خيلف
الرسول ، وإذا اكنوا قد اختلفوا فيما بعد ىلع
اخلالفة فخالفهم يتحدد يف الشخص اذلي
يمأل الوظيفة األىلع وحيق هل القيادة .
وقد أثىن انليب ىلع بعض من صحابته
بأوصاف ال يستغىن عنها من يقود أمته يف
أي عرص من العصور،
إذ قال: “أرحم أميت بأميت أبوبكر، وأشدهم
يف أمر اهلل عمر ، وأصدقهم حياء عثمان،
ّ وأقرأهم لكتاب اهلل يلع ، وأفرضهم زيد
)أعلمهم بعلم الفرائض( وأعلمهم باحلالل
واحلرام معاذ بن جبل ، وإن للك أمة
أمينا وإن أميننا أيتها األمة أبو عبيدة بن
اجلراح” .
هذه الصفات القيادية املتوزعة يف
الصحابة نتيجة ما تلقوه من الرتبية
انلبوية األصيلة يه اليت مكنتهم من
حتقيق الفتوحات اإلسالمية العديدة، ورفع
البرشية من احلضيض إىل القمة .
قد يكون مفهوم القيادة أوسع نطاقا
مما يتبادر إىل اذلهن عند ذكر اللفظ فيشمل
الزاعمات ادلينية اليت يتوالها العلماء
ّ اهلل
وادلاعة والقضاة وغريهم ممن من
عليهم بأن يكونوا موضع ثقة املسلمني
كقائدنا العظيم السيد احلاج مالك يس
مؤسس املدرسة الرتبوية اتلواوونية، حيث
إين سأكون موفقا وحليفا للصواب عندما
يطلب مين أن أقد نموذجا مثايلا لقائد
ناجح يف مهمته فذكرته تلمزيه بالقدرة ىلع
اتلعامل مع القلوب وسلخ آثار السلبية
عنها لتستقر فيها ثمرات الرتبية السليمة
علما بأن من الرضوري إحاطة القائد
علما باملبادئ اليت يقود بها أمته ، والغايات
اليت يسىع إيلها ، واتصافه برصامة العزيمة
ىلع تطبيق تلك املبادئ يف الواقع العليم .
لقد صور نلا هذا الرائد الفريد مريده
السيد حممد اهلادي طوري إذ خاطبه قائال:
نصحت أمة خري اخللق حمتمال
أثقاهلا رافعا لدلين أراكنا
هلل درك من شيخ يدل ىلع
مواله قوال وفعال يا ابن عثمانا
إىل أن قال :
فقمت هلل يف جرب الكسري وإصـ
الح الفساد وتطهري ملا رانا
نستلهم من هذه األبيات راكئز أساسية
يستند عليها ويتقوى بها لك من تصدى
تلويل وظيفة القيادة يف ادلين ، ويه
إخالص انلصائح لألمة، واحتمال ما يصدر
منهم من اإلذاية و األثقال ، وتأييد ادلين
بادلفاع عنه وبنرش تعايلمه حاال ومقاال،
ثم العناية بإصالح لك فساد حيس ومعنوي
يقع بني املسلمني هكذا إىل خاتمة تلك
القصيدة الرائعة .
وقد اكن الشيخ احلاج مالك يس يتمزي
بملكة تقدير املسؤويلات وبذل لك ما
أمكن هل من جهود لرفع مستويات أفراد
مجاعته وتمكينهم من املشاركة الفعالة يف
العمل اجلمايع ، واتلمسك باالستقامة ،
األمر اذلي قد صاغهم صياغة تدفعهم إىل
اتلحيل باملاكرم والفضائل ، واالحتماء حبىم
املثل العليا إضافة إىل إجيابية تساعدهم ىلع
مواجهة لك اتلحديات باحلكمة واإليمان
الصادق و الرؤية الواضحة
بقلم أخيكم:
ِ يس
ُوز
ْ ج
ُور
خمتار يس بن السيد م
صني خمتار املقيم بداكر
بـرسيل أسن وحدة 6 رقم 227 .
20
21
يف أدبيات املؤرخني تلاريخ السنغال
يف العرص احلديث، يتحدث بول ماريت أحد
الكتاب األوربيني عن زاوية الشيخ احلاج
مالك يس بتواوون بالعبارات اآلتية: »إن
اخلاصية املمزية لزاوية احلاج مالك بتواون،
يه أنها تشلك جامعة شعبية حقيقية،
فيه تكون عددا ضخما من األساتذة
واملعلمني لعلوم الرشيعة اإلسالمية، ثم
ينترشون عرب ابلالد، ويكونون بدورهم
كوكبة، أي مجاعة من األساتذة، يساعدون
ىلع نرش مبادئ اتلعايلم اإلسالمية« اه نقال
عن كتاب )الفياض(.
وحقا هنا اكنت زاويته
يعمرها عشاق العلم واملعرفة، ويستيق
من ينابيعه الواردون علوما وفنونا، وقد
كفت زاويته بعد تاسيسه، طاليب العلم
واملعرفة عن الرحيل واالغرتاب إىل ادلول
العربية، وقد اكنت جمالسه العلمية
اتلعليمية منها واتلثقيفية تعج باألجناس
والقبائل املتنوعة من أبناء القطر السنغايل
ومن أبناء األقطار املجاورة، ومن شىت
االنتماءات املذهبية والطرقية.
واكن نبل رساتله وعلو همته، أكرب
من أن تستوعبه زاوية واحدة، فجمع إىل
وظيفة اتلدريس والوعظ واإلرشاد والعمل
الزرايع نرش الزوايا واجلوامع يف املدن
الكربى، فانترشت الزوايا يف لك من اندر
)سانت لويس( وداكر، واللتان اكنتا تعتربان
باإلضافة إىل روفيسك من أكرب
املراكز احلرضية يف السنغال،
واكن دأبه مع تالميذه وأتباعه
بعد أن يتوثق من مقدراتهم
العلمية واألدبية وتمكنهم العميل
من القيام بمهمة اتلدريس أن
جيزيهم، وخييل سبيلهم، مع أمرهم
بالقيام بواجب اتلعليم وادلعوة
أينما استقروا، فعمت مزاياه،
ودارات زواياه.
وأوضح شاهد ىلع مدى
تأثري جامعة الزاوية يف السنغال
وما حوهلا، هو وجود هذا العدد
اهلائل من العلماء اجلهابذة
يف فنون العلوم الرشعية املختلفة، ويف
علوم اللغة العربية املتنوعة ممن خرجتهم
زواية تواوون، وأثروا تأثريا بعيد املدى يف
نرش العلم، ونصب رايته يف املناطق اليت
تواجدوا فيها.
ومنذ تأسيس زاوية تواوون إىل يومنا
هذا، ظلت شعلة العلم وانلور املنبعثة
من أراكنها مشتعلة، حتمل اخلري والبشارة
للباعثني عن اهلدى وانلور، وقد تكاتفت
جهود خلفائه وأتباعه ىلع إبقاء هذه احلوزة
العلمية مفتوحة، وما اجلهود اليت تبذل يف
الوقت احلايل ممثلة يف حتديث اتلعليم فيها
بمستغرب.
ونلا عودة إىل هذا املوضوع مستقبال.
تعترب مدينة تواوون من ضمن املراكز اهلامة واألساسية يف
نرش اتلعليم ادليين واثلقافة اإلسالمية يف السنغال، ويه وإن بدأ
دورها متأخرا مقارنة ببايق املراكز اإلسالمية يف هذا ابلدل، إال أن
شهرة مؤسسها » السيد احلاج مالك يس «، وجودة اتلعليم امللىق
فيها، وتمزي خرجييها ىلع طول ابلالد وعرضها يف إتقانهم وتضلعهم
العميق يف شىت العلوم اإلسالمية واللغوية، سمح تلواوون بأن حتتل
مركز الصدارة بني هذه املراكز، وال سيما
يف مستهل القرن العرشين، عندما حل
بربوعها مقيما، من سبقته إيلها شهرته
العلمية ومقدرته الفذة يف اتلدريس،
أعين السيد احلاج مالك يس »ريض اهلل
تعاىل عنه«.
وما فتئت املدينة منذ ذلك العهد
تواصل االحتفاظ واالهتمام برتكة » مود «
العلمية واثلقافية، متمثلة يف الزوايا
اتلعليمية العديدة، واألروقة العلمية،
والكتاتيب القرآنية املنترشة يف أحياء
هذه املدينة العلمية، طوال وعرضا، كما
ظل أبناؤه الربرة، وأتباعه األوفياء قائمني
وحريصني ىلع إبقاء شعلة العلم وراية
املعرفة يف تواوون دائمة اتلوقد، وخفاقة
يف األفق، يربهن ىلع ذلك تعدد احللقات
العلمية فيها واإلقبال الشديد اذلي
تشهده هذه الكتاتيب حىت يومنا هذا.
ويف هذا الصدد أيضا يندرج تأسيس العديد من املعاهد احلديثة
واملدارس انلموذجية، ومن بينها »معهد الشيخ احلاج مالك يس
لدلراسات اإلسالمية وابلحوث العلمية«.
لقد أتت فكرة إنشاء وتشييد هذا املعهد، اذلي أطلق عليه
تيمنا وترباك اسم )معهد » الشيخ احلاج مالك يس « لدلراسات
اإلسالمية وابلحوث العلمية(، نتيجة رؤية عرصية واسترشاف
بعيد آلفاق املستقبل، يتمتع بها القائمون واملرشفون ىلع إدارة
وتسيري املعهد، وهو مبادرة طيبة وطموحة أقدم ىلع حتقيقها
وإجنازها عمدة من أعمدة األرسة املالكية، ممثال يف شخصية
ناطقها الرسيم سماحة الشيخ » عبد العزيز يس األمني «.
ومنذ أن رأى املعهد انلور، ما برح الشيخ يواصل عمل الليل
بانلهار، وجيود من وقته اثلمني، ونفيس ماهل دعما ومساندة هل،
ّل عالقاته ادلاخلية واخلارجية
كما كثف من جهوده وحتراكته وفع
من أجل الريق حبالة املعهد، وجعله يتصدر أىلع القائمة ضمن
أفضل املعاهد واملراكز املرموقة يف هذا ابلدل.
إن هذا املعهد يوفر يف مناهجه وتكوينه فرصة نادرة، وحال
مناسبا لطلبة العلم يف اجلمع بني اتلعليم اإلساليم األصيل وبني
اتلعليم العرصي القائم ىلع نظام املراحل واملناهج ادلراسية،
22
23
كما حيل، وبشلك جذري مشلكة اتلعليم
اثلانوي املنظم، واليت اكنت يعانيها طلبة
العلم القاطنني يف تواوون وضواحيها، ويف
القرى املجاورة هلا، لقد سعت إدارة املعهد
منذ إنشائه إىل القيام بكافة اإلجراءات
اإلدارية والقانونية تلوفري اإلطار القانوين
هل، وتسجيله ضمن املدارس املرخصة هلا
من قبل وزارة الرتبية الوطنية.
يقع هذا املعهد يف يح »بام« احلديث
العهد باتلوسع واتلمدد يف مدينة تواوون،
والطابع العام لليح اذلي أقيم فيه هذا
املعهد هو اهلدوء اتلام ومالئمة املوقع،
وسهولة الوصول إيلها، وقلة مصادر
الضوضاء والضجة اليت تفسد األجواء
اتلعليمية، فاألجواء الصاخبة واألماكن
اهلاجئة باحلراكت والضجيج املستمر لك
ذلك بعيدة لك ابلعد عن موقع املعهد،
يضاف إىل ذلك حداثة اليح وقلة
ساكنيه، وقربه من الطريق الوطين رقم .1
يشلك املعهد اجلديد معلما بارزا من
املعالم احلديثة اليت تمزي هذا اليح اجلديد
الواقع يف اجلنوب الغريب من مدينة
تواوون، ويضم اليح كذلك املدرسة
اثلانوية احلكومية، ومبىن الرشكة
الوطنية للكهرباء، إىل جانب العرشات
من املباين السكنية حدييث العهد
بالتشييد، والطريق املعبد واملزفلت حنو
»اجناسان«.
حيتل املعهد مساحة أرضية كبرية
تقدر بثالثة هكتارات تقريبا، وقد شيدت
فوقها مبان جديدة من الطراز املعماري
احلديث، تضم يف أقسامها : مبىن اإلدارة
العامة للمعهد، ومبىن فصول املرحلة
االبتدائية، وفصول املرحلة اإلعدادية ،
وفصول املرحلة اثلانوية، وبنايات أخرى
عبارة عن دورات املياه، وخمازن املعدات
املدرسية، ويتم يف الوقت احلايل تشييد
مرافق جديدة تضم داخليات للطلبة
وقسما للمكتبة العامة للمعهد إىل جانب
قاعة للمحارضات ومرافق أخرى تابعة .
وتضيف أجواء املعهد وفناءاتها
املخصصة ألنواع الرياضات ابلدنية
املختلفة، وكذلك املساحات اخلرضاء اليت
تغطي جانبا كبريا من املعهد بيئة صاحلة
ومرفهة ملرتادي هذا املعهد.
تتمزي قااعت ادلراسة يف هذا املعهد
بسعتها وقدرتها ىلع استيعاب أعداد كبرية
من طلبة العلم، باإلضافة إىل جتهزيها
باملستلزمات الرضورية من الكرايس
والطاوالت واملاكتب وادلوالب، ويشهد
املعهد منذ افتتاحه يف اعم ،٢٠٠٦ إقباال
منقطع انلظري من طلبة العلم اذلين
يفدون إيلها من القرى وابلدلات املحيطة
بتواوون، ومن ادلارسني امللتحقني
باحللقات اتلدريسية املنترشة يف املدينة
الراغبني يف مواصلة دراساتهم العلمية.
وقد انتدب للتدريس يف هذا املعهد
خرية أساتذة تواوون تلويل إلقاء ادلروس
فيها، سواء باللغة العربية أو يف اللغة
الفرنسية وكذلك اللغة اإلجنلزيية، كما
يتمتع املعهد من وجود عدد من األساتذة
املرصيني املوفدين للتدريس يف فصوهل.
تقع مدينة )تواوون( يف غرب
السنغال، ويه قريبة من مدينة )تييس(،
ّ اخلالفة العظىم للطريقة
وتواوون مقر
اتلجانية. وقد ذكر أحد الرحالني اذلين
عربوا املحيط األطليس وجودها بالفعل يف
القرن اخلامس عرش امليالدي، وأنها اكنت
جزءا من مملكة كيور واعصمتها.
يف اعم 1904 ، اكنت خامس أكرب
مدينة يف السنغال بعد سانت لويس،
ودااكر، وروفيسك وجورى. أنشئت
حمطة سكة احلديد القائمة فيها منذ اعم
1904م.فاملدينة من ناحية أخرى العاصمة
للتجانية يف السنغال ,و تبعد عن داكر
اعصمة السنغال ب 92 لكم ,ىلع الطريق
الوطين رقم 2ويفد إيلها يف لك يوم وأسبوع
مجهور عديد من الزوار لإلمتياح من معني
ّ اذلي قد نبع اهلل ماءه
اخلري والربكة الرث
الفرات ىلع يد الشيخ احلاج مالك سه
ابن العالمة الورع عثمان سه والسيدة
الفاضلة فاطمة ويل ،ذلك لزيارة األرضحة
اليت تضم أئمة هداة من أويلاء اهلل
الصاحلني. من ذرية الشيخ احلاج مالك
سه , قدموا الرخيص وانلفيس من أجل
تمكني اإلسالم يف ربوع ابلالد وتربية
وخدمة العباد.
يف اعم2003م أدرجت ادلولة رضيح
الشيخ احلاج مالك سه ورضيح جنله
املكني، أول خليفة هل الشيخ السيد أيب
بكر سه، ريض اهلل عنهما، ضمن جمموعة
املعالم واآلثار اتلارخيية والرتاث الوطين يف
السنغال، كما سجلت ادلولة إىل جانب
ذلك مبىن حمطة سكة احلديد .مدينة
تواوون يف اتلقسيمات اإلدارية يه حتتل
مستوى مقاطعة من إحدى املقاطعات
اثلالثة اتلابعة إلقليم ) تييس (. تقع
يف مناطق زراعية ,وذلا تعد مركزا مهما
إلنتاج الفول السوداين )كرت(.
ومن املقرر تارخييا أن احلاج عمر
الفويت تال )1864-1794(،اكن صاحب
اخلالفة اتلجانية العظىم ببالد السودان.
وبعد غيابه يرجع الفضل يف انتشار
الطريقة اتلجانية مرة أخرى إىل الشيخ
احلاج مالك يس، اذلي ودل يف اعم 1855
قرب )داجانا(. ثم استقر يف مدينة )تواوون(
بشلك دائم يف اعم 1902ببالد)الولوف(.
فيه املجموعة العرقية األكرث تمثيال يف
هذه املدينة .ومنذ أن قطن الشيخ احلاج
مالك يس مدينة )تواوون(، وطئت أقدامه
الرشيفة ىلع أرض املدينة ، أصبحت يف ظل
قيادته، مركزا تلعليم مجيع العلوم ادلينية
والرتبية، كما حتول جملسه اتلعلييم إىل
ّ هموم املسلمني إىل
جامعة شعبية وشد
ما يريض اهلل تعاىل عبادة وتالوة و خدمة
الصاحلني من املشيخة وصلة األرحام ،
بدال من التشاجر والعصبية اليت قال يف
ّها الرسول صىل اهلل عليه وسلم ) دعوها
ّ ذم
ّها منتنة( . وجعل املدينة موطنا لشد
فإن
أوزار املسلمني للتجاوز عن االختالفات
الفرعية واالشتغال بتوثيق وحدتهم
أمجعني عمال باآلية الكريمة اليت أعلنت
ّما املؤمنون إخوة….(.ويف
قديما ب )إن
سبيل حتقيق هذا املبدأ انلبيل والعزيز
ّ الشيخ جرس اتلواصل حنو
يف اإلسالم مد
املراكز الروحية اإلسالمية األخرى , فسىع
لربط مدينة /تواوون املقدسة إيل املدن
والعواصم اإلسالمية الكربى يف ابلالد
وخارجها. فقد أورد تلميذه حممد تابان يف
مؤلفه عن الشيخ بأنه شاهد – وهو مع
الشيخ يف تواوون -رسائل اكنت تصل إىل
جانب الشيخ من مدينة القدس الرشيف
.وال نشك بأن الشيخ اكن من ضمن
أهداف سفره املبارك ألداء فريضة احلج يف
24
اعم 1889اغتنام فرصة اتلعارف مع العالم
اإلساليم. ظلت )تواوون(معينا مقدسا
لالرتشاف اخلليق اجلميل واالرتقاء
ّ الرويح .
وبقدر ما حتتل ماكنا بارزا يف السنغال
ومنطقة غرب إفريقيا باعتبارها قلعة
إلشعاع اثلقافة واحلضارة اإلسالمية. ويف
إطار املدينة بالعالم اخلاريج عمل ىلع
تطبيع العالقات بني زواياه يف السنغال
وبني الزوايا األخرى املماثلة يف اخلارج,
ّسها
وخاصة الزاوية اتلجانية األم اليت أس
القطب املكتوم والربزخ املختوم الشيخ
أمحد اتلجاين بمدينة فاس الرشيفة يف
املغرب الرشيف, فقال الشيخ يف إحدى
قصائده :
وكم أشتيك عند اإلهل زيارة
زواياه لكن العنان بقبضيت
ناهيك مثاال ملا قلنا بأن الشيخ احلاج
مالك سه ريض اهلل تعاىل عنه جلب
جمموعة من أهل العلم من بالد املوريتانيا
تلعليم العائلة وأهل املدينة, وكثريا ما
استقبل الرشفاء الوافدين من مدينة فاس
أو من مدينة عني املايض ، وما زالت
ذريته املباركة تسري ىلع هذا املنوال يف
استضافة وتكريم الزوار من آل الشيخ
أمحد اتلجاين القطب املكتوم والربزخ
ّ الشيخ
املختوم. فيف مدينة تواوون أعد
جيال مسلحا بالقيم والشيم الفاضلة من
أهل العلم والفقه واالنضباط واملناعة
اخللقية والروحية والصالح والشجاعة
والصدق واثلقة بانلفس واثلبات والصمود
واتلضحية, ليك يصبحوا يف وقت الحق
محلة املشعل يف نرش ادلعوة اإلسالمية
وباتلايل لنرش قيم حترير الشعب املستعمر
املغلوب ىلع أمره . وذلك عن طريق تنمية
القوى العقلية والقدرات الفردية. األمر
اذلي جعل الشيخ املريب يعتين بنوايح
الفروق الفردية عناية ملحوظة. فتخرج
من جامعته ذلك اجليل متنوعني يف
اتلخصص العليم واملمارسة يف امليدان،
فمن بينهم اعلم تاجر أو اعلم مزارع أو
اعلم أستاذ معلم أو اعلم شاعر واكتب أو
اعلم .جندي… . ولم تكن تتوفر هذه
الصفات جمتمعة إال يف الرتبية الصوفية،
واكن الشيخ يف تلك احلقبة من الزمن
يتمزي بمنهج تربيته املتاكملة اجلامعة بني
الرشيعة واحلقيقة بدون إغفال واحدة عن
ّنهم بعد مرحلة الرتبية إىل
األخرى. فعي
مناطق ابلالد وخارجها ، واختار للك اعلم
الوسط االجتمايع اذلي يالئمه .
فال خيىف ىلع أحد، بأن الشيخ احلاج
مالك يف تواوون قد جاهد كثريا إلعالء
لكمة اتلوحيد يف بيئة اكنت حقال مرتعا
لالستعمار الفرنيس وجور السالطني
الوثنيني وطبقة )تيدو( ابلورجوازية
ّالة إىل الراحة وادلعة . ويعترب
املنعمة املي
بيت تلميذه الشيخ يلع يك أصدق ما قيل
يف وصف حال ابلالد أوان ظهور الشيخ
احلاج مالك سه، من قصيدته لرثائه ىلع
وفاته يف اعم 1922م بقوهل :
ٌ وظلمة
ْر
و
َ
ُ ِود ج
ّ
ُ الس
َاع
ِق
ب
َ
َ و
ىَت
َ
أ
ِد.
َّ
ر
َُ
ّ جُم
ِق
َ
ْ
احْل
ِ
ّ ب
ِم
َ
ه
ْ
ِف ال
ْ
ي
َ
ِس
فقام ب
فألف الشيخ احلاج مالك سه ريض
اهلل عنه كتابه املشهور ” كفاية الراغبني”
يلكون مرجعا للراغبني يف اإلقالع عن
ابلدع واتلحريف يف ادلين. ومن ناحية
ّف كتاب )إفحام املنكر اجلاين(
أخرى أل
ّ .وقد اعش
ّ
لدلفاع عن اتلصوف السيّن
الشيخ عمره املبارك وهو يرتدي بلاس
اإلمام الورع اذلي لم يلجأ قط إىل تعايط
الرخصة، احتياطا، كما قيل: “وذو احتياط
يف أمور ادلين من فر من شك إىل يقني”.
وقد أشار إىل هذه انلقطة اهلامة اخلليفة
العام للطريقة اتلجانية السيد الشيخ أمحد
اتلجاين يس بأن احلاج مالك ريض اهلل
عنه لم يعتمد ىلع الوالية ولو مرة، بل
راىع األحاكم الرشعية يف مجيع الظروف
ً واملواقف. فقال يف حقه:
ة
َ
ر
ْ
ِك
ِ ب
ر
ْ
َّه
َى ادل
َ مد
بىَق
َ
ُ ت
ه
ُ
َ يت
ِاَل
و
اِهِل.ِ
َ
ِحِت
ْ
َ ار
د
ْ
ع
َ
ُ ب
َْرْس ْ َار
َا اأْل
ه
َ
ٌ ل
َ ان
ُص
ت
ومن جانب آخر سىع لربط شخصية
انليب صىل اهلل عليه وسلم بمشاعر وثقافة
وتفكري املسلمني يف ابلالد ويف املنطقة
مستخدما وسائل متعددة ومتنوعة ذات
تأثري مبارش وغري مبارش, ونذكر من بني
تلك الوسائل نموذج تأيلف سليم وقيم
املعاين, وهو عبارة عن موسوعة يف السرية
انلبوية الرشيفة، ولم يعمل أحد مثله حىت
حلظة حترير هذا املقال فيما نعلم .ثم أدرجه
ضمن الكتب املقررة للتدريس يف جمالسه
العلمية فتناقله الطالب والعلماء يف طول
وعرض ابلالد .ومن جانب آخر أقام يللة
االحتفال إلحياء مودل انليب صىل اهلل عليه
ّ شهر ربيع األول ,تأسيا
وسلم لكما هل
بسنة السلف الصالح .فظلت العيون ترنو
والقلوب تشتاق وانلفوس تتوق إىل مدينة
/تواوون حرصا ىلع االستماع واالستمتاع
بمراجعة ومدارسة حياة انليب صىل اهلل
عليه وسلم واالنتهال من روافد سريته
القدوة, من هنا تأيت بقعة /تواوون مدينة
سباقة, بقدر كون احتفاهلا أهم وأكرب
مهرجان ديين يقام يف بالد السنغال ويف
املنطقة الغربية اإلفريقية تلكريم نيب
ّد صىل اهلل عليه وسلم
اإلسالم سيدنا حمم
ولم تثبت مرة قبل الشيخ احلاج مالك
سه ريض اهلل عنه ذكرى سنوية لإلحياء
بمودل سيدنا حممد ) عليه الصالة والسالم(
بالصورة املطابقة للرشيعة اإلسالمية. كما
يه احلال يف مدينته ويف املراكز اتلابعة هلا.
بقلم األستاذ عبد العزيز صار
مدرس يف ثانوية خليفة أبابكر يس
بمدينة تواوون املحروسة
25
ّا إيله راجعون
ْ إنا هلل وإن
ِ عن
ِري
ب
ْ
ع
َّ
ِ ل ِلت
ِ ِ الاكمل
ر
ْ
ْ حب
َ من
ثِية
ْ
ر
َ
ُ ِ هذهِ الم
ت
ْ
ل
ُ
ق
ًا
ر
ُ
ّ
ث
َ
أ
َ
ّ ت
ِم ِض
ُ
ِم الم
َ
ل
ْ
ِن واأْل
ْ
ز
ُ
ْ
َْىَس َ واحْل
ِ اأْل
َ ِشاعر
م
ّة والوطن، صاحب
ّة واألم
برحيل فقيد املل
ّفيسة
ّة انل
ّجانية الكربى والوصي
اخلالفة اتل
ّ مة والوسيلة
البرشى … موالنا الشيخ العاّل
ّد املنصور سه اخلليفة العام
ّ الرباين احلاج حمم
ّاته
لطريقة اتلجانية, أسكنه اهلل فسيح جن
العليا جبوار وادله الكريم الشيخ أيب بكر سه
ِم ِيم الشيخ احلاج مالك سه ريض
ّ
ّ ه الص
ِ وجد
ّ هداء والصاحلني
ّ ديقني والش
اهلل عنهم, مع الص
َ أوئلك رفيقا. واهلل ىلع ما نقول وكيل:
ُ ن
وحس
أْك َ ـــــــــو ِان
َْ
ََزَل ْ ـــت َ ع َ ـــلــــــى ال
َـــا هـ ِح ِيل َ ش ْم ِس ِّ الد ِين ُ ق ْط ِب َ زَم ِان َ َّ ــــــــزًة نـ
ِب َ ــر ي
ـة
َ ٍ
اه ُ ف ْ ـــــــه َت ِ بَن ْكـــــب
َْنَع ُ
ََتى ي
َِة ِّ الن ِ يـــر ِان
ا م ْ ـــــــــــــن أ َت ْك ِ ـــــو ْ ي الُقُل َ وب ِ بُش ْ ــهـــب
َ َ
ي
َ ًسى
َ ْت ِ م ْن أ
ف َّ ي النْف ِس َ ذاب
َ َ ا ح ْسَر ان ًة ِ
أ ْرَك ي
َْ
َ ْ ــت ُ م ْ ـــــن َ هــــــــارَة ال
َوَت َ ــح َّ ــطمــ
ـــه ُ ت ْ ـــه َ ــــــن َ ا ف َ ــــم ْ ــــــن
ُ ِش َ ــــــيع ِ ب َ ــن ْ ــع ِ ــــي ِ
ــمـــا أ
ان َل ي َّ
َّ ِ
َ ْ ـــق َ ـــو ِ ى ب َ ــــن ْع ِ ـــي ْ ال َ ــــع ِ ــار ِف َّ الـــرب
ي
ـــــة
َ ٍ
َّ َ ـــــع َ ف ْ ـــــو َق َ ع ْ ــــر ِش ِ دَراي
َ َ ا ل ُ ــــــــــه ِ س ْ ـــم َشــــي َ ـــــت ِان ْ ٌ ــــخ َ ت َ ـــــرب
ُــــــــمـ
ـــــة َ فـــــهـ
َ ٍ
َوِولَاي
َ ْس ِ ــــرَها
ْل َ ـــو ْ ى الِب َ ــل َاد ِ بأ
َ
ـــم ِت ْ الب
ْ َك َّ الش ْع ُب َ ك ْ ــالِج َ ــير َق ِان ْ ــــد َ ع َّ
ََك َ ى عَلي
َفب
ًا
ً َ ا وُم َ ـــرِّقي
ْ ًخ َ ا ك ِ ـــامــل
أْق َ ــر َق ِان ْ ــــد ِ ع ْ ــــش َ ـــت َ شـــي
َْ
َى ال
َ ْ ــــع ُ ــــــل َ ـو علــــ
َع ّ ـــــل َام ً ــــــــة ي
ا ل َ ــنِبِّيَنــا
ُّ ِ وران َق ـــــــي ْ ــــد ِ ع ْ ــــــش َ ـــــت َ د ْه ً ــــــر َ ا و ِ اص ً ـــف ِ
ــــــه الــنـ
ـال ِ
ـــــه َ و َج َ ــــــم ِ
ِ بــــ َج َ ـــل ِال ِ
ِْل ِ م ْ ـــن ُ ــه ُ ز ْم َ ــــرُة ْ ال ُ ـــــع ْ ـــــــد َداف َو ِان ْ ــــع َ ــــت َ عْنُه ُ ك َّ ـــــل َ ما ق ْ ــــد َ ح َ ــاوَل ْ ــــــت
ِب َّ ــــالــنيــــ
ْ َك َّ الـــش ْع ُب َ د ْهًر ُ ا ك َّ ــــلَما
َب َ ى م ْوِلِد ْ الَع ْد ِ ناني ِْك َ ــي ع َ ـــــلي
َح َ ـــض ُ ـــر ِ وا ل ِ ـــذ ْك َ ــــر ي
ًا
ِّــــمـ
َ َج َ ــادَه ُ ـــا مَتَعـــل
ا ل ِّ لـــش ِ يـــب ْ وال ِ ــــــــــوْلَد ِان ْ ال ُ ــــف ُ ــــــــــن َ ــون أ
ِّ َدَر َس ً ـــم ِ
ُوم َ ــــــعــل
ا ل َّ لــشِر َيعِة َ ن ِ اص ً ــرا
ْ ًخ ِ
ـــان َق ـي ْ ـــــــــد ِ ع ْش َت َ شي
َو َخِل َيفًة ُ ي ْ ـــعِل ِ ــــي ل َ ــــــو ِّ ا الـــــــت َ ــيــج ِ
ْ َك ُّ الس ُود َ و ْالِب ُ يض َ الق ِصي
َب ِ ــــان ِْك َ ي عَلي
َ ي
ْ َك َ ع ِ شـــــ َ يــرُة ْ ال ُ ـــع ْ ـــثمـ
ِْك َ ي عَلي
َب
ي
َ ُ ـــاب َ ه َ ـــذ ْ ا الَغ ْ ـــو ِث َ ع َّ ــن َ ا ص ْدَم ٌ ـــة
ِْإْن َ ــس َو ِ ـــان ِغـــيـ
ْ ِج ِّ ــــــن َ وال
لــلـ
َ ٌ ــة ِ
َوُم ِ ـــــصـــيـــــب
َْن َ ــت َّ الِذ َ ي ع ّ ــرْف َت َ ع ْ ــــصَرَك ِ ب َّ ـالنِبـي
َ أ ِ ــان
ــــــق َ ا ك َ ــــح ِ ــــال ِ عــــــي
ًّ
َص َّ ـــــو ْرَت ُ ـــــه َ ح
م َ ـــع ِ ـــارًف َ ــــا وَم َ ــــو ِارًدا
ان َشـــي ـــــي ْ ٌ ــخ ُ ي ِ ــــفــ ُ يض َ
ْ َ ــد ِ
ــائ َ ــــق َّ الص َمـ
ائ ً ـــــف َ ا وَدَق ِ
َ ِ
َوَلــطـ
َْك ْ ى ال َم ِ ــــش َ ــــيخ َ ـــة ِ مْثَلَما
ب
َ
ُُه أ
َـــاب
ُّ ي السْلَط َو ِان ِغـــي
ْ َ ـــــك ْ ـــى ال َ ـــمِس َ ــيحَة َ وَذِو
ب
َ
أ
ُّ التَقـى
َِة َ و
ـــــام ِ ــــى ب ْال ِ ــهَداي
ــع ِ ـــــان ٌ ــــم َ ت َس َ
ـــع ِ ــــــز َ يــمِة َّ الش ْ ــج َ
َع َ ـــل ُم َ ـــــت َ ـــو ِّش ً ـــــح ِ ا ب َ
َ ْحَم ٍ ــد
ـــة أ
ُ َّم ِ
ــــلــــي ِ ـــــــان َّ ٌ ـــــــة َ ل ِ ـــح َ ـــــق ْ ــت ِ بأ
َ ِ
َ َفـــب
َــــي
ــــه َ وب
َم ْ ـــــــــن ِ م ْ ـــــث ُ ــــــل ُ ـــــه ِ ب َ ــــحِد ِ يــث ِ
َ ً ــة
َاب
اءًة َ وِكــــــتـ
ق َ ــــــر َ
ْ َ ــــت ِ
ــعــــــي
ًَة َ وَف َ ــــص َ اح ً ــــــــــة ِ بِل َس َه َّ ــــــــلا نـ ِ ـــــــــــــان َ َ
َو َخ َ ـــــــــــطاب
ْ َت ْ الِف ْـقَه َ و َّ الن ْحَو َّ الِذي
أ َه َّ ــــــل َ ا ن ْوَز ِان َعــيــ
َْ
اه ِ م ْ ـــــــــــث َل َّ الص ْ ــر ِف َ وال
َ ْ ـــــه َ ــــــو ُ
ي
أ ُصــــو
ُْ
َ ْو ِ بال
ْ َت ِ ب َم ْ ــنِط ٍ ــق أ
ان َه َّ ـــل َ ا ن ـــــــي َعــي
ِِّه ْ ال ِ عـــــــــــ ْرَف ِ
ـــــو ِف َ فــنـ
ُّ
ِل َ وِب َّ الت َ ـــص
ب ٌ ـــــــــر
ت َ ـــل َاوٌة َ وَت َ ــدُّ
ْ َ ــــك ِ
ـــــــائ ِ ــل ْ ال ُ ـــف ْ ــــر َتـــب َق ِان ْ ِكــ َ ي ع َ ــــليــ
َ ُ ــاح ٌ ــــــــث ِ ب َم َ ــــس ِ
َوَتـــب
م َ ــــع ْ الُمُت ِون َ تَو َّح َ ـش ْ ـت
إَّن ِان ْ الُع ُ ــل َ ـوم َ
َح ِ ـــزَن ْت َ و َص َ ــاح ْت َ ح َ ــــالَة َّ الــث ْ ــكَل ِ
ا
ً
َ َ ـــل َاغ ً ـــــــة َ وَق َـو ِ افــيـــ
ْ َت ب
ــــعـيــ
م َع َّ الس َه َّ ـــــــل َ ا ن ْج َ ــــع ِ ــان َ
َو ِّ الـش ْ ـــــع َ ــــــر َ و َّ الن ْ ــث َ ـــــر َ
َِّو ًهـا
ْ َك ْ الُم ْص َح ُ ـــف ُ مَتأ
َب ِ ـــــــان ْ ِكــ َ ي عَلي
َف َّ ــــس ْ ــــرَت ُ ــــه ِ ب َ ـــــش َ ــــــه َ ــــادِة َ رَم َ ــــــــض ي
ْ ًخ ُ ا قْدَوًة َ وُم َ ــــج ِّ ـــد ًدا
َ َق ِان ْـد ِ ع ْ ــــش َت َ شي
م ْ ا انَدَر َس ْت ِ م َن ْ الُبْني
ً ِف ِّ ــي الد ِين َ
مْل َجأ
َْر ِ ات ُ ع ْمَرَك َ
ف ْ ي ال َخي
ْ َت ِ
َ ْفَني
َ ْه ِ ـــــــــل ْ ال ِ ـــــع ْ ـــــــلِم َ و ْالُق ْ ــر أ َء ِان
َوَم َ ـــــل َاذ أ
َ ْ ـرَوٍة
ــال ِ ـــب َ ثــ
م ْ ـــه ُ ـــض ٍ ـــوم َ وَط ِ
مَذ ِاه ُ ـــــب ُ ــــــه ِ م َ ـــــن ْ الِح ْ ــــــــر َوَم َم ِان َ ــل َاذ َ
َض َاق ْت َ
ْ َ ــــط ِ ــان َك ْ ــــم َ ذ ِاك ٍ ــــــر َ ل ْ ـــولَاَك ُ ج َّ ــــــن ِ ب ِ ــذ ْكِرِه
ــــــــاه ِ م ْ ـــــــــن َ شــــي
َْن َج ُ
َوُم َ ـــــوَّث ٍ ـــق أ
ــة
ل ِّ لس ْ ـــج ِ ـــن ِ س َ يــق ِ بُت ْ ـــه َم ٍ
الــــظ ْ ـــــل َ ـــم ِان ِاط ٍ ــن ِ
ُّ
َ ْط َ ــشِة َوُمَو
َخ َّ ــــل ْصَت ُ ـــه ِ م ْ ــــــن ب
ٍَة ُ ق ْص َـو َ ى حَمْل َت ِ خ َ ـــل َاف ً ــة
األ ْغ ِبِعـنــــ َ ـــــــــــص ِان َاي
َ
َح َ ــــاف ْ ــــظ َ ـــتَه ُ ا م ْ ــــم َ ــــــتَّدَة
ــل ُ ـــه
ُّ
أْغ َ ــل َ ى و ُع ْمُرَك ُ ك
َْ
ْ َ ــت َ ــها ال
َ ْع َ ـطــي
ِْإ ْح َ ـس أ ِ ــان
ف ْ ـــــي الِب ِّ ـــــــر َ وال
َْنَف ْ ــــق َ ـــــــت ُ ـــــه ِ
أ
ِل
ْ
َ
ِ ِ سه جَن
ُ ور
ْص
ًّد املن
ْخ حمم
ْ الشي
َوطان
ِة واأل
َّ
المل
ِق ِيد ِ
َ
َثاءِ ف
ْ ِيِف ر
َّمحان
َ ا الر
ِض
ِهم ر
ْ
ي
َ
ل
َ
ْ ع
ْمان
ث
ُ
ِن ع
ْ
ْ ِ ط مال ِك ب
ِسب
َ
ْ و
َان
َّم
ِد الز
ْ
ر
َ
ِة ف
َ
ِيف
ل
َ
ْ
اخْل
26
الــد َعــــا
ُّ
ف ِّ ـــــي الذ ْك ِ ـــر َّ للِه َ و
َ ُ ــه ِ
َْنَف ْ ــقتــ
لْل ْإن َس أ ِ ـــان
ف ْ ـــــي ال َ ـــــع ْ ــــوِن ِ
ْ َ ــــف ْ ـــق َ ــــت ُ ــــه ِ
نـ
َ
أ
ْ َت ْ ال ُج َود َ و ْالَو ْع َظ َّ الِذي
إ ْس َ ــــــن ُ ــــادُه ِ ب ْال َح ِّ ـــــــــــــق َ و ْالُب ْ ـــر َهَّل َ ا ن َه ِ ــــــــــــــان َعي
ِ
ْ َت َ ت َ ــــو ُ اض ًع َ ا وِدَم َ ــــــاثًة
ِ َه َّ ــــــــــل َ ا ن ْخَو ِان َعيــ
لْلإ
ــه ِ
ف ْ ي ال َ ـــــو ْج ِ
ََش َ ـــــــــــاش ً ــــــــــة ِ
َوب
ِّ َ ــهـــا
ُْت ْم ِ ب ْال َح َ ـــــف َ ــــاوِة ُ كــل
ْ َه َّ ــــــــل َ ا ن َ ــــن ِان َ ـعـــي
ــــــامًة ُ ت ِوح ِ ـــــي ب َ ـــــه ْ ــــــا ال َ ــــعـــي
َو َش َ ـــــه َ
ُ ً ــــــفـــا
ُ ُخ َّ ــــــــــــوًة َ وَتــآل
ْ َت أ
ِْإ ْع َ ـــــل َه َّ ــــــــــل َ ا ن ِان َعي
ا ف ِّ ـــــــــي الس ِّ ـــــــــــر َ وال
ً ِ
ُب
َوَت َحــــــاب
مَّرًة
ُ َجِج َّ الطِر َيقِة َ
في ل
إ ْن َ خ ُجَم ِان َ اض ِ
َْد َّ ى الش َ ـــــــــو ِاه َ ــــــد ُ ج ْ ـــــم َ ـــــلًة َ ك ِ
ب
َ
أ
إَّنَها
ِ َخ ِ
ََن َت َ زَم ِ ــــــــــــان ِ خ َ ــل َافُت َك َّ الش َ ــوام
لُك ِّ ــــــل َوب
َس ْ ـــــــــــــــــــع ٌ ـــــــــــــــي َ و َآث ٌار ِ
ًَرا
ائ ِ ــــر ِ م ْ ــــــنب
َ ْف َس ْ ــــح َ ـــــــــت َ آف َ ـــاق َّ الدَو ِ
َ َ ــادِة أ ْ ال َ ـــم َّ ـــــــــــــن ِ ــــان
ُ ِ ــب َ وِعــــــــب
ِل َ ـــت َ ـــــــحــــــاب
َ َ ــــارٍة َ ل َّ ـــــق ْ ـــــــن َ ــت ُ ـــــه ْ ــــــم
ا ل ِ ـــــزي
ََتْو ِ
ِ َوَم َ ـــــتـــــى أ َ يــــم ِ ــــان
لْلإ
َ ْ ا ال َخ ْم َس1 ِ
ِتْل َك ْ الَو َصـــــــاي
َّــــي َم ِ ــــــــــان ْ َت ُ ج ْ ـــــم ُ ــــه ً ــــــــور ُ ا ه َ ـــــــد ًاة ِ ج َّ ـــــل ً ـــــــة
َ َرب
ـــــاء َ ق َ ــــادِة ُ ق ْ ــط ِ ــــرِه ْ ــــــم ِ بأ
ُع َ ــــــل َ ـــم َ
ْ َ ـــــرًة
لِم َ فتـ
َ ْ ـــــع َ ــــد َّ الت َ ــعُّ
ِه ِ ب ْال ِ ـــع ْ ـــر َو َس َف ِ ــان َ ـــــل ْ ــــك َ ــــت ُ ـــه ْ ـــم ب
َّ
َ ْه ِ ــــــــــل الل
ِف ِ ــــــي س ْ ـــــل ِك أ
ف َ ي ن ْشَوٍة
َ ْرَو ُ اح ُ ـــــه ْم ِ
م ْ ـــــولَاُه ْ ــم َ ع ِ ــــن َ الغ ْ ــف َ ـــل َح َّ ـــــــت ِان َ ى غ َ ــــــد ْت أ
ِم ْ ـــــن ُ ح ِّ ـــب َ
ف ُ ي ع ْ ــــم ِـرِه
ــــم ٌ ــــــة ِ
إَّن َ ــــرَه ِ ا بِل َ ــس ِ ـان ؟ ْ ال َم َ ــح ِ ـــــاس َ ـــــن َ ج َّ
َه ْ ـــل ِ م ْ ــــــن ُ م ِ ــط ٍ ـيق ِ ذْك ِ
ًة
َ
ـــسب
ـــــــج ِ ح ْ
ٍّ
ََع ْ ـــث َ ــــت ُ ُوف َود َ ح
ات َب ْ الُق ْ ــــــــــــــــر َوَل َ ـــك َء ِان ْ ــــم ب
ََق ْ ــم َ ـــت َ ك َ ـــت ِ
َوَل َ ــك ْ ـــم أ
ً َ ا وَم َ ـــــن ِ ــازلًا
م َ ــــر ِاكــــــب
م َ ــــــن ْ ــــح َت َ
م َ ــــس َوَل َ ـــــك ِاج َ ـــــــد ْ ال َآذ ِان ْم َ
َوَل َ ـــــك ْ ــــــم َ رَف ْ ــع َ ـــت َ
ِّ ًما
ل
َ
َ َ ــك ُ ى مَتأ
َ َف ِ ــان ُ ــــــــت َ ــــــر ُ اث َ ج ِّ ـــــــد َك َ ق ْ ــــــد ب
َخ ْ ــو َف ْ ال َج َ ــــــــف َ ا و ْال َخْلِط َ و ِّ الن ْســـــي
َ َر َ اق ُ دُم َوع ُ ــــــه
إْن َس َو ِان ِخ َ ـــــل ُ اص َ ج ِّ ــــــد َك َ ق ْ ـــد أ
َ ِّي ِ
َ َ ـــك ُ ــــى ص َ ــــــر ً اخ ِ ــا م ْ ــث َ ــــــل أ
َفـــب
ائ ًما
ْ َ ــق َ ى دِ
َب
َ ِان َ ــذْل َت ُ ج ْ ــــه ً ــــد َ ا س ْ ــــــو َف ي
َّ َوب
الشـــــــب
ُّ
ـــة
َ ِ
ــــــــــة َ وِه َ ـــــــــــــداي
َك ِ ــــــــــــــزَر َ اع ٍ
َ ْ ـــــح ٌ ـــــر ِ خ ِان َ ــــــض ٌ ـــم لَا ُ يَط ُ اق ِ غ َ ــــــــم ُ ـــــــارُه
ْ َض ب
أ ْسَر ِار ِ ب ْال َ ــفيـ
َْ
ِف ْ ــــــي الِح ْ ـــــف ِ ــــــظ َ وال
ُْت ُ ــه
م ْ ــــــوُت َ ـــك ُ يْف َ ـــت َ ــــد َ ى لَفَدي
ُّ الس َل َّ ــــــــك ِ ــــــــان ْ ـــــو َ ك َ ـــــان َ
اه آلَا ٌف ِ م َ ــــــــــــــــن
َل َ ـــــف َ ـــــد ُ
ََّنُه
َ ـــــــــــي َ ـــــك ْ ـــــى ال َج ِ ــــم ُ ـــــيـــع َ و ِاج ِـم َ ــين َ كـــــأ
ان َوب
َّ ِ
َل َك َ ع ِ ــــــــار ٌف َ رب
ْ
َم َ ا غ َ ـــــــــــاب َ قــــب
أَن ِام َ ل ُ ـــــم ْ ــــع َ ـــــــدٌم
َْ
فـــــي ال
ـــالله ِ م ْر َح ِ ـــــــان ْ ـــث ُ ــل َك ِ
ف َ ـــــي ف ِب ِ
َ ْر ٍض َ ح َّ ــــــل ِ
ِف ُ ــــــــي ك ِّ ـــل أ
امٍة
ْ ِض َ ك َ ــــر َ
ــة َ ش ِ ــــــه َ ـــــــــد ْت ِ ب َ ـــــه َق َّ ا الــــثَق َ ـــــــــل ِان ْ ــــــد َ خ َّ ـــــص ُ ــــه ْ ال َمْوَل ِ ــــى بَفي
َّ ٍ
َل ُ ـــدِنــي
َ ْتوا
م ْ ــــن أ
َ ْل َ
إ ْن ْزَم ِ ــــــــــان َ ق َ ال ُ ك ْ ـــن َ ك ْم َ ك َان َ ف ْ اسأ
أ ِ
َْ
َ ْش ُ ـــــك َ ـــــون َ ض ِ ائــَق ً ـــة ِ م َ ـــــــــــن ال
ي
ِْإ ْم َ ـــــــــــــــــع ِ ـــــــان ِتْل َك ْ ال َم َ ـــــو ِاه ُ ــــــب َ ع َ ــانَق ْت ِ ب َمَك ِ ـــاس ٍب
ـــــة ِ ب ْالَك ِّ ـــــــد َ وال
َّ ٍ
َش ْ ــخ ِ ــــصـــي
ً َ ا وُم َ ـــــــو ِّج ً ـــــها
ف َ ـــيــــن َ ا ر ِاعـــــــي
ً َ ا رِح ً ـــــــــــــيــــم َ ا ع ِ ــــــــــــــام ً ـــــــــر ِا ب َح َ ـــــــــــن َق ِان ْ ـــــــد ُ ك ْ ـــــن َت ِ
ب
َ
َوأ
أَما
َْ
ـــائ ِ ـــــخ ِ بـــال
ْ َ ـــــخ ْ ال َ ـم َ ــش ِ
َ َ ـا شــــــي
ــــــــة َ ف ْادُخ َ ــــــــل ْن ُ مَتَنِّع ً ــــــــم ِ ا ب ِ ــــــج َ ـــــــــــن ِان َّل ْ ــغ َ ـــت ي
َ َن ِ
ب
ََشــــا
ما ي
َْف َ ــــــع ُ ـــــــل َ
َ ِان ْ َح َ ــــــان َك َّ اللُه َّم ي
أ ُســــب ْحي
َْ
ـــائِر ال
ف َ ـــــي س ِ
ــــــــه ِ
ِف ُ ـــــــــــي م ْ ـــــل ِ ـــــك ِ
أ ْه ِ ــــــل َ ط ِّ ـــو ْل ُ ع ْ ــــمَرُه ْم
َْ
فــــي ال
َّ ِان ْك َ ل ُ ــــــه ِ
ــــة َّ الـــدي
َ ِ
َ ِار ُ ــــــه ُ ـــــم ِ بـــ ِ عــــــــــَناي
َو ْ اح َ ـــــــــــف ْ ــــــــظ ب
ف َ ــــــــــــــي آث ِ ــــــــــــــارِه
َ ِ ــــــار ِاء ْ وال ْإخَو ِان ْك َ ل ُ ـــــه َّ الل ُ ــــه َّ ـــــــــم ِ
ِف ِ ـــــــــي س ِّ ــــــت َ ــــــــن َّ ا الــــز ْه َ ـــــــــــر ب
ـــة َ و ْالَه َ ــــــنا
َ ْ ــــوَن ُ ع ْ ـــــــم ً ـــــــر ِ ا ب َّ الس َد ِان َ ـــل َام ِ
َ ْ ــــحـــــي
ْ ي
ف ْ ــــــي ال َمـــــي
ْ ِ ـــس ِ ـــــــير ِ
أ ْم ِ ـــــــن َ و َّ التــــي
َْ
َوال
ْ ِ ـــخ َ ح ِامِل َ صْوِتِه
ــان َط ـــــــــــــي ِّ ـــــــــو ْل ِ ب ُ ـــع ْ ـــــم ِ ـــــــر َّ الشــــي
ِْد ْ الَع ِ ـــــز ِ يـــــــــز َّ الث ِ
ـه َ عــــــــــب
َِم ِ ــــــــيــن ِ
َوأ
ـــــــــــــه
ً ِ ا ب ِـذَم ِ ـــــــام ِ
َ ُ ــى م َ ــــــــع َ ــــــــــو ِان ً ــــاف َ ى ر ِاعــــــي
َ ْحــــي
ِْإ ْخ َ ــــــــــــو ِان َ و ِّ الن ْس ي
ـــــــة ال
َم َ ـــــــع َ ك َّ ـــاف ِ
ــــه
ـــــــل ِ
ـــان َ ي ن ْج ِ
َ َوُي َ ــخ ّ ـــف ِ ـــــ ِ ا ن ُف ِ ع ْ ــــــبَء ِّ الت َ ــــج ِ
َوَذِو ِ يـــــــــــه ِ م ْ ــــــــث َل َ ت َ ــــــــــك ُات ِ ــــف ْ الُبْني
ــــة ُ م ْ ــــــــنِج ً ـــزا
ـــل َيف ِ
ــــان َوُي َ ـــــو ـــــــــــــــي ِّف ُ ـــــــق َ خ ْ ــــــــط َ ـــو ْ ال َخ ِ
َ ْح َ ـــــــم ُ ــــــــد ِّ الت َّ ــج ِ
آم َ ــــــــــالُه ُ ه َ ــــو أ
َ
ًا
م ِ ـــــاضي
انـــــــــي ُف َ ــــــور ُ ع ْ ـــــم ٍ ــــــــــر ِ ب ْال َمِس َ ـــيــــــــرِة َ
َّ ِ
ـــــه َّ الـرب
ــــــات ِ
َ ِ
إَل َ ــــــــــــــى غ َم ْ ــو ـــــــــــــاي
ُق ُ ـــد ًمــا ِ
ــــمِد ْ ال
لُم َ ـــح َّ
َ َ ـــا ر ِّب َ ف ِان ْ اج ِ ـــز ْل ِ ب َّ الث َ ـــو ِ اب ِ
م َ ـــــــا ط َ ــــلَع ْ ـــت َ لَن َ ا الق َ ــــم َ ــــر ي
َم ْ ــن ُ ــص ِ ـــــور َ
ًْر َ ا و ْالَع َ ــزا
أ ْه ِ ـــــل َ صـــب
َْ
َْل ِ ــه ْ ـــــم َ ج ِ ــــم َ ـــــيــــع ال
ف َّ ـــــــي الــس أ َ ــــل َ ـــو ِان
َ َ ا ر ِّب ِ
َ َ ـــــلاي
َء ِ م َ ــن ْ الـــبــ
ـــــم ِ ـــــــد ْ ال
ْ ِ ـــــــر ُ م َ ـــــح َّ
َ َ ـــــــــار ِ ـــان َك ُ الله ِ بَقــب
َــــــا ب
أْوَط ي
َْ
ْ ِ ـــن ِّ الد ِ يـــــــــن َ وال
َم ْ ـــــــــــن ُ ــــص ِ ـــــور َ زي
ــــــف َ رْو َض َ ـــت ُ ـــــه َّ الش ِ ـــــــر َ يــــــــفَة َ ر ْح َ ـم ٌ ــة
ُّ
َم ْ ـــــــــو ُص َ ـــــــول ٌ ـــــــة ِ ب ْال ُـي ْ ـــم ِ ـــــــن َ و ِّ الـر َوَت ُح ْض َ ــــــو ِان
ـــــه
ْ ِ ـــخ ِ
ــــــة َ شـــي
ــــل َ ــيـــــف ِ
ال ِ ــــدِه ْ ال َخ ِ
ْ َ ــح ِ ــــــــان ِ
ف َّ ــــــــي الرْو ِح َ و َّ الري
ِبِج َ ــــو ِار َ و َم َ ــــــــــع َ ج ِّ ــــــدِه ِ
َ ْ ــع ِ ــــدِه
ف ِّ ــــــــي الد ِ يـــــــــن َ و ْالُع ْ ـــــم َ ــــــر َوُت َ ــــح ِان ِّ ــق ُ ــق ُ ك َّ ـــــــــل ْ ال ُ ــــم َ ــــن ِ ــى م ْ ــــــــن ب
ـــه ِ
ــــال ِ
َ ِ
ِل ِ ــعـــــــي
ـه َو َع َ ــــــل ْ ال ُ ـــخ ُ ــــل َص ِ ـــان َّ ـــــى الن ِبــِّي ْ الُم ْصَط َ ــــف َ ـــى ص َ ـــل َ ــو ُات ُ ـــه
ـــــــــه َ و َص َ ــــح ِ ــــــاب ِ
آل ِ
َم َ ـــــــــع ِ
ــــــه
ِّ َ ــق ِ ا ب َ ــــح ِ ــــب ِ ـــــيــــب ِ
لل
ْ ٌ ــــــد ِ
أ َم ْ ــا اش َ ــــــت ْغ َص ِان َ ــاق َ عــــب
َْ
ْ ٌ ــــــر َ ع َ ــــلــى ال
َوَت َ ــس َ ــــــاج َ ــــل ْ ـت َ طـــي
ً َ ا ع َ ـــــلى
ْـــل
أ ْح َ ــــــــــــــــز ِان َك ْ ـــى ال َح َ ـــــم ُام َ ه ِ ـــــد َ يـــــلُه َ لــــي
َ
َ َ د ْم َ ــــــــــــــع َ ـــــــــة ْ ال
ْ ٍ ـــــك َ وَذَّر َف َوب
ي
َ
أ
ْ ِخِه
ْ ُ ـــــد ْ ال َ ـــع ِ ــز ِ يــز ِ بَشي
أْك َم َ ـــــــو ِان َ ــــــا ق ْ ــــــد َ رَث َ ـــــى عـــــــب
َْ
َ َ ـــــا ه َّ ـــــــــزًة َ ن َ ــــزَل ْ ــت َ ع َ ــــــلــــــــى ال
ي
1 ّ الوصايا اخلمس أخذها عن والده الكرمي: الشيخ أبوبكرسه )رض( وهي :الد ّ ين، والط ّ ريقة، واحلرف، والدوائر وزيارة مدينة تواوون احملروسة
27
ختفق القلوب يف هذه اآلونة
وتتلهف شوقا وهياما واحتفاال بقدوم
يوم مودل احلبيب، وتتهيأ قوافل الركبان
وتتسارع وترية األحداث واخلطى يف
الشد والرتحال حنو رىب تواوون، فإذا
ّد
اذلكريات لكها وإذا األفئدة جلها تتوح
وتتناغم يف استقباهلا وانتظارها لليلة
العروبة، يللة ازديان العالم األريض
باستقبال صاحب السرية العطرة
والشمائل العبقة، ويف هذه األجواء
املشحونة باذلكريات وحيث شذا العطر
ً
ِّبة
ُطي
ً وم
ِّ رة
َط
ع
ُ
املحمدي تفوح رواحئها م
فضاءات ومساحات هذه املدينة، اليت
أبت اإلرادة اإلهلية إال أن جتعل منها
بؤرة من بؤر تألق انلور املحمدي يف
هذا الغرب األقىص من القطر اإلفرييق،
تكاد صورة مالك -وهو يداعب
األخيلة ويعيد ترسيم جمرى حياة
الرسول األعظم بكلماته انلاصعة يف
ميميته اذلهبية- يه لك ما تستطيع
إطفاء حرائق احلب والشوق املشتعلة يف
قلوب العاشقني للنور املحمدي، فمن
مثل مالك !
لقد وقف شيخ الزوايا السنغايلة
يتأمل إشعااعت األوسمة املحمدية
َّمنة يف قوهل تعاىل )وإنك لعىل
ض
ُ
امُل
خلق عظيم(، يقلب أوجهها املقولة
واملفهومة، وحيدق ببصريته انلافذة
يف اهلالة انلورانية املحيطة بصاحب
احلق الرباين، ويستقرئ العرب وادلروس
من كتب السرية واتلاريخ يف االقتفاء
واتلأيس بذي اخللق القرآين، ولقد
جال وصال، وحام واغص، وأفاق من
غيبوبته الروحية ورجع إىل حاتله
َب ابلرص وابلصرية،
ُ تل
اإلنسية، خُم
ُور القلم
َأس
ِب والفؤاد، م
ُّ
ُون الل
َفت
م
واملداد يف اذلات املحمدية، وهل يقدر
من اعيش احلقيقة؟ وارتوى من مناهل
الكوثر املحمدي أقداحا وكؤوسا إال
ابلوح واإلفصاح، فإذا بمالكنا – وكدأب
الكرماء دائما- جيود نلا وبسخاء أرييح،
بألف ونيف من األبيات دررا يتيمة،
ّله بذلك خيفف عن اكهله ثقل
وع
الوديعة انلبوية، وحىم احلرارة املحمدية
يف نفسه. فمن مثل مالك !
ُ اجلهل
ويف وسط أرىخ ستار
َ ، وأزبد وزجمر اتليه والضالل يف
ْ سدوهَل
يدي
ِّ
أراكنه، فغدت اجلاهلية والرعناء س
املوقف، وتمكن اتلدين املغشوش
من انلفوس، والمست كؤوس الراح
شفاه الشاربني، ومورست الفاحشة
رسا وعلنا، واعد ادلين غريبا ، يشكو
َ” ىلع
ة
َ
ي
َ
من قلة ناحئيه، انربى مالك “اَغ
ظهر جواده، حامال ترسانته السلمية:
كتاب وقلم وسبحة، خيرتق بطلعته
انلاصعة حجب الظالم، ويبدد بتعايلمه
جيوش اجلهل والضالل، ويؤسس يف
القلوب واألفئدة حماريب نور وعلم،
ستنترش مستقبال أضواؤها لتسطع
ىلع ربوع هذا القطر السنغايل، ماحقة
ومزيلة عن طريقها لك تراكمات اجلهل
وخزعبالت اخلرافات، فمن كمالك !
اختار بلين وطنه نموذجا أىلع،
وقدوة مثىل، انليب اهلاشيم ذا العلم
الدلين، فصاغ سرية حياته شعرا يماثل
الآللئ رونقا وبهاء، وخيجل يف سبكه
ونظمهدواوين الفطاحلة واجلهابذة من
أفذاذ ناطيق الضاد، وقد أويف يف خالصه
حياة انليب تناوال وحرصا، أودع يف ثنايا
سريته حكما وعربا، وضمنه علوما
وفنونا، وال تسأل عن مدى توفيقه
وإصابته اهلدف يف اختياره املدخل
الشعري املوزون املقىف لولوج واقتحام
القلوب الظامئة واملتعطشة لري األنوار
ِ املنطق
ر
ْ
ِ املحمدية، فلقوة ابليان وسح
العذب مفعوهلما األكيد وانلاجع يف
خماطبة العقل والوجدان، وإذا أضيف
إيلهما اإليقاع انلغيم الشيج املصحوب
بانسجام القوايف وانتظام املعاين، فليس
ملالك يف هذا املضمار من ند يف أرس
القلوب؟
يف السنغال بقراه وأريافه ناهيك
عن مدنه وحوارضه املمتدة رشقا وغربا،
شماال وجنوبا، ويف يلايل اهلل العديدة
فيها، ال يكاد يوم أو يللة تمر إال وقد
مرت معها مناسبة إلحياء سرية سيد
البرشية، يصدع فيها قارئو األمداح
انلبوية والشمائل املحمدية بما جتود
به قراحئهم انلابهة وذواكرهم ايلقظة
من أحىل القصائد وأبدع القريض
الشعري، يف حق املقام املحمدي
غناء وحلنا يأرسان القلوب ويملاكن
األبلاب، فإذا رفعت احلناجر بالشدو
واإلنشاد، وتليت ىلع املسامع قصائد
مالك، فلك ما اكن لغري مالك صار ملاك
ملالك ولقاريئ ميميته، )أعين القلوب
واجليوب( فأىن للناس من مثل مالك؟
ّحليق وادلوران يف
لقد اكن اتل
فلك األنوار املحمدية هو أقىص منية
َ إيلها مؤرخو ومادحو
ِمع
َ
وأسىم بغية ط
انليب األيم، وىلع قدر هممهم وصالبة
عزيمتهم اكنت درجة تألق أجنمهم
ُّج أنوارهم املقتبسة
ادلائرة، وشدة توه
من هذا انلور املحمدي، وإن من ضمن
اهلل هل رفعة اذلكر واحنطاط الوزر، لن
ٌ يف
ر
ْ
ِز
َ و
َل
ُ م
ُ رافعه، أو حُي
ُ ِ ل قط ذكر
َ م
خَي
سعيه ذاك، ومن خبئوا ذواتهم وأخفوا
معالم شخصياتهم إبرازا وجتلية ذلاته
صىل اهلل عليه وسلم، جازاهم اهلل
حبسن صنيعهم أضعاف ما عملوا،
فابلصريي دفن سريته إحياء لسرية
الرسول األكرم، فجوزي برفع االسم
وبركة انلظم، ومالك قال األلف وزيادة
َ
َ سرية
َ القلوب
ف
ِّ
من األبيات، يلؤل
احلبيب، فجوزي بتأيلف قلوب القايص
وادلاين حنو تواونه، وكوفئ جبعله مالك
القلوب يف مواعيد املوايلد انلبوية يف
القطر السنغايل، فهل كمالك؟
أيا ابن فاطمة يلكفيك فخرا، أن
أظهرت لدلين حماسنه، وأن أعليك
للهدى رايته، ومألت للرساج املنري
رسادقه، واكن بك حريا أن تفاخر به
انلظائر واألتراب وما فعلت! فأنت
مالك، وما مثل مالك بيسري!!
صمب أم جو
28َى ال
َ ْ ــــع ُ ــــــل َ ـو علــــ
َع ّ ـــــل َام ً ــــــــة ي
ا ل َ ــنِبِّيَنــا
ُّ ِ وران َق ـــــــي ْ ــــد ِ ع ْ ــــــش َ ـــــت َ د ْه ً ــــــر َ ا و ِ اص ً ـــف ِ
ــــــه الــنـ
ـال ِ
ـــــه َ و َج َ ــــــم ِ
ِ بــــ َج َ ـــل ِال ِ
ِْل ِ م ْ ـــن ُ ــه ُ ز ْم َ ــــرُة ْ ال ُ ـــــع ْ ـــــــد َداف َو ِان ْ ــــع َ ــــت َ عْنُه ُ ك َّ ـــــل َ ما ق ْ ــــد َ ح َ ــاوَل ْ ــــــت
ِب َّ ــــالــنيــــ
ْ َك َّ الـــش ْع ُب َ د ْهًر ُ ا ك َّ ــــلَما
َب َ ى م ْوِلِد ْ الَع ْد ِ ناني ِْك َ ــي ع َ ـــــلي
َح َ ـــض ُ ـــر ِ وا ل ِ ـــذ ْك َ ــــر ي
ًا
ِّــــمـ
َ َج َ ــادَه ُ ـــا مَتَعـــل
ا ل ِّ لـــش ِ يـــب ْ وال ِ ــــــــــوْلَد ِان ْ ال ُ ــــف ُ ــــــــــن َ ــون أ
ِّ َدَر َس ً ـــم ِ
ُوم َ ــــــعــل
ا ل َّ لــشِر َيعِة َ ن ِ اص ً ــرا
ْ ًخ ِ
ـــان َق ـي ْ ـــــــــد ِ ع ْش َت َ شي
َو َخِل َيفًة ُ ي ْ ـــعِل ِ ــــي ل َ ــــــو ِّ ا الـــــــت َ ــيــج ِ
ْ َك ُّ الس ُود َ و ْالِب ُ يض َ الق ِصي
َب ِ ــــان ِْك َ ي عَلي
َ ي
ْ َك َ ع ِ شـــــ َ يــرُة ْ ال ُ ـــع ْ ـــثمـ
ِْك َ ي عَلي
َب
ي
َ ُ ـــاب َ ه َ ـــذ ْ ا الَغ ْ ـــو ِث َ ع َّ ــن َ ا ص ْدَم ٌ ـــة
ِْإْن َ ــس َو ِ ـــان ِغـــيـ
ْ ِج ِّ ــــــن َ وال
لــلـ
َ ٌ ــة ِ
َوُم ِ ـــــصـــيـــــب
َْن َ ــت َّ الِذ َ ي ع ّ ــرْف َت َ ع ْ ــــصَرَك ِ ب َّ ـالنِبـي
َ أ ِ ــان
ــــــق َ ا ك َ ــــح ِ ــــال ِ عــــــي
ًّ
َص َّ ـــــو ْرَت ُ ـــــه َ ح
م َ ـــع ِ ـــارًف َ ــــا وَم َ ــــو ِارًدا
ان َشـــي ـــــي ْ ٌ ــخ ُ ي ِ ــــفــ ُ يض َ
ْ َ ــد ِ
ــائ َ ــــق َّ الص َمـ
ائ ً ـــــف َ ا وَدَق ِ
َ ِ
َوَلــطـ
َْك ْ ى ال َم ِ ــــش َ ــــيخ َ ـــة ِ مْثَلَما
ب
َ
ُُه أ
َـــاب
ُّ ي السْلَط َو ِان ِغـــي
ْ َ ـــــك ْ ـــى ال َ ـــمِس َ ــيحَة َ وَذِو
ب
َ
أ
ُّ التَقـى
َِة َ و
ـــــام ِ ــــى ب ْال ِ ــهَداي
ــع ِ ـــــان ٌ ــــم َ ت َس َ
ـــع ِ ــــــز َ يــمِة َّ الش ْ ــج َ
َع َ ـــل ُم َ ـــــت َ ـــو ِّش ً ـــــح ِ ا ب َ
َ ْحَم ٍ ــد
ـــة أ
ُ َّم ِ
ــــلــــي ِ ـــــــان َّ ٌ ـــــــة َ ل ِ ـــح َ ـــــق ْ ــت ِ بأ
َ ِ
َ َفـــب
َــــي
ــــه َ وب
َم ْ ـــــــــن ِ م ْ ـــــث ُ ــــــل ُ ـــــه ِ ب َ ــــحِد ِ يــث ِ
َ ً ــة
َاب
اءًة َ وِكــــــتـ
ق َ ــــــر َ
ْ َ ــــت ِ
ــعــــــي
ًَة َ وَف َ ــــص َ اح ً ــــــــــة ِ بِل َس َه َّ ــــــــلا نـ ِ ـــــــــــــان َ َ
َو َخ َ ـــــــــــطاب
ْ َت ْ الِف ْـقَه َ و َّ الن ْحَو َّ الِذي
أ َه َّ ــــــل َ ا ن ْوَز ِان َعــيــ
َْ
اه ِ م ْ ـــــــــــث َل َّ الص ْ ــر ِف َ وال
َ ْ ـــــه َ ــــــو ُ
ي
أ ُصــــو
ُْ
َ ْو ِ بال
ْ َت ِ ب َم ْ ــنِط ٍ ــق أ
ان َه َّ ـــل َ ا ن ـــــــي َعــي
ِِّه ْ ال ِ عـــــــــــ ْرَف ِ
ـــــو ِف َ فــنـ
ُّ
ِل َ وِب َّ الت َ ـــص
ب ٌ ـــــــــر
ت َ ـــل َاوٌة َ وَت َ ــدُّ
ْ َ ــــك ِ
ـــــــائ ِ ــل ْ ال ُ ـــف ْ ــــر َتـــب َق ِان ْ ِكــ َ ي ع َ ــــليــ
َ ُ ــاح ٌ ــــــــث ِ ب َم َ ــــس ِ
َوَتـــب
م َ ــــع ْ الُمُت ِون َ تَو َّح َ ـش ْ ـت
إَّن ِان ْ الُع ُ ــل َ ـوم َ
َح ِ ـــزَن ْت َ و َص َ ــاح ْت َ ح َ ــــالَة َّ الــث ْ ــكَل ِ
ا
ً
َ َ ـــل َاغ ً ـــــــة َ وَق َـو ِ افــيـــ
ْ َت ب
ــــعـيــ
م َع َّ الس َه َّ ـــــــل َ ا ن ْج َ ــــع ِ ــان َ
َو ِّ الـش ْ ـــــع َ ــــــر َ و َّ الن ْ ــث َ ـــــر َ
َِّو ًهـا
ْ َك ْ الُم ْص َح ُ ـــف ُ مَتأ
َب ِ ـــــــان ْ ِكــ َ ي عَلي
َف َّ ــــس ْ ــــرَت ُ ــــه ِ ب َ ـــــش َ ــــــه َ ــــادِة َ رَم َ ــــــــض ي
ْ ًخ ُ ا قْدَوًة َ وُم َ ــــج ِّ ـــد ًدا
َ َق ِان ْـد ِ ع ْ ــــش َت َ شي
م ْ ا انَدَر َس ْت ِ م َن ْ الُبْني
ً ِف ِّ ــي الد ِين َ
مْل َجأ
َْر ِ ات ُ ع ْمَرَك َ
ف ْ ي ال َخي
ْ َت ِ
َ ْفَني
َ ْه ِ ـــــــــل ْ ال ِ ـــــع ْ ـــــــلِم َ و ْالُق ْ ــر أ َء ِان
َوَم َ ـــــل َاذ أ
َ ْ ـرَوٍة
ــال ِ ـــب َ ثــ
م ْ ـــه ُ ـــض ٍ ـــوم َ وَط ِ
مَذ ِاه ُ ـــــب ُ ــــــه ِ م َ ـــــن ْ الِح ْ ــــــــر َوَم َم ِان َ ــل َاذ َ
َض َاق ْت َ
ْ َ ــــط ِ ــان َك ْ ــــم َ ذ ِاك ٍ ــــــر َ ل ْ ـــولَاَك ُ ج َّ ــــــن ِ ب ِ ــذ ْكِرِه
ــــــــاه ِ م ْ ـــــــــن َ شــــي
َْن َج ُ
َوُم َ ـــــوَّث ٍ ـــق أ
ــة
ل ِّ لس ْ ـــج ِ ـــن ِ س َ يــق ِ بُت ْ ـــه َم ٍ
الــــظ ْ ـــــل َ ـــم ِان ِاط ٍ ــن ِ
ُّ
َ ْط َ ــشِة َوُمَو
َخ َّ ــــل ْصَت ُ ـــه ِ م ْ ــــــن ب
ٍَة ُ ق ْص َـو َ ى حَمْل َت ِ خ َ ـــل َاف ً ــة
األ ْغ ِبِعـنــــ َ ـــــــــــص ِان َاي
َ
َح َ ــــاف ْ ــــظ َ ـــتَه ُ ا م ْ ــــم َ ــــــتَّدَة
ــل ُ ـــه
ُّ
أْغ َ ــل َ ى و ُع ْمُرَك ُ ك
َْ
ْ َ ــت َ ــها ال
َ ْع َ ـطــي
ِْإ ْح َ ـس أ ِ ــان
ف ْ ـــــي الِب ِّ ـــــــر َ وال
َْنَف ْ ــــق َ ـــــــت ُ ـــــه ِ
أ
ِل
ْ
َ
ِ ِ سه جَن
ُ ور
ْص
ًّد املن
ْخ حمم
ْ الشي
َوطان
ِة واأل
َّ
المل
ِق ِيد ِ
َ
َثاءِ ف
ْ ِيِف ر
َّمحان
َ ا الر
ِض
ِهم ر
ْ
ي
َ
ل
َ
ْ ع
ْمان
ث
ُ
ِن ع
ْ
ْ ِ ط مال ِك ب
ِسب
َ
ْ و
َان
َّم
ِد الز
ْ
ر
َ
ِة ف
َ
ِيف
ل
َ
ْ
اخْل
26
الــد َعــــا
ُّ
ف ِّ ـــــي الذ ْك ِ ـــر َّ للِه َ و
َ ُ ــه ِ
َْنَف ْ ــقتــ
لْل ْإن َس أ ِ ـــان
ف ْ ـــــي ال َ ـــــع ْ ــــوِن ِ
ْ َ ــــف ْ ـــق َ ــــت ُ ــــه ِ
نـ
َ
أ
ْ َت ْ ال ُج َود َ و ْالَو ْع َظ َّ الِذي
إ ْس َ ــــــن ُ ــــادُه ِ ب ْال َح ِّ ـــــــــــــق َ و ْالُب ْ ـــر َهَّل َ ا ن َه ِ ــــــــــــــان َعي
ِ
ْ َت َ ت َ ــــو ُ اض ًع َ ا وِدَم َ ــــــاثًة
ِ َه َّ ــــــــــل َ ا ن ْخَو ِان َعيــ
لْلإ
ــه ِ
ف ْ ي ال َ ـــــو ْج ِ
ََش َ ـــــــــــاش ً ــــــــــة ِ
َوب
ِّ َ ــهـــا
ُْت ْم ِ ب ْال َح َ ـــــف َ ــــاوِة ُ كــل
ْ َه َّ ــــــــل َ ا ن َ ــــن ِان َ ـعـــي
ــــــامًة ُ ت ِوح ِ ـــــي ب َ ـــــه ْ ــــــا ال َ ــــعـــي
َو َش َ ـــــه َ
ُ ً ــــــفـــا
ُ ُخ َّ ــــــــــــوًة َ وَتــآل
ْ َت أ
ِْإ ْع َ ـــــل َه َّ ــــــــــل َ ا ن ِان َعي
ا ف ِّ ـــــــــي الس ِّ ـــــــــــر َ وال
ً ِ
ُب
َوَت َحــــــاب
مَّرًة
ُ َجِج َّ الطِر َيقِة َ
في ل
إ ْن َ خ ُجَم ِان َ اض ِ
َْد َّ ى الش َ ـــــــــو ِاه َ ــــــد ُ ج ْ ـــــم َ ـــــلًة َ ك ِ
ب
َ
أ
إَّنَها
ِ َخ ِ
ََن َت َ زَم ِ ــــــــــــان ِ خ َ ــل َافُت َك َّ الش َ ــوام
لُك ِّ ــــــل َوب
َس ْ ـــــــــــــــــــع ٌ ـــــــــــــــي َ و َآث ٌار ِ
ًَرا
ائ ِ ــــر ِ م ْ ــــــنب
َ ْف َس ْ ــــح َ ـــــــــت َ آف َ ـــاق َّ الدَو ِ
َ َ ــادِة أ ْ ال َ ـــم َّ ـــــــــــــن ِ ــــان
ُ ِ ــب َ وِعــــــــب
ِل َ ـــت َ ـــــــحــــــاب
َ َ ــــارٍة َ ل َّ ـــــق ْ ـــــــن َ ــت ُ ـــــه ْ ــــــم
ا ل ِ ـــــزي
ََتْو ِ
ِ َوَم َ ـــــتـــــى أ َ يــــم ِ ــــان
لْلإ
َ ْ ا ال َخ ْم َس1 ِ
ِتْل َك ْ الَو َصـــــــاي
َّــــي َم ِ ــــــــــان ْ َت ُ ج ْ ـــــم ُ ــــه ً ــــــــور ُ ا ه َ ـــــــد ًاة ِ ج َّ ـــــل ً ـــــــة
َ َرب
ـــــاء َ ق َ ــــادِة ُ ق ْ ــط ِ ــــرِه ْ ــــــم ِ بأ
ُع َ ــــــل َ ـــم َ
ْ َ ـــــرًة
لِم َ فتـ
َ ْ ـــــع َ ــــد َّ الت َ ــعُّ
ِه ِ ب ْال ِ ـــع ْ ـــر َو َس َف ِ ــان َ ـــــل ْ ــــك َ ــــت ُ ـــه ْ ـــم ب
َّ
َ ْه ِ ــــــــــل الل
ِف ِ ــــــي س ْ ـــــل ِك أ
ف َ ي ن ْشَوٍة
َ ْرَو ُ اح ُ ـــــه ْم ِ
م ْ ـــــولَاُه ْ ــم َ ع ِ ــــن َ الغ ْ ــف َ ـــل َح َّ ـــــــت ِان َ ى غ َ ــــــد ْت أ
ِم ْ ـــــن ُ ح ِّ ـــب َ
ف ُ ي ع ْ ــــم ِـرِه
ــــم ٌ ــــــة ِ
إَّن َ ــــرَه ِ ا بِل َ ــس ِ ـان ؟ ْ ال َم َ ــح ِ ـــــاس َ ـــــن َ ج َّ
َه ْ ـــل ِ م ْ ــــــن ُ م ِ ــط ٍ ـيق ِ ذْك ِ
ًة
َ
ـــسب
ـــــــج ِ ح ْ
ٍّ
ََع ْ ـــث َ ــــت ُ ُوف َود َ ح
ات َب ْ الُق ْ ــــــــــــــــر َوَل َ ـــك َء ِان ْ ــــم ب
ََق ْ ــم َ ـــت َ ك َ ـــت ِ
َوَل َ ــك ْ ـــم أ
ً َ ا وَم َ ـــــن ِ ــازلًا
م َ ــــر ِاكــــــب
م َ ــــــن ْ ــــح َت َ
م َ ــــس َوَل َ ـــــك ِاج َ ـــــــد ْ ال َآذ ِان ْم َ
َوَل َ ـــــك ْ ــــــم َ رَف ْ ــع َ ـــت َ
ِّ ًما
ل
َ
َ َ ــك ُ ى مَتأ
َ َف ِ ــان ُ ــــــــت َ ــــــر ُ اث َ ج ِّ ـــــــد َك َ ق ْ ــــــد ب
َخ ْ ــو َف ْ ال َج َ ــــــــف َ ا و ْال َخْلِط َ و ِّ الن ْســـــي
َ َر َ اق ُ دُم َوع ُ ــــــه
إْن َس َو ِان ِخ َ ـــــل ُ اص َ ج ِّ ــــــد َك َ ق ْ ـــد أ
َ ِّي ِ
َ َ ـــك ُ ــــى ص َ ــــــر ً اخ ِ ــا م ْ ــث َ ــــــل أ
َفـــب
ائ ًما
ْ َ ــق َ ى دِ
َب
َ ِان َ ــذْل َت ُ ج ْ ــــه ً ــــد َ ا س ْ ــــــو َف ي
َّ َوب
الشـــــــب
ُّ
ـــة
َ ِ
ــــــــــة َ وِه َ ـــــــــــــداي
َك ِ ــــــــــــــزَر َ اع ٍ
َ ْ ـــــح ٌ ـــــر ِ خ ِان َ ــــــض ٌ ـــم لَا ُ يَط ُ اق ِ غ َ ــــــــم ُ ـــــــارُه
ْ َض ب
أ ْسَر ِار ِ ب ْال َ ــفيـ
َْ
ِف ْ ــــــي الِح ْ ـــــف ِ ــــــظ َ وال
ُْت ُ ــه
م ْ ــــــوُت َ ـــك ُ يْف َ ـــت َ ــــد َ ى لَفَدي
ُّ الس َل َّ ــــــــك ِ ــــــــان ْ ـــــو َ ك َ ـــــان َ
اه آلَا ٌف ِ م َ ــــــــــــــــن
َل َ ـــــف َ ـــــد ُ
ََّنُه
َ ـــــــــــي َ ـــــك ْ ـــــى ال َج ِ ــــم ُ ـــــيـــع َ و ِاج ِـم َ ــين َ كـــــأ
ان َوب
َّ ِ
َل َك َ ع ِ ــــــــار ٌف َ رب
ْ
َم َ ا غ َ ـــــــــــاب َ قــــب
أَن ِام َ ل ُ ـــــم ْ ــــع َ ـــــــدٌم
َْ
فـــــي ال
ـــالله ِ م ْر َح ِ ـــــــان ْ ـــث ُ ــل َك ِ
ف َ ـــــي ف ِب ِ
َ ْر ٍض َ ح َّ ــــــل ِ
ِف ُ ــــــــي ك ِّ ـــل أ
امٍة
ْ ِض َ ك َ ــــر َ
ــة َ ش ِ ــــــه َ ـــــــــد ْت ِ ب َ ـــــه َق َّ ا الــــثَق َ ـــــــــل ِان ْ ــــــد َ خ َّ ـــــص ُ ــــه ْ ال َمْوَل ِ ــــى بَفي
َّ ٍ
َل ُ ـــدِنــي
َ ْتوا
م ْ ــــن أ
َ ْل َ
إ ْن ْزَم ِ ــــــــــان َ ق َ ال ُ ك ْ ـــن َ ك ْم َ ك َان َ ف ْ اسأ
أ ِ
َْ
َ ْش ُ ـــــك َ ـــــون َ ض ِ ائــَق ً ـــة ِ م َ ـــــــــــن ال
ي
ِْإ ْم َ ـــــــــــــــــع ِ ـــــــان ِتْل َك ْ ال َم َ ـــــو ِاه ُ ــــــب َ ع َ ــانَق ْت ِ ب َمَك ِ ـــاس ٍب
ـــــة ِ ب ْالَك ِّ ـــــــد َ وال
َّ ٍ
َش ْ ــخ ِ ــــصـــي
ً َ ا وُم َ ـــــــو ِّج ً ـــــها
ف َ ـــيــــن َ ا ر ِاعـــــــي
ً َ ا رِح ً ـــــــــــــيــــم َ ا ع ِ ــــــــــــــام ً ـــــــــر ِا ب َح َ ـــــــــــن َق ِان ْ ـــــــد ُ ك ْ ـــــن َت ِ
ب
َ
َوأ
أَما
َْ
ـــائ ِ ـــــخ ِ بـــال
ْ َ ـــــخ ْ ال َ ـم َ ــش ِ
َ َ ـا شــــــي
ــــــــة َ ف ْادُخ َ ــــــــل ْن ُ مَتَنِّع ً ــــــــم ِ ا ب ِ ــــــج َ ـــــــــــن ِان َّل ْ ــغ َ ـــت ي
َ َن ِ
ب
ََشــــا
ما ي
َْف َ ــــــع ُ ـــــــل َ
َ ِان ْ َح َ ــــــان َك َّ اللُه َّم ي
أ ُســــب ْحي
َْ
ـــائِر ال
ف َ ـــــي س ِ
ــــــــه ِ
ِف ُ ـــــــــــي م ْ ـــــل ِ ـــــك ِ
أ ْه ِ ــــــل َ ط ِّ ـــو ْل ُ ع ْ ــــمَرُه ْم
َْ
فــــي ال
َّ ِان ْك َ ل ُ ــــــه ِ
ــــة َّ الـــدي
َ ِ
َ ِار ُ ــــــه ُ ـــــم ِ بـــ ِ عــــــــــَناي
َو ْ اح َ ـــــــــــف ْ ــــــــظ ب
ف َ ــــــــــــــي آث ِ ــــــــــــــارِه
َ ِ ــــــار ِاء ْ وال ْإخَو ِان ْك َ ل ُ ـــــه َّ الل ُ ــــه َّ ـــــــــم ِ
ِف ِ ـــــــــي س ِّ ــــــت َ ــــــــن َّ ا الــــز ْه َ ـــــــــــر ب
ـــة َ و ْالَه َ ــــــنا
َ ْ ــــوَن ُ ع ْ ـــــــم ً ـــــــر ِ ا ب َّ الس َد ِان َ ـــل َام ِ
َ ْ ــــحـــــي
ْ ي
ف ْ ــــــي ال َمـــــي
ْ ِ ـــس ِ ـــــــير ِ
أ ْم ِ ـــــــن َ و َّ التــــي
َْ
َوال
ْ ِ ـــخ َ ح ِامِل َ صْوِتِه
ــان َط ـــــــــــــي ِّ ـــــــــو ْل ِ ب ُ ـــع ْ ـــــم ِ ـــــــر َّ الشــــي
ِْد ْ الَع ِ ـــــز ِ يـــــــــز َّ الث ِ
ـه َ عــــــــــب
َِم ِ ــــــــيــن ِ
َوأ
ـــــــــــــه
ً ِ ا ب ِـذَم ِ ـــــــام ِ
َ ُ ــى م َ ــــــــع َ ــــــــــو ِان ً ــــاف َ ى ر ِاعــــــي
َ ْحــــي
ِْإ ْخ َ ــــــــــــو ِان َ و ِّ الن ْس ي
ـــــــة ال
َم َ ـــــــع َ ك َّ ـــاف ِ
ــــه
ـــــــل ِ
ـــان َ ي ن ْج ِ
َ َوُي َ ــخ ّ ـــف ِ ـــــ ِ ا ن ُف ِ ع ْ ــــــبَء ِّ الت َ ــــج ِ
َوَذِو ِ يـــــــــــه ِ م ْ ــــــــث َل َ ت َ ــــــــــك ُات ِ ــــف ْ الُبْني
ــــة ُ م ْ ــــــــنِج ً ـــزا
ـــل َيف ِ
ــــان َوُي َ ـــــو ـــــــــــــــي ِّف ُ ـــــــق َ خ ْ ــــــــط َ ـــو ْ ال َخ ِ
َ ْح َ ـــــــم ُ ــــــــد ِّ الت َّ ــج ِ
آم َ ــــــــــالُه ُ ه َ ــــو أ
َ
ًا
م ِ ـــــاضي
انـــــــــي ُف َ ــــــور ُ ع ْ ـــــم ٍ ــــــــــر ِ ب ْال َمِس َ ـــيــــــــرِة َ
َّ ِ
ـــــه َّ الـرب
ــــــات ِ
َ ِ
إَل َ ــــــــــــــى غ َم ْ ــو ـــــــــــــاي
ُق ُ ـــد ًمــا ِ
ــــمِد ْ ال
لُم َ ـــح َّ
َ َ ـــا ر ِّب َ ف ِان ْ اج ِ ـــز ْل ِ ب َّ الث َ ـــو ِ اب ِ
م َ ـــــــا ط َ ــــلَع ْ ـــت َ لَن َ ا الق َ ــــم َ ــــر ي
َم ْ ــن ُ ــص ِ ـــــور َ
ًْر َ ا و ْالَع َ ــزا
أ ْه ِ ـــــل َ صـــب
َْ
َْل ِ ــه ْ ـــــم َ ج ِ ــــم َ ـــــيــــع ال
ف َّ ـــــــي الــس أ َ ــــل َ ـــو ِان
َ َ ا ر ِّب ِ
َ َ ـــــلاي
َء ِ م َ ــن ْ الـــبــ
ـــــم ِ ـــــــد ْ ال
ْ ِ ـــــــر ُ م َ ـــــح َّ
َ َ ـــــــــار ِ ـــان َك ُ الله ِ بَقــب
َــــــا ب
أْوَط ي
َْ
ْ ِ ـــن ِّ الد ِ يـــــــــن َ وال
َم ْ ـــــــــــن ُ ــــص ِ ـــــور َ زي
ــــــف َ رْو َض َ ـــت ُ ـــــه َّ الش ِ ـــــــر َ يــــــــفَة َ ر ْح َ ـم ٌ ــة
ُّ
َم ْ ـــــــــو ُص َ ـــــــول ٌ ـــــــة ِ ب ْال ُـي ْ ـــم ِ ـــــــن َ و ِّ الـر َوَت ُح ْض َ ــــــو ِان
ـــــه
ْ ِ ـــخ ِ
ــــــة َ شـــي
ــــل َ ــيـــــف ِ
ال ِ ــــدِه ْ ال َخ ِ
ْ َ ــح ِ ــــــــان ِ
ف َّ ــــــــي الرْو ِح َ و َّ الري
ِبِج َ ــــو ِار َ و َم َ ــــــــــع َ ج ِّ ــــــدِه ِ
َ ْ ــع ِ ــــدِه
ف ِّ ــــــــي الد ِ يـــــــــن َ و ْالُع ْ ـــــم َ ــــــر َوُت َ ــــح ِان ِّ ــق ُ ــق ُ ك َّ ـــــــــل ْ ال ُ ــــم َ ــــن ِ ــى م ْ ــــــــن ب
ـــه ِ
ــــال ِ
َ ِ
ِل ِ ــعـــــــي
ـه َو َع َ ــــــل ْ ال ُ ـــخ ُ ــــل َص ِ ـــان َّ ـــــى الن ِبــِّي ْ الُم ْصَط َ ــــف َ ـــى ص َ ـــل َ ــو ُات ُ ـــه
ـــــــــه َ و َص َ ــــح ِ ــــــاب ِ
آل ِ
َم َ ـــــــــع ِ
ــــــه
ِّ َ ــق ِ ا ب َ ــــح ِ ــــب ِ ـــــيــــب ِ
لل
ْ ٌ ــــــد ِ
أ َم ْ ــا اش َ ــــــت ْغ َص ِان َ ــاق َ عــــب
َْ
ْ ٌ ــــــر َ ع َ ــــلــى ال
َوَت َ ــس َ ــــــاج َ ــــل ْ ـت َ طـــي
ً َ ا ع َ ـــــلى
ْـــل
أ ْح َ ــــــــــــــــز ِان َك ْ ـــى ال َح َ ـــــم ُام َ ه ِ ـــــد َ يـــــلُه َ لــــي
َ
َ َ د ْم َ ــــــــــــــع َ ـــــــــة ْ ال
ْ ٍ ـــــك َ وَذَّر َف َوب
ي
َ
أ
ْ ِخِه
ْ ُ ـــــد ْ ال َ ـــع ِ ــز ِ يــز ِ بَشي
أْك َم َ ـــــــو ِان َ ــــــا ق ْ ــــــد َ رَث َ ـــــى عـــــــب
َْ
َ َ ـــــا ه َّ ـــــــــزًة َ ن َ ــــزَل ْ ــت َ ع َ ــــــلــــــــى ال
ي
1 ّ الوصايا اخلمس أخذها عن والده الكرمي: الشيخ أبوبكرسه )رض( وهي :الد ّ ين، والط ّ ريقة، واحلرف، والدوائر وزيارة مدينة تواوون احملروسة
27
ختفق القلوب يف هذه اآلونة
وتتلهف شوقا وهياما واحتفاال بقدوم
يوم مودل احلبيب، وتتهيأ قوافل الركبان
وتتسارع وترية األحداث واخلطى يف
الشد والرتحال حنو رىب تواوون، فإذا
ّد
اذلكريات لكها وإذا األفئدة جلها تتوح
وتتناغم يف استقباهلا وانتظارها لليلة
العروبة، يللة ازديان العالم األريض
باستقبال صاحب السرية العطرة
والشمائل العبقة، ويف هذه األجواء
املشحونة باذلكريات وحيث شذا العطر
ً
ِّبة
ُطي
ً وم
ِّ رة
َط
ع
ُ
املحمدي تفوح رواحئها م
فضاءات ومساحات هذه املدينة، اليت
أبت اإلرادة اإلهلية إال أن جتعل منها
بؤرة من بؤر تألق انلور املحمدي يف
هذا الغرب األقىص من القطر اإلفرييق،
تكاد صورة مالك -وهو يداعب
األخيلة ويعيد ترسيم جمرى حياة
الرسول األعظم بكلماته انلاصعة يف
ميميته اذلهبية- يه لك ما تستطيع
إطفاء حرائق احلب والشوق املشتعلة يف
قلوب العاشقني للنور املحمدي، فمن
مثل مالك !
لقد وقف شيخ الزوايا السنغايلة
يتأمل إشعااعت األوسمة املحمدية
َّمنة يف قوهل تعاىل )وإنك لعىل
ض
ُ
امُل
خلق عظيم(، يقلب أوجهها املقولة
واملفهومة، وحيدق ببصريته انلافذة
يف اهلالة انلورانية املحيطة بصاحب
احلق الرباين، ويستقرئ العرب وادلروس
من كتب السرية واتلاريخ يف االقتفاء
واتلأيس بذي اخللق القرآين، ولقد
جال وصال، وحام واغص، وأفاق من
غيبوبته الروحية ورجع إىل حاتله
َب ابلرص وابلصرية،
ُ تل
اإلنسية، خُم
ُور القلم
َأس
ِب والفؤاد، م
ُّ
ُون الل
َفت
م
واملداد يف اذلات املحمدية، وهل يقدر
من اعيش احلقيقة؟ وارتوى من مناهل
الكوثر املحمدي أقداحا وكؤوسا إال
ابلوح واإلفصاح، فإذا بمالكنا – وكدأب
الكرماء دائما- جيود نلا وبسخاء أرييح،
بألف ونيف من األبيات دررا يتيمة،
ّله بذلك خيفف عن اكهله ثقل
وع
الوديعة انلبوية، وحىم احلرارة املحمدية
يف نفسه. فمن مثل مالك !
ُ اجلهل
ويف وسط أرىخ ستار
َ ، وأزبد وزجمر اتليه والضالل يف
ْ سدوهَل
يدي
ِّ
أراكنه، فغدت اجلاهلية والرعناء س
املوقف، وتمكن اتلدين املغشوش
من انلفوس، والمست كؤوس الراح
شفاه الشاربني، ومورست الفاحشة
رسا وعلنا، واعد ادلين غريبا ، يشكو
َ” ىلع
ة
َ
ي
َ
من قلة ناحئيه، انربى مالك “اَغ
ظهر جواده، حامال ترسانته السلمية:
كتاب وقلم وسبحة، خيرتق بطلعته
انلاصعة حجب الظالم، ويبدد بتعايلمه
جيوش اجلهل والضالل، ويؤسس يف
القلوب واألفئدة حماريب نور وعلم،
ستنترش مستقبال أضواؤها لتسطع
ىلع ربوع هذا القطر السنغايل، ماحقة
ومزيلة عن طريقها لك تراكمات اجلهل
وخزعبالت اخلرافات، فمن كمالك !
اختار بلين وطنه نموذجا أىلع،
وقدوة مثىل، انليب اهلاشيم ذا العلم
الدلين، فصاغ سرية حياته شعرا يماثل
الآللئ رونقا وبهاء، وخيجل يف سبكه
ونظمهدواوين الفطاحلة واجلهابذة من
أفذاذ ناطيق الضاد، وقد أويف يف خالصه
حياة انليب تناوال وحرصا، أودع يف ثنايا
سريته حكما وعربا، وضمنه علوما
وفنونا، وال تسأل عن مدى توفيقه
وإصابته اهلدف يف اختياره املدخل
الشعري املوزون املقىف لولوج واقتحام
القلوب الظامئة واملتعطشة لري األنوار
ِ املنطق
ر
ْ
ِ املحمدية، فلقوة ابليان وسح
العذب مفعوهلما األكيد وانلاجع يف
خماطبة العقل والوجدان، وإذا أضيف
إيلهما اإليقاع انلغيم الشيج املصحوب
بانسجام القوايف وانتظام املعاين، فليس
ملالك يف هذا املضمار من ند يف أرس
القلوب؟
يف السنغال بقراه وأريافه ناهيك
عن مدنه وحوارضه املمتدة رشقا وغربا،
شماال وجنوبا، ويف يلايل اهلل العديدة
فيها، ال يكاد يوم أو يللة تمر إال وقد
مرت معها مناسبة إلحياء سرية سيد
البرشية، يصدع فيها قارئو األمداح
انلبوية والشمائل املحمدية بما جتود
به قراحئهم انلابهة وذواكرهم ايلقظة
من أحىل القصائد وأبدع القريض
الشعري، يف حق املقام املحمدي
غناء وحلنا يأرسان القلوب ويملاكن
األبلاب، فإذا رفعت احلناجر بالشدو
واإلنشاد، وتليت ىلع املسامع قصائد
مالك، فلك ما اكن لغري مالك صار ملاك
ملالك ولقاريئ ميميته، )أعين القلوب
واجليوب( فأىن للناس من مثل مالك؟
ّحليق وادلوران يف
لقد اكن اتل
فلك األنوار املحمدية هو أقىص منية
َ إيلها مؤرخو ومادحو
ِمع
َ
وأسىم بغية ط
انليب األيم، وىلع قدر هممهم وصالبة
عزيمتهم اكنت درجة تألق أجنمهم
ُّج أنوارهم املقتبسة
ادلائرة، وشدة توه
من هذا انلور املحمدي، وإن من ضمن
اهلل هل رفعة اذلكر واحنطاط الوزر، لن
ٌ يف
ر
ْ
ِز
َ و
َل
ُ م
ُ رافعه، أو حُي
ُ ِ ل قط ذكر
َ م
خَي
سعيه ذاك، ومن خبئوا ذواتهم وأخفوا
معالم شخصياتهم إبرازا وجتلية ذلاته
صىل اهلل عليه وسلم، جازاهم اهلل
حبسن صنيعهم أضعاف ما عملوا،
فابلصريي دفن سريته إحياء لسرية
الرسول األكرم، فجوزي برفع االسم
وبركة انلظم، ومالك قال األلف وزيادة
َ
َ سرية
َ القلوب
ف
ِّ
من األبيات، يلؤل
احلبيب، فجوزي بتأيلف قلوب القايص
وادلاين حنو تواونه، وكوفئ جبعله مالك
القلوب يف مواعيد املوايلد انلبوية يف
القطر السنغايل، فهل كمالك؟
أيا ابن فاطمة يلكفيك فخرا، أن
أظهرت لدلين حماسنه، وأن أعليك
للهدى رايته، ومألت للرساج املنري
رسادقه، واكن بك حريا أن تفاخر به
انلظائر واألتراب وما فعلت! فأنت
مالك، وما مثل مالك بيسري!!
صمب أم جو
28
Leave A Comment