بسم الله الرحمن الرحيم
ّ الحمـد للـه الـذي جنـد أوليـاءه لخدمـة دينـه،
وأســلك مــن يريــد توفيقــه ســبيلهم، وجعلهــم
معــادن الخيــر ومنابــع الرشــد والميــر.
ثـم الصـاة والسـام علـى المشـكاة الربانيـة
الـذي اقتبـس العارفـون مـن نـوره قـدرا يهـدون به
العبـاد، وال تنضـب ينابعـه ولـو ورد منهـا الخلـق
ّ أجمعــون، بــل يــزداد بــه تألقــا وضيــاء، ذاك هــو
حبيــب اللــه وصفــوة األخيــار ســيدنا وموالنــا
محمـد بـن عبـد اللـه وعلـى ءالـه وصحبـه األبـرار
ومـن تبعهـم بإحسـان إلـى يـوم الدين.وبعـد،
لقــد شــغلت حيــاة العارفيــن باللــه مكانــة
شـريفة فـي التاريـخ اإلسـامي، وتركـت بصمـات
ّـة
واضحـة علـى العالـم كلـه، ورسـمت معالـم جلي
ّ يهتــدي بهــا ذوو التوفيــق والرشــاد؛ ذلــك بشــدة
النبويــة الشــريفة، علمــا وعمــا، وبتضحياتهــم ّ تمس ّ ـكهم بكتـاب اللـه عزوجـل وبإحيائهـم السـنة
الجبــارة إلعــاء كلمــة اللــه فــي مشــارق األرض
ومغاربهــا، مــا جعلــت وطــأة أقدامهــم منطلــق
النجــاة والفــاح فــي الدنيــا واآلخــرة، ومنتهــى
الوعـي الكامـل باألمانـة الكبـرى التـي ألقـى اللـه
تبــارك وتعالــى أوتادهــا علــى عواتــق عباده}إنــا
عرضنـا األمانـة علـى السـموات واألرض والجبال
فأبيــن أن يحملنهــا وأشــفقن منهــا وحملهــا
اإلنســان..{…….
ّــدة
تلــك المعالــم هــي الطريقــة المعب
ّ والوتيـرة الممه ّ ـدة التـي خلفهـا الشـيوخ وراءهـم
نقيــة للســالكين، مكنســة بهمــة ترفــع الشــوكة
عــن مســالكها، وتذيــب الونــى فــي قلــوب ذوي
العنايـة والمهتديـن، يتراوحـون فـي رياضهـا علـى
ّ رتابـة ليـا ونهـارا، متسـلحين بالصبـر والمثابـرة
ّ لقـوة إدراكهـم الحاجـة الملحـة إلـى إحيـاء تـراث
أولئـك األجـداد، وأي األجـداد!!!!
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا ياجرير المجامع
وعلــى ضــوء هــذه الحاجــة الماســة، ترجــع
جمعيـة طلبـة الشـيخ محمـد المنصـور سـي)بروم
داري(،كعادتهــا، لتنظيــم يوميتهــا القرآنيــة
للمشــاركة فــي إحيــاء التــراث الروحــي والعلمــي
للحضــرة المالكيــة بتذكــر مجهــودات العــارف
باللـه والغطريـف الصمدانـي موالنا الشـيخ محمد
المنصـور سـي- رضـي اللـه تعالـى عنـه- الـذي
ّ بـذل النفـس والنفيـس وجـد ّ وكـد فـي سـبيل اللـه
إلنعـاش الديـن اإلسـامي بالعلـم والعمـل، إجابـة
ّ لنــداء جــده الكريــم محــي الســنة والديــن موالنــا
الشــيخ الحــاج مالــك ســي-رضي اللــه عنــه-
حيــث يقــول:
أال يا بني هذا الزمان دعوتكم
إلحياء دين بالعلوم أجيبوا
ذلــك هــو التــراث الجوهــري بــل اإلكســير
الحقيقــي والكنــز الغنــي الــذي ال يغفــل عنــه
اللبيــب وال يتجاهــل عنــه النجيــب، فذكــره
باأللســنة ال ينســى، وآثــاره فــي بقــاع األرض ال
تمحــى.
وعلـى غـرار غيـض مـن فيـض ذلـك التـراث
األصيـل، تقـدم بيـن أيديكـم جمعيـة طلبة الشـيخ
محمـد المنصـور سـي هـذه الوثيقـة التـي تحمـل
ّ بيــن دفتيهــا جــزءا يســيرا مــن ……………..
الشــيخ محمــد المنصــور الــذي كــرس حياتــه
كلهـا علـى ترسـيخ قيـم الديـن اإلسـامي وعلـى
التعــاون علــى البــر والتقــوى مؤكــدا أن ذلــك
فريضـة مـن فرائـض الديـن اإلسـامي الحنيـف.
ّ فجــزى اللــه أســافنا الذيــن نــوروا الطــرق
ّ ورفعــوا رايــة اإلســام عاليــة خف ّ افــة، وأيــد
الخلفـاء مـن بعدهـم بالنصـر والتوفيـق والعنايـة،
إنــه ولــي ذلــك والقــادر عليــه.
2
بقلم / مود مالك صو
دعــوة لشــراكة حقيقيــة مــن أجــل تطويــر
التعليــم فــي المــدارس اإلســامية العربيــة
الحــرة، أو الحكوميــة.
تمهيد:
سـبق التعليـم اإلسـامي العربـي في السـنغال
أمـر ليـس مثـارا للنقـاش أو الجـدل لـدى أحـد من
النــاس، فــكل مــن يعــرف تاريــخ هــذه المنطقــة
مـن إفريقيـا الغربيـة يعـرف بـأن االحتـكاك األول
لســكان هــذه المنطقــة مــع شــعوب آخريــن،
وكان احتــكاكا فعليــا ذا أثــر ملمــوس، كان مــع
المسـلمين، ممـن أتـوا مـن دول المغـرب العربي،
أو مــن اجتــازوا الصحــراء الكبــرى مــن مصــر
وليبيـا للوصـول إلـى مجـرى نهـر النيجـر، الـذي
كان يحســب فــي تلــك الفتــرة مــن روافــد نهــر
النيـل المشـهور، هـؤالء المسـلمون حملـوا معهـم
الديــن الجديــد الــذي اعتنقــه كثيــر منهــم، كمــا
حملــوا معهــم الحــرف العربــي لتعليــم هــؤالء
األمييــن مبــادئ القــراءة والكتابــة.
والحــرف العربــي هــو أول حــرف تــم
اســتخدامه فــي هــذه المناطــق لدراســة وتعلــم
العلــوم المختلفــة، وبطبيعــة الحــال القــرآن
والحديــث النبــوي ومــا انبثــق منهمــا مــن علــوم
أخـرى، وبـه أيضـا دون األفارقـة لغاتهـم الوطنيـة
فـي السـابق، وكانـت مراسـاتهم تتـم باسـتخدام
الحــرف العربــي، وأحيانــا كثيــرة بالكلمــات
العربيــة، وال أدل علــى عالقــة الحــرف العربــي
بســكان إفريقيــا الغربيــة مــن كــون أولــي الوثائــق
المتعلقــة بهــذه المنطقــة كتبــت باللغــة العربيــة.
وعندمــا دخــل المكتشــفون األوائــل مــن
األوربييـن هـذه المجاهيـل مـن إفريقيـا فـي القرن
الســادس عشــر ، ومــا تــاه مــن قــرون أخــرى،
وجــدوا فــي بــاط كثيــر مــن ملــوك المماليــك
التــي كانــت موجــودة فــي هــذه المناطــق عــددا
يقــل أو يكثــر مــن العلمــاء المســلمين المتقنيــن
للغــة العربيــة، ممــن كانــوا يلعبــون دور كاتــب
الديـوان ودور المترجـم بالنسـبة لهـذه المماليـك
المختلفــة.
وال يمكــن أن يوصــف هــذا التعليــم الــذي
كان يجـري فـي هـذه المناطـق بأنـه كان قريبـا مـن
تلـك التـي عـرف فـي العواصـم اإلسـامية الكبرى
كالقاهـرة وبغـداد ودمشـق والحـرم المكـي، بيـد
أنـه مـن الممكـن القـول بأنـه كان التعليـم الوحيـد
الـذي كان يجـري فـي هـذه المناطـق مـن العالـم
وقتئـذ.
عندمــا اســتعمر األوربيــون هــذه المناطــق
مـن إفريقيـا، أتـوا ومعهـم المبشـرون الـذي أوكل
مهمـة القيـام فـي هـذه المناطـق للغـات األوربيـة
التـي مجهولـة كليـة فـي هـذه المناطـق، ولـم يكـن
قصدهــم بــادئ ذي بــدء ســوى الحصــول علــى
بعـض مـن األعـوان والمسـاعدين الذيـن يمكنهـم
االســتعانة بهــم فــي تســيير أعمالهــم، واإلنابــة
عنهـم فـي أعمـال التجـارة والمراسـلة مـع ملـوك
وحـكام تلـك المناطـق، والتـي كانـت العربيـة لغـة
اإلدارة والتعليــم فيهــا.
غيـر أن رغبتهـم فـي ضـم هـذه األجـزاء إلـى
ممتلكاتهــم، واســتغالل الخيــرات الموجــودة
فيهــا، حفزهــم إلــى التفكيــر فــي إقامــة مــدارس
قريبــة نوعــا مــا مــن المــدارس الموجــودة فــي
بلدانهــم األصليــة، يتــم فيهــا تعليــم الســكان
األصلييـن بعـض المعـارف العامـة عـن اللغـات،
وعـن بعـض العلـوم العمليـة كالحسـاب والطـب
وعلــم النباتــات وغيــر ذلــك مــن العلــوم التــي
كانــوا يــرون أنهــا ضروريــة الســتمرار حكمهــم
لهــذه المناطــق.
فــي الوقــت نفســه ضيقــوا الخنــاق علــى
التعليــم اإلســامي العربــي فــي هــذه المناطــق،
وحاصــروا دارســيه فــي القــرى وبعــض المــدن،
وعاملــوا القائميــن والمشــرفين عليــه بنــوع مــن
الجفــاء والقســوة لدفعهــم إلــى التخلــي عنهــا أو
اسـتبدال هـذا التعليـم بالتعليـم األوروبـي الجديد
الوافــد عليهــم.
وقـد اسـتمرت هذه السياسـة سـارية المفعول
طيلـة وجودهـم فـي هـذه المناطـق، يبرهـن علـى
ذلــك أن أولــى المــدارس التــي فتحــت فــي
هــذه المناطــق والتــي بعضهــا تعــود إلــى أكثــر
مــن 150 ســنة، لــم يصاحبهــا فتــح أو تشــجيع
لفتــح مــدارس تتولــى تقديــم التعليــم اإلســامي
لألهالـي مـع وضعهـم فـي ظـروف إداريـة وماديـة
3
بقلم المفتش/سمب أم جو
تمكنهـم مـن تطويـر هـذا التعليـم وجعلـه يسـاير
التعليــم األوروبــي الوافــد الجديــد.
كل هــذه الممارســات التعســفية لــم يمنــع
السـكان مــن متابعــة رغبتهــم فـي تعلـم اإلســام
باسـتخدام الحـرف العربـي، فطـوال وجـود هـذا
المســتعمر فــي المناطــق التــي تشــكل أراضــي
هــذه الــدول اآلن، وعلــى الرغــم مــن إمكاناتهــا
الهائلــة المســخرة مــن أجــل تشــجيع هــذا
النمــط مــن المــدارس؛ مــن تشــييد المبانــي،
وانتـداب المعلميـن مـن دولهـا، وتوفيـر الوسـائل
والمعــدات التعليميــة لألطفــال الملتحقيــن
بهــذه المــدارس، ومــع االمتيــازات الكثيــرة التــي
تمتـع بهـا السـكان األوائـل ممـن التحقـوا بهـذه
المـدارس، فقـد وجـدت فـي بقـاع مختلفـة مـن
مناطـق هـذه البـاد مراكـز ومعاهـد أخـذت علـى
عاتقهـا مهمـة تعليـم القـرآن والعلـوم اإلسـامية.
ولعــل األســباب التــي جعلــت مــن التعليــم
اإلسـامي عاجـزا عـن مقاومـة التعليـم الغربـي،
وضعيفــا فــي صــده عــن االنتشــار والتمــدد فــي
بقـاع كثيـرة مـن هـذا الجـزء مـن القـارة، إضافـة
إلـى تقهقـره وانتكاسـه وفقـده لكثيـر مـن المراكـز
التــي كانــت عامــرة بهــذا التعليــم، أو ضمــور
نشـاطه وانحصـاره فـي تعليـم تقليـدي ال يسـمن
وال يغنــي مــن جــوع، أقــول بــأن هــذه األســباب
كثيــرة ومتداخلــة.
غيـر أن مـن أهـم تلـك األسـباب والعلـل أن
التعليــم اإلســامي فــي تلــك القــرون الماضيــة
وحتـى إلـى عهـد قريـب، لـم يكـن أمـرا حكوميـا
أو سياســة فرضتهــا الســلطات، ودعــت إليهــا،
وشــجعت النــاس نحوهــا، ففقــدت بذلــك
الشــرعية التشــريعية والتنفيذيــة اللتــان نالهــا
التعليــم الغربــي، ثــم إنــه أيضــا لــم يجــد داعمــا
وممـوال لـه إال المعلـم الداعـي )الشـيخ أو اإلمـام(
، والــذي كان يشــعر بــأن تعليــم أبنــاء أمتــه أمــور
دينهــم أمــر ملقــى علــى عاتقــه، وإن عــدم قيامــه
بهـذا الواجـب الدينـي يوقعـه فـي اإلثـم، اللهـم إال
مـا كان مـن عـون يتلقونـه مـن بعـض المحسـنين
وفاعلــي الخيــر الذيــن لــم يعدمهــم زمــان مــن
األزمنــة.
وســبب آخــر، ال يقــل أهميــة عــن الســبب
األول، وهــو كــون هــذا التعليــم تعليمــا دينيــا
بحتــا، فلــم يكــن هــم طــاب العلــم الملتحقيــن
بمثــل هــذه المــدارس أو حلقــات العلــم مــن
هــم ســوى حفــظ كتــاب اللــه المجيــد، ودراســة
بعــض الكتــب فــي الفقــه واألدب والعــروض،
والتـي كانـت متوفـرة آنـذاك، إضافـة إلـى ممارسـة
أعمــال الزراعــة والصيــد، وكان أقصــى مــا
يمكنهــم توظيفــه مــن العلــم الــذي تلقونــه فــي
مثـل هـذه المراكـز اإلسـامية هـو العمـل قاضيـا
فـي المحاكـم التـي أنشـأتها الملـوك ومـن بعدهـم
المسـتعمر لتولـي النظـر فـي القضايـا االجتماعيـة
التــي تعــرض مــن الســكان المســلمين.
فلــم نســمع ولــم نعــرف أحــدا ممــن تلقــوا
العلـم مـن هـذه المـدارس شـغل منصـب حاكـم
أو إداري أو وال علــى منطقــة معينــة مــن مناطــق
البــاد بعــد احتــال المســتعمرين للبــاد، وهــو
مـن خريجـي هـذه المـدارس اإلسـامية، كمـا أن
قلـة منهـم اسـتخدموا فـي أعمـال بسـيطة تتطلـب
بعــض المهــارات اللغويــة أو الحســابية.
ومــن يطالــع تاريــخ العلمــاء المســلمين
األوائــل فــي هــذه المناطــق مــن أفريقيــا، ومــا
كانــوا يتجشــمون مــن مشــقات ومتاعــب مــن
أجـل تلقـي العلـم فـي المراكـز العلميـة المختلفـة
فــي البــاد، أو فــي البــاد المجــاورة، وكذلــك
المســافات الطويلــة التــي كانــوا يقطعونهــا، إمــا
علــى ظهــور الخيــول واألحمــرة، أو ركوبــا علــى
قطـارات السـكك الحديديـة عندمـا تـم إنشـاؤها
فــي نهايــة القــرن التاســع عشــر فــي هــذا الجــزء
مـن أفريقيـا، سـيعرف مـدى مـا كان لهـذا التعليـم
اإلسـامي مـن مكانـة وقـدر عظيميـن فـي نفـوس
ســاكني هــذه المناطــق.
ويســتطيع المــرء أن يتصــور مقــدار مــا كان
يمكـن لهـذا التعليـم أن يجلبـه مـن تطـور وتقـدم
علــى الصعيــد الثقافــي والتربــوي لســكان هــذه
األراضــي، لــو وجــد مــن وراءه نظــام سياســي
يتبنـاه، أو حاكـم أو مسـئول نافـذ القـول والفعـل
يسـانده، فمـا مـن منطقـة فـي غـرب إفريقيـا فـي
دولهــا المختلفــة )الســنغال، مالــي ، غينيــا…(،
إال وقــد عرفــت مــن قريــب أو بعيــد مركــزا
مــن مراكــز تعليــم القــرآن والعلــوم اإلســامية
فــي تاريخهــا البعيــد، وإن وثائــق المســتعمرين
األوربييــن بالنســبة لــدول هــذه المنطقــة لتــدل
بوضــوح علــى أن مدارســها األولــى كانــت مــن
قلـة المنتسـبين إليهـا مـن التالميـذ بالمقارنـة مـع
الملتحقيــن بمــدارس تعليــم القــرآن التقليديــة
المنتشــرة آنــذاك.
4
كل مــا ســبق اإلشــارة إليــه يكفــي للداللــة
علـى عمـق توغـل التعليـم اإلسـامي العربـي فـي
وجـدان مسـلمي هـذا الجـزء مـن أفريقيـا، وأنهـم
تبنوهــا العتبــارات دينيــة ونفســية وأخالقيــة،
وأنهــم اعتمــدوا كليــا علــى إمكاناتهــم الذاتيــة
لتعلــم هــذه اللغــة، كمــا هــذه الرغبــة العميقــة
الجــذور فــي نفــوس هــؤالء األفارقــة كان لهــا
امتدادهــا الطبيعــي فــي أحفادهــم وأحفــاد
أحفادهـم ممـن بـدأوا فـي السـنوات التـي سـبقت
نهايـة االسـتعمار بقليـل أو تلتهـا بقليـل يغامـرون
بحياتهــم، يجوبــون البلــدان األفريقيــة مــن
غربهـا إلـى شـمالها أو إلـى شـرقها فـي السـودان
ومصـر لاللتحـاق بمراكـز العلـم والمعرفـة التـي
احتضنهـم وآواهـم وعلمهـم، ليعـودوا بعـد ذلـك
إلــى بلدانهــم يقــودون التجــارب األولــى إلقامــة
مـدارس عربيـة مـن الطـراز الحديـث فـي المناطق
التــي أتــوا منهــا.
إن الحقيقــة المــرة التــي تكتنــف هــذه
المــدارس القديمــة للتعليــم اإلســامي والعربــي
فــي غــرب إفريقيــا – ولألســف الشــديد- هــي
أنهــا حتــى اآلن، رغــم أقدميتهــا وعراقتهــا فــي
إدخـال التعليـم فـي هـذا الجـزء مـن أفريقيـا لـم
تقفــز القفــزة النوعيــة المنشــودة، والتــي تجعــل
منهـا تعليمـا يزاحـم فـي النوعيـة والجـودة التعليم
الغربــي الــذي احتــل مكانــه، بــل وأزاحــه بعيــدا
عــن مراكــز القيــادة والزعامــة فــي هــذه الــدول
فـي المجـاالت السياسـية واإلداريـة واالقتصاديـة
والثقافيــة.
فــا الحكومــات المتعاقبــة فــي إدارة هــذه
البــاد أخــذت األمــر مأخــذ الجــد، وســعت فــي
إدخــال اإلصالحــات والتغييــرات الالزمــة فــي
هـذا التعليـم، وال هـي أيضـا حاولـت إدمـاج هـذا
التعليــم فــي نظامهــا الرســمي بصــورة كاملــة،
وإنمـا اكتفـت فقـط بإدخـال مـادة اللغـة العربيـة
كمــادة تــدرس فــي المــدارس التابعــة لهــا، دون
أن يكــون لذلــك أي طابــع إجبــاري، وهــو أمــر
جعــل الكثيــر مــن األهالــي يشــككون فــي جديــة
الحكومــة فــي اعتبــار هــذا التعليــم.
وال أصحــاب المــدارس األهليــة التــي تقــدم
التعليـم اإلسـامي العربـي اسـتفادت مـن تجربـة
المــدارس االســتعمارية، لتدخــل إصالحــات
وتغييـرات جذريـة فـي برامجهـا ومقرراتهـا، ومـا
فكــرت كذلــك فــي مكانــة هــذا التعليــم بصفــة
عامـة داخـل منظومـة التعليـم الجـاري فـي البلـد،
فبقـي تعليمهـا منقطـع الصلـة عـن الواقـع العـام
للمواطنيــن، بحيــث أن الملتحقيــن بــه يجــدون
أنفسـهم بعـد سـنوات عديـدة يمضونهـا فـي أورقة
مدارســها ومراكزهــا غيــر صالحيــن لالندمــاج
فــي المجتمــع، إال باحتــال منصــب القاضــي
أو المعلــم أو اإلمــام الخطيــب فــي المســجد،
أمــا الوظائــف اإلداريــة والمدنيــة األخــرى فهــم
محرومــون بســبب التكويــن الــذي تلقــوه مــن
توليهــا نســبة لفقــدان الكفــاءات المؤهلــة لهــم
لشــغلها.
التعليـم اإلسـامي العربـي فـي غـرب إفريقيـا
فـي نظـر مـن أدخلـوه فـي هـذه المناطـق اقتصـر
علـى تعليـم القـرآن والعلـوم اللغويـة واإلسـامية
ذات الصبغــة الدينيــة، وبقيــت هــذه النظــرة هــي
السـائدة حتـى إلـى عهـد قريـب جـدا، بـل يمكـن
القـول بـأن بعضـا مـن المـدارس ودور العلـم التي
تعتبـر امتـدادا طبيعيـا لتلـك المراكـز القديمـة ال
تـزال تـرى هـذا التعليـم بهـذا المفهـوم، فهـم أي
أصحـاب هـذه المـدارس والورثـة الشـرعيون لهـا
مــن آبائهــم وأجدادهــم ال يــرون أي ضــرورة فــي
تحديــث هــذا التعليــم أو تطويــره، وأي محاولــة
مـن قبـل الحريصيـن علـى مسـتقبل هـذا التعليـم،
أو مــن قبــل الحكومــة التــي تســعى إلــى عصرنــة
هـذا التعليـم، وجعلـه تعليمـا نظاميـا جاريـا علـى
النظــم واللوائــح التــي تحكــم ســير التعليــم فــي
البلــد، تجدهــم يجابهونــه بمعارضــة شــديدة،
متهميـن ذوي النوايـا الطيبـة هـذه بأنهـم يسـعون
الســتئصال التعليــم اإلســامي العربــي مــن
مدارســهم.
إن واقـع هـذه المـدارس، متمثـا فـي ظـروف
نشـأتها، واألهـداف التربويـة التـي مـن أجلهـا يتـم
إنشـاء المدرسـة، وكذلـك الملكيـة الفعليـة لمثـل
هــذه المــدارس، والمنهــج الدراســي المــدروس
فيهــا، وطبيعــة التعليــم الجــاري فيهــا وطريقــة
انتـداب الهيئـة العاملـة، واللوائـح والنظـم العامـة
والخاصــة التــي تســير هــذه المــدارس، وعالقــة
هـذه المـدارس بالنظـام التعليمـي العـام الجـاري
فــي بلــد النشــأة، والمنافــذ التــي توفرهــا لمــن
يتخرجــون منهــا مــن الطــاب، وغيــر ذلــك مــن
المسـائل واإلشـكاالت األخـرى أمـور ال بـد مـن
إعـادة النظـر فيهـا، إذا أردنـا تطويـر هـذا التعليـم
وتحســين مخرجاتــه.
5
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلــى اللــه وســلم وبــارك علــى الفاتــح الخاتــم
الهــادي إلــى الصــراط المســتقيم وعلــى آلــه
وصحبــه أجمعيــن .
تحظـى مدرسـة تـواون بمكانـة مرموقـة بيـن
مـدارس السـنغال، باعتبارهـا المدرسـة األم التـي
انبثقـت منهـا كثيـر مـن مـدارس السـنغال، وهـي
بمثابـة شـعلة اقتبسـت مـن نورهـا باقـي المـدارس
فأضــاءت الســنغال ومــا حولهــا مــن البلــدان
المجـ اورة.
وترجــع نشــأة هــذه المدرســة إلــى العالــم
الجليــل، الشــيخ الحــاج مالــك ســه رضــي اللــه
عنــه الــذي كان مرجعــا وركنــا ركينــا فــي علمــي
ّ الشــريعة والحقيقــة، فعلــم وأرشــد، وقــد نهــل
مـن معينـه عـدد غيـر قليـل مـن العلمـاء األجـاء
ّ الذيـن تحملـوا أعبـاء الدعـوة إلـى اللـه بالحكمـة
والموعظـ ة الحسـ نة والتربيـ ة بالهمـ ة والحـ ال،
و ّ توزعــوا فــي مناطــق مختلفــة داخــل الســنغال
وخارجـ ه، وصــاروا فيهــا رمــوزا فــي الصــاح
والتعلي م .
وقــد نجحــت هــذه المدرســة- علــى يــد
مؤسســها الحــاج مالــك وخلفــاءه مــن بعــده
رضـي اللـه عنهــم جميع ا – فــي تحويــل تــواون
إلـى مركـز إشـعاع علمـي وروحـي مشـهود، بعـد
أن كانــت هــذه المدينــة مــن أشــهر معاقــل اللهــو
واالقطاعيــة، وهــذا إنجــاز لــه قيمتــه العظيمــة،
إذا علمنـا بـأن الهـدف األساسـي مـن التربيـة هـو
تغيي ر الس لوك االنسـ اني إل ى م ا ه و أحس ن.
وتوزعــت المدرســة التواونيــة علــى شــكل
حلقــات ومجالــس علميــة فــي أحيــاء تــواون،
كلهــا تعنــى- فــي المقــام األول – بتعليــم
القــرآن الكريــم، والدراســات االســامية
واللغويــة، إال أن بعضهــا ذاع صيتهــا فــي فنــون
اللغــة، والبعــض االخــر فــي الفقــه والســيرة
النبويـة وهكـذا،…. فالحلقـات العلميـة المنتشـرة
ف ي توـاوون هــي أش به م ا تكــون بالكليــات
المتخصصــة، أمــا المدرســة المالكيــة التواونيــة
ّ األم فهــي الجامعــة التــي تفرعــت منهــا كل هــذه
الكليــات.
وم ن أكب ر االنجاـزات التــي قامــت بهــا
ّ هـذه المدرسـة، تخريـج أجيـال عديـدة ترسـخت
ّ فـي نفوسـها معنـى االنسـانية الحقـة التـي تضمـن
6
لإلنســان القيــام بالخالفــة العظمــى التــي مــن
أجلهـا خلـق، ومـن أجلهـا أرسـل الرسـل، أجيـال
ّعم ّ ـرت االرض بالعبـادة والعمـل، وجسـدت فـي
حياتهـا معنـى قولـه صلـى الل ه عليه وس لم: اعمل
لدنياــك كأنـ ك تعيشــ أب دا واعمــل آلخرتــك
كأنــك تمــوت غــدا ( وقولــه تعالى:)وابتــغ فيمــا
آت اك الل ه الـدار االخ رة وال تنــس نصيبــك مــن
الدنيـا(
والشــيخ محمــد المنصــور ســي مثــال حــي
لهــذه المدرســة، حيــث كانــت حياتــه ثالوثــا
تجمــع بيــن التدريــس والعبــادة والعمــل.
ومـا زالـت هـذه المدرسـة تحتفـظ بمكانتهـا
فـي قلـوب السـنغاليين ألنهـا أسـس بنيانهـا علـى
ّ تقــوى مــن اللــه، وســتظل كذلــك- إن شــاء
اللــه- إلــى أن يــرث اللــه األرض ومــن عليهــا،
فمـا كان للـه دام واتصـل. إال أن هنـاك تحديـات
كثيـرة يجـب األخـذ لهـا بعيـن االعتبـار والتعامـل
ّ معهــا بشــجاعة حضاريــة وثقــة تامــة الحتوائهــا
وللتفــادي مــن آثاره ا السلـبية. وإليــك بعــض
هـ ذه التحديـ ات:
-1 مــن هــذه التحديــات وأكبرهــا خطــرا
العولمةــ، فالعولم ة – بتعريفاتهــا المتعــددة
ومصطلحاتهــا المتنوعــة- تهــدف إلــى توحيــد
العالــم بصبغــة واحــدة شــاملة للجميــع ومــن
جميــع النواحــي والمجــاالت االجتماعيــة
واالقتصاديـة والفكريـة بغـض النظـر عـن الديـن
والعــرق والجنســية وكذلــك الثقافــة، فالعولمــة
ّ ليــس كلهــا شــرا كمــا يعتقــده البعــض، ألن
الدنيــا أخــذ وعطــاء، والحكمــة ضالــة المؤمــن
أنــي وجدهــا فهــو أولــى بهــا، فيمكــن االســتفادة
مـن بعـض تجاربهـا فـي المجـاالت التكنلوجيـة
والمعلوماتي ة، ولكــن لهــا جوانبهــا الســليبة
وآثارهــا الوخيمــة التــي يجــب أن يتنبــه لهــا كل
مســلم غيوربدينــه ويتعامــل معهــا بحــذر، ولــذا
فــإن المســئولية تقــع علــى عاتــق القائميــن
باإلش راف عل ى المدرس ة التواوني ة ّ أن يكونــوا
الطـاب علـى التمسـك بثوابتهم الثقافيـة وقيمهم
الدينيـة وشـخصيتهم القوميـة واالجتماعيـة حتـي
ال يمكـ ن اقتلـاع جذورهـ م أوينســلخوا مــن
ّ التــراث العلمــي والروحــي الصفــي الــذي خلفــه
له م س لفهم الصال ح، وال ينبهــروا أمــام هــذه
ّ الدعـاوى البراقـة الخداعـة مـن مروجـي العولمـة.
-2 تتعـّـض الم دارس القرآنية – والمدرسـة
التواونيـة ليسـت بمسـتثنى منهـا، وبشـكل يومـي
- ّ لمحـاوالت لتشـويه سـمعتها وإضعـاف قوتهـا، فظهــرت منظمــات ترفــع أصواتهــا مــن خــال ّ وســائل االعــام المرئيــة والمســموعة وتدعــى أنهـا تحافـظ علـى حقـوق الطـاب، والمؤسـف فـي األمـر أنهـا تكـون بالمرصـاد لتظهـر كل مـا هـو سـلبي فـي هـذه المـدارس القرآنيـة، وتعمـل ّ جــاد ّ ة فــي إخفــاء محاســنها، وال تقــدم لهــا يــد مســاعدة ، وليــس هــذا فحســب، بــل قــد يبلــغ بهــا الحقــد علــى معلمــي المــدارس القرآنيــة ّ فيجندــ ّ ون أشــخاصا يلفقــون إشــاعات مفبركــة ويلصقونهـا فـي أعـراض المعلميـن، ويأبـى اللـه إال أن يتـ ّم نـوره ولـو كـره هـؤالء. ولسـ ّ ت معممـ ّ ا وال متهمـ ا كل المنظمـات، فإن مــن بينهــا- وهــي قلــة قليلــة- مــن تعمــل ليــل نهــار فــي مصلحــة المــدارس وتســهر فــي خدمتهــا. -3 عــزوف كثيــر مــن المعلميــن عــن التدريــس فــي المجالــس العلميــة التــي كانــت متوزع ة ســابقا فــي األحي اء التواونيـ ة، وعــدم التفـ ّرغ الكام ل لهذــه المهم ة ، ولعــل الســبب فــي ذلــك يرجــع إلــى قلــة االمكانــات الماديــة ّ لســد الحاجــات الضروريــة لــدى بعــض مــن يقومــون بالتعليــم فــي هــذه المجالــس العلميــة، وهــذه مشــكلة كبيــرة تدفعهــم إلــى الســعي وراء لقمــة العيــش لهــم ولعيالهــم، فيرجــع العامــل منهــم مرهقــا قــد أخــذ منــه التعــب كل مأخــذ، وهــذا يؤثــر ســلبا فــي عطائــه التعليمــي، وقــد تلج ئ البع ض – وكثي ر م ا هــم- الظــروف العمليـة للعمـل خـارج تـواون، وهـذا يفقـد لهـذه المدرسـ ة التواونيـ ة علماءهـ ا ومثقفيهـ ا. هــذا، وتجــدر اإلشــارة إلــى أن هــذا ليــس إال تشــخيصا لبعــض التحديــات التــي يمكــن أن تعرقــل فــي مســيرة المدرســة التواونيــة وتفقــد بذلـ ك ريادتهـ ا، إذا لـ م نعـ ّد لهـ ا العـ ّدة. وصلــى اللــه وســلم وبــارك علــى ســيدنا محم د وعل ى آل ه وصحب ه أجمعي ن . بقلم األستاذ عبد العزيز كولي/تواوون 7 يناير 2017 بسم الله الرحمن الرحيم }وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون….{ مقـــــدمـــــة المــدارس القرآنيــة المنتشــرة فــي جميــع أنحــاء الســنغال أهميــة كبــرى فــي نفــوس المســلمين، حيــث كانــت هــذه المــدارس فــي الفتــرة التــي ســبقت إنشــاء المــدارس النظاميــة الحكوميــة؛ وهــي جهــة التعلــم األساســي، وكان لهــا فــي الســابق دور كبيــر فــي حفــظ الهويــة اإلسـامية؛ حيـث اسـتطاعت الصمـود فـي وجـه التحديـات التـي كانـت تسـتهدف طمـس الهويـة للشــعوب اإلســامية. قبـل الخـوض فـي الموضـوع نـود أن نتطـرق فـي مالمـح هـذه المنطقـة التـي ينتمـي إليهـا هـذا العـارف الربانـي، وهـذه الكتاتيـب القرآنيـة التـي نريـد إيضـاح مـا لهـا ومـا عليهـا مـن االنجـازات والعوائــق، ثــم الخــوض فــي دور هــذا العالــم َ الجليــل الــذي تــرك بصماتــه تضـيء العالــم إلــى يــوم النفــخ فــي الصــور؛ هــذا العالــم الــذي قضـى نحبـه فـي بحـر الحيـاة العلميـة والتعليميـة، وحقائــق النورانيــة الربانيــة فــي أرجــاء البــاد وخارجهـا، وبـكل فـن مـن الفنـون، مـع كل زينـة َ مــن زيــن الحيــاة، بــل هــو حفيــد م ْ ــن لــواله مــا كان؛ مــا كان، الــذي كان موثــق الحجــة، شــديد الــورع، واســع العلــم والمعرفــة، بــل مرشــدا وإمامــا فــي طريــق القــوم، ذا بصيــرة وقــادة فــي التصـوف وفلسـفته. إنـه مالـك بـن عثمـان رضـي ـر ْوم َ د َارِج ُ اللـه عنهمـا وعـن حفيـده المترجـم ب ُ )عميــد الكليــة( الشــيخ محمــد المنصــور ســه نجــل الشــيخ أبــي بكــر ســه ابــن الشــيخ الحــاج مالــك بــن عثمــان ســه. مالمح تاريخية للسنغال: الدولة والعاصمة أطلــق الفرنســيون علــى هــذه الدولــة المعروفــة بهــذا االســم )الســنغال(، كمــا ســموا عاصمتهـا )دكار(، انطالقـا مـن حادثـة لهـا طابـع الطرافــة والمصادفــة، حــدث ذلــك عنــد هبــوط الجنــود الفرنســيين علــى شــواطئ دكار التــي لــم تكــن ســوى شــبه جزيــرة تســتعمل كمرفــأ للصيــد، حيــث التقــوا هنــاك ببعــض الصاديــن، ولمـا حـاوال سـؤالهم عـن اسـم المنطقـة مشـيرين بأيديهــم مصادفــة إلــى الجهــة التــي توجــد فيهــا القــوارب، ومــن ثــم لعــدم معرفــة كال الطرفيــن بلغــة بعضهمــا، اعتقــد الصيــادون أن الجنــود الفرنســيين يســألون عــن أصحــاب القــوارب ــن َوغ ْ ال(، وتعنــي بلغتهــم ُ فأجابوهــم بكلمــة )س ُ )الولــوف( )قواربنــا(، فســمى الفرنســيون مــن وقتهــا المنطقــة بــ )الســنغال(؛ معتقديــن بــأن اســمها كذلــك. وحيـن سـألوهم عـن الناحيـة التـي متواجدين فيهـا مشـيرين إلـى جهـة شـجرة )تمـر هنـدي(، ََرِد ْ يــب(، حســبوا المعــروف بدارجــة الســودان )أ ُ بأنهــم يســألون عــن نــوع الشــجرة؛ بــأن اســمها َ)دَخ ْ ـار(، وهكـذا اسـم المدينـة التـي أقيمـت فـي 8 َ تلـك الناحيـة بالنسـبة للفرنسـيين )دَك ْار(. املوقع اجلغرايف: تقـع السـنغال فـي أقصـى الغـرب مـن القـارة اإلفريقيــة، يحــده المحيــط األطلســي غربــا، والجمهوريــة اإلســامية الموريتانيــة شــماال، ــا ك َون ِاك ِ ــر ِ ي و غَِني ِ ــا ب َســاُوو ُ ِ وجمهوريتــا غ ِينَي جنوبــا، وجمهوريــة مالــي شــرقا. فالدولـة تشـكل نافـذة ألفريقيـا الغربيـة نحـو القــارة األمريكيــة، ومركــزا متميــزا للنشــاطات البحريــة فــي القــارة اإلفريقيــة. منــاخ الســنغال معتــدل إجمــاال؛ حيــث تبلــغ درجــة الحــرارة صيفــا 35 د فــي الســاحل، وفـي البـر 45 د، وفـي الخريـف 20 . وال يوجـد سـوى فصليـن همـا فصـل الصيـف وهـو فصـل األمطـار، وفصـل الخريـف وهـو فصـل الجفـاف. اإلسالم يف السنغال: اإلســام هــو الديــن الرئيســي فــي الســنغال، ويقـدر عـدد المسـلمين بحوالـي 95% مـن تعداد الســكان، ومعظمهــم مــن الصوفييــن. الســنغال قديـم عهـد باإلسـام منـذ أن أطلقـت منـه حركـة المرابطيـن منـذ أكثـر مـن ألـف سـنة تقريبـا. لــم يتفــق المؤرخــون مــن تحديــد تاريــخ دخــول اإلســام فــي إفريقيــا؛ حيــث يرجعــه بعضهـم إلـى حركـة المرابطيـن بقيـادة المجاهـد عبــد اللــه بــن ياســن فــي القــرن الحــادي عشــر الميــادي،1053 ويرجعــه آخــرون إلــى جهــود التجــار المســلمين الذيــن وصلــوا إلــى المنطقــة مــن برقــة بليبيــا. والقيــروان بتونــس، وتلميســان 1( بالجزائــر، ومــن طريــق لمتونــة بالمغــرب ) ويــر ى كثيــر مــن الكتــاب بــأن دخــول اإلســام إلــى الســنغال بإســام أحــد الملــوك َ الســنغاليين؛ واســمه و ْ ارَجِاب ْ ــي ان َج ْ ــاي عــام 1040 م، والــذي أقــر بالشــريعة اإلســامية فــي مملكتــه بعــد إســامه. املدرسة القرآنية: المدرسـة القرآنيـة؛ مدرسـة قائمـة علـى شـيخ واحـد يـدرس أغلـب علـوم الشـريعة واللغـة بعـد 1 – شبكة اإلمامني الحسنني www.alhassanain.com القـرآن الكريـم، أو الجمـع بيـن المرحلتيـن. وعرفهــا بعــض العلمــاء بأنهــا: مؤسســة تعليميــة عاليــة يقودهــا عالــم فــي فــن أو فنــون عـدة؛ يسـهر عليهـا وعـل طالبهـا أخالقيـا وأدبيـا 2( وماديــا حســبة منــه لوجــه اللــه تعالــى. ) وهــي تعتبــر المنهــل العــذب الــذي يغتــرف منـه أبنـاء المجتمـع حفـظ القـرآن الكريـم ومبادئ اإلســام، فينشـأ عنهـا جيــل متــزن فـي تفكيـره، ومعتـدل فـي سـلوكه. داللة املدارس القرآنية: والمـدارس القرآنيـة لهـا داللـة مسـتمدة مـن البيئــة التــي تكثــر فيهــا هــذه المــدارس، مثــل َمَك ْرَتَنــا )بلغــة الهوســا( فــي النيجيــر ونيجريــا ُ االتحاديــة، ود َود َ ال )بلغــة الصنغــاي الزرمــا(، غِســي فــي )الصومــال(، كمــا يطلــق عليهــا ُ ود ُ يـب فـي )مالـي(، ُ َ اسـم د َار َ فـي )السـنغال(، و غِر ـيد فـي )المغـرب(، والخلـوة أو الخـاوى َ والمِس ُ فـي )السـودان(، والكتـاب فـي )جمهوريـة مصـر العربيــة(، والمحاظــر فــي )جمهوريــة موريتانيــا اإلســامية(، وتعــرف فــي )بــاد الشــام( بالكتاتيـب، ولعـل هـذه المصطلحـة )الكتاتيـب( َ هــو األشــهر؛ لذلــك الباحــث عْن َ ــوَن البحــث بمضمــون هــذه الكلمــة. وكانـت هـذه المـدارس تعتمـد علـى الزراعـة للعيـش، والمسـاهمة مـن أوليـاء التالميـذ الذيـن يدرسـون فـي تلـك المـدارس، وعلـى الرغـم مـن 2 – إيناس توفيق، مجلة الوعي اإلسالمي، وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية دولة الكويت ص: ،3 العدد 532 9 هــذا الــدور المهــم المتمثــل فــي تربيــة الناشــئ ودفــع عجلــة الثقافــة اإلســامية إلــى األمــام، وبعــد ســنوات الجفــاف فــي المنطقــة منــذ ســنة م؛ جــف َ الــزرع وي َ بــس الضــرع؛ أثــر َّ 1969 َّ ذلــك ســلبا علــى ظــروف الكتاتيــب أيمــا تأثــر، وحدثـت هجـرات مـن القـرى إلـى المـدن بحثـا عـن وسـائل العيـش، ولكـن الحيـاة العصريـة لـم تســتقبلهم كمــا ينبغــي، بــل ترتبــت علــى ذلــك مضاعفــات خطيــرة؛ منهــا: ·تحــول أســلوب طلــب الصدقــات المعيشــي التقليــدي فــي المجتمعــات اإلفريقيــة إلــى ظاهــرة التســول. ·توجــه خريجــي الكتاتيــب إلــى َ المؤسســات لط ْ ــرِق أبــواب العمــل فلــم يجــدوا أفضــل مــن وظيفــة حــارس أو عامــل نظافــة. ·انصــرف بعــض خريجــي الكتاتيــب إلــى كتابــة الطالســم واســتخدام األســرار والشــعوذة، وأصبــح تالميــذ هــذا النــوع مــن المــدارس هــم األكثـر نفعـا مـن تالميـذ مـدارس القـرآن الكريـم والعلــوم الشــرعية. ·الكتاتيـب الصامـدة فـي مقراتهـا فقـدت حتــى الحطــب الــذي كانــت تســتضيء بــه فــي القــراءة الليليــة، وأصبحــت تكاليــف اإلنــارة 3( بالغــاز أو الكهربــاء مجحفــة بهــم. ) ولكـن بعـد حصـول االسـتقالل بمـدة وجيـزة حــدث مــا يســمى االنفتــاح االقليمــي بيــن دول المنطقـة، وتيسـرت سـبل السـفر، وكانـت بعـض الـدول تشـكل مناطـق جـذب اقتصـادي ؛ فصـار خريجــو الكتاتيــب القرآنيــة بحكــم الضغــط المــادي، وانســداد أفــق التوظيــف أمامهــم ال يجــدون مخرجــا إال بالهجــرة خــارج بلدانهــم؛ كســاحل العــاج والكنغــو والغابــون، ومــع تحســن وضــع هــؤالء المهاجريــن؛ أصبــح أبنــاء المنطقــة يعتبــرون المــرور بالكتاتيــب القرآنيــة 3 – الدكتور الطيب بن عمر، الكتاتيب وحلقات القرآن الكريم، ودورها التعليمي، بحوث ندوة التعليم وتطوره يف غرب إفريقيا التي نظمها رابطة العامل االسالمي بالتعاون مع املؤسسة العاملية لإلعامر والتنمية، يف مركز األمري سلطان بن عبد العزيز الثقايف، نيامي- النيجري، -2 3 جامدى األوىل 1430هـ املوافق -27 28 أبريل 2009 ص: 88 مجـرد محطـة انتظـار حتـى تنتـج فرصـة السـفر، وأصبحــت تلــك الكتاتيــب بنكســة لتحــول األغــراض التعليميــة إلــى أغــراض ماديــة؛ األمــر الــذي يفقدهــا طابــع االســتمرارية. قــد انفــردت الكتاتيــب فــي ذلــك الوقــت ِّ بهــذه الحيــاة العلميــة المملــوءة بصــور الكــد والعنــاء؛ قــال بعضهــم: تالميذ شتَّى ألف الدهر بينهم لهم همم قصوى أجل من الدهر ن لهم سوى الهوى ُ يبيتون ال ك َّ 4( وال من سرير غير أرمدة غبره ) ولكـن مـن المؤسـف فـي السـنوات األخيـرة؛ وخاصـة بعـد ألفيـن ما شـوهد فـي ظاهرة التسـول مـن قبلـ تالمي ذ هذــه الم دارس القرآنيــة. بيــد أن هــذه الظاهــرة؛ وإن كانــت تتلقــى تأييــدا مــن قبـل فئـات الشـعوب فـي المجتمـع السـنغالي؛ إال أن بعضـا منهـم يـرى فـي هـذه الظاهـرة اإلسـاءة لإلسـام والمجتمـع برمتـه. النظام الدراسي يف املدارس القرآنية: وهـذه المـدارس لهـا نظـام خـاص يختلـف عــن نظــام المــدارس الحكوميــة؛ ألن النظــام التعليمــي فــي هــذه المــدارس: أوال: يعتمــد علــى النمــط التقليــدي؛ ففيهــا يقبـل كل األعمـار، تجـد فيهـا الغـام ابـن السـت والصبـي ابـن السـابعة أو العاشـرة، والشـباب ابـن العشـرين، والكهـل ومـا إلـى ذلـك… ثانيــا: وهــذا المنهــج هــو المنهــج الربانــي المنهــج اإلســامي والثقافــة اإلســامية، أمــا اآلخــر؛ نظــام المــدارس الحكوميــة المنهــج المعتمــد هــو منهــج علمانــي ال يعطــي اإلســام َب ً ـاال، قـد تـم صياغـة هـذا المنهـج عـن المناهـج الغربيــة المســتعمرة, فالمســألة فــي المــدارس القرآنيــة بالنســبة ألوليـاء التالميـذ؛ إلزاميـة قبـل أن تكـون الثقافـة. )5( 4 – أحمد األمني، الوسيط يف معرفة أدباء سنقيط ص: .521 5 حسن فاتح، املدارس القرآنية يف السنغال ص: 14 10 ويحظــى معلمــو المــدارس القرآنيــة بمكانــة عاليــة واحتــرام فــي القريــة أو المدينــة؛ إذ يتــرك التالميــذ عنــده وديعــة يعلمهــم بجانــب القــرآن الكريــم مــكارم األخــاق واألدب. قبول التلميذ يف املدارس القرآنية: يعــد القبــول فــي المــدارس القرآنيــة بــدون شــرط مقيــد، ألن المعلــم هدفــه األول نشــر الثقافــة اإلســامية والتربيــة والتوجيــه واإلرشــاد لوجــه اللــه ســبحانه وتعالــى، أمــا بعــد القبــول أحيانـا يقـدم ولـي أمـر الـدارس أو التلميـذ هديـة لمعلمـي القـرآن مـن نقـود أو شـاة أو ثور؛ حسـب طاقتــه وإمكانياتــه، ومعلــم القــرآن ال يحصــل إال علــى الهبــات والزراعــة فــي وقــت الخريــف؛ حيــث يتعــاون معــه التالميــذ فــي ذلــك الخدمــة للحصــول علــى مــا يكفيهــم مــن القــوت ألن الهبـات التـي تصـدر مـن أوليـاء التالميـذ وليـس كلهــم ومــن المحســنين ال تغنــي عــن شــيء، لذلــك يعتمــدون علــى الزراعــة. بيــد أن هنــاك بعــض المــدارس القرآنيــة )الــدارات( الهبــات منتظمــة وثابتــة بدرجــة يمكـن اعتبارهـا نوعـا مـن األجـر اإللزامـي، وإن لــم يكــن مصــادر قــوت الشــيخ والتالميــذ مــن هذيــن النوعيــن ) الزراعــة والهبــات( فالتالميــذ يضطــرون إلــى التســول والتصــدق، ولكــن فــي صــورة منظمــة وأوقــات محــددة، مثــل الســاعة السـابعة تمامـا؛ صباحـا، حيـث يـد التالميـذ فـي ُ بيـوت وأحيـاء مجاورة للمقر الدراسـي، يسـمعون أصواتهــم الذيــن يحصلــون مــن طرفهــم الهبــات َ ) الَرِب َ ــر ْ ان(، عبــارة عــن طلــب المســاعدة. مــن الســابعة إلــى التاســعة؛ أو أقــل، ثــم العــودة إلــى مقــر الدراســة. وكذلــك وقــت الظهــر للحصــول علــى ُ الوجبــة) الغــداء(، وي َ ســمعون أصواتهــم )س َ ــار ْخ 6(،فيمـا معنـاه )مـن يعيننـي علـى الغـداء(. َ ْج() أ ثـم يعـودون قبـل الثالثـة ظهـرا. واالسـتمرار بتلقي الدراســة، هكــذا أيضــا بعــد المغــرب مباشــرة َ لطلـب العَش ِ ـاء َ ، ويسـمعون النـاس )س َ ـار ْخ ِ ر ْ يـر( 7 َ ( فيمــا معنــاه )مــن يعيننــي علــى العَش ِ ــاء(. ) وجــرى العــرف أن يقبــل التلميــذ يــوم األربعــاء؛ أو يبــدأ فيــه الدراســة مــن كل أســبوع، وهنـا يسـتحق الغـام أو التلميـذ الـذي تـم قبولـه حمــل اللــوح، وهــو عبــارة عــن قطعــة خشــبية مســتطيلة مــن الخشــب تصنــع مــن أشــجار 8( خاصــة. ) واألدوات المســتعملة فــي الكتابــة يجــري صنعــه مــن ومــاد محليــة، وأشــجار رقيقــة. ويصنـع كل طالـب أقالمـه بنفسـه ويسـتعين فـي ذلــك بمــواد متوفــرة فــي بيئتــه. المـادة المسـتعملة فـي الكتابـة يعنـي الحبـر؛ عبــارة عــن نتــاج حــروق الحطــب يضــاف إليــه الصمــغ، ويمــارس الطالــب فــي تطبيقــه إلــى أن يختــم القــرآن الكريــم حفظــا جيــدا؛ وغالبــا مــا يتــم فــي ســنوات، وتســمى الخاتمــة األولــى ُ للقـرآن الكريـم مـن األول، )م ًـك ْل( بلهجـة محلية ولوفيـة. ومـن البقـرة إلـى النـاس تسـمى )العـودة( ــب Topou ، بلهجــة محليــة ُ وختــم القــرآن؛ ت ُ ولوفيــة، أمــا الحفــظ الحقيقــي الواضــح وكتابــة المصحـف بكاملـه دون خطـأ عـن ظهـر القلـب؛ ِ تدعــى ب )ب ِ ــخ(. مشكالت املدارس القرآنية: المــدارس القرآنيــة فــي الســنغال لــم تــزل تواجــه مشــكالت عــدة منــذ دخــول قــوات االحتــال إلــى المنطقــة، ولكــن المشــاكل التــي مـرت بهـا هـذه المـدارس بعـد االسـتقالل بعضها يعـود إلـى المدرسـين، وبعضهـا يعـود إلـى اآلبـاء، وبعضهــا يعــود إلــى الحكومــة. 6 – أَ ْ نج: لغة محلية ولوفية مبعنى: الغداء :ْ لغة محلية ولوفية مبعنى: العشاء 7 ِ – رير 8 – د. عيل يعقوب: املناهج واملقررات التعليمية يف جمهورية النيجر موقع منارات إفريقيا ص -5 6 11 ومن تلك المشاكل: ·عــدم العنايــة الكاملــة مــن قبــل ا لحكو مــة ، ·عـدم توظيـف الطـاب المتخرجيـن مــن تلــك المــدارس؛ ممــا أدى ببعـض المعلميـن إلـى سـلوك سـبيل الشــعوذة فــي طلــب القــوت ·قلـة معرفـة حقـوق األوالد مـن قبـل اآلبــاء وأوليــاء األمــور؛ ممــا يســبب تســاهلهم فــي انخراطهــم بتلــك الزوايــا. ·نقص التكوين التربوي للمعلمين. ·عـدم وجـود الفصـول الدراسـية على النمــط الحديث. ·عــدم وجــود منهــج تعليمــي يؤخــذ بعيـن االعتبـار لعلـم القـرآن الكريـم والعلــوم الشــرعية. ·اعتبــار طــاب الكتاتيــب أمييــن؛ علــى الرغــم مــن تعلمهــم الكتابــة والقـراءة؛ فضـا عـن العلـوم اللغويـة واإلســامية. األسـباب كلهـا يرجـع إلـى االسـتعمار الـذي فــرض ثقافتــه ولغتــه بقــوة البندقيــة وفوهــات ُ المدافــع، فمــارس سياســة قمعيــة ضــد التعليــم الدينــي اإلســامي، المتمثــل فــي الخــاوى 9( فأصدــرت اإلدارة الفرنســية )الكتاتيــب( ) 9 – التعليم العريب واإلسالمي يف إفريقيا – مشكالت وحلول، مجموعة مؤلفني، طبعة خاصة مبناسبة مجلس أمناء منظمة الدعوة اإلسالمية رقم 25 فرباير 2014م ص -38 39 عــددا مــن األوامــر القانونيــة إلعاقــة معلمــي أو أصحـاب كتاتيـب القـرآن الكريـم واللغـة العربيـة بإصـدار قانـون 22 يونيـو 1857م، وهـذا القانـون ينـص علـى: )10(
- إلــزام جميــع معلمــي القــرآن الكريــم
واللغــة العربيــة بإرســال تالميذهــم
الذيــن بلغــوا الحاديــة عشــر وأكثــر
إلـى فصـول فرنسـية، أو إلـى مـدارس
الفريــر ) frères des école)لمــدة
ســاعتين. - ضــرورة حصــول المعلميــن علــى
تصريــح إلنشــاء أي مدرســة قرآنيــة
جديــدة. - منــع هــذه المــدارس والكتاتيــب
مــن قبــول الطــاب الذيــن تتــراوح
أعمارهــم بيــن السادســة والسادســة
عشــرة أثنــاء الســاعات الدراســية
)النهاريــة(. - ال يســمح للطــاب بااللتحــاق فــي
المــدارس القرآنيــة إال بعــد الحصــول
علــى الشــهادة الفرنســية. - إغــاق المــدارس التــي تخالــف
10 – املرجع نفسه ص 39 .
12
هــذه التعليمــات، وإال توجــب إنــزال
العقوبـة الفوريـة علـى القائميـن بأمـر
هــذه المــدارس القرآنيــة.
أمـا المـدارس الحكوميـة السـنغال لهـا ارتياح
وعنايـة فائقـة، ألنهـا كمـا سـبق صبغـة مـن صبـاغ
االسـتعمار، ومـن أبـرز هذه السـمات:
أصحــاب الثــروةاالســتعمال الشــامل للغــة الفرنســية لغــة
الفرنســيالتعليــم المقــدم لسـد حاجــات المســتعمر
-ربــط المناهــج والنظــم لالمتحانــات
باألســاليب المعمــول بهــا فــي فرنســا)11(
وبهــذا اســتطاع االســتعمار صبــغ القــادة
فــي األراضــي التــي كان يحتلهــا بالصبغــة
الفرنســية، عــن طريــق لغــات الفرنســيين
وثقافتهــم ونظمهــم االجتماعيــة والسياســية.
اجملالس العلمية:
هــي مجالــس تقــوم علــى طريقــة تقليديــة
موروثـة، وهـذا منـذ زمـن قديـم توارثهـا وتناقلهـا
11 – التعليم العريب واإلسالمي يف إفريقيا – مشكالت وحلول، مجموعة
مؤلفني، طبعة خاصة مبناسبة مجلس أمناء منظمة الدعوة اإلسالمية رقم
25 فرباير 2014م ص 38
ِّ أجيـال فأجيـال؛ عــل مـر الســنين، يسـطر عليهـا
الشـيخ والمتعاونـون معـه مـن الطـاب القدمـاء
الذيـن تتلمـذوا بيـد الشـيخ حتـى أصبحـوا مرجعا
فـي نواحـي عـدة مـن المـواد الدراسـية.
يبقـى طالـب العلـم فـي المجلـس بمـدة غيـر
محــددة، فليــس هنالــك عــدد معيــن أو الســنين
محــدد مــن الســنوات الدراســية، وليــس هنــاك
مقــررات محــددة متدرجــة، وال مرحــل تعليميــة
معلومـة، فللطالـب حـق االنصـراف فـي أي وقـت
شـاء، ولكـن مطالـب الحيـاة تدفعـه أحيانـا إلـى
أن يتـرك المجلـس ليقـوم بشـؤون نفسـه وأسـرته
دون إكمــال رغبتــه فــي العلــم الــذي حصــل،
وأيضــا؛ أحيانــا يتــم جميــع رغباتــه حتــى أصبــح
متفانيــا بفنــون عــدة فيخــرج إلــى المجتمــع
وال يجــد لــه مــكان فــي دواويــن الحكومــة وال
الوظائـف العامـة، وليسـت لـه خبـرة التـي تؤهلـه
ليقتحـم مجـال الحيـاة التجاريـة أو الصناعيـة أو
الماليــة.
هكــذا فــإن غالبيــة الطــاب الذيــن تعلمــوا
فــي المــدارس القرآنيــة أو المجالــس العلميــة
التعليميـة يجـدون أنفسـهم أعضـاء غيـر فاعليـن
فــي مجتمعهــم الــذي تحكمــه حكومــة ال تبالــي
بمــن ميولــه ورغباتــه فــي هــذه الناحيــة الثقافــة
اإلســامية ولغتهــا. بــل تهتــم بمــن توجهاتــه
ورغباتـه إلـى نوايـا المسـتعمر أي بمـن تعلـم لغـة
المسـتعمر وتفنـن بهـا؛ فأصبـح يبـاري أصحابهـا،
زي َ ـن أو تفاعـل؛ تحسـبه مـن مواليد
كل َـم َ أو ت َّ
َّ
َ وإذا ت
باريــس.
13
محمـد المنصـور سـه ابـن الشـيخ أبـي بكـر
ســه ســمي بـــعمه محمــد المنصــور ابــن الشــيخ
الحــاج مالــك بــن عثمــان{. ولــد 15 أغســطس
عــام 1925م، بمدينــة تــواوون، ووالــده العالــم
العالمــة العــارف باللــه؛ الشــيخ أبــو بكــر ابــن
العالمـة الدراكـة الفهامـة موالنـا الشـيخ الحـاج
كلـ ْور ، Tou
ُ
ة ت
ُ
مالـ ك بـ ن عثمـ ان. مـ ن قبيلـ
kouleur ووالدتــه الســيدة الفاضلــة الصالحــة
يبـو، Lébou .
ِ الورعـة عائشـة س ْ ـك ِ مـن قبيلـة ل ُ
هــذه القبيلــة هــي القبيلــة األصيلــة التــي تســكن
َدك ْار؛ عاصمــة الســنغال، وضواحــي العاصمــة.
ِ؟
ملاذا مسي بـ)بروم دارج
ــر ْوم َ د َارِي{ بمعنــى صاحــب
ُ وكنيتــه }ب ُ
المـدارس؛ ) عميـد الجامعـة( ألنـه قضـى حياتـه
ً فـي التعلـم والتعليـم؛ اقتفـاءا بالمنهـج الـذي كان
ّجـده الشـيخ الحـاج مالـك سـه ينتهجـه؛ بالتعليـم
والتأليـف واإلرشـاد، وهـو الخليفـة العـام للطائفة
التيجانيـة؛ مـن 1997م- 2012م . وأول خليفـة
ِّ مــن أحفــاد جــده الشــيخ الحــاج مالــك؛ الــذي
أول مـن نشـر الطريقـة التيجانـة بعـد الشـيخ عمـر
الفوتـي بشـكل واسـع فـي جميـع أرجـاء البـاد.
وكان محمـد المنصـور سـه }بـروم داري{
رحمــه اللــه ورضــي عنــه- يؤمــن باإلصــاح
التربـوي للمجتمــع، وبالعمــل الهــادئ واإلنجــاز
الصامــت بــا ضجــة وصخــب إعالمــي.
قــد شــهدت لــه مواقــف متعــددة فــي
بنــاء المســاجد علــى أوســع نطــاق، واالهتمــام
بهندســتها وشــكلها الجمالــي مــع العمــل فــي
الجانــب الدعــوي التربــوي.
صفته:
وهــو إنســان منكســر للــه ســبحانه وتعالــى،
وبعيدـ كل البعــد ومعافــى مــن أمــراض الذاتيــة
النرجســية؛ لذلــك لــم ينســب أي إنجــاز لنفســه،
بـل كان ينسـبه إلـى والـده الخليفـة أبـي بكـر سـه
ّ وجــده الشــيخ الحــاج مالــك ســه عليهــم رضــى
المال ك، وكان ينفقـ عل ى الفقــراء والمســاكين
والمحتاجيــن إنفــاق مــن ال يخشــى الفقــر،
وليــس فــي قلبهــ م كان لح ب المـ ال والدنيــا،
مـع أن الدنيـا كانـت بالتأكيـد مقبلـة إليـه، ولسـان
حالــه يــردد )اللــه يعطــى مــن ينفــق خلفــا(،
وبهــذه األخــاق النبيلــة؛ الكــرم والثقــة بالنفــس
والتواضــع ربــى أبنــاءه وبناتــه، وكل مــن تعلــق
ْ بــه علــى خلــق عظيــم وديــن حنيــف، وأحَس َ ــن
تربيته م وتعليمهــم..
احلياة العلمية والتعليمية
التعلم
َّ الشـيخ محمـد المنصـور ترعـرع وتربـى فـي
بيئــة علميــة متعلمــة، فيهــا التنافــس العلمــي،
وهــذه البيئــة هــي مدينــة تــواوون المحروســة،
حيــث أدى جــده الشــيخ الحــاج مالــك ســه
الممثـل األعلـى للطريقـة التيجانيـة دورا فعـاال في
انجـازات كبيـرة فـي تربيـة علمـاء كبـار وتكوينهـم
14
فـي جميـع المجـاالت العلميـة، وتبحـروا في بحر
َ علمـه، فالشـيخ محمـد المنصـور تَد َاو ْ لـت حياتـه
بيـن هـؤالء العلمـاء وتعلـم منهـم الفنـون بشـتى
المجــاالت، محمــد المنصــور تتلمــذ بكثيــر مــن
هـؤالء العلمـاء؛ أمثـال الشـيخ شـية فـال، Sey
Fall batou َ والشــيخ م َ ــم لــوح، LO mama
والشــيخ علــي غــيGueye Alioune وغيرهــم
ِّ ممــن تربــوا وتعلمــوا علــى يــد جــده الحــاج
مالــك، عليهــم جميعــا رضــى المالــك.
التعليم:
بعـد رجـوع الشـيخ محمـد المنصـور سـه من
الخدمــات العســكرية المهمــة فــي مدينــة كولــخ
التـي – كان الشـيخ مؤسسـا فيهـا مجلسـا علميـا
للتدريــس داخــل المعســكر- عــام 1946م؛
ِّ بـدأ يقتفـي آثـار جـده الشـيخ الحـاج مالـك سـه
بالتدريــس واإلرشــاد ألبنــاء المســلمين الذيــن
يأتــون مــن جميــع أنحــاء الســنغال وخارجهــا
َ؛ك ْس ً ــبا للعلــم تحــت رعايــة أبيــه الخليفــة أبــي
بكــر ســه. عليهــم جميعــا رضــى المالــك
وكان الشــيخ محمــد المنصــور صبــورا،ً
يقضــي جــل أوقاتــه فــي التدريــس، متفهمــاً
َّ
لظــروف الدارســين الماديــة واالجتماعيــة، ملمــاً
إلمامــاً تامــاً بجميــع الفنــون التــي كان يدرســها:
الفقــه والنحــو والصــرف والبالغــة واألدب
العربــي بشــقيه الجاهلــي والحديــث، واألصــول
والمنطـق والتفسـير والحديـث والسـيرة النبويـة؛
ِّ معتمــدا بكتــاب جــده الشــيخ الحــاج مالــك
)خـاص الذهـب فـي سـيرة خيـر العـرب( الـذي
ُ عتبــر مرجعــا أساســيا للمجتمــع الســنغالي فــي
ي
ُ
الســيرة النبويــة، وكذلــك علــم النجــوم وغيرهــا.
ُّ ولله در القائل في مرثية للشيخ: )12(
هال نعيت الفقه والنحو الذي
َّ يهواه مثل الصرف واألوزان
َّ ِ نعيت ب ٍ منطق أو باألصو
هال
ِه العرفاني
لـ وبالتصوف فنِّ
ر
تبكي عليك تالوة وتدبُّ
وتباحث بمسائل الفرقان
َّ إن العلوم مع المتون توح ْشت
حزنت وصاحت حالة الثكالن
نعيت بالغة وقوافيا
َّ
هال
َّ والشعر والنثر مع الس َجعان
و ًها
ِّ
َ
ُتَأ
يبكي عليك مصحف م
ْتَه بشهادة رمضان
َّ فسر
ِ قد ع ْشت شيخا قدوةً ومجددا
في الدين ما اندرست من البنيان
ً
أفنيت في الخيرات عمرك ملجأ
ومالذ أهل العلم والقرآن
وقـال آخـر فـي مرثيـة مشـيرا إلـى الشـيخ محمـد
المنصـور سـه: )13(
ِّسا
من للعلوم مؤلفا ومدر
كل الفنون فما عراه فتور
ته
َّ
من لليتامى حامال كال
دمع العيون بفقده لجدير
من لي بشيخ في العروض ومنطق
حكم بيان سيرة وينير
من لي بشيخ في األصول وفقهها
نحو نجوم كلها موفور
12 – األستاذ عبد العزيز صالح صار، من تالميذ الشيخ، والكاتب له
13 – ا ْ ألستاذ موُد َ مالك صو، من تالميذه الذين تربوا يف كنفه.
15
من لي بشيخ وارث سر الخال
فة جاحد عنها هو المغرور
ثالثا: عالقته مع العلماء والتالميذ
وكان الشـيخ يعظـم قـدر العلمـاء ويكرمهـم،
َك ْ ــم ِ م ْ ــن عالــم فــي الســنغال! أدلــى دلــوه فــي
بئـره طلبـا للـزاد، للـه در القائـل فـي مرثيتـه لـه،
}الــروح والريحــان{: )14(
شيخ يفيض معارفا ومواردا
ولطائفا ودقائق الصمداني
وغيابه أبكى المشيخة مثلما
أبكى المسيحة وذوي السلطان
وكان يتعــاون معهــم فــي كل األمــور ســواء
دينيــا ودنيويــا، ويخالــط تالميــذه، ويتونــس
ُم ًـرا وامتثـاال بقـول الرسـول صلـى اللـه
َ
َ معهـم، تأ
عليــه وســلم: » المؤمــن الــذي يخالــط النــاس
ويصبــر علــى أذاهــم خيــر مــن المؤمــن الــذي ال
يخالــط النــاس وال يصبــر علــى أذاهــم«.
ولكـن هـذه المسـألة لـم تحجبـه عـن محبـة
اللـه وطلـب مرضاتـه فـي كل شـيء، فـكان يـرى
الصاحـب الـذي يـزور، أو التلميـذ الـذي يتونـس
معـه يجـب أن ال يخطـر علـى بالـه سـوى مـا كان
ُ يرضــى بــه إلــه ِ العبــاد، وأن يكــون محبــا للعلــم،
ولســانه رطبــا بذكــر اللــه، لذلــك كل مــن جلــس
14 – األستاذ عبد العزيز صالح صار، الروح والريحان، مرثية من بحر
الكاامل يف رثاء فقيد األمة محمد املنصور، مجلة الفاتح، العدد األول، ص
26
فـي مجلسـه ال يسـمع إال أربـع عبـارات:
ِّ قـال اللـه، قـال الرسـول، قـال جـدي، قـال أبـي،
فحسـب، هكـذا أمـام الوفـود بمختلـف الدوائـر؛
ذكـر الدوائـر
ِّ
ُ مـن جميـع المناطـق، وكان دائمـا ي
الوصاياــ الخم س؛ ع ن والــده ديننــا طريقتنــا
دائرتنــا حرفتنــا زيارتنــا إلــى تــواوون، وللــه در
القائــل فــي مرثيتــه للشــيخ:
ومتى أتوا لزيارة لقنتهم
تلك الوصايا الخمس لإليمان
احلياة االجتماعية:
كان الشـيخ محمـد المنصـور – رحمـه اللـه
ورضــي عنــه- ؛ يــرى بــأن االنســان فــي حياتــه
االجتماعيــة دائمــا يســعى للخيــرات، وكان
خروجـه واالنتقـال مـن تـواوون إلـى مـكان آخـر؛
ُ الســعي والعمــل بــكل مــا يْر ِضــي اللــه ســبحانه
وتعالـى. اليـوم فـي مقاطعـة امبـور )Bandia)،
ومـ رة فـ ي مقاطعـ ِة تيـ ْس )Méwane )وحينــا
َـ ْ اب جـل َاْو )Dialaw Toubab)
ي طب
ُ
آخـ ر فـ
وغيرهــا؛ كلهــا بوضــع حجــر أساســي لبنــاء
مسـجد أو فتحهـا، وأول مـن ينفـق فيـه مالـه بـا
ترائــي وال تســامع.
وهــو }الشــيخ محمــد المنصــور{؛ قــد
أعطانــا دليــا ومرجعــا عــن كيفيــة وصــورة
َ ْ ـاب َ ج َ ـاْو
اإلحسـان بمناسـبة افتتـاح مسـجد طب
ُ
يـوم السـبت الموافـق 10/1 2005م حيـث نظـم
هنـاك قصيـدة نونيـة رائعـة بقريحتـه جاريـة علـى
16
حـروف اآليـة الكريمـة التـي يدعونـا فيهـا موالنـا
تبــارك وتعالــى إلــى اإلنفــاق فــي ســبيل الخيــر
والعــون للمحتاجيــن، واآليــة هــي قولــه تعالــى:
» الذيــن ينفقــون أموالهــم بالليــل والنهــار
سـرا وعالنيـة فلهـم أجرهـم عنـد ربهـم وال خـوف
عليهــم وال هــم يحزنــون«.
والشــيخ محمــد المنصــور رحمــه اللــه
ورض ي عن ه أح د الذي ن خدمــوا لالســام
والســنغال بجالئــل االعمــال وطيبــات صنائــع
الفكــر والعلــوم، ولــه ســيرة حافلــة باالنجــازات،
وكان رمــزا بــارزا مــن العلمــاء األجــاء الذيــن
كلماتهــم تعلــو وتجــذب النــاس إلــى االســتفادة
مــن فيوضاتــه العلميــة، وكان قبلــة يتوجــه إليهــا
النـاس طلبـا للعلـم والمعرفـة، والتبـرك بدعواتـه
التـي كانـت سـريعة لإلجابـة؛ فأصبـح يكنـى بــ
}صاحــب اإلجابــة {.
احلياة الرتبوية
سـاهم الشـيخ محمـد المنصـور فـي ترسـيخ
محبـة الرسـول صلـى اللـه عليـه وسـلم فـي سـائر
أوســاط المجتمــع، مــع مــا اســتجلبه مــن اتبــاع
واقتـداء بسـيرة الرسـول العطـرة، كمـا عمـل علـى
اإلســهام فــي الســمو باألفئــدة فالنــت القلــوب
ب ِ ــع الشــريعة اإلســامية، والتقيــد
َ لذكــر اللــه وتَتُ
بهــدي رســوله ســيدنا محمــد؛ بمــا يدعــو إليــه
مــن محبــة الحــق ومعرفتــه مــن تخلــق وتحقــق
بقيــم التــواد، والتســامي، والتســامح، والتراحــم،
والوسـع فـي معاملـة الخلـق. ويتجلـى ذلـك أكثـر
فــي المناســبات الدينيــة يغــري المجتمــع فــي
حـب الرسـول صلـى اللـه عليـه وسـلم. ومرجعـه
األساس ي كت ِّ اب جــده الشـ يخ الحـ اج مال ك؛
}خـاص الذهـب فـي سـيرة خيـر العـرب{ الـذي
يقــول فيــه جــده: )15(
ُّ
وواجب طاعة الهادي محبته
كذا اتباع الذي يأتي من األمم
لها العالمات قالوا إن أعظمها اسـ
تعمال سنته من جملة األمم
وليس نفع على حب بال عمل
وتابعن سنّة المختار تغتنم
وكثرة الشوق في لقيا لسيدنا
من العالمات هب لي ذاك ذا األمم
وكثر ذكر صالة ثم نصرة ديـ
ـنه تخلق ما قد جاء من شيم
تعظيمه والتذاذ حين تذكره
حب القرآن وأصحاب له كرم
إن القران هو الميزان تعرف منـ
ـه ما حويت من األشواق والسدم
يا من يريد جنان الخلد يسكنها
فقدمن طلب المفتاح تحترم
احلياة الشرعية والطريقة
وكان الشــيخ محمــد المنصــور رحمــه اللــه
ورضـي عنـه؛ محاميـا للديـن وللطريقـة التيجانيـة
بلســانه وبقلمــه، والدليــل علــى ذلــك هــذه
ُ القصيـدة بأسـلوبها الجميلـة يدافـع فيهـا الشـيخ
ًّ العقيــدة اإلســامية ونبــي اإلســام؛ ردا عــن
المجــرم الــذي رســم صــورة النبــي صلــى اللــه
عليــه وســلم، وكان قصــده إشــعال نــار الغضــب
فــي قلــوب المســلمين. ولكــن القصيــدة التــي
ألقاهــا محمــد المنصــور ســه؛ جعلــت األمــة
-15 الحــاج مالــك ســه، خــاص الذهــب يف ســرة خــر العــرب، الفصــل
السـابع والعـرون، يف وجـوب طاعتـه ومحبتـه، واتبـاع طريقتـه وسـنته
صـلى اللـه عليـه وسـلم.
17
تهـ دأ، والقصيـ دة :
ْ فتبت يداكم أيها العصبة التي
ِّ البرية
تسيء برسم البدر سر
فشلت يداكم بئس ما قد أثرتم
من الصدر أضغانا لديكم كجمرة
فآمالكم خابت وضاعت جهودكم
وعشتم حياة المعتدين بحسرة
وأنتم مسيئون به وبدينه
فال نلتم فوزا على سوء نية
ّأتم أنتم عليه برسمه
تجر
أيُرسم نور ال يطاق بنظرة
هو الجوهر المكنون والسبب الذي
فلواله ما كان الوجود بخلقة
وأرواح كل المهتدين به غدت
من السقي أنوارا لكشف الدجنة
من األنبيا والمرسلين وغيرهم
من المؤمنين روحه أصل نشأة
فمن لم ينل من سقيه بات ملحدا
وعاش شقيا كافرا كل دعوة
فهذا رسول الله والسند الذي
شفاعته ترجى غدا يوم رهبة
فهذا رسول الله ُّ والسلم الذي
به يرتقي األبرار سيرا لحضرة
هم
ِّ
فهذا رسول للبرية كل
سعادتهم وفوزهم عين رحمة
فهذا رسول الله واألكمل الذي
فما رمقت عين شبيها لروعة
فهذا رسول الله والمنبع الذي
فيوضاته تجري إلى يوم نفخة
فهذا رسول لن ترى العين مثله
من الخلق والخلق فأكبر آية
ّما قام معتد
ندافع عنه كل
فأحمد حقا عزّنا ّ أي عزة
كما أننا نأبى اإلساءة نحوه
لنرفضها قطعا تجاه األئمة
رويدكم هذا النبي مالذنا
وقدوتنا في ديننا خير أسوة
على مهلكم إنا إذا اعتصمنا بحبله
بملته اإلسالم نحيا كأمة
طريقتكم مسدودة عند ما أتوا
على سبِّه كالناطحين بصخرة
18
ضربتم حديدا باردا ال تعذبوا
بأيديكم هذا لشر البلية
فأمته بالسلم تدعو كما دعت
شعوبا فنالت سمعة خير سمعة
ندين بهذا الرسم في شخصه
فبين السما واألرض أعظم حرمة
ورتبته القعساء فاتت فلم يكن
تُ َّشوه يوما أو ينال بتهمة
أناشد إخواني من الدين جملة
على فهم وعي الدين فقها كسيرة
وأن يمنعوا نيل الرسوم فمن سعى
ّة
إلى نشرها يغدو كفاعل سب
على شعوبة الدنيا وقادة
ة
َّ
ِّ فاق لمنع المس حرمة جل
ِو
ونهي انتهاك للمشاعر إن ذا
ليضمن عيشا هيِّنا للخليقة
َّ فيحيا الورى جو التفاهم هكذا
دعا ديننا اإلسالم أمثل ملة
وراجع » جعلناكم شعوبا« فإنها
بيان من المولى ألعظم أسرة
صالة وتسليم على خير من دعا
جميع الورى للدين جبرا لكسرة
مع اآلل واألصحاب ما قلت منشدا
ِّ البرية
تسيء برسم البدر سر
حمــد للــه، وهــذه مســاهمة بســيطة مــع
عجالـة فـي الكتاتيـب السـنغالية، ولمحـة بسـيطة
مـن بصمـات هـذا الشـيخ )بـروم دارج( فـي هـذا
المجـال، والمسـاهمة ممـن ليـس ببـاري القـوس
وال يحسـن الرمـي، ولكـن النيـة دعت إلـى اإلدالء
بدلــوه فــي هــذا البحــر الــذي حياتــه كانــت لهــا
أهميـة كبـرى فـي نفـوس المسـلمين، فنسـأل اللـه
أن ينفعنــا ببركاتــه وأن نكــون دومــا مــن الذيــن
يقتفـون آثـار بصماتـه.
وفــي الختــم نشــكر الذيــن أقامــوا هــذه
الفعاليــات التــي تصــب علــى وابــل العلــم
والمعرفــة، وعلــى رأســهم األخ األســتاذ مــود
مالـك صـو أيـده اللـه ونصـره، معتمـدا فـي ذلـك
بأسـرة الشـيخ محمـد المنصـور سـه رحمـه اللـه
ورضـي عنـه؛ وعلـى رأسـهم نجلـه الشـيخ أحمـد
تيجانــي فاطمــة ســه،
دمتم في رعاية الله وحفظه.
هادي جوف / تلميذ الشيخ محمد المنصور
سه – فاتيك
com.gmail@4Mariemaissa
ُ َطنَا
ِهِ عبَادًا ف
َّ
ن ِ لل
إ َّ
ِ
ِْلفتَنَا
ُوا ا
وا الدنْيَ َ ا و َخاف
ُّ
َطلَُق
ِلُموا
َلََم َ ا ع
َا ف
ُ ِوا فيه
نََظر
ي َ و َطنَا
ْ َس ْت ِ ل َحٍّ
َا لَي
ه
َّ
ن
َ
أ
ََّخُذوا
ً َ وات
جة
َلُ َوها لُ َّ
َجع
َ ُ ا سُفنَا
َ ْع َمِال ِ فيه
ْأ
َصالِ َح ال
جمهورية السنغال
مدينة تواوون المحروسة
دار مود مالك صو
إعداد/ عبيد ربه هادي جوف
19
بسم الله الرحمن الرحيم
ّـر
عب
ُ
ٌ ٍ عـن مرثيـةِ مـن نَ ْظ ُ ـم الشـيخ أحمـد التحانـي ج ْ ـوف التَ َ يـك َال ِ ري ي
ُ هـذه األبيـات عبـارة
ّم 1439
ّ ّ الحاجـة فاطمـة سـي يـوم األحـد 23 محـر
ِ فيهـا عـن مشـاعر ِ ه وعواطفـه برحيـل األم
هجريـة الموافـق 15 تشـرين األول 2017 ميالديـة.
تَحمِـل القصيـدة فـي طيّاتهـا أربعـة َأفـكار ثانويـة. األولـي: تعبيـر عـن الحـزن مـن خـال
َـا
ّ َ ـات الفقيـد وصفاته
ِقي
ْ مناجـاة الفقيـد. الثانيـة: تقديـم كلمـات التعـازي. والثالثـة: ذكـر أخ َال
النبيلـة والدعـاء.
ُ
ْبَ ِشــائر
َــا ال
ِْــد ِ فيه
خل
ُْ
ُ ال
َِّــه دَار
ِلل
ُ َو
ُ َحشــر
ع َ ــون َ ون
َِاجُ
َــا ر
ْه
إلَي
ِ
ــا
َّ
إن
ِ
َ و
ِْطــي منافعــاً
ع
ُ
َ ْ ــن تَ ْحيَ َ ــى وت
ــن م
ِك َّ
ُ َولَ
ِْشــر
ب
ُ
َى وت
َ َ ــى وتَ ْســع
ْق
َ ْن تَب
ٌِ بــأ
َجِديــر
ِتنَــا
َ ْك
َّــاهْ ِ رضيعــاً تَر
م
ُ
ُ
شــر
بَِّ
ُ
ُ ٌ طيــب م
ِلــي أ م
ْ َح
َــلَا تَر
ــا عيــش ف
َ فكيــف لَنَ ٌ
َْم َ ـدى
ِ م َ ـن ال
ً
طـوال
ُ
ْ ِـت
م
ُ
َّ َ ـذا لَْود
ُ َويَ َ ـا حب
مــر
ُْ
ُ َ الدهــر يع
ُ ــو الوليــد العاجــز
م
ِليَنُْ
َ ْصبَ ْح ِـت َ وِالـداً
ِْخ أ
الشـي
َّ
َِاق
ِتـر
ْ
ْ َ ـد اف
ُ َوبَع
يَ َّســر
ُ
َِام م
َْمــر
ل ال
ُّ
ا ك
دنَ ُ
ُ َس ِ ــانُ
ت
ٌ
طــم
ُُ
َحيلَــك ل
َــى فــي ر
ْنــا يتام
ُ ِصر
ــر
ِّ
تَ َحي
ُ
ــك م
ٌ
ٌ َ حِال
َِصيــر
َ ا م
َو َه َ ــذ ف
ــد
ٌ
ْ َص
َق
َّ ِ ــك م
ن
َ
ُ أ
َّــام
ي
َ
ْأ
َِد ال
ْ تَ ْشــه
لَــم
َ
ُ
ــك أ ر
ُ
ل يَ ْش
ُّ
ــك
ْ ُ
َال
ْ َح َ اج ِ ــات ف
ِبيَِــة ال
ْ
ِلتَل
َ ِحاس ٍــن
ٌ ِ بِذ ْكِــر م
إ ْحصــاء
ِ
ُ
جــز
ْ ُ
ُ َويَع
بْ ِ ــت علــى تَ ِ قديمهــا تَتََكاثَــر
َ
دَأ
َ ْح َم َ ــد ال
ْ َِحب ِ يــب َ وأ
ِّي التَّ ِ عــاز ِي لل
ؤد
َُ
ُ
ُ َج ِـاور
َ ْ ـن ي
ِْـت بَ ْ ـل أ م
ْبَي
َ ْهِـل ال
ِّ َجِانـي وأ
ت
َ ْح َم ٍــة
ُ َم ْولَ ِ ــى بَوِاس ِــع ر
ُ َج ِ ــاور
َّ الصِالِح َ يــن ت
َْوِالِد َ يــن
َ َ ــع ال
ْ م
ََّد َهــا ال
تََغم
ِحبَِّتــي
َ
ِتــي وأ
إ ْخَو
يــل ِ
ٌ
ٌ َ جِم
ُ ْــر
شــر
بَِّ
ُ
ْ ٍــح ي
َت
َ َصب ِت ِ ــي بف
ف
ْ
َ ْن يَأ
ُ أ
ــه
َّ
َع َســي الل
ِْد َهــا
ِريثَِــة َ عه
ب بَ ِ ــار ْكِ ف َ ــي و
َ ِّ
ُ َويَــا ر
ُ ْحِضــر
يــق َ و ت
ِط ُ
ُ
َ َ ــا ح ْم ً ــا ت
فــف لَه
ِّ
َ َخ
ف
20
َــا
َه
ُوف
ظر
ُ
َ ْحِس ْ ــن
ِْش أ
َــر
ْع
إلَــهَ ال
ص ْ ــنِ
ِّ
ُ َو َح
َــر
َ ِ ــا ح َمــى يَتََواف
ْه ْمه
لِ
َ
َأ
َْوى ف
َو َســل
يْ َ ــد ِ ســي
َ
َّ َ خ ٍيــر َ وأ
م
ُ
ِنــي أ
َ ْع
َ أ
ُ َّــة
ــدر
ِّ
ُ َص
ْ ٍ ثــوم َ وانجانَيــا ت
ك َصفي ل
ُّ ُ
ْ أم
ِوميــر
َا
ه
ُ
ــمات
ــو ِ س َ
ُ ُّ
حن
ْ ُ
ُ ْد َعــى ال
ت
ٌ
ُ ِاطمــة
ر
ُ
َ يَ ْســت
َف
ل ف
ِّ
ــك
ْ ُ
َ ْخ َ ــاِق ِ لل
ْأ
ِ لبَ ٌ ــاس ِ م َ ــن ال
َــى
ق
َ َ ــا والزُّ ِهــد والبِِّــر والتُّ
ثــال َّ الصف
ُ
ُ
ُ ْخ ِم ِطــر
ِت َش ٍ ــام وت
ُ ْط ٍ ــف َ و ْ اح
ج ل
َ ُ
مــوذ
نَُ
ِة
ِقي َم ْ ــت ِ ل َح ْ ــوزَ
ُ
ــع ٍ عــن أرض أ
ُ ِ ُ
ُ ِزهـر
ُ تَ ْحيَـى وت
َْمنصـور
ب ال
داف ُ
ُ
ت
َ
ْأ
بَناَهـا ال
ُ
ــئ
ِّ
َن
ه
ُ
ِْطــي ت
ع
ُ
َِّاء ت
ُ ِحينًــا لَ َ ــد َّ ى الســر
ُ ِْصبـر
َِّاء تَ ْس َ ـخ َى وت
ى الضـر
َّ
ًا لَ َ ـد
َ ْ ـور
َو َط ف
س ِ ــائ ًال
ُ َ
َــر
ع ْمِــر تَنْه
ُْ
ط َ ــول ال
ُ
ــك
ُ تَ ُ
َــر
ْه
َتَق
َــى ف
َــا يَتَام
ْتَِــر ْب ِ منْه
ْ يَق
ْ َولَــم
َلَــم
ف
َــا
ِته
ــع َ ص ْو
ْ ُ
َف
َــا ر
ِبه
ْ
ــك ِ م ْ ــن دَأ
يَ ُ
ُ
ْ ر
ــذ َولَــم
ِّ
ُ َح
اً ت
ّ
ُ ِوف َ شــر
ْــر
َْمع
ُ ِ بال
ــر
ُ
م
ْ
َوتَأ
َنِْطقــاً
ً َ وم
َ ْ ــوال
ْ ً ــا َ وق
ٌ ِ فع
م ْسِــل َمة
ُ ُ
َ ــر
ك ف
َِّ
ع
ُ
َ دَ ْهــراً ي
ِت َ ــاٍل دَام
َ ْ اع
َ ْغــم
َور
ِه
ِْــو
حل
ْ ِ ــش ُ
َي
ْع
ْ َ ــوةَ ال
يَِال َ ــي صف
َّ
ُ َ ال الل
ْ ُســر
ُ َ ــو و ِط َ ــو يَع
ِر يَ ْحل
َ ْ ــد
ْق
ٌ ِ بال
ِمنَــة
ؤ
ْ
م
َُ
ف
َا
َ َ ــا و َس َ ــخِائه
ِنه
ِْ م ْ ــنِ ح ْض
ِطــم
َ
يَنْف
ُ
ْ ر
ّ َولَــم
بَــر
ُ
ي م
ٌْ
لميــذ َ وســع
ُ
يــد ِ وت
ِل ٌ
َو
َــا
ِنه
َ ِ ــى ف ِ ــي صبَانَ ِ ــا بِح ْص
َّــا نََدام
ُ ن
ك ر
ُ
َّ َو
َْو ِ ى آمنَــا يَتَ َحــر
َــأ
ن م
ُ
ــو
ُ َك ِّ
ت
َمــاً
َ ْطع
َ َى وم
َ ْســق
َ ْ ــد َ ك َ ان م
َــا ق
خه
َ ْطبَُ
ُ َوم
ُ ْح َضــر
ــب ت
َْم َطِال ُ
َال
ٍْــم ف
ِب ِ عل
َّ
طــا
ُ
ِل
َــا
ه
ُّ
ؤم
َ ْط َشــى يَُ
َع
ٍَاء ف
ُ َكَو َ اح ِــة َ ص ْحــر
ــر
ُ
ْب
ِْــد يَع
َْوف
ــل ِ لل
َّ
ظ
ِّْ
يــد ال
ُ
ِف
ُ
َى ت
ِ ليَ ْســق
ه َ ـدى
ُْ
ُ َ وال
ْ َخيـر
ـم َ وال
ْ ُ
ِعل
ْ
َـا ال
ُ ِْك َ ـي علَيه
ََك لَيَب ِابــر
ــاطنَ َ ا واأل
َْو َس ُ
ُنــا أ
َ َصِاغر
أ
ِة ِ عنْ َدهــا
ــو
خ َّ
ُ ُ
ْأ
ــل ال
ْ ُ
ْ َ حب
ُ ينْ ِفصــم
ُ ِّ تــأزر
د م
ْ ٌ
ُّ ّ الشــتَ ِات ِ شــاه َولــم
َلَــم
ف
ُ ِ ٍــج
يَِّســر
ُ
ص ِ ــور يَ ُ اهــو ي
َ َ حوائ َمنْ ُ
َضــاء
جــو ق
ْ ُ
َــا نَر
ِته
َ
ْم
حر
ُ
ْ ِب
َِوب ْ أح َم ِــد ال
ْ
ِهــم
ِّ
كل
م ْختَ ِ ــار َ و ِ اآلل ُ
ُ ُ
ــه نَ ِاصــر
َّ
َالل
ِف َ يــق ف
ق ْ ــق لَنَــا التَْو
ِّ
ُ َح
ْ ي
ِل َ ــي علَــى ال
ُ َص
ي
- إلــزام جميــع معلمــي القــرآن الكريــم
21
22
23
24
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمـد للـه وحـده والصـاة والسـام علـى مـن ال نبـي بعـده، سـيدنا محمـد بـن عبـد
اللـه وعلـى آلهـ وصحبهـ أه ل ب در وأحدــ، وبعـد : فهـذه قصيـدة بسـيطية نونيـة، ومـن
قريحـة عبيـد ربـه وخديـم شـيخه الحـاج مالـك صـو يمـدح فيهـا شـيخه ووسـيلته ويرد
فــؤداه ومغناطيــس قلبــه وخفيــر طريقــه فضيلــة الشــيخ المرحــوم، والعيلــم المعلــوم،
الش يخ محم د المنصوـر )بـروم داري( تغمـده اللـه بوسـع رحمتـه آميـن، فقلـت.
مــا كنــت منفــردا أو كنــت فــي مــإ إال رأيــت خيــال القطــب فــي الحيــن
إن الخواطــر تأبــى غيــر مرشــدنا لــم ال، ومــن بحــره النميــر يســقين
إن كنـت ذا ظمـإ أو كنـت ذا خـرص فالذكــر عــن أكل واللــه يكفيــن
جبـت البـرار لمثل الشـيخ مفتحصا فعــزّ لــي نيــل مــا أروم فــي البيــن
شــققت ظلمــاء ليــل أليــل ولهــا وبــت ســامر أنقــد بتعييــن
وقيـل لـي مـه فال تتعـب بنفسـك طا لــب المحــال تكــن مثــل المجانيــن
أصــوم عــن ذكــر غيــره فمدحتــه ديــن علينــا بــا شــك وتمييــن
إن القراطيــس واألقــام مدفعتــي كـذا القوافـي ولـو قد كنت فـي الصين
يـا ابـن الخليفة بحـر العلـم والحكم قــد جئــت مســتمطرا كل األحاييــن
ال زال شــؤبوب رحمــة ومغفــرة علــى ضريحــك قبلــة المســاكين
علـى النبي المصطفى صـاة خالقنا واآلل والصحــب ســباق المياديــن
One Reply to “3 Borom daaradji”
Jereujeuf